الأحد ١٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١

حين بكى المنصف المرزوقى

عبدالرحمن يوسف

حين بكى الرئيس التونسى بكت الأمة العربية كلها، وشعر الناس أننا أمام مرحلة جديدة تدخلها الشعوب والدول العربية على حد سواء، مرحلة نرى فيها بعض البشر على كراسى الحكم، بشراً يشعرون بنا، بشراً تدمع عيونهم حين يتذكرون الشهداء الذين سقطوا من أجل أن يسقط نظام ظالم.

لقد حكمتنا وحوش آدمية لعشرات السنين، ونحن نطمح لأى شكل من أشكال الحكم البشرى.

حين بكى الرئيس التونسى حدقت فى الجمهور الذى انتفض واقفاً يصفق ويبكى فوجدت فيهم بعض الوجوه التى التقيت بها فى المنافى لأن رئيساً تونسيا (لا يبكى أبداً) قد شردهم، وطاردهم، وقتل أحبابهم، لأنه ظن أنهم يهددون ملكه.

حين حدقت فى الجمهور الباكى وجدت فيهم رجلا يلبس بزته العسكرية بكل شموخ، يكاد يبكى هو الآخر.

هذا العسكرى (رشيد عمار)، لم يعيِّر الشعب التونسى بأنه حمى الثورة، بل حماها دون ضجيج، ولم يمنَّ على الشعب التونسى بأنه لم يقصفهم بالدبابات، ولم يطلب فترة انتقالية يحكم فيها هو وقبيله، ولم يهدد شعبه بإجراء استفتاء على استمرار فترته الانتقالية إلى ما شاءت الأقدار، ولم يتهم الثوار بأنهم صنيعة أمريكا، أو أنهم تدربوا فى صربيا، أو أنهم تلقوا أموالاً من أى كائن كان.

إن الدموع التى سالت فى تلك القاعة أثناء هذا الخطاب المؤثر لتعزى الشعب التونسى عن كثير مما عاناه خلال ربع قرن من الاستبداد.

لا شىء فى الدنيا يبعث على التشاؤم قدر خطاب رسمى يلقيه جنرال جرانيتى الملمس، حاد الطباع، مدبب الألفاظ، لا تعرف الدموع إلى مقلتيه سبيلاً.

لقد سالت دماء ذكية، وقتل شهداء أبرار بدم بارد، ثم ألقيت جثثهم فى الزبالة، ولم يبك أحد!

الدموع قد تغسل ألم الدماء، أما القسوة فإنها لا تجلب إلا الحقد والرغبة فى الانتقام.

هذا الرئيس التونسى ظهر فى إحدى الفضائيات مع أحد القيادات الأمنية المصرية فى يناير 2008، وكانت المناظرة كأنها بين ملاك وخنزير!

هل يتجرأ أى مواطن تونسى أن يتساءل: (ماذا يعرف عن تونس هذا المنصف المرزوقى القادم من الخارج؟).

لو فعل أى تونسى ذلك لضربه التونسيون بالأحذية.

هنيئا لتونس، والعقبى عندنا..

عبدالرحمن يوسف

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى