الأحد ٧ آب (أغسطس) ٢٠١١
بقلم بوعزة التايك

حتى أنا كنت مناضلا

كنت مناضلا يساريا لا يشق له غبار أثناء دراستي بكلية الآداب بالرباط من 1968 إلى 1972. ناضلت ضد منحتي التي كنت آتي عليها في ظرف يومين أو ثلاثة بحانات الرباط والدار البيضاء والقنيطرة. كنت مناضلا صلبا ومتطرفا إلى أقصى الحدود معها لا أتركها إلا بعد التأكد من أنها أصبحت منحة هامدة. أما الحانات فحدث ولا حرج ما إن أدخلها حتى تحاصرني الساقيات والعاهرات وهن يصحن: وإنك لثور حتى النصر ونعاهدك أننا سنناضل بجانبك حتى تصبح عاريا مثل الطبقات الشعبية التي أنت أحسن من يمثلها ويدافع عنها. وبالفعل كنت لا أكمل الأمسية إلا وأنا عار وشفاف ككل يساري محترم. وفور انتهاء الأمسية أودع الجميع وأنا أردد الأغاني الثورية ثم أستجمع قواي وقوة عقيدتي وأبدأ في التفكير في التكتيك والإستراتيجية لأقرر عند من سأنام. هل سأنام عند الثوري الإصلاحي أم عند الثوري المتطرف أم عند تلك المناضلة التروتيسكية التي ما زالت تناضل إلى اليوم بحثا عن زوج يشرح لها سبب انهيار الاشتراكية العلمية؟

وبعد التحليل الملموس للواقع الملموس أقرر المبيت عند أعظم مناضلة يسارية عرفها تاريخي المجيد: عاهرة كانت تعمل عند " غاندي " بحي المحيط والتي كانت تناضل ضد مقدم الحي والمخبر والقائد لئلا يستحوذوا على ما تكسبه من عرقها وعرقي.

مناضلا يساريا صلبا كنت في كل المجالات أندد بارتفاع ثمن الخمر وأطالب بالزيادة في منحتي ثم في أجرتي بعد أن أصبحت مدرسا لأزيد في أجرة عاهرتي المفضلة والتي كانت دائما حاملا في شهرها الثالث وتحتاج إلى مال ﻺجراء التحليلات الطبية.

مناضلا يساريا كنت يا إخواني في الجمعيات الحقوقية فلا تنسوا ملفات تعويضي عما عانيته أيام سنوات الجمر والرصاص وها كم ما ذقت من العذاب والتعذيب.

ما إن أنهيت دراستي بالكلية حتى ألقي علي القبض وقضيت ثلاثا وثلاثين سنة في مركزي التعذيب: ثانوية الأيوبي (11 سنة) وإعدادية بن عباد (22 سنة) بسلا. لم أر والدي مدة عشر سنوات (من 1969 إلى 1979) لأنني كنت مسجونا في قبو مظلم يحمل عنوان:
اللامسؤولية. كما بقيت أعزب إلى أن بلغت السادسة والخمسين حيث تزوجت في 10 أكتوبر 2003 يوم الخطاب الملكي حول المدونة وحقوق المرأة. تصوروا !

لم أنخرط في التعاضدية إلا سنة 1993 بعد واحد وعشرين عاما من العمل ولحد الآن لا أتوفر على رخصة للسياقة لأن الضوء الأحمر الذي كان رمزا لأحلامي الثورية أصبح يخيفني.

هناك أشياء أخرى أفظع قمت بها ضد نفسي ومصالحي الشخصية وتعذبت من أجلها لكن لكي لا أزج ببلادي في أشياء لا شك سيستغلها أعداء وحدتنا الترابية أكتفي بهذا "وإنها لثورة مضادة حتى النصر."


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى