الخميس ٢٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١
بقلم عدلة شداد خشيبون

من وحي الميلاد

أبحث عن أغنية غنيّة بمعانيها أصيلة بقيمها، بعيدة عن التفاهات أبحث عن كلمة صدق خالصة صافية، لا يدخلها قانون الخوف لا ولا حُكم الاعدام، أبحث في ليلة الميلاد واقتراب رأس السّنة عن نبع ماء صاف لا يشرب منه إلاّ من عطش للحريّة وتلمس الرّجاء، أبحث ممّا أبحث عن زاوية آمنة في عالم تكثر فيه الأفاعي وتبرعم أغصان الحقد وتتجذر أشجار البغض.

رباه...لميلاد يسوعنا فرحة الميلاد ولشجرتنا فرحة العيد، أمّا لبابا نويل فابتهاج الاطفال وسرد حكاية العطاء.

رباه.... أين نحن من النّاصري من وصاياه من تعاليمه تواضعه محبته غير المشروطة ومن بركة عطائه أين؟؟

أبحث ممّا أبحث عن تهنئة قلبيّة صافية لا تاريخ انتهاء لها، أتلذذ بقراءتها أمام الجميع وفي موكب كبير ليفهمها كلّ من لم يُصب بزكام الحقد أو من تلبدت سماؤه بغيوم حزينة علّ شذاها يعطّر روحه وتبتهج أنفاسه.

رباه...كيف لنا ان نرفع كأس محبّة ونشرب نخب المحبّة وصدرونا تنضح بالبغض والأنانيّة واللؤم وشعور الانتقام ؟؟

رباه....ليلة الميلاد هي فرحة أمّ...وبهجة أب وسعادة أطفال أين نحن من كلّ هذا ؟؟
رباه...ليلة الميلاد...تضيء شجرتنا بأبهى أسلاك الكهرباء وأرقى أنواع الأنوار، أين نفوسنا من نور إلهيّ يضيء لنا أفئدتنا وينير لنا درب الخلاص ؟؟أين ؟؟

نوزع أرقى أنواع الحلوى ولا نبخل بأجود وأعتق أنواع النبيذ نبيذ المعجزة أين نحن من سرد حكاية المعجزة لنفوسنا لنتقي شرّ الكراهة وغزارة الجفاء.

تجاهلت ضيوفي ليلة الميلاد للحظات معدودة.... واعتليت طائرة سريّة وتجولت في حديقة النّفوس فرأيت ممّا رأيت طفلة تعاني برد الغربة وتلتحف لحاف الأمل وتتوسد وسادة الرّجاء نظرت إليّها مليًّا ودمعت بسخاء العطاء،فترطبت وسادتها وسقت لها برعم الأمل. وذهبت لأصل بطائرتي لبيت أرملة تصبّ الزّيت في المقلاة وتتدعي خفوت النّار علّ أطفالها ينامون وأملهم في المقلاة كبير.

وهناك انبعثت رائحة شواء طيبة فاقتربت لأرى ما لم تُسرّ له عين ولا تفرح له مهجة، رأيت امرأة تشوى قطعة لحم وتدّعي احتراقها فلا شواء اليوم اولادي وان غدا لناظره قريب.

وتجولت بين أزقة النّفوس لأراها تلعن العيد وتكره الميلاد فهو وجع وأنين...هو غصّة في القلوب.
وفي طريق عودتي عرّجت على بيت قديم سمعت أنين عجوز وتأوهات شيخ وفهمت من تلك التأوهات كلمتين " سامحهم الله " أدركت عمق الجرح وسرّ الصّراخ الصّامت.

وبين ضحكة هنا وابتسامة هناك دمعت عيوني وفضحت سرّ الابتسامة
فها هو يسوع النّاصري يبكي...يبكى وسط مسيرة عجّت بالناس والزّينة وتلمس السّلام...فها هو صوت صراخ أم تندب ابنها الذي قتّل ليلة العيد ليلة الميلاد.

ميلادكم مُبارك ونجمتكم مُضاءة....وهدايا المجوس وزوعوها بينكم سأتابع بطائرتي جولتي السّريّة سامحوني ضيوفي الأعزاء ....فأنا معكم ولست بينكم أنا هناك في بيت اليتيم والأرملة والثكلى...أنا مع يسوع أتجول بين النّفوس لأوزع الحلوى لأضيء شجرة الرّوح وأغصان النفس وأخفف حُرقة البعاد ولسعة الفراق.

وكلّ عامّ ومسيرتنا للنّفوس أحلى....كلّ عامّ ومسيرتنا بطبول المحبّة أرقى

كلّ عامّ ومسيرتنا في العطاء أكثر سخاء...وفي السّخاء تباري الرّيح وتسابق الغيوم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى