السبت ١٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٢
بقلم جميل السلحوت

نسب ومروة نجمتان في سماء القدس

نسب أديب حسين: ذات مساء خميس قبل حوالي أربع سنوات، وبينما كنا في احدى جلسات ندوة اليوم السابع الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني، دخلت صبية حسناء تسأل عن الندوة وتستأذن بالدخول والمشاركة...رحبنا بها وتعرفنا عليها...انها نسب أديب حسين التي تدرس الصيدلة في الجامعة العبرية...ابنة قرية الرامة الجليلية، ابنة أخ الناقد الأدبي المعروف الدكتور نبيه القاسم، وهو ابن عمّ الشاعر الكبير سميح القاسم...والقاسم من سلالة عائلة حسين، لكنه اشتهر اكثر من الجد الأكبر لاقترانه بالشاعر الكبير سميح القاسم، لكن نسب أديب اختارت اسم العائلة(حسين) وكأني بها تختار الجذور والأصول كي لا يقرن قارئ ابداعاتها الأدبية بصلة قرابتها بالمبدعين الرائعين سميح ونبيه، بل تريده أن ينظر للابداع بغض النظر عن كاتبه، فهل ترسخت لديها "نظريتها النقدية هذه بالفطرة ؟...ربما.

جلست نسب أديب حسين في الندوة...استمعت...واستفسرت....وفكرت....وقررت المواصلة....وما لبثت أن بدأت تطرح آراءها في حلقات النقاش، تطرحها بثقة واضحة وبأدب جمّ....تدافع عنها بدون تعصب، فلفتت انتباه رواد الندوة بأن ثقافة ووعي وطريقة تفكير هذه الفتاة التي لم تكن قد وصلت العشرين من عمرها، أكبر من عمرها الزمني... فهي شديدة الإعتزاز بفلسطينيتها وعروبتها، وتحمل هموم شعبها الذي تعرض ولا يزال لنكبات تنوء بحملها الجبال...لكنها على ثقة بأن ظلام الليل سيتلاشى أمام ضوء الفجر القادم لا محالة.

ونسب التي تتمتع بخلق عظيم تعرف حدودها تماما وتقف عندها، كما تعرف حدود الآخرين في التعامل معها وتوقفهم عندها أيضا...وبهذا نالت احترام جميع من عرفوها بمختلف أعمارهم...ونسب طالبة الصيدلة مسكونة بالأدب، وموهبتها ظاهرة، وقد استطاعت أن توفق بين دراستها وتفوقها، وبين شغفها بالأدب، فبعد أن تنتهي من واجباتها الدراسية، تباشر مطالعاتها وكتاباتها الأدبية، وتواصل مسؤوليتها تجاه والدتها وشقيقتها الصغرى "جنان" فنسب والدها متوفى قبل أن تبلغ السادسة من عمرها..وهي سعيدة بدورها الحياتي وراضية عنه رغم ثقل مسؤوليتها لأنها تحقق ذاتها.

ونسب أديب حسين التي صدرت لها رواية وهي طالبة في المرحلة الثانوية، واصلت كتابتها القصصية وهي في مرحلتها الجامعية، قرأت علينا في الندوة أكثر من مرة خواطر وقصصا قصيرة فأدهشتنا، وبدا واضحا شغفها بالقدس التي تعرفت عليها بعد أن سكنتها عندما التحقت بالجامعة، وأخذت تجوب حواريها وأزقتها وتستطلع معالمها التاريخية والحضارية، وكأنها تدرس عبق تاريخ مدينة هي رمز وجود شعبها الفلسطيني العربي، منذ أن بناها الأجداد اليبوسيون قبل أكثر من ستة آلاف عام، فهالها ما تتعرض له عروس المدائن من سرقة لجغرافيتها ولتاريخها...وعبرت عن هموم المدينة والشعب والوطن بكتاباتها....

وما لبثت نسب تواصل ابداعاتها حتى أتحفتنا بمجموعتها القصصية "مراوغة الجدران" والتي بدا فيها نفس روائي لافتا لانتباه النقاد والقراء الجادين، وبدأ المهتمون بالأدب يتساءلون عن الأديبة الواعدة صاحبة المجموعة القصصية، عمّن تكون ؟ وكم عمرها؟ الخ من الأسئلة التي تحمل الإعجاب والتقدير، فحَقّ لنا في ندوة اليوم السابع أن نفاخر بوجود نسب بيننا...

لكن نسب المبدعة لم تتوقف عند دراسة الصيدلة وكتابة القصة والمشاركة في ندوة اليوم السابع، فهي تطمح بترسيخ حراك ثقافي يبدأ من القدس ويمتد الى بقية أرجاء الوطن، ففاجأتنا بنشاط ثقافي جديد، ابتدعته مع زميلتها ومجايلتها مروة خالد السيوري بجمع المواهب الشبابية، وكانت"دواة على السور" نشاطا شهريا يعقد جلساته في منطقة معينة كل مرة، لم تستشيرا به أحدا، فمرة في القدس القديمة، ومرة في بيت حنينا، وأخرى في أريحا، وفي بيت صفافا...الى أن وصلت في 25 تشرين ثاني-نوفمبر- الى بلدتها الرامة، مصطحبة معها رواد "دواة على السور" ورواد ندوة اليوم السابع ليكون اللقاء الرائع مع الشاعر الكبير سميح القاسم في بيت الأديب نبيه القاسم، ولتكون أمسية ثقافية في قاعة حنا مويس في الرامة، يلتقي فيها عدد من كتاب وشعراء القدس مع أشقائهم في الداخل الفلسطيني...ويتم هناك تقديم درع "ندوة اليوم السابع" لنسب تكريما لها على ابداعها ونشاطها الثقافي.

وفي زيارتنا للرامة فاجأتنا نسب مرة أخرى بمتحف أسسته في البيت القديم الذي ولد المرحوم والدها فيه، وأسمت المتحف باسم المرحوم والدها تخليدا لذكراه، ويحوي عددا من المأثورات الشعبية، وتعتبر نسب هذا المتحف نواة لمتحف كبير سيحوي كنوز مأثورات شعبنا الشعبية، وواضح أن نسب تدرك تماما ما يتعرض له تراثنا الشعبي من طمس وسرقة وتشويه، وهي تريد حفظه خوفا عليه من الضياع.

وتواصل نسب مسيرتها نجمة في سماء القدس بشكل خاص وسماء الوطن بشكل عام.
مروة خالد السيوري:

دأب زميلنا الأديب ابراهيم جوهر على توجيه طالباته الموهوبات في كلية هند الحسيني في القدس للمشاركة في ندوة اليوم السابع الثقافية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس.

ومن بين هؤلاء الطالبات كانت مروة خالد السيوري، فتاة هيفاء حسناء حييّة متدينة قليلة الكلام وعلى خلق عظيم....شاركت في الكتابة عن الكتب التي كانت موضع نقاش، وكانت كتاباتها لافتة وتشي بلغة جميلة وبثقافة ملتزمة، قرأت لنا خواطر ونصوصا أظهرت قدرتها التي تنبئ بأننا أمام أديبة واعدة.

وفي الندوة وجدت مروة ضالتها في زميلتها نسب أديب حسين –خصوصا وأنهما بنفس العمر تقريبا، فتصادقتا وتشاركتا في الطموحات والهموم....واتفقتا على إقامة نشاط ثقافي شهري يجمع المواهب الشابة، فكانت"دواة على السور"تعدان لها ....وتديرانها بقدرة نالت اعجاب كل من حضرها....وكانت المفاجأة من مروة عندما عرضت علينا نصوصا أدبية تتوفر فيها شروط"قصيدة النثر" لما فيها من صور شعرية، وايقاع وموسيقى، وجرأة لافتة، وستصدر هذه النصوص في كتاب خلال الأسابيع القليلة القادمة..

ولإبداعهما ولدورهما هي وزميلتها نسب اديب حسين في "دواة على السور" ارتأت ندوة اليوم السابع أن تقيم حفلا تكريميا لهما مساء الخميس 12-كانون ثاني –يناير الحالي-.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى