الاثنين ١٤ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١
بقلم بوعزة التايك

الاعتذار

نعتذر لك أنت وأنت وأنتم. نعتذر لك عما تسببنا لك فيه من عاهات في جسدك وحريق في قلب أحلامك، كما نعتذر لكل المواطنين عن تزوير إراداتهم خلال الانتخابات. نعتذر لك أيها الزوج عن مسنا لعرضك وإتلاف خلايا جسد ابنتك الطالبة اليسارية ونعتذر لكل من سطونا على دفاتر ذكرياته.

تعتذرون لكل من تعذب وسجن وسحق كبده. تعتذرون أمام المحاكم وعلى شاشة التلفزة وأمام الجمعيات الحقوقية. شيء رائع أن يقع هذا في بلدي. لكن أنا المسكين، أنا العندليب الأسمر، لِمَ لَمْ يفكر في أحد؟

من يعتذر لي عما جرى لي في طفولتي وشبابي وكهولتي؟ من يعتذر لي عن اقتلاعي من جذوري وأنا طفل صغير هوايته الوحيدة النوم بين ذراعي جدته " فاطنة السلمانية " على ضفاف الوادي السعيد؟

من يعتذر لي عن اللهيب الذي قضى على ثدي أمي وأنا بالسنة الأولى بكلية الآداب بالرباط أيام عز رصاص الستينيات؟

من يعتذر لي عن الثلاث وثلاثين سنة التي قضيتها في القسم بنفس المدينة " سلا " ونفس النيابة ونفس السلك مع نفس التلاميذ ونفس الزميل الأبله ونفس المدير ونفس المفتش المكبوت ونفس المعيدة التائهة ونفس المخبر؟
من يعتذر لي عما حصل لقلب والدي ذلك المناضل المثالي الذي لم أر له مثيلا في حياتي؟ قلب كنت وإخوتي نرقص بداخله ونلعب ونزرع الورود لقطافها في فصل الربيع ووضعها على قبر أمي لتشم أزهى العطور وهي ترتب لنا بيتنا في الفردوس الخالد.

ومن يعتذر لذلك التلميذ الذي صفعته ذات يوم وشتمت أباه وأمه وأجداده ساعة بعد عودتي من البنك الذي ما إن دخلته حتى قال لي الموظف من دون أن أسأله عن شيء: عد مرة أخرى فحسابك ما زال خاوي الوفاض؟

من يعتذر لمن؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى