الاثنين ٣١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١١
بقلم مصطفى أدمين

قصّتي مع خادمة

شئنا ـ أنا وزوجتي ـ أن نفترق بعض الوقت لأجل «راحة بيولوجية ـ اجتماعية» وتركتْ لي الطفل:
 بهذه الطريقة، ستعرف قيمتي وستقدّرني أكثر.
أنا أعرف قيمتَها وأقدِّرها، ولكنّها أبَتْ إلا أن تستريح منّي ومن الطفل. لعلّني لا عرف قيمتَها ولا أقدِّرها كما ينبغي وكما تريد.
لذا، جمّعتْ متاعَها و«هربتْ» من أعباء الأُسرة وضجيجَها. ولعلّها «هربتْ» منّي أنا تخصيصا بسبب هَوَسي بالكتابة نهاراً وليلا.
أحيانا، أعتقدُ أنّها تغارُ من (الكتابة):
 بماذا نفعتنا كتُبُك التي تكتُبُ وتنشر على نفقتِنا؟ ألا تعلم بأن التأليف لا يُغني صاحبَه؟ ألا تعرف بأنّ الناس لم يعودواْ يقرأون؟...

أضنُّ أنّ زوجتي على حق؛ فما أجنيه من «ربح مادي» من منشوراتي هو الخسارة والحمد لله.

وعندما أقول (الحمد لله) فلستُ أعني أنّني راضٍ على الخسارة المادِّية، فأنا ككُلِّ أديب أطمحُ إلى بعض الربح المادّي عربوناً على استحسان قُرّائي لما أكتب، ومساندتهم لي لكي أستمرَّ في الإنتاج.

بعض الأصدقاء قالواْ: «لو كنتَ في أمريكا أو انجلترا لتعيّشتَ مِمّا تكتبُ أحسن عيشة ولَكان بمقدورك أن تستقيل من المهنة الأكثر إقلاقاً على الإطلاق؛ مهنة التعليم». ولكنّني في المغرب...

أسبوعاً بعد رحيل زوجتي، اضطررتُ إلى البحث عن خادمة. ولحسن حظّي جاءني أحد تلامذتي ليقول:
 لي أختُ تحبُّ أنْ تساعدَك في محنتِك، بالاشتغال عندك كخادمة.

لم تكن أسرة التلميذ فقيرة، فهي تملِك بيتاً لا بأس به، والوالدُ متقاعدٌ عن مهنة الحراسة الغابوية وهو في كامل صِحَّتِه، ويشتغل ـ الآن - ببيع الحبوب. لذا، اعتبرتُ ما جاء به تلميذي عنواناً حقيقياً للتضامن والمساعدة.

فأعطيتُه مفاتيح البيت لكيْ تتعرّف الأختُ عليه وأنا ما زلتُ في فصل الدراسة.

في السادسة مساءً، جلبتُ طفلي من المدرسة إلى البيت؛ فرحّبتْ بي كما لم تفعل زوجتي معي من قبل، وقبّلتْ يدي ـ وأنا أشمُّ رائحةً لذيذةً آتية من المطبخ ـ فوجدتُها آنسةً غارقةً في الأدب، وهي بنظارتين طبِّيتين، ومنخاريْن واسعيْن، وكسوة رقيقة محترمة. وسرعان ما وجدتُها خدومةً ونشيطةً؛ إذ أتتْني وطفلي بكوب عصير البرتقال وحلوى جلبتْها من بيتها.
 تفضل يا سيِّدي.

شكرتُها، فردَّتْ:«لا شكر على واجب!» ثم توجّهت إلى المطبخ وهي تقول:«لقد قرأتُ برنامجَ الأكلات التي كنتَ تنوي تحضيرها في هذا الأسبوع... لا! لا! لا يُمكن أن أسمحَ لنفسي أن يتعشى الأستاذُ وطِفْلُه على البيض والبطاطا المقليين... لقد حضّرتُ لكما طبقاً ستأكُلان أصابعكما فيه؛ طاجين بلحم الغنم والبامية». ولم أكنْ شَريْتُ اللحمَ أو البامية: كلُّ المواد جلبتْها من بيتها.

«يا الله ما أعظمَها خادمة!» قلتُ في نفسي. وما انصرفتْ حتى أنامتْ طفلي، ونظّفتْ كلّ شيء.
أسبوعٌ مرَّ معها بخير، إذ كانت تأتيني في السابعة صباحا، وتعدّ لنا الفطور، وتنظف، وتطبخ، وتعتني بطفلي،
إلى حين عودتي من العمل في السادسة والنصف مساءً.

غير أنّي بدأتُ ألاحظُ عليها سلوكا غريباً نوعاً مّا؛ فلقد كانت تطالبني بشراء بعض المواد الغذائية وتقول إنّها نفدتْ على الرغم من توفرها لديّ.

 تقولين نفد الزيت؛ لكن ها هناك صفيحتُه وهي ما زالتْ ملآنة... وها هناك علب البنّ والسكر والحليب التي تقولين إنّها نفدتْ...
فكانتْ تضحك وتعتذر:
 والله لمْ أرَها... بل لقد نسيتُ أين وضعتُها.

يحدث لي في منتصف الليل أن أُعِدَّ قهوة، أو أشرب لبنا، فأضع الأشياء في غير الموضع الذي اعتادته خادمتي «عائشة» لكن، ما علاقة سلوكي الليلي بذاكرة «عائشة» وبسلوكها؟

في أحد الصباحات، عدتُ إلى البيتْ قبل الموعد، ودلفتُ إلى المطبخ، فرأيتُها تقلي عُصَيّات البطاطا وتستعد لقلي سمك السردين، وإذا بي أرى العديد من العصيّات والسمكات، ساقطة على الأرض:
 ما هذا يا «عائشة»؟ ألا تريْن أنّك أسقطْتِ نعمة الله على الأرض؟

فضحكتْ نفس الضحكة التي في نفس الظروف، وقالت:
 هذا بسبب عتمة المطبخ... لماذا لا تقول لصاحب البيت أن يفتح فيه نافذة؟

ومع ذلك فهي خادمة لطيفة ودَءوبة؛ لكنّ وجبة غذاء اليوم الموالي كانتْ كافية لكيْ تجعلني أشكّ في صحّة عقلِها:
 «عائشة»!.. هل تعمّدْتِ وضع كرة التنيس خاصَّةَ طفلي ضمن فاكهة الخوخ؟

«لا ينبغي لنا أن نقسو على الخادمات، فهُنَّ كائنات مغبونات في حقوقهن في كلّ الأحوال».

فضربتْ عاصِفةٌ مسائية، وأسقطتْ شجرة في وسط الطريق المؤدِّية إلى بيتها. فرأتُها ذاهبةً رأساً نحو الشجرة لتتكرْبعَ فيها.
 ألمْ ترَيْ الشجرة يا حمقاء؟ قلتُ صارخاً.

فشرعتْ تفُكُّ نفسَها من الفروع:
 إنّها العتمة يا أستاذ.

ومرّتْ أيام؛ مطبوخ حبات الفلفل الأسود بدل البُنّ، خُشَيبات طفلي المدرسية بدل عُصيّات البطاطا، قطعة صندل مقلية بدل سمكة، عصير لفت بدل عصير جزر...

إلى أن زارني أخي ليلا وأصبح نائما في فراشي وأنا في العمل...
 لقد دخلتْ عليَّ «عائشة» وسحبتْ عنّي البطانية، وأنا أنظر وهي ترى، ثم مدّتْ يدَيْها إلى بطني وهمَّتْ بنفضها، فصرختُ وصرختْ... خادمتُك عمياء يا أخي...

لم أشأ أن أحرجها بقولي:«هل أنتِ عمياء؟... هل كنتِ تتعاملين معي وبيتي وغيري بحاسّة الشمّ فقط؟...»
بدل ذلك قلتُ لها:
 ما رأيُك أن أذهبَ بك إلى طبيبة عيون؟ فردّتْ:
 شكرا لك؛ فأنا لم أزرها منذ وقت بعيد.
في عيادة الطبيبة، صبَّرتُ «عائشةَ» لبعض الوقت لأجل إخبار الطبيبة بكلّ ما جرى لي معها. فقالت:«لا تقلق!»
فأدخلتْها مُختبرها وعرضت عليها بعض الصور التي قالت عنها:«إنّه حرفُ يو وهو مفتوح لفوق، وهذا حرف يو مفتوحٌ يمينا، وهذا يساراً..."

وما كانت الطبيبة تعرض عليها سوى صُور تذكارية لمدن مغربية زارتْها"
 سيّدي ـ قالتْ الطبيبة ـ خادمتُك هذه عمياء تماما.

حدث لها ذلك بسبب الوراثة؛ فأبوها متزوِّج من ابنة عمّه. زواجُ الأقارب لا يخلو من بعض الأمراض... وتذكّرتُ أن جميع إخوتِها يضعون نظارات طبِّية.

افتُضِحَ أمرُها إذن، فصار لزاما عليها أن تتصرّف كامرأة عمياء، وأن لا تعتمدَ على حاسة الشمّ لمعرفة ما إذا كنتُ رابضاً في البيت أم لا، وأن تسألني عن المواد الغذائية بعدما أحرّكُها من مكانها، وأن تستشيرَني قبل أن تقليَ أيَّ شيء...
ثم اختفتْ لثلاثة أيّام كانت عطلةً بالنسبة لعملي؛ وفي الرابع، جاءتني بعينين مُكحّلتيْن وقميصٍ شفّاف وسروال بلودجين، وما كلّمتني:
 هل كنتِ مريضة؟
 طبعاً كنتُ مريضة؛ وأنا غاضبة منك؟
 غاضبة منّي؟... ماذا فعلتُ حتى أستحِقَّ غضَبَك؟
 بل قُلْ:«ماذا لمْ أفعل...»
 طيّب؛ ماذا لم أفعل لكي تغضبين منّي؟
 كلّ ما لم تفعل هو أنّك لم تزرني.
 آهْ؛ أنا آسف يا «عائشة»...لن يتكرّر إهمالي هذا... لكن قولي لي: أيُّ مرض أصابك؟
 لا شيء خطير... فقط «المرض الشهري الذي يصيبُ الآنسات مثلي».

فهمَمْتُ بالقول:«لكن هذا المرض يُصيبُ كذلك المتزوّجات ما دُمْن لم يبلُغن (سِنَّ الأمل الجديد)»؛ لكنّني تراجعتُ؛ فما دخلي أنا بمناقشة الدورة الشهرية مع خادمة عمياء وأنا متزوّج؟

في ليلة ذلك اليوم، أخبرتُ زوجتي بما جرى مع الخادمة؛ فما كدْتُ أضع سمّاعة الهاتف، حتى كانتْ بجنبي... أقصد زوجتي.
ساعتها، جاءت «عائشة» لتخبرني بأنها تستقيل... بل إنّني أتذكّر أنها قالتْ:«أنا لستُ في حاجة إلى عمل؛ فوالدي ثري ويملكُ بيوتاً وسيارات وأراض فلاحية...»
 ما رأيُك الآن في؟ ألا تستحقّ منكَ الاهتمام والتقدير؟ قالت زوجتي.
 أجل، أجل، تستحقين أن أقبّلَ يديك كلّ يوم يا زوجتي العزيزة.

ومع ذلك، اسمررتُ في الكتابة، لكن بطريقة سرية، فأنا لا أقدر على فراقها...

وما مرّ شهرٌ حتى سمعت أنّها اختُطفتْ، وبعد أن وجدها رجال الدرك، بانت الحقيقة: فـَ «عائشة» ـ وبكلّ عماء ـ ركبتْ شاحنةَ حبوب بدل شاحنة والدِها.


مشاركة منتدى

  • قصتي ابتدت مع السحر بعد زواجي من شاب قريبي بعد قصة حب ودام زواجي مدة ما انجبت خلالها عيال رغم جميع محاولاتي وتاكيد الاطباء اني سليمة طبيا انا وزوجي وبعدها ابتدت مشاكل بيني وبين زوجي لحد ما وقع الطلاق بيننا لسبب تافه وكان عندي صديقة تتردد علي من حين لاخر تواسيني لحد ما قطعت علاقتها بي نهائيا وسمعت انها تزوجت طليقي لكني اصبت بمر ض واتضح انه كتل في الثدي وهذه الكتل ممكن تسوي سرطان وكنت لازم اتعالج كيماوي واسوي جراحة ولكن عن طريق الصدفة علموني ناس على رقم شيخ اسمه ابو محمود للامانة ما ادري هو شيخ او شي ثاني لكن يطلب الاسم واسم الام بس هو رجال صادق وفعلا كشف لي انه سحر من صديقتي وهي الي سوت كل هذا حتى تحصل على زوجي والسحر سبب لي العقم والمشاكل مع زوجي والمرض وعالجني هذا الشيخ بعد ما فك السحر عني وفك السحر عن زوجي لانها سوت له سحر جلب وفضح امرها والحين انجبت من زوجي وسوى لي الشيخ تحصين من السحر لانها حاولت تسحر مرة ثانية والحين بعيش مع زوجي اجمل ايان حياتي وانجبت اطفال ونصيحتي لكم لا توثقون باناس كثيرا ونصيحتي لاي شخص عنده اي مشكلة سحر يتواصل مع هذا الشيخ وهذا رقمه 00963997477402 وربي لايضر احد ودمتم في امان الله وحفظه ورعايته

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى