الخميس ٢٤ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١
بقلم سمر رعد

في مواجهة التيه

قد كنتُ وحدي هناك.. أو ربما كنتُ معكَ هنا.. أعلم فقط أنّني كنتُ على حافّة منفىً ما.. بين الهنا والهناك.. تحت سماء ٍ ما.. أجول ما كاد يكون مدناً لولا أنّني كنتُ فاقدةً إدراك المكان وما يرافق المكان من كماليّات.. أبحث عن بقايا لهفة ٍ بعثرها ظلم الأيام.. ألملم من العمر فُتات اللحظات.. وأستجدي نفحات ٍ من شعاع قمر ٍ لم أعتد أن يبخل عليّ بالأمنيات.. أحمل بعضاً منّي.. وكثيراً منك.. يومها أدركتُ.. ويومها فقط.. كم كنتُ قد امتلأتُ بكَ وفرغتُ منّي.. حتى القطرة الأخيرة من نفسي.. نفسي التي وجدَتْ نفسها بين جفنيك.. ورقدَتْ بسلام...


لم أعر اهتماماً لسحابات ٍ عبرَتْ.. رغم أنّها كادتْ تخترقني.. هامسةً بحقد ٍ لم أفهم سببه :"أنا غضب الصيف! وغضب الصيف لا يعرف الرأفة..".. وأنا التي لم تكن لتهاب غضباً ليس منك!.. أنا التي انتظرَتْكَ عمرَيْن.. عمرٌ من الشوق وآخر بدموع العين.. ومن الشوق والدموع تشكّل عشقي.. واستمدّ نضجه من تلك الكلمات التي ألبسْتَنيها ذاتَ عناق.. ساعةَ امتزجنا.. يوم تناسيْتُ بعضي بين يديك.. وسرقْتُ من فرح عينيك قطرةً تكفيني عمراً بعد العمر...

كم أشعر بالجوع اليوم من فيض ما أشبعتَني منك أمس.. وكم أعشق موتي غداً إن كان من عطش ٍ إليك.. وأنا.. بين الجوع والعطش.. تتجلّى لذة الحياة لديّ.. أدور حول نفسي آلاف المرّات.. علّي أفقد توازني.. فبين وجودك وفقدانه علاقة حميمة.. أتوسّل السماء أن تنحني قليلاً.. لألقي عليها نظرةً قد تقع عليك.. فلطالما اعتقدْتُ أنّك إليها تنتمي.. ومنها أتيتني.. أنتَ الذي جئتني منّي إليّ.. وأشعلتَ بالرغبة من الحرائق ما لا يطفئه سواك.. كانت تكفي لمسةٌ منك لتعيد لعالمي هدوءاً أضاعه في خراب لمسة ٍ سبقَتْها...

كنتُ أبحث عنكَ بين الهنا والهناك.. وكنتُ أعلم أنّك معي.. فأنتَ لم تأت ِ لتغادرني.. كلّ ما في الأمر أنّنا كنّا تائهَيْن.. لم يخطر ببال أيّ ٍ منّا.. لحظة تيهه.. أن يبحث داخل نفسه.. عن نفسه.. كاد يسدل الليل غطاءً فارقني مذ رافقْتَني.. فلم أجد سوى أن أمدَّ لكَ ما تبقّى لي من أنفاس.. علّ عطرها يحملكَ.. فتأتي.. ونلتقي.. وإذ بعطرك يحملني.. وعلى حافة المنفى التقينا...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى