الأحد ٧ آب (أغسطس) ٢٠١١
بقلم لطفي زغلول

مساجد نابلس التاريخية

نابلس مدينة قديمة بناها الكنعانيون، وهم من القبائل العربية القديمة منذ 4000 سنة، كانت تسمى «شكيم» وتعني النجد، أو الأرض المرتفعة. إحتلها الرومان الذين قرروا هدمها وإعادة بنائها على النمط الروماني في عهد الإمبراطور فسبسيانوس الذي أطلق عليها إسم فلافيا نيا بوليس. فلافيا هو إسم عائلة الإمبراطور فسبسيانوس. أصبح إسم المدينة يعني "مدينة فلافيا الجديدة". مع الأيام بقي من إسمها نيا بوليس، «المدينة الجديدة»، والذي حُرّف فأصبح نابلس.

في العام 638 ميلادية، فتح المسلمون مدينة نابلس على يدي القائد الإسلامي الكبير عمرو بن العاص، وذلك في عهد خلافة أول الخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

منذ أن دخل الإسلام إلى فلسطين بعامة، ونابلس بخاصة، إجتهدت مدينة نابلس في بناء المساجد، حيث أصبحت المساجد من أهم معالم هذه المدينة التاريخية. إضافة إلى ما أسلفنا لنابلس عدة أسماء وأوصاف منها: جبل النار، دمشق الصغرى، عش العلماء، ملكة فلسطين غير المتوجة، وأخيرا لا آخرا عاصمة فلسطين الإقتصادية.

لقد أسلفنا أن مدينة نابلس تشتهر بكثرة مساجدها، ومنها مثالا لا حصرا: جامع الخضراء، الجامع الصلاحي الكبير، جامع النصر، جامع الحنبلي، جامع الساطون، جامع الأنبياء، جامع الخضر، جامع الروضة، جامع الشهداء، جامع السلام، جامع الإمام علي، جامع عمر بن الخطاب، جامع عثمان بن عفان، جامع النور، جامع البيك، جامع الحاج نمر النابلسي، جامع الحاج معزوز المصري، جامع سعد بن أبي وقاص، وهناك عشرات المساجد الحديثة التي بنيت مؤخرا، وتلك التي ما زالت تبنى. سوف أقتصر حديثي على ستة مساجد منها، هي المساجد التاريخية.

1-جامع الخضراء «جامع أحزان النبي يعقوب». هو جامع أثري يقع في الزاوية الجنوبية الغربية من بلدة نابلس القديمة. تعود تسميته بالخضراء كونه محاطا ببساتين وأشجار خضراء مورقة طوال العام. لهذا الجامع مئذنة مبنية على نمط المآذن المغربية"مربعة في شكلها"، كما أن له بركة ماء في ساحته. أعيد بناء هذا المسجد في زمن السلطان المملوكي سيف الدين قلاوون.

في الركن الجنوبي الغربي من هذا الجامع، هناك غرفة يقال إنها المكان الذي آوى إليه النبي يعقوب وحزن على إبنه يوسف.

في الإجتياح الإسرائيلي لمدينة نابلس في شهر نيسان/إبريل من العام 2002 دمّرت الجرافات الإسرائيلية الجدار الغربي من هذا المسجد، إلا أنه أعيد بناؤه مرة أخرى.
جامع الأنبياء وقد سمي بهذا الإسم نسبة إلى النبي يعقوب بن إسحق وأبنائه. هناك مصادر تدعي أن النبي يعقوب وبعضا من أبنائه مدفونون فيه، وهذه رواية هدفها إثبات أن هناك حقا لليهود في هذه الأراضي الفلسطينية. إلا أن الثابت تاريخيا أن النبي يعقوب وأبناءه قد رحلوا إلى مصر، ولم يرجعوا إلى فلسطين.

المسجد الحنبلي وهو من المساجد الأثرية التاريخية، ويأتي في وسط البلدة القديمة "حي القصبة". بني هذا المسجد في عهد السلطان العثماني سليمان بن عثمان. حاليا تجري عليه من الداخل إصلاحات تستهدف إعادة المظهر التاريخي التراثي له. مما يميز هذا المسجد وجود الشعرات النبوية الطاهرة التي تعرض غداة ليلة القدر في السابع والعشرين من شهر رمضان على المصلين للتبرك بها، وذلك بعد صلاتي الظهر والعصر.

مسجد الساطون وهو أول مسجد في مدينة نابلس بعد فتحها في القرن السابع الميلادي. يقع هذا المسجد في جادة الياسمينة، وهي من أحياء مدينة نابلس القديمة. رمم عدة مرات في عهد سلاطين بني عثمان، كما أنه قد رمم حديثا.

المسجد الصلاحي الكبير. يقع هذا المسجد شرقي حي القصبة. أصل هذا المسجد كان كنيسة صليبية شيدت في العام 1167 ميلادية. حولها المسلمون إلى جامع على اسم الناصر صلاح الدين الأيوبي بعد أن أعاد فتح نابلس واستردادها من أيدي الصليبيين في العام 1187 ميلادية. شهد هذا الجامع عدة تجديدات وإضافات في العهود الأيوبية والمملوكية والعثمانية. تهدم جزء منه في أعقاب الزلزال الذي ضرب الأراضي الفلسطينية بعامة، ونابلس بخاصة في العام 1927 ميلادية. أجريت عليه مؤخرا من الداخل إصلاحات تستهدف إعادة المظهر التاريخي والتراثي له.

مسجد النصر. سمي هذا المسجد بالنصر تيمنا بانتصار المسلمين على الصليبيين عام 1187 ميلادية بقيادة الناصر صلاح الدين الأيوبي . يطل هذا المسجد على باب الساحة وبرج ساعة المنارة، وهما معلمان تاريخيان وأثريان من معالم مدينة نابلس. مسجد النصر هو الوحيد من بين مساجد نابلس الذي يحتل الطابق الثاني من مبناه الكبير، ويُصعد إليه بدرج، وله قبة كبيرة خضراء. وفي طابقه السفلي توجد قبور تاريخية، ومحال تجارية. في الأصل كان كنيسة بناها البيزنطيون، وحينما احتل الصليبيون نابلس عام 1099 ميلادية كانت ما تزال هذه الكنيسة قائمة، غير أن المسلمين حولوها إلى مسجد بعد تحرير مدينة نابلس عام 1187 ميلادية. في القرن العشرين المنصرم هدم جزء كبير منه جراء زلزال ضرب المدينة عام 1927 ميلادية، الأمر الذي دعا المجلس الإسلامي الأعلى إلى إعادة بنائه في العام 1935 ميلادية. يعتبر جامع النصر من أهم مساجد مدينة نابلس.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى