السبت ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٢
بقلم فيروز شحرور

300 حَجر، أم 300 عَقل!

لا لشيء، فقط لأن التعليم كالصّلاة: عمود هذه الحياة!

هذا هو رأيي وكل من يؤمن أن التعليم يخلق الثورات ويحيلُ الكائن لكائن آخر، سيكون حتما حريص كل الحرص على أهمية التعليم بمعناه المضموني. منذ أيام قليلة قرأت ما صرحت به وزير التربية والتعليم السيدة لميس العلمي من خلال مقابلة أجريت معها، وكان لحديثها الأمر الايجابي من حيث تناولها لمراحل حياتها وقدرتها على تخطي الصعاب وتحمل المسؤولية، ولكن ما لفت انتباهي وأثار حفيظتي هو المحور المتعلق بتقويمها لسنوات عملها كوزير للتربية والتعليم، وكان ردها أنها قد شيّدت 300 مدرسة، خلال أربع سنوات فقط!

لا أحد منا ينكر أننا بحاجة لمدراس مهيأة للتعليم ولمقاعد دراسية ترتاح أجساد طلابنا فيها، ولكن في القديم لم تكن الوسائل التكنولوجية متوفرة بهذا الكّم كما هو الآن، ولم تكن البنى المدرسية كما هي الآن أيضا، ولكن الفرق الوحيد بين الراهن والماضي "الأصالة في التعليم". لقد تعمدت سؤال عدد من الطلاب في مدارسنا الحكومية والخاصة بعض الأسئلة، وقد تفاوتت الأجوبة عن رؤيتهم "للمنهاج الثقيل وغير المتوازن مع أعمارهم"! وعن نظرتهم للشكل الخارجي للمدرسة ونوعية المعلم ووقت الحصة المتفاوت بين أربعين طالبا أو أكثر وغير ذلك، ولكن المعظم أجمع أن لا حصة للمكتبة! والسؤال لذوي الاختصاص، لماذا؟!

جون ستيوارت ميل قال: فرد واحد مؤمن بشيء ما يساوي في قوته 99 فرداً مهتمين به فقط، والأديب الفلسطيني خليل السكاكيني الذي حارب من أجل التعليم قال إن الغرض من التعليم هو خلق نوع من البشر يتحكمون من عقولهم ويشعرون بأهميتهم الانسانية وكرامتهم.

لسوء الحظ دون الخوض في تلافيف التعميم المطلق، أنا لا أرى انعكاسا مخيفا على جيل الطلاب الجديد، فمقدرتهم على استخدام الحاسوب أو الهواتف النقالة وغير ذلك، حتما لا يحدد تكيف الطالب مع المحيط أو بمستواه الذكائي.

المعلم رسّول

من ناحية أخرى، كنت أتمنى قراءة ما صرحت به الوزير، اهتمامها بالمعلم فهو الرسول الذي يبشر بالنور، وهو الروح التي تبث الحياة من لا فيه حياة، ووجب لذلك اعداد دور تأهيل للمعلم يتلقى فيها فنون الدنيا، من تعاليم دينية وفلسفية وتربوية وإشباعه بجمال الأرض والبشرية من العصور المنصرمة وتاريخها، فبرأيي المعلم قليل الحيلة، لا متسع للأفق لديه ولا يتمتع، غالبا بالتطور، فهو، مع تقدُّم ما حوله، إذا لم يتقدم فهو يتراجع، مثله مثل السرطان الذي يستشري بالجسد الصحيح ببطء حتى يفسد.. ولسوء الحظ قسم ليس بالقليل من معلمينا ومعلماتنا لا يتوفرون على الوعي الحياتي المعاصر، بالقدر اللازم!

برأيي من المهم لوزارة التربية والتعليم الاهتمام بنوعية المعلم أولا، وليس فقط من خلال امتحان ورقي أو شفوي، بل إعداد دور تأهيل للمعلمين بعد مضيهم السنوات الطبيعية لإنهائهم دراسة التخصصات في الكليات أو الجامعات، وأن يكون للوزارة رؤية أخرى للمنهاج الفلسطيني وإضفاء طابع القراءة والأنشطة اللامنهجية والتي تدعم قدرات الطالب وتكسبه مهارات متنوعة.

إن وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة، هما ركيزتا الدولة البشرية والمواطن المسؤول، دونهما لا مجتمع، لا حياة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى