الأحد ٢٤ تموز (يوليو) ٢٠١١

إطلالة على الشعر الايراني الحديث

موسى بيدج

إرهاصات التجديد

ادبياً، يعد العصر القاجاري عصر "عودة" الى الماضي والتراث. فقد تصور شعراء الحقبة القاجارية (القرن التاسع عشر الميلادي) أنفسهم مسؤولين عن اعادة تشكيل اللغة الشعرية التي سادت القرون الخوالي وتجلّت في نتاجات المتقدمين من امثال أنوري، وعنصري، وفردوسي، وسعدي. لذلك اجترحوا بوناً شاسعاً بمقدار قرون من الزمن فصل شعرهم عن زمانهم الذي عاشوه.

وبسبب عدم الاتساق هذا شاعت اشكال شعرية غير رسمية من قبيل "تصنيف" و "ترانه" لاقـت اقبالاً وترحيباً ملحوظين. ومـع تكاثف التيارات السياسيـة المطالبة بالدستورية توزّع الشعراء الايرانيون الى فئتين: فئة إلتزمت مواقفها الادبية القديمة وتابعت نظم الشعر في اجواء البلاط دون أي حياد عن اسلوب "العودة"، بينما تركت الفئة الثانية (ومن اقطابها بهار 1886 _ 1951، وايرج ميرزا 1874 _ 1925، وعارف 1882 _ 1934) البلاط ليخوضوا غمار المجتمع ناظمين اشعارهم بلغة الجماهير والشارع.

وهكذا طرأ الانشطار على الشعر الايراني التقليدي، فتبدّى شطر منه رصيناً فخماً زاخراً بالفنون الادبية الكلاسيكية والصناعات البلاغيـة والبديعية لكنه عارٍ من روح العصر وملابسات الراهن وهموم المجتمع واحوالـه، في حين ظهر الشطر الآخر مفعماً بالحركة والتوثب والواقعيـة والانسداد الى عامـة الجماهير رغـم بساطته وخلـوّه مـن صناعات البديع والبلاغـة الادبية المألوفة.

وكان التوفيق حليف الفريق الثاني، الى درجة أن شعراء البلاط انخرطوا تدريجياً في تيار الشعر الحديث الى ان ظهرت ابداعات الشعراء المرموقين بعد فترة وجيزة (نهاية الثورة الدستورية) مزيجاً من الاسلوبين القديم والحديث، وبلغت اعمال شعراء مثل عارف، وايرج، وعشقي (1894 _ 1923م) وبهار، ولاهوتي (1885 _ 1957م) في هذا السياق مراتب الذروة والكمال.

وبالمستطاع تلخيص ابرز خصائص الشعر الايراني في عهد الثورة الدستورية بالنقاط التالية:

البساطة وسهولة الاستيعاب:

قبل عهـد الدستور كانت لغة الشعر لغة التفاخر والبلاط، ومع نضج الثورة الدستوريـة جنحت هذه اللغة الى مزيد مـن التبسيط والتواضع، وكان الحافز الأول لذلك هو الاقتراب الى لغة الجماهير والشارع.

التجديد:

ينطوي شعر الحقبة الدستورية على كثير من ملامح التجديد. فقد بدل الشعراء وقتذاك تقاليدهم الشعرية ممهدين الطريق الى الشعر الحديث بأنماطه التي ظهرت في العقود اللاحقة من القرن العشرين.

الصراحة والايجاز:

أدت الروح الثورية التي سادت الافكار والمشاعر حينذاك الى أن يخرج الشعر الى النور بأشكال تعبيرية صريحة ومقتضبة. وربما كان من أسباب هذه الظاهرة اندكاك الشعراء بشرائح الشعب المختلفة وقرب ادواتهم اللغوية الى لغة الجماهير اليومية.

الطابع الاعلامي:

رغم ان الشعر كان الى ذلك الحين وسيلة اعلامية ترمي الى تعزيز وتكريس نظام الحكم القائم، الاّ انه نحت لنفسه في الحقبة الدستورية واجبات معاكسة تماماً لما كان عليه في السابق. إذ انقلب الفن الشعري يومذاك الى وسيلة اعلام تهدف الى نسف شرعية السلطات واصحاب الثروة والهيمنة، وترنو الى اشاعة مفاهيم العدل والحرية.

انتاج اللغة:

استعاد شعر الحقبة الدستورية دوره السابق في صناعة اللغة. وقد كان الشعراء الى ذلك الحين مكبّلين بالألاعيب اللغوية، بينما اختار هذا النمط الشعري لغة مبسطة ومفهومة بدل لغة الفخامة والتعقيد السابقة، كما ادخل شعراء الفترة الدستورية كثيراً من المفردات والمصطلحات الجديدة الى منظوماتهم وبالتالي الى اللغة الفارسية.

بفعل هذه التحولات الواسعة التي طرأت على شكل الشعر الايراني ومضامينه، لم يكن بوسع الحالة الشعرية في ايران ان تبقى على انماطها وقوالبها التقليدية وعلى سابق وظائفها ودورها في الحياة. لذلك لم يمكن ثمة مناص من التحول والانتقال الى الشعر الحديث.

ومن بين شعراء ذلك العصر برز "تقي رفعت" (1889_1920) كأول منظر للشعر الحديث وحامل للوائه، وقد كان الى جانب دوره الأدبي من الناشطين السياسيين.

يعبر رفعت عن رأيه بشأن تحول الشعر التقليدي وانقلابه الى الشعر الحديث فيقول:

"اجعلوا الماء يجري الى الأعلى، أو لنقل اسبحوا عكس التيار. فحتى اضعف السبّاحين يستطيعون قطع تيار الماء بمقاومتهم وثباتهم. اكتبوا الشعر للمستقبل. انكم ترون أن سعدي الشيرازي يمثل اليوم عقبة أمامكم. لحده يضيّق الخناق على مهدكم، القرن السابع يهيمن على القرن الرابع عشر. لكن ذلك العصر القديم ذاته يقول لكم: "كلُّ من جاء شيّد صرحاً جديداً"

"ما جاء ابناء عصر جديد الاّ شيدوا صروحاً جديدة". ومع ذلك تفكرون في ترميم صروح من سبقوكم؟!"

على أن أول شاعر نظم الشعر بالاسلوب الحديث هو ابو القاسم لاهوتي. ويتسنى اعتبار الشاعرة شمس كسمائي (1883_1961)، وجعفر خامنئي (1887_ ؟)من الاسماء المرموقة الاخرى في ميدان الشعر الفارسي الحديث قبل "نيما يوشيج" الذي كان له الدور الحاسم في اضفاء الطابع الرسمي على تيار الحداثة الشعرية في ايران.

نيما والشعر الحديث:

علي اسفندياري الذي اختار لنفسه الاسم الادبي "نيما يوشيج"، ولد في 12/11/1897 بمنطقة يوش من اقليم مازندران شمال ايران، وتوفي مساء الثالث من كانون الاول 1959.

قضى نيما طفولته بين الرعاة وفي احضان الجبال وسكينتها ومروجها الخضراء. درس المراحل الابتدائية هناك ثم انتقل الى طهران لمتابعة دراسته فالتحق بمدرسة "سن لويس" الكاثوليكية التي تعتمد اللغة الفرنسية، وحظي بتشجيع واشراف "نظام وفا" الشاعر المعروف وقتذاك ، وعكف الى جانب دراسته في "سن لويس" على دراسة العلوم الدينية وتعلم اللغة العربية.

انخرط سنة 1919م وهو في الثانية والعشرين بالعمل الوظيفي في وزارة المالية لكنه كان نفوراً من العمل الوظيفي والتزاماته.

تعرفه على الادب الفرنسي فتح امامه طريقاً جديداً وشغل ذهنه بأنماط وتجارب غير مسبوقة. أصدر عام 1921م أولى اعماله الشعرية بعنوان "قصة مخطوفة اللون، دم بارد" وكان ذلك على نفقته الشخصية وفي 30 صفحة فقط. لم يكن عمره يتجاوز الـ 23 عاماً حين نظم هذه القصيدة التي لم تحقق له أي نجاح أو سمعة أدبية، فقد بدأت شهرته مع قصيدة "أيها الليل" التي نظمها سنة 1922م، ورغم أنها لم تتضمن حياداً ملحوظاً عما جاء به شعراء الحداثة ممن سبقه، بيد أن ما اكتنزته من حرقة ووجد وانفعالات صادقة ألهج الألسن والأقلام بالثناء على صاحبها.

في العام نفسه وضع نيما قصيدة "افسانه" و تعني "الاسطورة" التي مثلت المرتكز الاساس للشعر الايراني الحر، الذي عرف كذلك في ايران باسم "الشعر النيمائي". نشرت هذه القصيدة المطولة في اعداد متتابعة من مجلة "القرن العشرين" التي كان يصدرها ميرزاده عشقي، وكانت تعد من أكثر الصحف اثارة وشجاعة وتطرفاً آنذاك.

وبهذا، يتاح القول أن ميرزاده عشقي كان اول من أولى اهتماماً حقيقياً للشعر الحر، وهذا ما يصرح به نيما نفسه في كتابه "اهمية المشاعر في حياة الفنانين".

يكتب نيما في مقدمة "الاسطورة" أو "افسانه" وهو اسم للفتيات اطلقه نيما في قصيدته هذه على بطلة القصة:

"ايها الشاعر الشاب،

البناء الذي تسكنه اسطورتي هذه، والذي يمثل شكلاً من اشكال المحاورة الطبيعية الحرة، قد لا تستسيغها للوهلة الاولى، وقد لا ترضى عنه بمقدار رضاي أنا عنه. كذلك قد تقول لِمَ قصيدتك طويلة الى هذا الحد، ومفرداتها خفيفة واهية بالمقارنة الى المفردات والتعابير في قصائد الماضين؟

على أن غايتي الوحيدة هي الحرية في اللغة وطول البناء الذي يكتنف الفكرة…وما يشدني أكثر من أي شيء آخر الى الايمان بهذا البناء الجديد هو مراعاة المعنى والطبيعة الخاصة بكل شيء، وما من ميزة افضل للشعر والشاعر من أن يستطيع شرح الطبيعة والتعبير عن المعنى بنحو مبسط، وتوظيف قدراته ومواهبه في هذا الاتجاه أكثر فأكثر…

وأخيراً سيتضح لك أن هذه الخطوة هي الأولى في طريق التقدم الشعري في بلادنا، غير أن بعض التصورات الصغيرة قد تعجز عن مساعدتك في أن تعي بنحو دقيق ما كنتُ أصبو إليه".

بعد نشر "الاسطورة" في مجلة "القرن العشرين" كتب نيما في رسالة الى رئيس تحريرها ميرزاده عشقي:

"يقرأون قصيدة "الاسطورة".. وتملي عليهم البديهة ابياتاً من نفس الوزن ولكن من دون معنى…يضيفون ابياتهم الجديدة اليها…يعيدون القراءة مرتين وثلاث مرات ويتضاحكون…لقد استطعتُ أن أكون سبباً لتسليتهم وتضاحكهم على الأقل، هذا بحد ذاته فن. وعلى العكس من ذلك سيكون هذا سبباً لتوجيههم وإرشادهم في السنوات التالية.

اشعاري لها وظيفتان. انها غليون طويل يستخدم للتدخين من جهة، ويتوكأ عليه كعصا عند المشي من جهة ثانية…انني لا اتألم ابداً، فعوضاً عن التفكير الطويل في اشكالاتهم، أواصل بثقة تامة نظم الشعر كما أراه…الشعب بحر، اذا سكت يوماً ما فسيهيج في يوم آخر".

(ذكرى نيما يوشيج، باشراف محمد لاهوتي، ص33)

في سنة 1926م اصدر نيما يوشيج، على نفقته الخاصة ايضاً، مجموعة شعرية اخرى تحت عنوان "عائلة الجندي" وكتب في مقدمتها بثقة حاسمة: "الاشياء التي تحظى بترحيب العامة واهتمامهم، غالباً ما تكون في اليوم السابق مرفوضة من قبل هؤلاء العامة. قصائد هذه المجموعة من جملة هذه الاشياء". (م ن، ص 37) على ان قصيدة "ققنوس" عرضت لاول مرة وبأفضل ما يمكن الشكل الحقيقي والاصيل لشعر نيما يوشيج.

شاكل نيما غيره من شعراء الحداثة في استلهام الشعر الحر من الأدب الغربي ولاسيما الشعر الفرنسي الذي أحسن توظيفه في اللغة الفارسية. إلاّ ان فرقه الاساس عن سائر الشعراء الحداثيين وما جعله رائد الشعر الفارسي الحديث (الحر) بحق، هو أنهم ربما كانوا غير واعين لحقيقة مهمتهم وخطورتها، انما انهمكوا في نظم الشعر الحر لمجرد التنويع والتجديد والتوفر على قدر أكبر من حرية التعبير، وفوق كل ذلك، لأجل الخوض في مزيد من الجماليات والابداعات الناجحة، والاقتراب من الاساليب الغربية اكثر فأكثر، بينما كان نيما على وعي تام بفلسفة انبثاق الشعر الحر وتطوره في ايران والعالم.

اضف الى ذلك أن التجديد لدى شعراء الحداثة قبل نيما اقتصر على الشكل الخارجي للقصيدة ولا سيما في نوع القافية، في حين بقي الجوهر الحقيقي لمنجزهم الشعري تقليدياً، والحال أن ثورة نيما اتسعت لتشمل الشكل والمضمون على السواء.

يعد شعر نيما من حيث المحتوى شعراً يعنى بالتفاصيل ذا نظام داخلي وبنية مدروسة. كان شاعرنا يعتقد أن البناء الداخلي للشعر ومنظومة الصور المرتبطة به، يؤديان بالضرورة الى تحول في بنيته الخارجية.

ومن الناحية الظاهرية، يعد عدم التساوي في طول الاشطار وعدم تكرار القافية في مواضع يحددها النظام التقليدي مسبقاً، من أبرز الخصائص الشكلية للشعر النيمائي.

من بين أشهر رموز الشعر الحر في ايران يمكن الاشارة الى: فريدون توللي (1917 _ 1985)، وهوشنك ابتهاج (1927) وفريدون مشيري (1926_ 2000)، ومحمد زهري (1926 _ 1994)، وسياوش كسرائي (1926 _ 1997)، وسهراب سبهري (1928 _ 1980)، واحمد شاملو (1925 _ 2000)، ومهدي اخوان ثالث (1928 _ 1990)، ونصرت رحماني (1929 _ 2000)، وفروغ فرخ زاد (1934 _ 1966)، ويد الله رؤيايي (1932) ومنوجهر آتشى (1935_2005) و م.آزاد (1935 _ 2006) و... ولعل أهم تفريعاته التالية في الاسلوب: قصيدة النثر (شعر سبيد) والتيار الجديد (موج نو)، وقصيدة الحجم (شعر حجم) والشعر التشكيلي (شعر تجسمي) والشعر الخالص (شعر ناب) وهي تيارات شقية سنعرض لها باختصار في صفحات لاحقة بعد أن نتناول الملامح الابداعية لمجموعة من أبرز رموز الشعر المعاصر في ايران وهم: احمد شاملو، واخوان ثالث، وسهراب سبهري، والشاعرة فروغ فرّخ زاد.

_احمد شاملو (الف. بامداد)

لامراء ان قصيدة النثر من الانماط الشعرية التي حظيت باهتمام لفيف من الشعراء المعاصرين لأحمد شاملو، الاّ ان الاصرار الذي ابداه شاملو في كتابة الشعر بهذا الاسلوب كان من شأنه رفع هذا الشاعر الى مرتبة "رائد قصيدة النثر" ولعل "حديقة المرايا" اول شاهد على شرعية هذا اللقب الذي حازه.

الشعر، والحياة، والنقد، والنزعة الاحتجاجية عناصر تشكل النواة المركزية لمشاعر شاملو وافكاره. ومع أن شعر احمد شاملو له ظاهره المتسم بالحدة والعنف، الاّ أن أعماقه وجوهره الداخلي ممتزج دوماً بالحب والأمل والمشاعر الانسانية. وبمثل هذا المضمون والمحتوى خاض شاملو غمار تجربة تعد فريدة من نوعها بعد التغيير الذي اطلقه نيما.

لقد أوجد الشعر الحر، وبغض النظر عن التحول الذي بثه في أركان الشعر الكلاسيكي وادواته، أوجد تغييراً هائلاً في الوحدات الشعرية. ومع ذلك يجوز القول أن هذا الاسلوب الشعري، وكما هو الحال بالنسبة للشعر الكلاسيكي، يقود القارئ الى حيث يشاء الشعر نفسه مصادراً القسط الاكبر من حرية المتلقي ودوره، بينما يبلغ الشعر الفارسي في قصيدة النثر درجة الكمال على صعيد الظاهر والمحتوى، لأن القارئ يندك مع الشعر بنحو مباشر، ويصبح جزءاً ضرورياً من القصيدة. ينتزع شعر شاملو وزنه الظاهري من المشاعر والافكار المودعة في القصيدة وبالإحالة الى التأثيرات الاجتماعية المتبادلة. وفي غمرة هذا التحول يتاح لذهنيةُ القارئ المتحررة أن تأخذ الشعر الى مساحات شديدة التنوع والغرابة.

يمكن اعتبار شعر شاملو معياراً لاكتشاف ازدهار المفردات وتساميها، وكذلك لكيفية استخدامها بنحو أمثل. وبعبارة اخرى، يمتزج المنجز الشعري لشاملو وتجلياته الجمالية بذهنية المتلقي ومشاعره بحيث تتجاوز ذهنيته وخياله -اضطراراً- حدود الخارطة الشعرية المدهشة.

واخيراً ، يمكن اعتبار شاملو شاعر الطبقة الممتازة…شاعراً ذا لغة تتصف بالفخامة والمتانة نحتت طوال عقود من الزمن منجزاً شعرياً اصاب حظاَ وافراً من القوة والعنف.

سهراب سبهري

الخيال الحر، السوريالية الشفافة، تحري العلاقات المألوفة بين الأشياء، والمفاهيم الممتزجة بالأخيلة المجنحة، ملامح يتسنى اعتبارها من أبرز الخصائص الشعرية في تجربة سهراب سبهري.

يذيع سبهري نداءاته الشعرية انطلاقاً من خبرته في عوالم الصورة والفنون التشكيلية، وبناءً على ادراكه العميق للمفاهيم الكامنة في لغة الصورة والعناصر المكوِّنة لها. ولعل السبب الذي يجعل ايماءاته الشعرية المعبرة عن الموضوعات والمضامين المختلفة، جميلةً ومحببةً للاذواق، هو تضلعه في عملية الوعي الذي يمكن ان يتوفر عليه الانسان عن طريق حاسة البصر والعلاقات الممكن اصطناعها بين شتى العناصر والمكوِّنات البصرية. وبهذا ستعمل الأواصر بين الألوان، والخطوط، والتظليلات الطبيعية، وبنية الأشياء والشعور النابض فيها، الى جانب عوامل اخرى كالايقاع، والمناخ، والزمان، والحركة، ونوعية الأشياء ونسيجها، ستعمل جميعها على نقل الشعور المطلوب الى المتلقّي.

بنظرة عامة لسهراب سبهري ونتاجه الشعري يمكن اعتباره صاحب اسلوب خاص أسسَ له بنفسه، وكان هذا الاسلوب ثمرة الحدث الأكثر إلفاتاً في دائرة الشعر الحر.

من حيث الشكل والبناء ظهر شعر سهراب في معظم الاحيان مموسقاً موزوناً، فقد كان الشاعر يجترح الموسيقى بالأصوات والكلمات. فالموسيقى الناعمة الحالمة في شعره لا تناظر ما جاء به أي شاعر آخر ولا يمكن ان يخلطها المتلقّي بغيرها، وهذا بالتحديد ما يشكل القيمة لاسلوبه الشعري لاسيما في اعماله الاخيرة. وكان جمعه بين فنّي الشعر والرسم في ظل روح العزلة والنزوع الى ضرب من العرفان البوذي، قد اكسب شعره رقّة وشفافية فنية مميزة، واقترب به من لون خاص من الصميمية والوئام.

ينطوي شعره على صور شاعرية ومضامين ومفاهيم عرفانية وفلسفية وغنائية. ولقد كان سهراب شاعراً غارقاً الى هامته في عوالمه الفنية والروحية الخاصة التي تلوّن كل شيء في حياته بلون الشعر والشاعرية. الاشياء كلها كانت بالنسبة له ذات طابع معنوي، فقد كان يغوص في اعماق كل شيء مادي ليسبغ عليه تلاوين معنوية، وكأن كل ذرة في العالم لها روحها وعاطفتها وشعورها المرهف، لذلك خرج شعره كقوس قزح جميل يحاكي الطبيعة والعواطف والأشياء ويأخذ قارئه الى آفاق جد قشيبة.

رغم أن بالإمكان تملّي اللون والأشياء والطبيعة في قصائد سبهري على نحو دائم وغزير، بيد أن شعره كان بمنأىً عن تيارات العصر المتفاعلة على أرض الواقع، فالنقود والرسائل الاجتماعية باهتة وقليلة جداً في نتاجاته التي يلاحظ عليها ضرب من التشتت وعدم التجانس في الصور.

ورغم ذلك يبقى سبهري الشاعر، وبنظرة عميقة شاملة، قلقاً على الانسان وانسانيته وجنبته الملائكية ومصيره، وهذا ما يمكن استشفافه في ثنايا قصائده متجلياً بلغة رقيقة صادقة تختص به حصرياً.

الوشائج بين الكلمات وتجاور الصور يتبدّى في اشعاره بديعاً نقياً الى درجة ان التهالك المطلق في احضان الطبيعة ونشدان العواطف في صميم الاشياء يكرس في ذهن القارئ القناعة بأن سهراب سبهري كان رسّام الكلمات.

_مهدي اخوان ثالث (م. أُميد)

بالمقدور اعتبار مهدي اخوان ثالث جسراً بين الانماط الكلاسيكية في الشعر الفارسي وبين الشعر الحر الذي تكرّس وشاع باضطراد في الأوساط الادبية الى أن اقتطع مساحة جد كبيرة من المنجز الشعري الايراني.

كان اخوان ثالث قد جرب كافة الاشكال الشعرية قبل ان تصدر مجموعته الاولى في عام 1951م بعنوان "ارغنون". وقد استفاد من لغته الخراسانية والزخم الشعري الخراساني كأدوات في مسيرته نحو الشعر. ويبدو ان الميول الى الماضي الشعري والتمعن في دواوين الشعراء الايرانيين والعرب والتفاعل الحقيقي مع "القصائد" و "الغزليات" كان جزءاً من طبيعته الادبية التي لازمته الى آخر ايامه.

لقد اثبت اخوان في "ارغنون" معرفته التامة بالشعر واللغة الشعرية بل وتمكنه من هذه اللغة وتضلّعه فيها. وكان قد جرَّب الاشكال والقوالب والاوزان الشعرية المختلفة مرات عديدة وبنحو يؤكد هيمنته على الأدب والشعر الكلاسيكي.

على أن شعر اخوان في مجموعته الثانية "الشتاء" امتاز بخصيصتين كانتا على جانب كبير من الأهمية. الخصيصة الاولى تتعلق بتحوله الفكري والرؤيوي أو ما يمكن التعبير عنه بالاستحالة في مفاهيم الاشعار، والخصيصة الثانية تتصل بتقنياته الادبية واساليبه البيانية. لقد كانت نتاجات اخوان في تلك الفترة مرآةً واسعة تعكس أكبر مساحة ممكنة من الواقع الاجتماعي المعاش، بيد أن الأمر الأهم في مشواره هو تعرفه على المنحى الشعري الحر، فقد كان الشعر الحر بالنسبة له انعتاقاً من قيود الوزن وانطلاقاً موفقاً في جادةٍ أقل عقبات وأسهل مسيراً لبلوغ ذروة البساطة والجمال التعبيري. ومنذ ذلك الحين فلاحقاً اكتسى النتاج الشعري لأخوان حرارةً وانفعالاً مختلفاً، فما عادت افكاره ورؤاه مقيدةً بطروحات الشعر التقليدي، وصار بمقدوره ملاحقة اهداف عدة في القصيدة الواحدة، وهكذا خرج اخوان على جمهوره في مجاميعه التالية وخصوصاً في "آخر الشاهنامه" شاعراً مختلفاً له وجوه متعددة حققت له الخلود والشهرة على نطاق واسع.

في هذه المجموعة اكتسبت الرؤى العامة لأخوان أو لنقل ذهنيته ولغته شكلها شبه النهائي. فنظرته الدائمة لتاريخ ايران والتي استعارت لشعره شذرات مترابطة من الاساطير والحكايا والمناحي الفكرية القديمة، اضافة الى لغته الرصينة الجزلة المرصعة بالمفردات القديمة، استطاعت أن تخوّله نحت تراكيب جديدة كانت ثمرة سنوات من غوصه في اغوار الدواوين الشعرية وتمحيصه لمعطيات التاريخ والاساطير الايرانية.

التلاقح بين هاتين السمتين اثمرت أهم المكتسبات لشعر اخوان بخاصة، وأحد أبرز المكتسبات للشعر الفارسي المعاصر على وجه العموم.

والواقع أن المنجز الشعري لأخوان بلغته الرصينة الفخمة، ونزوعه الرصين للموروث القديم، وذهنيته المزحومة بالاساطير والآداب الايرانية الغابرة، كان بمثابة الدليل الحاسم والرد المفحم لاولئك الذين توهموا في تلك الاونة ان التجديد لدى الشاعر نابع من عجزه عن استيعاب القديم.

_فروغ فرّخ زاد

خلافاً لما ذهب اليه المتحاملون عليها، لا تعزى شهرة فروغ فرخ زاد الى جرأتها في التعبير عن اختلاجات الحب ولواعج الهيام، انما كانت تجربتها حقيقةً لا يمكن رصد ما يماثلها في أعمال أي من الشواعر اللاتي سبقنها.

الى ما قبل فروغ ظل شعر الشاعرات الايرانيات حتى في أرقى درجات الانفعال العاطفي شعراً ذا لهجة رجولية أي ان شعر المرأة الايرانية كان تلميذاً مطيعاً ومقلداً متواضعاً لشعر الرجل، يتبعه اتباع الاعمى البصير ويحاكيه محاكاة الببغاء في خضم اجواء اجتماعية تخيم عليها سيادة الرجل بأثقل ظلالها. ولكن مع ظهور اعمال هذه الشاعرة استطاع شعر المرأة _بالمعنى الحقيقي للكلمة _ ان يكتشف نفسه ويفكّر ويزدهر بدرجة غير قليلة من الاصالة.

فروغ كانت تنظر للاشياء ببساطة، وتفكر ببساطة، وتكتب ببساطة. لقد كانت تمثل نفسها بصدق من دون أي تمثيل لادوار الآخرين، وأن لا يكون الانسان الاّ نفسه عملية على جانب كبير جداً من الصعوبة.

لقد كانت حلقة الوصل القوية بين نيما والجيل الذي اعقبها. قصائدها كانت قريبة ملموسة وانتزاعية مفاهيمية في آنٍ واحد. ولعل العامل الأهم الذي ارتقى بها الى ما نالته من منزلة أدبية هو صدقها في التعبير عن مشاعرها ونظرتها العامة للحياة.

تمكنت فروغ أن تخوض تجارب جديدة في لغة الشعر، وأن تنظم قصائدها بكل عفوية وحرية. وقد أثار صدور مجموعتها الاولى "الأسيرة" ضجة كبيرة وصمها فيها الكثيرون المرأة المتمردة اللامبالية.

وقدّمت قصائد مجاميعها اللاحقة في مناخ مماثل. ففي مجموعة "التمرد" ولجت فروغ ولأول مرة تجربة الشعر الحر رغم عدم نضج محاولتها ووجود بعض الارباك في الوزن، على انها ظهرت في مجموعة "ولادة اخرى" بوجه جديد ومختلف تماماً.

كان صدور هذه المجموعة حدثاً فاجأ الجميع واثار سلسلة طويلة من الجدل والنقاش، ورفع فروغ الى مصاف أعظم شعراء الحر ذوي النزعة الانسانية في ذلك العصر (اخوان وشاملو)، ولم تكن هذه المجموعة تطوراً عظيم الأهمية في شعر فروغ وحسب، انما في الشعر الايراني الحديث عموماً وهو يقترب من الشعر الحديث على مستوى العالم. من حيث المضمون كانت "ولادة اخرى" عملاً واقعياً، ومن حيث الوزن يجوز القول أن فروغ كانت في هذه المجموعة نقطة العطف الثانية بعد نيما يوشيج على امتداد ألف عام من تاريخ الاوزان العروضية في الشعر الايراني. لغتها الصريحة والجريئة شهدت في هذا العمل نضجاً متزايداً ونزعة أكثر رمزية، وتحولاً أنصع نحو لغة الاستعارات والكنايات غير الصريحة والتي استبطنت تعابير لها عمقها الفكري تتعلق بتجارب امرأة مع انوثتها ومع اعماق ذاتها واختلاجاتها.

السمة التي ميزت فروغ فرخ زاد وحققت لها مكانتها في الأدب الايراني المعاصر تمثّلت في تصوراتها الخاصة للشعر وخلقها رؤية جديدة للأدب ودوره في ايران. انها تعد أول شاعر في حيز الشعر الحديث والرائد استطاع ان يسلخ عن اللغة اعتبارات القوة والاقتدار ويتفاعل تفاعلاً حقيقياً مع لغة الجماهير وما تزخر به من حيوية. لقد توصلت فروغ الى لغة الحياة فعاشت اللغة وجربت الحياة في اللغة.

قصيدة النثر:

تعد قصيدة النثر نمطاً من الشعر الحديث يتمتع بموسيقى داخلية وتنام بين المفردات وايقاعها، لكنه يتحرر من الاوزان العروضية تماماً. لغة قصيدة النثر هي لغة الأدب الفارسي القديم. "انها اسلوبٌ يتواشج فيه رنينُ الكلمات وخصوصياتُ هذا الرنين، وضغطُ الحروف واجراسها المميزة وحالاتُ التصالح والانسجام بين الكلمات المتجاورة وما يربط بينها من أواصر لها انسيابها الجزل في الآذان، لتصنع بمجموعها اوزاناً ونغماً خاصاً يعوّض عن فقدان الاوزان التقلديية" (كيلاني، فريدون _الرسم البياني للشعر الايراني المعاصر، طهران، انديشه، 1960م، مقدمة الكتاب). وبعبارة اخرى، يتاح القول ان قصيدة النثر رغم تمتعها بكافة العناصر الشعرية (كالعاطفة، والخيال، واللغة، والموسيقى و…) إلاّ انها لا تحتوي أي شكل من أشكال الموسيقى الخارجية انما تعوضها بما ينبض فيها من موسيقى داخلية مُشدِّدة على الأشكال الذهنية والبنى والتراكيب العامة للشعر.

اكتسبت قصيدة النثر طابعها الرسمي المعترف به مع احمد شاملو الذي كتب في مقال له نشر في صحيفة (فردوسي):

"احياناً تكون الفكرة متسامية ولطيفة، أو عصية وصعبة الى درجة تبدو معها مستعصية على التموضع في أي قالب أو وزن، ولا يمكن ترويضها واحتواؤها بأي وسيلة أو أداة. عندها لابد من استبعاد الوزن والقافية وكل ما يقف بوجه هذا التحرر لتظهر افكار الشاعر على الورق كما هي وكما يراد لها دون أية عقبات أو ضواغط مشوِّهة…".

التيار الجديد

انبثق في السنوات الاولى من عقد الستينيات فرع جديد لشعر الحداثة كان في حقيقته غصناً تفرع عن قصيدة النثر، واطلق عيه اسم "التيار الجديد". ولعل فارقه الاساس عن قصيدة النثر هو انه يضرب بجذوره في اسلوب الحوارات والنثر غير الأدبي، بينما ظلت قصيدة النثر ملتزمة باللغة الادبية تستلهم نماذج النثر الفارسي القديم على وجه الخصوص.

أضف الى ذلك أن شعر التيار الجديد يعتمـد اللا مركزية في القصيدة و لذلك كانـت استمرارية الموضوع فيـه أندر مما في قصيدة النثر. يعد أحمد رضا احمدي (1940) بعد اصداره كتاب "طرح" مؤسس التيار الجديد..

قصيدة الحجم

قصيدة الحجم هي الشكل المنظم والمشذب لشعر "التيار الجديد". وقد انطلق هذا الاسلوب في أعوام 1967 و 1968 بشكل متفرق وبنماذج توزعت بين اصدارات مختلفة، الى أن اكتسب طابعه الرسمي مع صدور بيان في ايلول 1971جاء فيه:

"ليست قصيدة الحجم قصيدة الكلام الجميل، ولا هي قصيدة الكمال…ولا الغاية منها تغيير الواقع. انها نمط شعري لا يتوقف عند تخوم الحياة اليومية أو لغة الشارع. شاعر الحجم يرنو دائماً الى صناعة حقيقة أشد أصالة وسطوعاً من الحقائق اليومية المألوفة. اننا لا نمنح صورةً للاشياء، انما نخلق منظراً لاسبابها لذلك نرتّب العوامل التي نستعيرها على هذا النحو في أماكن نائية بعيدة عن الواقع.

ليست مهمة الشعر أن يتكلم، بل أن يصنع مقطوعة. أي أن الشعر ينبغي ان يكون موضوع نفسه".

اطلقوا على قصيدة الحجم نعوتاً منها: قصيدة التلقي الآني والمطلق وعطش التلقيات الفورية والمطلقة…عطش لا سبيل الى إروائه ورفعه.

اللغة في قصيدة الحجم وسيلة لبلوغ البعد الثالث، والعلاقة بين هندسة اللغة وهندسة الوشائج من المفاهيم المفتاحية الضرورية لفهم قصيدة الحجم.

من أبرز اقطاب هذا الاسلوب الشاعر يد الله رؤيايي (1932).

الشعر التشكيلي

كان الشعر التشكيلي ضرباً من "التيار الجديد" ذي شكل مستقر الملامح ويمكن اعتباره شعر عقد السبعينيات، ومن خصائصه وضوح التعبير وتحاشي الغموض الذي غلّف الشعر الحديث والحر عموماً، وتكريس النزعة التصويرية في لغة الشعر، وتحرير الذهن المبدع على منوال شعر "التيار الجديد".

يحاول الشاعر في هذا الاسلوب التعبير عن الذهنيات في لبوس العينيات، وعن المقولات في ثياب المحسوسات. وقد اشتهر في هذا الاتجاه شعراء منهم فريدون تولّلي، وشهريار مالكي.

الشعر الخالص (التيار الخالص)

الشعر الخالص أو النقي شكل موجز ومتبلور للتيار الجديد ظهر بعد قصيدة الحجم والشعر التشكيلي في اعمال كوكبة من الشعراء كانوا غالباً من أهالي مدينة مسجد سليمان ومن المتأثرين ب_ "هوشنك جالنكي" و "بيژنجلالي" الى حدٍّ ما.

حظي هذا الاسلوب بترحيب ودعم منوجهر آتشي (1931 _ 2005)، ومن رواده الاخرين هرمز علي بور، وآريا آريا بور، وسيروس رادمنش و…

كان الشعر الخالص يتقدم في مسيرته التصاعدية حينما وقعت ثورة 1979 في ايران فتفرق شعراؤه وتوقفت مسيرته.

استبعدت في الشعر الخالص بعض مصاديق السذاجة واللا تشذيب، والتفريط، والجفاف اللغوي والصناعات الكاذبة التي شابت التيار الجديد، وقد اثمرت متابعات منوجهر آتشي وجهوده اعمالاً في هذا النسق يمكن اعتبارها شعراً خالصاً بكل معنى الكلمة.

الشعر الايراني اليوم

لا ريبة أن احمد شاملو، وفروغ فرخ زاد، وسهراب سبهري، ومهدي اخوان ثالث، ومنوجهر آتشي، وهوشنك ابتهاج، وسيمين بهبهاني، ومحمد علي بهمني، وفريدون مشيري و…هم اليوم من أبرز الشعراء الذي تركوا أعمق البصمات في شعراء الجيل الحالي، وحظوا عندهم بأهم المواقع وأرفعها.

وفي السنوات الاخيرة اثمرت المزاوجة بين الشعر الحديث والتقليدي "غزلاً" جديداً اطلق عليه اسم "الغزل التصويري" أو "الغزل الحديث" له قالب تقليدي لكن لغته وخياله يمتازان بالجدة والحداثة.

وفي ضوء التطورات الجذرية التي شهدتها ايران في العقود الأخيرة _الثورة الاسلامية والحرب المفروضة _ انبثق في الشعر المعاصر منحى حماسي طرق جميع القوالب والاشكال الشعرية وسجل حضوره العميق والمركّز فيها الى درجة أن غزل شعراء الثورة احتضن على الدوام اغراضاً حماسية _ دينية، كما يتجلى ذلك في اعمال الشعراء الذين بدءوا هـذا النمط قبل الثورة وهم م. آزرم وطاهرة صفار زاده وعلـي موسوي كرمارودي. والذين انتجوا اعمالهم بعد الثورة مثل حسن حسيني، وقيصر امين بور (1959_ 2007)، وعبدالجبار كاكائي (1963)، وعلي رضا قزوه (1963)، ويوسف علي مير شكاك (1959)، وسهيل محمودي (1960).

ويلاحظ نظير هذا التحول على اسلوبي "الدوبيت" و "الرباعيات" المعاصرة ايضاً حيث استخدما للتعبير عن مضامين سياسية واجتماعية معاصرة، ويتسنى في هذا الباب التأشير الى الرباعيات والدوبيت في تجارب كل من حسن حسيني (1956_2004) وقيصر أمين بور.

وأخرج علي معلم (1951) اسلوب "المثنوي" على شكله المألوف ليسبغ عليه صورة جديدة، تمتاز بمنطق معقد يساعد على فهمه الالمام العام بالحكمة والثقافة القديمة، والنصوص والقصص الفارسية والعربية والتفاسير القرآنية.

وأخيراً تتعين الاشارة الى أن الشعر الايراني المعاصر استوعب القضايا الراهنة من سياسية واجتماعية ليبلغ درجة ملحوظة من التماسك والغنى على صعيدي الشكل والمضمون، لا يزال يتفاعل ويتطور ليتجاوزها الى ما هو أرقى منها.وقد سجل الکثيرون حضورهم علی الساحة الشعرية فی ايران اليوم سنحتاج الی مساحة اخری للتعريف بهم وتجدرالاشارة الی البعض منهم مثل؛ م.مؤيد، گرمارودي، سبانلو، سيدعلي صالحي، شمس لنکرودي، حافظ موسوي، عبدالرضا رضائي نيا، محمدرضاعبدالملکيان و...

مقدمة كتاب (مختارات من الشعر الإيراني الحديث)

الصادر عام 2006 ضمن سلسلة إبداعات عالمية-الكويت

موسى بيدج

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى