السبت ٢٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١
في حضرة القلم
بقلم رقية عبوش الجميلي

السوط والجلاد

السوط والجلاد

يحكى ان جماعة من المفكريين الاوربيين في القرون الوسطى كانوا جالسين يوما يتناقشون حول اسنان الحصان. وقد ذهب الجدل بهم كل مذهب. والغريب ان الحصان كان موجوداً بالقرب منهم وكانوا قادرين على ان يذهبوا اليه ويتفحصوا اسنانه!

احيانا الامثال وبعض الطرف تنطبق على واقعنا الذي نعيش. ذكرني جدل زميليّ بهذه الطرفة التي بدأت بها المقال وكان الربط بين جدلهما والطرفة. انهما اب وام اختلفا على من تقع مسؤولية رعاية الابناء. ونسيا انهما آبٌ وأم ولهما ابناء. في طبيعة الحال كل واحد منهما وقف موقفاً حيادياً لصالحه. وبهذه الصورة اصبح جدلهما عقيماً.

تطرق زميلي الى ان الاب في الزمان الماضي كانت له سطوة وله هيبة لا يجدها اليوم في ابنائه. اما زميلتي فأكدت على ان للاب دور كبير في تربية الابناء. ولم يدركا ان الزمان والمكان تغيرا مع تغير الحياة ونمط العيش. واصبح الاب الصديق هو الاكثر سطوة من الاب المتسلط. والام الواعية النبهة هي الاكثر نجاحا في وقتنا الحاضر.

في الماضي كانت سبل تربية الابناء على نمط واحد نمط (السوط والجلاد) وكان هذا دور الاب. والحنان والتحفظ على خطايا الابناء هو دور الام. ثم يسير الركب حتى يكبروا ويحدد الاباء عمل ابنائهم ومن ثم حياتهم باختيار الشريك ليعيد الزمان نفسه. يحاول الاباء تربية ابنائهم على ما تربوا عليه وان لم يستطيعوا ذلك فإنهم يلقون اللوم على الزمان الذي افلت زمام الامور حين كان الابن لا يتعدى في علاقته بالمرأة. ابنة الجيران والحارة يكاد يرى طرف ثوبها او ربما حالفه الحظ بان تلقي نظرة عليه بقصد وبغير قصد وهذا كان افضع ما يرتكب الابناء في حق انفسهم. وربما هناك اغلاط هي اقل وطأة حين يبدأ بشرب السيجارة في الخفاء. او التأخر ليلا في أزقة بلدته.

اما اليوم فاصبحت السيجارة شيء يتباهى به الشاب به وهي رمز رجولته. اما بنت الجيران فتعد وجودها على ان تكون بنت العالم بأسره عبر الانترنت والهاتف الجوال. وتحولت النظرة الى كلام جريء متبادل بينها وبين ابن عالمها الجديد. كل ذلك قد يراه الاباء من العصيان والتمرد وقلة الحياء. الا ان هذه الامور تدخل في تطور المجتمع من الناحية النفسية لافراده. حين نعطي ابناءنا حرية التصرف بالحد المسموح به بعيدا عن الخوف والترهيب مع المراقبة من بعيد وارشاده. هذا كله يأتي من الام النبهة والاب الصديق حينها يفتح الابناء سبل الحوار مع آبائهم. وان ارادوا ان يفعلوا شيئاً برغبة فعلوه وان كان بالخفاء وهذا ابشع الامور التي يمكن ان تدخلهم في مطبات غير قادرين على مقاومتها ومشكلات قد ترهق الاباء اكثر واكثر.

فلمَ لانترك ارث آبائنا في تربية ابنائنا وليكن لنا نمط تربية يواكب ما نعيشه اليوم. مبني على الصراحة وتقبل رأي الاخر ونستبدل (السوط) بكلمات حوارية تلقى عليه بدل العنف وتخويف (الجلاد) واني لعلى ثقة. ان ما من اب ذكر ضرب ابيه إياه بتباهٍ امام ابنائه. الا وقد ترك ذلك الضرب في داخله شيئاً من الالم. ولكنه لا يظهره وانما يتظاهر بالفخر كما فعل زميلي منذ ايام.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

من هنا أوضح مسيرتي العملية في مختلف الميادين، على مدى خمسة عشر عاماً من العمل واكتساب الخبرة.

الكتابة والصحافة:
بدأت في ميدان الصحافة كمحررة في جريدة (العراق غداً)، مسوؤلة عن صفحة المرأة وكاتبة مقال أسبوعي لجريدة رسمية. كما قمت بتحرير وإعداد برنامج اجتماعي تناقَش خلاله قضايا المجتمع وكيفية حلها بطرح الأسئلة التي تصل عبر البريد على اختصاصيين في علم النفس الاجتماعي. ثم انتقلت إلى برنامج إذاعي كضيفة أسبوعية لمناقشة التحديات التي يواجهها المجتمع. كما استلمت منصب (مديرة مشروع) في مؤسسة إعلامية لـ(صناعة القلم النسوي) ومشروع المقال والصورة (رسالة السلام) ثم كنت من منظمي مسابقة (الكتاب بوابة السلام). كما كانت لي عدة كتابات قصصية ومقالات بحثية نشرت في مواقع رسمية مثل (ديوان العرب) جريدة (الزمان) اللندنية، موقع (ما وراء الطبيعة) جريدة (الصباح) الرسمية.

البحث الاجتماعي والمسرح:
كنت عاملاً مهماً في إنشاء وتأسيس الفرق المسرحية (مسرح المضطهدين) في العراق لأربع مدن عراقية، فتم تأسيس أربع فرق مسرحية، وكان لي دور في اختيار وتدريب الفنانين، وكنت المسوؤل الأول في كتابة النصوص المسرحية التي تعتمد على البحث الميداني ودراسة الحالة في المجتمع قبل كتابة النص أو عرضه كنص مسرحي جاهز، واستمر عملي لمدة أربع سنوات على البحث وكتابة النصوص المسرحية وتدريب الممثلين وتنسيق للعروض.

البحث الاجتماعي:
في هذه الميدان كان التركيز على الحالات الإنسانية ودراسة الحالة وتقييم الاحتياجات اللازمة بحسب التقييم مع المتابعة وكتابة التقارير التحليلية التي تعتمد على قاعة بيانات في التحليل، ومعظم تلك التقارير كانت تصدر بشكل بياني ورقمي مع تقرير سردي، واستمر عملي في هذا الميدان مع مختلف المنظمات الدولية لمدة سبع سنوات ممتالية شملت تدريب الموظفين على خطوات دراسة الحالة وكيفية حفظ البيانات وكيفية الإحالة بطريقة إلكترونية وبسرية عالية.

من نفس المؤلف
استراحة الديوان
الأعلى