الاثنين ٢٠ شباط (فبراير) ٢٠١٢
بقلم كامي بزيع

عصفورة الشمس

وضع يداً على بطنها وأخرى على رأسها وهم بغمرها …

فأفلتت منه، تسأله ما معنى هذه الحركات ؟ فقال متحدياً هل تخافين مني؟
فقالت له ببساطة : نعم أنا جبانة "ولكن مائة كلمة جبان ولا كلمة الله يرحمه ".
كانت تجلس معه ، فتحس بملل قاتل نظراً لأحاديثه السخيفة ورواياته عن النساء عشيقاته وأكثر من ذلك أحاديثه في السياسة ، فهو كان حزبياً عقائدياً لا يمكن أن يتحدث عن موضوع إلا ويزج رأي حزبه فيه.

هي كانت موضوعية وتعتبر أن جميع الأفكار الحزبية جميلة ولكن العبرة في التطبيق….
لكن هذا لم يكن سبب نفورها منه .

بل هي كانت تحس بلمسة يده كأنها تلوثها . لم تكن يداه خفيفتين بل كانتا محملتين رغبة وهو الذي شارف على الخمسين ، كانت تستنتج من حديثه الدائم عن المرأة … أنها ليست إلا وسيلة متعة لا غير.
والمرأة إجمالاً أمام هذا النوع من الرجال تشعر بنفسها في موقف دفاعي دائما ً
اليوم أخبرته عن قصص قرأتها وكتب جديدة سمعت بها ، أما هو فأهدى إليها قصيدة … تودداً

و"نور " ليست إلا واحدة من النساء اللواتي اخترن الاستقلالية في حياتهن نهجاً ، تحدت القيود الاجتماعية، ورغبات الأهل بالاقامة في المنزل العائلي ، لكنها فضلت أن تبقى وحدها في منزل خاص بها . وكم كانت فرحتها عظيمة يوم وقعت على عقد الإيجار… وكم غمرتها السعادة وهي تغلق الباب وتضع مفتاحها على الطاولة .

نور أصبحت اليوم في الثلاثين من عمرها … اختارت الصحافة مجالاً لعملها اليومي . أما في أحلامها فظلت تحلم بأن تكون أديبة مشهورة .

كانت الشهرة بالنسبة لها أمر يسيراً على مسافة قوب قوسين من بابها نظراً لموهبتها الكبيرة . لكنها رغم كل المغريات لم تتنازل.

كان اليوم الذي استدعاها فيه رئيس التحرير إلى مكتبه عيداً بالنسبة لها ، فهو وعدها بأنها ستكون شهيرة جداً في الصحافة وفي الكتابة … بعد عدة لقاءات عرفت أنه يريدها أن تكون خليلته في الليالي الظلماء ، أما كتابتها فلم تعرف النور قط . وبعد ذلك فقدت عملها الصحفي.
هل يجب على المرأة أ تدفع الضريبة دائماًً؟

هي لا تزال تذكر أستاذها الجامعي الذي أصر على قبلة في الفم مقابل الأشراف على رسالة الماجيستير ، يومها أيضاً ضحت بالماجيستير مقابل قبلة واحدة … .

اليوم تعيد نور التفكير … لربما كان عليها أن تقدم قبلة للأستاذ الجامعي ، وليلة لرئيس التحرير وموعداً لصاحب المحطة التلفزيونية ., وأخرى لمقدم البرامج كي يستضيفها وتكون حققت كثيراً من الشهرة التي تحلم بها.

تضع يدها تحت رأسها وبهمس تقول لنفسها ، ما نفع أن أربح العالم وأخسر نفسي …
أين سمعت هذه الجملة … لا أعلم!

ها أني نقية أمام نفسي … أشعر بالفخر من ذاتي ….

كثيرون يشيرون عليها بالانزواء والضبابية .. لكنها تعرف جيداً أن روحها لا تزال تنجذب إلى السماء ولن تستطيع الأيدي السود أن تنال منها … ألم يقل لها يوماً صديق عزيز أنت عصفورة الشمس.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى