السبت ١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١١
بقلم بوعزة التايك

الخطأ الفادح

استيقظ الحاكم متعبا لأنه لم ينم كما يجب. «ماذا وقع لي يا إلهي؟» تساءل. من أين جاءتني تلك الكوابيس التي قضت مضجعي مع أن الكل على ما يرام والسلم يخيم على البلاد؟ فلقد أعدمت الشاعر والعندليب و صدى أصوات كل حيوانات الدنيا. بل أعدمت حتى الأمواج، حتى ألحان النسيم والسماء.

لم أنم جيدا البارحة رغم أني قضيت على كل من وما كان يتسبب لي في المشاكل. أحرقت خصلة الطفلة الحلوة وصدر اليتيم وريش النسر الكريم. كسرت عظام الحمامة وجمجمة الغزال وأضلع حكيم القرية.

فعلت كل هذا ولم أنم البارحة. غريبة هي الحياة!

أضرمت النار في النار وأتلفت الأعشاش وأغرقت العاشقين. سجنت السحب، أطفأت النجوم، وضعت منديلا أسود على أشعة الشمس. كل هذا قمت به وها هي الأوسمة على صدري شاهدة على جرائمي لكني لم أنم مرتاح الضمير البارحة.

غريب أمري. غريبة هي الحياة. تقوم بواجبك التاريخي، تضحي بالغالي و النفيس. وعندما تتمدد على سريرك، تبدأ الكوابيس كأنك لم تقم بأي شيء يذكر. تعمل بتفان و إخلاص، تعمل بالليل والنهار. تعمل وتكد. تعمل وتعمل وتعمل. تقتل و تحرق و تكسر و تعذب وتبقى بلا نوم و لا أحلام!

يا لي من إنسان لا حظ له! لا دقيقة استرحت ولا حلم جميل رأيت بل كوابيس في كوابيس.

قمت بمحرقة رائعة وبتطهير عرقي لا مثيل له في التاريخ يحسدني عليه كل أبناء عمومتي من نيرون إلى هتلر. قمت بكل هذا ولا حق لي في النوم؟ . تبا لها من حياة.

و فجأة تذكر مولانا الحاكم. وعى الخطأ الجسيم. وضع يده على قلبه واكتشف انه مازال ينبض.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى