الأحد ٢٣ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١١
بقلم بوعزة التايك

وميض في خريف الحياة

تمر حياتي متواترة بطيئة لا جديد فيها ولا حتى قديم ثم تتغير الأشياء فجأة فيصيح الرعد ويصرخ البرق و تنزل مع أمطار السماء امرأة لتزيل عني ثقل الوحدة وتوهمني أني إنسان ككل الناس.

تمر الأيام ببطء وتثاقل وأحذية الزمان تسحقني وتدوس على جسدي ومساري ثم يقع ما يقع، فتأتيني ملكة السحب حاملةً على صهوتها امرأة لا تعرف من الحياة إلا اسمي وعنواني فأقطف لحظة ذهبية من لحظات الحياة. أقطف فاكهة طازجة حلوة تتدلى من أغصان عينين جميلتين وابتسامة خُلقت لي أنا وحدي.

تمر الأيام و الليالي ولا جديد في حديقة حواسي وجوارحي ثم فجأة وميض. ثم فجأة تستيقظ النجمة من سباتها و ترسل لي مع أشعة الشمس ولحن القمر امرأة لا تمت لعالم البشر بصلة فأشم رائحة عطر الجمال وأردد نشيد الحب والعشق.

تمر الأيام تتبعها أغاني البوم والغربان ثم فجأة يأتيني سراب حاملا بين بيديه امرأة حقيقية يشع منها بريق جمال لم ير الجمال مثله.

تمر الأيام و تمر معها حياتي مليئة بالألم والوحدة ثم فجأة ينزل من قمة الجبل طائر يحمل على صهوة قلبه امرأة لا تنام الحمائم إلا بعد أن تستمتع بابتسامتها فأقطف لحظة معلقة على جبين شجرة السعادة. لحظة سابحة مع السحب ورذاذ الموجة الهاربة.

حياتي تتمحور حول بعض اللحظات التي أختطفها من بين مخالب الصقر المكلف بحراسة متحف السعادة. تتلخص في بعض اللحظات الغريبة التي أجدني فيها فجأة أمام امرأة طموحها أن أتحدث معها وأعطيها فرصة الجلوس بجانبي.

غريب أمري، فحياتي تتمحور حول لحظات أجد نفسي أثناءها مكبلا أمام نساء رماهن القدر أمام قلبي. أكون غارقاً في مشاكلي زاهداً في كل شيء إلا في إيجاد حل لوحدتي ثم فجأة تدخل المقصورة امرأة، تجلس أمامي و تنتظر أن أبدأ الكلام بقطار الحب والرقص على إيقاع القصائد.

أكون وحيداً كعادتي بإحدى المدن أتسكع وسط روائح الآباط الرخيصة والسيقان المستعملة وفجأة ودون سابق إنذار تمر من أمامي امرأة لا يجرؤ الرجال على الاقتراب منها بسبب قوة شخصيتها وفوران جاذبيتها. امرأة تعرف أنها قادرة على سحق نخوة أحسن أسد في الغابة. تمر أمامي وترميني بنظرة تخر لها قضبان سجون القلوب المتيمة.

مرات عديدة وجدت نفسي أغازل امرأة فوق طاقتي وطبقتي. مرات كثيرة، أكون في أوج أزمتي ووحدتي وفجأة أجدني مدفوعاً إلى نوع من النساء يهابهن ملوك وأمراء المشاكسة و الغزل والتحرش. أكون غارقاً في تساؤلاتي لفهم هل أنا رجل كالرجال أم إنسان غير عادي معقد لا حبيبة لله وهو في التاسعة والأربعين ثم فجأة تنقض على قلبي وعناوين قصائدي امرأة كم من الرجال ركعوا لظلها ولم تستجب لهم .

كم مرة أتهم نفسي أني رجل فاشل تتهرب النساء مني ثم فجأة أجد عروساً بين يدي تطلب مني اغتصاب ذاتها وشرفها وكينونتها. لحظات أقطفها ثم تغيب عني. لحظات قد تطول ليلة، أسبوعاً أو شهراً لكنها لا تتعداه. مرة واحدة دامت اللحظات ثلاث سنوات. تلك قصة أخرى، بل إنها أجمل قصة حب عرفها تاريخ العشق.

لحظات يكون فيها البكاء سيد الموقف ولا أسمع من فم حبيبة لحظاتي إلا: أين كنت كل هذه السنين؟ لحظات أستمتع فيها بكلام سيدة سرابي وهي تردد: أنت تصلح فقط حبيباً. تصلح أن تكون رجل اللحظة الحمقاء وسيد زماني التائه. تصلح لأوقات الفراغ. تصلح لأن تكون زهرة أضعها على صدري مدة ساعة لا أكثر. تصلح فقط لأن تكون حلما هارباً.

تمر أيامي، تمر ليالي و شهوري وأعوامي. تمر سحب الزمان وقوافل صحاري الأساطير. تمر الأيام مهمومة من أمامي ومن ورائي وأنا وحيد ثم فجأة يتذكرني القدر. فجأة يضع النسيم أمامي امرأة تبهر فرسان الحب والقصائد. يضع القدر أمامي امرأة تصعق الأسود والنمور. أجد امرأة سابحة في بحر دموعي راقصة مع دقات قلبي. امرأة جالسة في مقصورة بقطار طنجة الدار البيضاء لا عمر لها ولا اسم ولا عنوان ولا شكل ولا لون وعيناها ترددان: ها هو قد جاء أخيراً فإلى أين المفر يا رب؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى