الجمعة ١٤ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١١
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

البطل صوفي معوض

من أبطال مصر أيضا البطل صوفي معوض عثمان والذي يعيش مع أسرته بحي البارودية البحرية بمحافظة الفيوم.

ولد البطل صوفي معوض عثمان في 28 أبريل عام 1946 م ومرت السنوات والتحق بالتعليم وتخرج عام 1966 وفي الخامس من يونيو عام 1967 قامت إسرائيل بهجوم مفاجيء واحتلت سيناء ولم يدخل الجيش المصري في الحرب ومن ثم حصلت إسرائيل على نصر لاتستحقه ومنيت مصر بهزيمة لاتستحقها.

حزن البطل صوفي على ماحدث وكان الدم يغلي في عروق جسده وأنتظر بشوق لوقت تجنيده وتحقق أمله في السابع من شهر سبتمبر عام 1967 وتعد دفعته الأولى من حملة المؤهلات التى تدخل الجيش المصري كما ذكر.

اختير البطل لسلاح الصاعقة مع 13 من رفاقه بعد نجاحه في الاختبارات التحريرية واللياقة البدنية وتم نقله مع رفاقه إلى مدرسة الصاعقة وحصل على التدريبات المكثفة ونظرا لتميزه تقرر ضمه مع فرقة معلمي الصاعقة التي تضم مجموعة من الرتب العسكرية تحت قيادة البطل النقيب محمود الشاهد وبعد فترة التدريب صدرت الأوامر للبطل ورفاقه بالتحرك إلى خط المواجهة مع العدو والتمركز في أحد المواقع غرب القناة.

رصد البطل التصرفات والكلمات الاستفزازية للعدو على الضفة لقناة السويس مما زاد من حماس البطل ورفاقه ففي جنح الظلام كان يقوم أحد الأبطال بعبور قناة السويس سباحة لتمهيد تنفيذ العملية المكلف بها البطل ورفاقه وفي الوقت المحدد يتم تنفيذ العملية وسط المواقع الإسرائيلية

وذات مرة شعر البطل بألم شديد (مغض) في بطنه فسمح له قائد السرية بالتوجه إلى المستشفى الميداني الموجود في أحد وكان يبعد عن مكان التواجد مسافة 2 كم وبدأ البطل رحلة السير علي شريط السكة الحديد المهجور بهدف اختصار الطريق فإذا بطلقات الرشاشات الإسرائيلية تنهمر نحو البطل ولكن عناية الله حفظته ووصل إلى المستشفى وبعد الإسعاف الطبي نصحه باتخاذ الطريق الآخر مسلكا في رحلة العودة للموقع حتى لا يتعرض للرصاص مرة أخرى.

في مهمة أخرى بدأ قصف العدو يتركز على سيارة التعيينات الخاصة بمجموعة البطل برغم تغيير مواقيت حضورها وكذلك الطرق التي تسلكها وكان القصف من نقطة معينة على الضفة الأخرى فطلب القائد من الأبطال التواجد في نقطة والرد على القوات الإسرائيلية.

حمل الأبطال الأسلحة وتوجهوا إلى الجهة المقابلة لمصدر النيران وكانت عبارة عن منطقة ملاحات

وبعد فترة قليلة من الوقت مر عليهم أحد الأشخاص من الذين يسكنون المنطقة والمعروف لدى الأبطال حيث كانوا يكلفونه بشراء مستلزماتهم من القرية المجاورة وكان الرجل سعيد بذلك.
بعد أن ألقى ذلك الشخص السلام على الأبطال أخبرهم أنه ذاهب إلى القرية فكلفه البطل صوفي معوض بشراء بعض الأغراض فوعدهم بالرجوع بعد ساعة زمن وبعد قليل مرت عربة التعيين ولم يتم قصفها كالعادة وفجأة تم القصف المركز وبدقة متناهية وتحت وابل القذائف أسرعوا الأبطال لتأمين الهاون وصناديق الذخيرة وبعد انتهاء القصف شاهد البطل ورفاقه أكثر من 40 حفرة في الطين ولم تنفجر القذائف الإسرائيلية لأنها غاصت في الطين ولم تنفجر.
قام البطل ورفاقه بإبلاغ القائد بما حدث وعندما علم بعدم عودة ذلك الشخص إلى الأبطال أمرهم بالذهاب إلى منزله والقبض عليه بعد تفتيش بيته وإحضار الأوراق والأشياء المشتبه فيها ولاحظ البطل ورفاقه وجود مذياع (راديو) يحاول ذلك الشخص وضعه بعيدا عن الأبطال وعندما حاولوا أخذه تحسباً لوجود أوراق بداخله تمسك الرجل به.

تم القبض على الرجل والمذياع وعندما قام القائد بفتح المذياع وجد بداخله جهاز إرسال لاسلكي وعلى الفور قام القائد بتسليمه إلى المخابرات الحربية المصرية.

في الساعة التاسعة والثلث من صباح يوم الأربعاء الثامن من شهر أبريل لعام 1970 والموافق الثانى من شهر صفر 1390هـ قامت طائرات الفانتوم الإسرائيلية والأمريكية الصنع بقصف مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة بقرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية ونتج عن هذا العدوان الغاشم (77) شهيداً وجريحاً من المدنيين وإصابة (4) من العسكريين ومن التلاميذ الأبرياء الذين استشهدوا نذكر:

طه عبد الجواد طه
أحمد أنس الباشا
محمد السيد إبراهيم عوض
زينب السيد إبراهيم عوض
أحمد عبد العال السيد
محمد حسن محمد إمام
سامى إبراهيم قاسم
وليد إبراهيم إبراهيم حسن
نجاة محمد حسن خليل
محمد أنور أحمد العنانى
محسن سالم عبد الجليل محمد

وفى صباح يوم الخميس التاسع من شهر أبريل لعام 1970 نشرت جريدة الجمهورية فى عددها الأسبوعى:

(استشهاد 30 تلميذاً فى غارة إسرائيلية)

(إسرائيل تغير بطائرات الفانتوم الأمريكية الصنع على مدرسة بحر البقر الابتدائية بالشرقية)
فى مقابلة مع سالم عبد الجليل محمد والد الطفل الشهيد محسن قال:

فى صباح يوم استشهاد ابنى وفلذة كبدى ذهبت زوجتى لزيارة أقاربها وذهبت أنا للحقل وكان (محسن) يبكى وطلب الذهاب مع أمه فرفضت وفضلت ذهابه إلى المدرسة حرصا على مستقبله وخلال تواجدى بالحقل شاهدت بعض الطائرات تحلق بارتفاع منخفض فوق المدرسة وفجأة سمعت صوت انفجارات شديدة فذهبت للمدرسة وشاهدت اندلاع أدخنة كثيفة وخلال اتجاهي للمدرسة قابلنى ابنى الآخر وقال باكياً: المدرسة تم ضربها وعندما وصلت للمدرسة وجدت بركة من الدماء تسبح فيها أشلاء الأطفال الأبرياء وفارق محسن الحياة.

أرسل أطفال قرية بحر البقر رسالة إلى باتريشيا نيكسون زوجة الرئيس الأمريكى نيكسون وسألوها: هل تقبلين أن تقتل طائرات الفانتوم أطفال أمريكا؟ أنتِ الأم لجولى وتريسيا والجدة لأحفاد.. فهل نستطيع أن نذكر لكِ ما فعله زوجك المستر نيكسون؟.

أسجل هنا مشاعري الحزينة ودموعي عندما شاهدت فيلم (العمر لحظة) الذي قدم أغنية للأطفال عن مدرسة بحر البقر التي قصفها العدو الغاشم وتقول كلماتها:

محافظتي الشرقية
ومدرستي مدرستي
بحر البقر الابتدائية
كراستي كراستي
مكتوب عليها تاريخ اليوم
مكتوب على الكراس اسمي
شايل عليه عرقي ودمي
من الجراح اللي في جسمي
ومن شفايف بتنادي:
يا بلادي يا بلادي
أنا بحبك يا بلادي
يا كل واحد في الملايين
نادو الولاد طلو وشوفو
درس النهاردة يا مصريين
دقات ساعات ثابتة حروفه
أدي الألف أدي الـ ب
هاتو القلم نتك عليه
دول 100 شهيد جولنا وجينا
في مدرستنا الجديدة
وكل مدرسة مصرية
يابلادي يا بلادي
أنا بحبك يا بلادي
يا بلادي يا بلادي
أنا بحبك يا بلادي

في السادس من شهر أكتوبر 1973 م العاشر من رمضان 1393 هـ كان الموعد مع التحرير ورد الكرامة المصرية والعربية وبدأت معارك تحرير سيناء المحتلة وتم الدفع بمجموعة البطل صوفي خلف خطوط العدو الأمامية لضرب مراكز القيادة وتجمعات العدو الخلفية ونصب الأكمنة لقوافل

الإمدادات المتوجهة لخط القناة وتم تنفيذ المهام بنجاح.

أيضا قام البطل ورفاقه بقطع الطريق على طوابير من المدرعات الإسرائيلية والاشتباك معها فأصيب العدو بالفزع والرعب وتساقطت مدرعاتهم الواحدة تلو الأخرى والغريب أن عدادات الدبابات والعربات الإسرائيلية التي تم تدميرها على ارض المعارك

لم تسجل إلا سبعين كيلو مترا فقط بما يؤكد إنزالها على جبهة القتال من الجسر الجوي الذي أمدته الولايات المتحدة الأمريكية لتزويد إسرائيل بالأسلحة وإنقاذها من الهلاك.
بعد انتهاء المعارك خرج البطل صوفي إلى الحياة المدنية وتم استقباله بالحفاوة والفخر فهاجت بداخله ذكريات النكسة وماجلبته من سخرية وإشفاق ثم الروح المعنوية العالية للجندي والشعب المصري أثناء وبعد معارك الاستنزاف.

البطل صوفي معوض يؤمن بالمعدن الأصيل للإنسان المصري الذي لايعرف المستحيل وناشد كل المصريين بقوله: (بلدكم أمانة بين أيديكم وقد سلمناها إليكم منتصرة ومرفوعة الرأس فحافظوا على هذا النصر بالجد والعمل والعلم والإخلاص).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى