الاثنين ٢٠ شباط (فبراير) ٢٠١٢

رواية «هوان النعيم» في ندوة مقدسية

خصصت ندوة اليوم السابع الدورية الأسبوعية في المسرح الوطني الفلسطيني جلستها مساء هذا اليوم لمناقشة رواية"جنة الجحيم" لجميل السلحوت، والتي صدرت عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس وتقع في 173 صفحة من الحجم المتوسط.

بدأ النقاش ابراهيم جوهر فقال:

في رواية (هوان النعيم) لجميل السلحوت:

هانت على أبي سالم نفسه وقدسه فصار كلبا نابحا

بأسلوب الراوي العليم كليّ المعرفة يواصل الكاتب جميل السلحوت سرد أحداث روايته الثالثة (هوان النعيم) ويرصد شخصياته وهي تنمو وتتفاعل مع الأحداث الجديدة، التي تبدأ مع هذا الجزء الثالث في أرض السموع، والاعتداء الشهير الذي سبق عدوان عام 1967م.

إنّه يرصد الأحداث التي رافقت الهزيمة المرّة الصادمة، والتي مهّدت لها، ويركز على تلك التي أعقبتها، وتركت آثارها على الناس والمكان وفي القلب منه القدس.

والقدس عند الكاتب هي محور المكان، وأفقه . هي الميدان الذي تجري الأحداث فيه ، ومنه تنطلق وإليه تعود، حتى شخصية أبي سالم التي تظهر بوضوح لافت في هذا الجزء، نجدها قد عادت الى القدس (المكان) بعد أن أوقعها غباؤها وأنانيتها ونرجسيتها في براثن المحقق، الذي صار مشغّلا يقدم المقابل الماديّ للمعلومات التي يوفرها له أبو سالم، وإن كانت عودة ذليلة مجللة بالعار والانحدار.

يوضح الكاتب كيفية استقبال الناس للهزيمة المريرة، وتعاملهم مع القادم الجديد في بزّة عسكرية تلبس لبوس التاريخ والثقافة، كاشفا مدى الجهل في فهم الآخر، وقلّة المعلومات المتوفرة عنه نتيجة التضليل الإعلامي.

وهنا يسجل للكاتب تناوله للآخر بموضوعية قد لا يفهمها غير المطلع على طبيعة العلاقة الاشتباكية في ميدانها الواقعي، كما خبرها الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال. فلم يجد الكاتب غضاضة في إثبات بعض الجوانب الإنسانية لديه.

لقد نقل الجانب الإنساني للآخر؛ الجندي الذي يقدّم المعونة للطفل، ويحاوره بلغة إنسانية بعيدة عن لغة الحرب.

ولكنّ فتاة الإحصاء العربية التي تبدي تعاطفا مفهوما مع أبناء شعبها تذكّر- من واقع تجربتها ومعرفتها - بالآخر المحتل الذي يسعى إلى القضاء على الطموحات الفلسطينية الوطنية، ويحاصر أيّ إمكانيّة لحريته المشتهاة.

فمنذ بداية التجربة مع الآخر نقف على نموذجين متباينين. وسيرفدهما نموذج آخر للفتاتين اللاهيتين اللتين تتعرفان على خليل الأكتع وصديقه محمد في حديقة الجرس.

وسيتضح الوجه القبيح في خبثه ومكره، وهو يتعامل مع أبي سالم ويستغل عفويته وسذاجته وجهله؛ الوجه الأمني للاحتلال في أحط صفاته. وسيكون السقوط الحزين لأبي سالم– رغم خسّته ونذالته المتواصلة – أحد إفرازات هذا النموذج الأكثر طغيانا، وتواجدا، وتعاملا مع الفلسطيني في أرضه.

رواية (هوان النعيم) رواية تاريخ وشخصيات وأحداث. تقدّم إلى قارئها تاريخ المنطقة وشخصياتها الفاعلة حينا بأسمائهم الحقيقية، وحينا بالرمز والإيماء الى بعضهم، وتارة بالرمز الى فئة معينة.

إنّها تؤرخ تأريخا أمينا لمسيرة شعب ومعاناته الاجتماعية والسياسية والوطنية والثقافية.

يواصل خليل الأكتع الشخصية المركزية في الروايات الثلاث هنا أيضا دوره البارز فيقارن، ويسأل، ويجيب، ويقرر، وينتقد. إنه الشخصية الواعية /النموذج الإيجابي المنتمي القادر على الفعل، والمهيأ للفعل والتنوير والتغيير. ولكنه مغلوب على أمره. إنه ضحيةّ جهل طبي شعبي أفقده ذراعه، وإن لم يفقده طموحه ونشاطه ولكن الذراع المفقودة ترمز للعمل غير المكتمل ذي القدرة على الدوام والبقاء.

والشخصية الأكثر بروزا في (هوان النعيم) هي شخصية أبي سالم في وضوحها وانسجامها مع ذاتها وأفكارها ودورها التسلقي الانهزامي.

أبو سالم هذا الشخص الانتهازي الذي يتحيّن الفرص للصعود والبروز غير مكترث بالثمن، ولا النتائج المترتبة على تصرفه وفق ميزان القيم الاجتماعية والوطنية، لا كرامة له ولا انتماء بمعناه الوطني . وانتماؤه لذاته الأنانية، إنّما يشير إلى كونه نموذجا لفئة، وليس شخصا طارئا ثانوي التأثير.

(أبو سالم) بقي سالما من كل أذى. فلم تنجح محاولات التخلص منه، أو إقصاؤه، لأنّه في الواقع دائم التواجد والتأثير.

هذه الشخصيّة الرثّة تجد (مجدها) في المرحلة الجديدة بالتعاون مع الاحتلال وتنفيذ تعليماته، حتى تكون نهايته وقد تمّ ترويضه تماما، وتخلى عن كل قيمه حتى تلك الاجتماعية التي تربّى عليها في بيئته المحافظة.

لقد انسجم مع دوره المطلوب منه، فصار كلبا نابحا بلا كرامة، وحين يقول له مشغّله في المسكوبية: أنت كلب وفيّ يا أبا سالم ، يسعد بهذا الوصف ويؤكّده نابحا:
عوووووووووو.

وبهذا الصّدى المتردّد بلا انقطاع، ينتهي الجزء الثالث من مشروع الكاتب الروائي في دلالة على استمرار الصوت النابح ذاته (عوووووووو) ...ربما لنقف على آثار هذا النباح المتصاعد، وقد أخذت أبعادا أكثر خطورة، تعدت ما قام به عميل ساذج مثل أبي سالم.

لقد رسم الكاتب هذه الشخصيّة رسما مقنعا منطقيا من الناحية الفنيّة، فلا مبالغة، ولا تحيّز، ولا انتقام وكره؛ بل نجد شخصية مقنعة فنيّا يراودها صحو الضمير أحيانا، ولكن حبائل الآخر الأكثر ذكاء ودهاء كانت أقوى.

لقد كان أبو سالم هو نفسه – كما أرى- أحد ضحايا الاحتلال، هذا الاحتلال الذي أنجز على ما تبقى من كرامته وقيمه فأرداه (كلبا) متساقطا.
في الرواية (هوان النعيم) تحضر القدس بكامل بهائها، وحزنها، وفقرها، وطيبتها ، وتاريخها، والاعتداءات المتلاحقة بحقها.

القدس جنّة الله على أرضه، لم يتم الاستعداد الكافي للدفاع عنها وصونها، فهانت على (النّاس). وحين تهون على الفرد النفس والقدس، وكلاهما نفيس ومقدس، فإن النتيجة لا تكون بعيدة عن النباح و(الكلبنة).

وقال عز الدين السعد:

هوان النعيم رواية لجميل السلحوت تقض مضجعك، تتناولك منذ لحظة البداية حتى آخر سطر فيها، تبكيك وتزرع فيك أملا رغم ما مرّ على صوت العرب. تتناوب عليك أحداثها لحظة فلحظة تردك ردحا طويلا، وتعصف بك الآن كأنك تبدأ الحكاية من منتصف تعرف أوله، ولا تدري متى آخرهّ، لكنك تؤمن أنه بيدك أنت لا بيد أي عمرو .. كانتحار العقارب السوداء(ص42) التي في دائرة الحصار الحجري أو انتحار الزباء زنوبيا الأسطورية ... لكن بيدك لا بيد عمرو ألا تنتحر بل تمنع الانتحار هي الرسالة ( لأننا أمجاد يا عرب أمجاد ) وتمنح ليديك وفكرك تكامل النصوص والحقائق ... فالقدس مدينتنا كما يقول خليل (الاستاذ) أحد أبطال الرواية – أليست مدينتنا؟ نريد أن نرى ما حلّ بها في هذه الحرب الظالمة . ومحمد ابن عمته يجيبه –من يسمعك تقول مدينتنا يحسب أنها ملكك ..وتأتي إجابة خليل: نعم إنها ملكي، وإذا لم يعجبك كلامي "بلط البحر" .... (ص59)نعم هي ملك لكل منا. ليس بالأمر إيحاء بل ترابط منذ فتح المذياع على صوت العرب، عندما حطت طائرة الملك في مطار القاهرة وصار كل شيء مباح تحت الحكم الأردني .. يقول صوت العرب وعند صوت العرب كان القول الفاصل حتى سقوط دموع الدكتور صبحي المكلف بجمع رفات الشهداء(ص85) التي تؤكد سقوط القدس تحت احتلال اسرائيل ...يرفعك فوق الجبل جبل المكبر مع كل المعلومة عن أمير المؤمنين عمر، وغواية الحبّ في مشاهدة القدس تغتسل بأشعة شمس تعانقها ... شيخنا جميل السلحوت في هذه الرواية الإيقاعية يثبت وحدة الشعب الفلسطيني المشتت، لكنه يركز بالذات على شطري برتقالة بين 1948و1967.. يثبت وحدته بين احتلالين، ووحدته بين معتقداته وأديانه، جريس الذي يحمل خليل ومحمد الى الناصرة (ص138) ولمحات عن كون هذا الجزء مغيبا ملعونا، لكن في إحدى ذروات الرواية نجد الحكم النهائي في الحوار بين القادمات من كفر كنّا، ويسألن عن المسجد الأقصى " نحن من كفر كنا يا عمّاه، ويسألها وأين كفر كنّا هذه؟ قضاء الناصرة - وهل بقي في الداخل عرب بعد النكبة؟ ( أبكاني السؤال والجواب أكثر ) نعم بقي مائة وخمسون ألفا، وهم الآن 350 ألفا ."ما قالوا عنه أضحى جزءا من الهاجاناه ص104" ولكنه صمد في وجه التغييب وتمترس في ثقافته ولغته.

فعلا إبداع رائع لشيخنا جميل السلحوت حيث جمع في هذه الرواية، ماحدث عشية احتلال القدس عام 1967 مع ربط التواصل مع من تبقى من أجزاء الشعب الفلسطيني في الداخل 1948 .. وطرح مفردات وأفكارا مسبقة، كانت سائدة عنهم. الأشمل في الرواية إيقاع الحدث وتناغم أصدائه، وتمرير المعلومات لكل أجيالنا عمّا حدث، وكيف ومتى وكم؟ ففي ثلاثة مواضع على الأقل يخبرنا الكاتب أن عدد من تشبثوا بأرضهم في 1948 مئة وخمسون ألف، واليوم (فيعام 1967) صاروا 350 ألفا ... وعن الحفاظ على الثقافة واللغة يمنحنا معلومات واسعة ..
عن الصحف والمجلات الأدبية للشيوعيين العرب"على سنة الله ورسوله ص 124" عن أدباء المقاومة ... وعن المقاومة الثقافية عندهم ... عن جهينة اميل حبيبي صاحب سعيد بن أبي النحس المتشائل .. يحملنا بأسلوب شيّق بين حارات القدس العتيقة حتى الأقصى والصلاة فيذكرنا بحارة الشرف المهدمة وسلوان بعيونها وكرم أهلها أمس واليوم وغدا، وما أشبه الأمس باليوم لكن الغد بأيدينا صياغته.

تتداخل الأحداث والمحدثين بين شارع ابن بطوطة (الرحالة) الذي فيه مكتب الداخلية في القدس مفارقة مذهلة بين الرحيل والبقاء، بين الحصول على بطاقة الإقامة أو عدم الحصول عليها، وعن أنواع الشخوص التي نعايشها، ففيهم المعلم والدكتور والمختار الوطني، وفيهم أبو سالم ...فأمّا أبو سالم ... فقد سلــّم حتى أسرار أمّ سالم، وليس فقط نبح بل نهش أمانته لذاته

واستباح لنفسه الذلّ والمهانة، وانسلّ باختياره مغيّرا موقعه .. الى مواقع العدو ولا حول ولا قوة الا بالله، قلّة هذه الثّلة، لكنها بأقل القول نفايات نتعرقل بها في الدروب دوما، وتكون عووووووووو ...... ذات معنى واحد لا لبس فيه – قافلتنا تسير وكلابهم تنبح عوووووووووو......................وووووووووووووو.......

كانت التظاهرات المبكرة جدا ضد الاحتلال تمنحنا الأسماء التي في الواقع أسماءنا وحياتنا اليومية الآن وغدا ... من وحي الربط بين شهيد القسطل الشهيد عبد القادر الحسيني الى دماء ابنه فيصل على باب العامود في التظاهرات ص124 .. تنويهك سيدي أن أسماء الشخصيات والعائلات غير حقيقية، وأنه اذا ورد بينها وبين شخصيات حقيقية ..فذلك بمحض الصدفة ..طغت عليه حقيقة الأحداث، وحقيقة تصويرك المبدع لتواترها وتدافعها ..زاد للقارئ من أيّ جيل، كان وجبة دسمة من الأحداث عن عبد القادر الحسيني وأبنائه الثلاثة وابنته " وهل تزوجّ الشهيد؟" .. وفيصل المتوج بعمله الدائم الذي استشهد على البعد من أجل كحل عيني القدس .. نعم الرواية –هوان النعيم – هي المرتع الحاني لتحتضن كل هذه الأسماء، لتفتح الأفق لأجيال ما عاصرتها، أن تسأل وأن تأتي على الكأس المترعة بهم، فتشرب وتشرب وتشرب لترتوي وتقوم تنفض عن جنبات القدس أخطر مما جرى.

أختم بأجمل منظر على الإطلاق " شرعا ينظران إلى المدينة ويركزان عيونهما عليها .. خصوصا على المسجد الأقصى بقبته الرمادية، بينما تنعكس شمس الضّحى على القبّة الذهبيّة للصخرة المشرفة .. حبّات النّدى تتزحلق من القبّة بحياء الحسناء التي ينزاح نقابها بهبة نسيم عابرة ... رأيا كيف تتسلق بيوت سلوان الجبل الى راس العمود، حيث تفصلها مقبرة اليهود عن جبل الزيتون .. ورأيا كيف ينفرج وادياها اللذان يحتضنان المدينة، ليلتقيا حيّ البستان عند بير أيوب .. وأصابتهما غصّة وهما يريان غبار الهدم المتطاير من حارة المغاربة ...ص89" ما أروع تصوير منظر يتم نحت تفاصيل عروس النعيم الذي لن يهون علينا يا شيخنا، وعلى هذا الجيل تلقي أنت بمهمة الحفاظ على استمرار وجود سلوان اليوم، وكل أرجاء القدس ووجود الاستمرار بالعمل والجد ... في كل حرف وكلمة وجملة وصورة يقول لنا شيخنا في هوان النعيم .... أنه لم يهن علينا ولن ... طالما بقي فينا أمثال خليل وجريس وديانا والأستاذ داود
الرسالة وصلت وصلت وصلت.

وقال جمعة السمان:

ملاحظات حول الرواية :

1- بداية كان يجب أن يكون اسم الرواية " ذكّر إن نفعت الذّكرى".. والسبب أنها كتبت من أجل فلسطين ..وكل كلمة.. بل كل حرف يذكّر بأحداث فلسطين.

2- للتاريخ لغة يعرفها الجميع منذ مئات السنين..إلا أن الكاتب استحدث للتاريخ لغة أكثر تشويقا..وأبقى في الذاكرة لعشّاق التاريخ "لغة الحوار السياسي"..الذي لا يقتصر على كبار السياسيين..بل وعلى هذيان العامة من المدّعين المخطئ منهم أو المصيب..ويبعث اليقظة والصحوة حارة في دماء شبابنا، ويكون له الصدى الأكبر في نفوس القادم من أجيالنا.

3- أبدع الكاتب حين جمع خيوط القضية الفلسطينية والعربية..ووضعها على لسان أشخاص كل واحد من هؤلاء يمثّل شريحة من شرائح الشعب وقناعاته وتحاليله وميوله واستنتاجاته..فبات القارئ كأنه يجلس في مضافة..فيها المتعلم الفاهم..والمدّعي الجاهل ..والشريف الصادق..والعميل الخائن، كل يكشف عن نفسه..وعن نواياه هو ومن هم على شاكلته..أو من يحذون حذوه..ويقتدون برأيه..فما كان على من يريد أن يدرس القضية الفلسطينية إلا أن يشرب فنجان قهوة في هذه المضافة مع هؤلاء مختلفي الثقافة والمبادئ والآراء..ليخرج بتقرير شاف واف شامل لأحداث وتفاصيل القضية الفلسطينية والعربية..دون أن يحشر نفسه في بطون الكتب والمراجع..أو الإطلاع على آراء بعض شرائح الشعب المختلفة ..التي لا بدّ أن تكون قد تاهت عن بعض الأحداث والقضايا مع طول الزمن..ولا شك أنها ستكون مرجعا موثقا لمن أراد أن يدرس أو أن يكتب عن القضية الفلسطينية..إذا غابت عنه أحداث تلك الحقبة من الزمن

4- دعم الروح المعنوية للمعاق..وشحذ إرادته كما ظهر في معاملة الشرطي الأردني والضابط لخليل الأكتع..المعاملة الإنسانية الراقية ورفع روحه المعنوية..أثر كبير في نفس القارئ..بحيث بات يشعر أنه لا يوجد في هذه الدنيا شئ اسمه إعاقة..وكان في هذا دعما لكل معاق..أن يعمل وينتج ويحارب ويجاهد..فكان خليل نموذجا للثقة بالنفس..والعيش والتعامل مع الواقع.

5- الحياة الإقتصادية للشعب الفلسطيني:

*لم يغفل الكاتب عن ذكر الأحوال الإقتصادية السيئة للشعب الفلسطيني في تلك الآونة..مما دفع الشباب الى الإلتحاق بمؤسستي الشرطة والجيش حماية وبعدا عن الذلّ ومدّ اليد.

*التعريف بالأماكن الدينية والتراثية مثل المسجد الأقصى الشريف وغيره من المساجد..
وكنيسة القيامة..وغيرها كثير من الكنائس والأديرة..وكذلك الأسواق القديمة والطرق..كما أنه لم يغفل عن ذكرالأماكن التراثية والأسواق القديمة والطرق داخل الخط الأخضر.. التي ترزح تحت الإحتلال الإسرائيلي.. مثل مدينة الناصرة وقراها.

6- وصف الحرب والإقتحامات الإسرائيلية ونتائجها المأساوية بدقة وتفصيل وتوضيح..الذي كان مهما من أجل إدانة الإسرائيليين..والتذكير بجرائمهم.

7- حكمة جمع العقارب ومتابعتها ومراقبتها مع الأستاذ خليل..لا أدري إذا كان الكاتب يقصد منها إدانة جهل الدول العربية..ودخولها حربا غير مدروسة الذي نتج عنها الهزيمة الكبرى.

8- لم تخلُ الرواية من الحكم السياسية..وكان ذلك على لسان الأستاذ داوود..يا جماعه ..الحرب معركة سياسيةعنيفة..لا تندلع من أجل القتل والتدمير..بل من أجل تحقيق هدف سياسي.

9- كان الحوار العربي الإسرائيلي بين خليل ومحمد ورحيل وسارة جيدا استغله الكاتب وأوضح أهداف إسرائيل وأطماعها في الأرض الفلسطينية ..على اعتبار أنها أرض آبائهم وأجدادهم.

10- أبدع الكاتب في الحوار بين العميل أبو سالم والمحقق النمرود..الذي كان فيه التحذير والترهيب والتنبيه من الإستسلام والوقوع في براثن المخابرات الإسرائيلية..كما أنه دقّ ناقوس الخطر..وجعل كل من توسوس له نفسه أن يصادق مثل الفتاة المومس تسيبورا أن يخاف ويتراجع.

11- لم تخلّ الرواية من المثل "شرّ البلية ما يضحك"..حين كانت أول مقاومة نسائية في باب السلسلة، ثورة النساء وهجومهن على الجنود الإسرائيلين..وصفعهم بالأحذية تعلو اًصواتهن
الله وأكبر عليكم تشربون الخمر في هذا المكان المقدّس..ممّا أدى الى هزيمتهم وانسحابهم.

12- أبدع الكاتب في دقة وصف الأساليب المذلة المهينة التي تستخدمها المخابرات الإسرائيلية في إيقاع الغافل الساذج من خلال أساليبهم الشيطانية..غير الإنسانية للوصول الى أهدافهم..وكان ذلك في شخصية النمرود المحقق الداهية..والجاهل الساذج الوجيه أبو سالم.

13- الجنس في رواية " هوان النعيم":-

لا شكّ ّن في كل كلمة قالها الكاتب في هذا المجال ..كان فيها ثورة إستفزاز غريزية عارمة..فالكلمة كانت تقطر بثورة جنسية وحشية..وثوران بركان للعواطف.

لا يمكن لإنسان غافل ساذج مثل أبو سالم أن يقاومها..أمّا الصور المرسومة بكلمات الجنس..فكانت واضحة جدا..لا يشوبها ضباب يغشي العين..أو يعطّل الرؤية..تهرب بالقارئ الى عالم الخيال بجناح وحش جامح..أمّا الأسلوب فكان روائيا بحتا في هذه الجزئية من الرواية..لا يشوبه أيّ نوع من أغراض الأدب الأخرى.

أخيرا هذه الرواية ..وبرغم ما فيها من إبداعات فنية..إلا أنه كان التوثيق والسرد التاريخي..يطلّ برأسه بين الفينة والأخرى مثبتا لوجوده.. بالمحصلة أرى أن هذا الأسلوب جيد ومفيد ومشوّق لأنه سهل ممتنع يستقطب القارئ..ويخلد في ثنايا الذاكرة ليبقى ناقوسا..ذات صوت عال ..يذكّر بالقضية الفلسطينية..خصوصا الناشئة والأجيال القادمة.

وقالت نزهة أبو غوش:

أَودُّ من خلال قراءَتي لرواية هوان الجحيم أَن أَتناول شخصيّة الرّاوي الّذي وظّفه المؤلف؛ من أَجل رواية أَحداث الرّواية.

نلحظ من خلال قراءًتنا للرّواية بأَنّ الرّاوي تحدّث بصيغة الغائب، هو، ممّا أَتاح له أَن يكون راويًا عارفًا لكل شيء من بداية الرّواية حتى نهايتها.

كان الرّاوي في هوان النّعيم راويًا مؤرّخًا، وشاهدًا عاش الأحداث، فبدت شهادته صادقة توثّق أَحداثًا تاريخية حدثت في عام 1967، والاحتلال الإسرائيلي الثّاني للبلاد، وما ترتّب عن هذا الاحتلال من غضب وسخط ومظاهرات ومقاطعة للتّعليم في المدارس الحكوميّة، وظهور بعض العملاء مثل شخصيّة أَبي سالم، بعد أَن أَوقعه الضابط نمرود. يشير هنا الرّاوي إِلى تجربة المؤلّف، ومعايشته للأَحداث.

الرّاوي في هوان النّعيم اختار لنفسه شخصيّات تتحاور مع بعضها البعض؛ من أَجل مساعدته في رواية الأحداث، فنلحظ كثرة الحوارات بين هذه الشّخصيّات، وقد أَكثر الرّاوي من اختياره للشّخصيّات الذّكوريّة، وقلّل من الشّخصيّات الأُنثويّة، حيث عبّر من خلال الرّجل على الأُمور، والأَحداث السّياسيّة، أَمّا المرأة فقد بدت مهتمّة، وخائفة على أَبنائها، وزوجها، ولا تتدخّل بالأُمور السّياسيّة.

رتّب الرّاوي في رواية هوان النّعيم الأَحداث ترتيبًا زمنيًّا، حيث روى الأَحداث بتسلسل منطقي، ولم يرجع إِلى الوراء. نلحظ من خلال حوارالشّخصيّات بأَنّ الراوي كان صريحًا وجريئًا في تعبيره عن الهزيمة، فقال على لسان فؤاد:

"عدم الاعتراف بالهزيمة حالة مرضيّة يصعب شفاؤها، وبالتّالي سنبقى مهزومين إِلى ما شاء الله" ص 75.

أمّا على لسان البطل خليل، فقد تساءَل مستغربًا: " لم أَفهم حقيقة ما جاء فيه، فكيف انتصرنا في هذه الحرب وبلادنا وقعت تحت الاحتلال؟"

حاول الرّاوي أَن يتدخّل في الوصف، أَو التّعبير عن الاستياء، فقالها بلسانه وليس على لسان الشّخصيّات مثلًا: " لكنّ الرّياح تجري بما لا تشتهي السُّفن" ص 56.
" الفريق جميعه يبكي شبابًا ارتقوا إِلى قمّة المجد في معركة خاسرة" ص 86.

نرى من خلال قراءَتنا لرواية هوان النّعيم، بأَنّ الرّاوي يعكس هويّة الكاتب جميل السلحوت، حيث يبدو واضحًا بعدم الحياديّة في روايته للأَحداث، بل أبدى تحيُزه وانتماءَه للقدس وللقضيّة الفلسطينيّة بشكل واضح:

"المدينة بائسة وكأنّها تفقد أبناءَها الّذين كانوا يملأون طرقاتها وأسواقها وأزقّتها، ودور عبادتها" ص 62.

" دخلت المسجد فدنّسته" " الباب التّاريخي محطّم بلا رحمة" ص 62.

نلحظ بأَنّ الرّاوي لم يعمد إِلى خلق حالة وجدانيّة مع الأماكن، والأحداث، إِلا في حالات قليلة، حين قام الرّجال بالعثور على الشّهداء، ودفنهم بعد الحرب.

عمد الرّاوي بتعريف القاريء على الشّخصيات من خلال شكلها الخارجي، ولم يتعمّق بالتّفاصيل الخاصّة للشخصيّات، واظهار أًبعادها النّفسيّة والاجتماعية بشكل أَوسع، ممّا أَضفى على أًسلوبه التقريريًّة، والمباشرة.

وقال محمد خليل عليان:

قراءات غير متأنية للرواية:

هوان بلا نعيم

قبل كتابة هذه السطور ببضع ساعات، كنت ووالدي البالغ من العمر تسعون عاما ونيف في زيارة لصديق له يصغره ببضع سنوات، وكعادته في مثل هذه المناسبات، استعاد والدي ذكريات من حرب حزيران 1967، ولم يكن في حديثه ما يثير فخره ويظهر بطولاته أمام أبنائه وأحفاده، بل كان يتحدث بمرارة وألم، وكأني به يلوم نفسه على قرار الهروب والاختباء في الكهوف بعيدا عن ساحة الحرب والمقاومة. "كنت أخدم في الجيش في الخان الأحمر" قال " وتلقينا الاوامر بالانسحاب بعد ساعة فقط من اندلاع الحرب" وأضاف " لا زلت أشعر بالهوان كلما تذكرت ذلك" . أنا لم أقل لوالدي أن ما يقوله الآن سيكون محور نقاش في ندوة اليوم السابع مساء يوم غد. لأنه لن يكترث بذلك، وسيسخر مني بقوله: " على الأقلّ نحن قاتلنا مع عبد القادر الحسيني واستشهد عمّك معه، أمّا أنتم فلم تفعلوا شيئا". شمس والدي تقترب من المغيب وهو لا يزال يعيش هوانا بلا نعيم، وأنا لم أفعل شيئا في نهاره، فماذا سأفعل له بعد المغيب.

من هو الأكتع ؟

لا يزال خليل الشخصية المحورية في "هوان النعيم" تماما مثلما كان في "ظلام النهار" و "جنة الجحيم" وهو الشخصية التي من خلالها ينقل الكاتب رسالته الى القاريء، وهو بذلك يحمل عبئا تنأى عن حمله الجبال. لقد اختار الكاتب خليلا أن يكون أكتعا يملك ذراعا اصطناعيا مثيرا شفقة وتعاطف الآخرين حتى رجال الشرطة. ومع ذلك فقد كان مبدعا وخلاقا وناجحا ومتفوقا، وتدرب على السلاح مستخدما ذراعه السليمة، وزحف مسافة كبيرة على بطنه وذراعه فوق ظهره، يبدع ويتفوق ويتقدم ويشارك في تظاهرات، ويعود وصديقه محمد الى قريته بعد الهروب، والاختباء ليحرس بيته، ويذهب في رحلة استكشافية لمدينة القدس ويتوجه في زيارة إلى الداخل الفلسطيني، حيث تتبلور ملامح مستقبله السياسي والنضالي التي ربما ستظهر جليّة في الأعمال القادمة. الأكتع في "هوان النعيم" ليس من بترت ذراعه، بل من امتلك ذراعين سليمين، وتقاعس عن حمل السلاح والدفاع عن أرضه. الأكتع هو الجيش العاجز الذي لم يصمد في الحرب لساعات قصيرة، ليسجل أكبر وأسرع هزيمة عسكرية عرفها التاريخ.

زينب

زينب بنت منصور، صبيّة في السابعة عشر من عمرها، مشحونة بالعنفوان تذهب إلى المدرسة وتجمع البنات في المسجد، وتحرضهن ضدّ الدراسة بالمنهاج الاسرائيلي، لقد لعبت دور القيادة بوعي طلابي عفويّ، وحتى دون توجيه من أحد، ربما يشير الكاتب هنا بذكاء الى المرأة في النضال الفلسطيني الذي بدأ يتبلور بعد حرب حزيران 1967 مباشرة، فقد تحررت من أسرها، ولم يعد دورها يقتصر على الإنجاب وخدمة الرجل فقط، بل انطلقت بعنفوان إلى فضاء المقاومة بشتى أشكالها. وإذا كان الكاتب قد غيّب دور المرأة في معظم أحداث رواية " هوان النعيم" إلا أن عودة المرأة إلى الفعل السياسيّ والاجتماعيّ من خلال الإشارة السريعة لزينب، يبشّر بأن الكاتب يعد دورا لافتا ومتميزا لزينب في الأعمال القادمة.

أبو سالم

أبو سالم يمثل الشخصية الأكثر انسجاما مع نفسها، ليس في هذه الرواية وحسب، بل في روايتيه السابقتين أيضا. وإذا كانت شخصية خليل لم تتبلور بعد، ولم ترتسم معالمها على نحو واضح، رغم أنها الشخصية المحورية في الروايات الثلاث، فإن شخصية أبي سالم تبلورت منذ ظهوره في الرواية الاولى. إنه يعرف ما يريد، ويتقلب وفقا للأحداث، ويقف إلى جانب القويّ مغلبا مصالحة الشخصية على أيّة مصلحة أخرى. وفي "هوان النعيم" لم ينتظر الأحداث خلافا لغيره من الشخصيات، بل قام بصنعها والتساوق معها والاستفادة منها، حتى ولو بثمن النباح. إنها الشخصية الأكثر انتشارا وديمومة في حاضرنا، وربما يكون لها شأن في مستقبلنا. في الزمن الضيّق لرواية "هوان النعيم" ، كان النّباح عارا يستدعي المقاطعة والتحريم، وربما أكثر من ذلك، أمّا في حاضرنا فقد بات مباحا ووجهة نظر، وربما صفة يتسابق نحوها كثيرون.

ما غاب عن الكاتب

في روايته "هوان النعيم" غاب عن الشيخ جميل السلحوت حقيقة أن القدس التي شكلت في الرواية المكان الأساسي لأحداثها، شهدت في الأيام الأولى من حرب حزيران 1967 مقاومة شعبية عنيفة، وتشكلت فيها مليشيات مسلحة شنت هجمات نوعية، كان لها الأثر الكبير في رسم معالم المقاومة المسلحة، وثمة أسماء بارزة كان لها شأن في النضال الفلسطيني، انطلقت من حارات وأزقة وضواحي مدينة القدس. صحيح أن السفر إلى الناصرة والداخل الفلسطيني بحثا عن الذات، واستكشاف الواقع الجديد، قد أعطى بعدا وطنيا للرواية التي جمعت شطري الوطن في بوتقة نضالية واحدة، ولكن في المرحلة ذاتها كانت هناك معركة أخرى ربما أكثر أهمية لم يأت الكاتب على ذكرها ولو بكلمة. ولأن الكاتب هو الرواي العالم بكل شيء، فإن السؤال المفتوح هو لماذا هذا التغييب؟ وأيّ نهج يريد الكاتب أن يرسمه لخليل في المستقبل؟

لا يقع في الفخ إلا الشاطر

رغم الطابع السردي للرواية لا أجد مسوغا أدبيّا أو فنيّا للإكثار من الطابع التقريري للسرد، الذي جعله أقرب إلى التقرير الصحفي. الكاتب جميل السلحوت كاتب روائي معروف بالمواظبة وغزارة الإنتاج ورواية "هوان النعيم" هي العمل الثالث من مجموعة قد تكون رباعية أو خماسية. وربما لهذا السبب كنا نطمح أن لا يقع في فخّ التقريرية، وتكرار تدخل الراوي في التفسير والتعريف عن الشخوص والأحداث واستخدام الحوارات الطويلة، التي يغلب عليها طابع السؤال والجواب، مما انعكس سلبا على بناء الشخصيّات واستقلالها وتطورها، وفقا لمنطق الأحداث. ونحن بانتظار أعماله التالية، نأمل أن لا يقع الشاطر في الفخّ ثانية.

أمّا نبيل الجولاني فقد قال:

جميل السلحوت في روايته هوان النعيم يدخلنا في حرب استنزاف مع أنفسنا

هوان النعيم رواية صدرت حديثاً للكاتب جميل السلحوت وهي من منشورات دار الجندي جاءت في 173 صفحة من الحجم الوسط.

تحدث فيها الكاتب جميل السلحوت عن الحرب التي دارت في العام 1967 بين اسرائيل وكل من الاردن ومصر وسوريا، والتي أدّت إلى هزيمة تلك الدول أمام اسرائيل، واحتلال الأخيرة لباقي أرض فلسطين وهي ما يسمى بالضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة الى احتلالها لسيناء والجولان التابعتين لمصر وسوريا.

بدأ الكاتب جميل السلحوت روايته بالاعتداء الذي قامت به اسرائيل على قرية السموع قضاء الخليل في تشرين ثاني 1966 وكيف دبّ الحماس في الجماهير، وخرجت بمظاهرات تعبّر عن غضبها واحتجاجها وسخطها واستعدادها للدفاع عن نفسها، واستعادة أراضي فلسطين المحتلة آنذاك، وكيف أن الحكومة الأردنية أوعزت بالتجنيد في صفوف الحرس الوطني وبدأت بتدريب طلاب المدارس الثانوية على أساليب القتال بشكل بدائي حتى تمتص غضب الشعب.
وتحدث الكاتب عن تطورات الأوضاع في الساحة العربية، والتي أدّت إلى نشوب حرب حزيران عام 1967 بعد أن أغلقت مصر بقيادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر مضائق تيران، ووقع الملك حسين ملك الأردن اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر وسوريا.

وحدثنا أيضاً عمّا دار من نقاشات بين أفراد الشعب بين مؤيد ومعارض ومتخوف من الحرب، وكيف سارع السكان لتخزين المواد الغذائية تَحسُباً من نتائج الحرب وأبعادها، وعن أملهم بالتحرير، وعن خوف البعض من التهجير، ليصبحوا لاجئين جدد، يهيمون في مخيمات تقام على أراضي الدول العربية المجاورة، كما جرى فينكبة العام 1948.

وتشتعل الحرب على كافة الجبهات دفعة واحدة يوم الاثنين في الخامس من حزيران 1967 لتكون نتيجتها احتلال اسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة أي ما تبقى من أراضي فلسطين ومدنها.

وكذلك احتلال صحراء سيناء، وهضبة الجولان، بعد أن انسحب الجيش العربي دون أن يحارب، وفق التعليمات والأوامر، وبعد أن انهزم الجيش المصري نتيجة للخيانة في قيادة الجيش، وكذلك الحال أو أكثر في الجانب السوري.

وتطرق الكاتب إلى حالة الانهيار والاندهاش والذهول التي فاجأت الناس بهذه النتيجة الوخيمة وغير المتوقعة، بأن يهزموا مرة أخرى، ويصبحوا مُشردين ولاجئين من جديد، أجل إنها مأساة أصابت الأمّة بأسرها .

حدثنا عن موقف حليفنا الاتحاد السوفييتي، والموقف الأمريكي المعادي،و رجوع جمال عبد الناصر عن استقالته، وإعادة بناء القوات المسلحة تمهيداً لحرب التحرير القادمة، وعمّا قاله عبد الناصر (بأن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة) وعن عودة الأهالي مهزومين يائسين محبطين إلى منازلهم، بعد أن تركوها خوفاً من ويلات الحرب التي لم تحدث إلا وفق ما كان مرسوماً لها.

ونقلنا الكاتب جميل السلحوت إلى ما بعد الحرب، وكيف بدأ الناس يتعاطون مع المحتل الجديد؟ وحالة الانبهار التي أصابت السكان من مظاهر الاحتلال وعاداته الغريبة عنا، ومحاولة المحتل تزيين صورته في الوقت ذاته الذي كان يهدم الجدار الفاصل بين الحدود في القدس، ويهدم حارة المغاربة/ حارة الشرف بدايةً من الحائط الغربي للمسجد الأقصى (حائط البراق) ليقيم مكانه حائطاً للعبادة يسمونه (حائط المبكى).

هكذا امتزجت الهزيمة بالحسرة والدهشة والذهول المهين.

بدأ الاحتلال بتنفيذ إجراءاته من إحصاء للسكان، ومنحهم هويات إثر ذلك حتى يحصروا سكان القدس التي ضمّوها إلى دولتهم بقرار من بلمانهم-الكنيست- وبهذا ميّزوا سكانها بإعطائهم هويات تختلف عن هويات باقي المناطق المحتلة.

وأشار الكاتب إلى حالة التكافل الاجتماعي التي سادت بين فئات المجتمع بفئاته كافة بعد الحرب، فتحدث عن الدكتور صبحي والمقصود هنا(الدكتور صبحي غوشة، وكذلك الدكتور أمين وهو الدكتور أمين الخطيب)اللذين أدّيا دورهما على أحسن حال في مساعدة أبناء شعبهم.
وكذلك الشيخ ياسين والمقصود هنا هو االمرحوم(الشيخ ياسين البكري، الذي كان أنذاك إماما ومدرسا في المسجد الأقصى) وهو والد الشاعر المعروف فوزي البكري.

هذا الشيخ الذي كان له دورٌ هامٌ في رفع المعنويات، وإنهاض الروح الوطنية بين الجماهير .
وتحدث الكاتب عن المذابح التي قامت بها(الهاغاناه وايتسل وليحي) كمذبحة دير ياسين وغيرها، وتحدث عن أطماع اسرائيل في أرض العرب حسب ما جاء على لسان الكابتن نمرود، بأن هذه الأرض من النهر إلى البحر هي جزء من أرض اسرائيل، وعن مصادرات الأراضي وهدم المنازل، وتغيير المناهج التعليمية والاعتقالات، وقمع الحريات المدنية، ومنع المصلين من الوصول إلى دور العبادة، وعن القوانين المجحفة المفروضة علينا.

وتحدث أيضاً عن أهمية البقاء في البلاد، وعدم اللجوء أو النزوح منها، وعن لاءات مؤتمر الخرطوم، وحرب الاستنزاف التي خاضها الجيش المصري بعدما ان أعاد بناءه الزعيم جمال عبد الناصر.

تحدث الكاتب جميل السلحوت عن المظاهرات وعن الجولات التي قام بها أهل القدس الى مدن الداخل، حتى يتعرفوا على الأهل في منطقة 1948، وعن أبو سالم الذي ما لَبٍثَ أن تعامل مع الكابتن نمرود، حتى أصبح عميلاً بفعل عملية الإسقاط التي أوقعوه فيها، وبفعل استعداده النفسي لأن يكون كذلك……

وعن خليل الذي لم تتطور شخصيته كبطل رئيسي من أبطال الرواية، بل بقي يسأل الأسئلة فقط، لم يحرك ساكنا، ولم يَهُزُه ما جرى، بينما رأينا كيف أن شخصية أبي سالم تعاملت مع الاحتلال بالسرعة اللافتة.

وبقي خليل بطرح الأسئلة فقط، لم تتطور شخصيته كبطل للرواية، ولم تتكون لديه أيّة فكرة حول أيّ شأن ما، إلا أن يطلب من جريس إيصاله بل إيصالهم إلى بيوتهم كما جاء في صفحة 155(خليل مخاطباً جريس:لو سمحت…..أوصلنا إلى بيوتنا).

مع أنه كان قد شارك في مظاهرة اندلعت في بشارع صلاح الدين في القدس إثر أحداث السموع سنة 1966 كما جاء في الصفحة الثانية للرواية.

مع أنه كان متميزاً في التدريبِ وهو الأكتع، وكان يُلقب بالأستاذ وهو في المرحلة الثانوية، ولكن الذي بدا أن دوره ظل ثانويّا سطحيّا، لم يكن له أثر أو تأثير ينمّ عن تميزه أو أستذته، بل ذهب إلى البيت وغادر الساحة، وتركها لأبي سالم وأمثاله، كما رأينا في نهاية الرواية.

إنّها رواية لقصّة هزيمتنا، أنهاها كاتبها بهزيمة أخرى من خلال تعامل أبي سالم مع المحتل، وخيانة أبناء شعبه، وهي رواية لتاريخ هذه الأمّة في ذلك الوقت(حرب حزيران 1967)وهي رواية لتاريخ الشخصيات الحقيقية التي ذُكرت أسماؤها في الرواية، فهي أسماء لأُناس كان لهم شأنهم ودورهم الكبير في تلك الحقبة، وكذلك الأحزاب التي ذكرها الكاتب.
ولكن ينبغي التنويه إلى أنّه كان هنالك شعب بأفراده وأشخاصه وفئاته وشرائحه وتكوينه، كان يرفض الاحتلال، وكان يُترجم مواقفه هذه على الأرض، وامتلأت بهم سجون المحتل آنذاك.
وإنّي أوصي لمن لم يعايش أحداث الحرب (حرب حزيران 1967)في تلك الفترة، وخاصة جيل الشباب الذين ولدوا بعد هذه الحرب، أن يقرأوا هذه الرواية، لأن فيها تفاصيلاً دقيقة لما جرى في هذه الحرب، ولما كان سائداً وقتها، وفيها وصف حيّ حقيقيّ لما دار فيها وحولها، ولما حملته هذه التجربة(الحرب)من أبعاد انعكست على حالتنا نحن الفلسطينيين الذين ما زلنا نرزح تحت الاحتلال، نتيجة لهذه الحرب، وما انعكس على حال أُمتنا العربية أيضاً من نتائج ما زالت تتفاعل حتى يومنا هذا، الأمر الذي جعلنا مجتمعين نعاني منه، وغارقين فيه، ونحترق بناره، لأنه ما زال فينا خليلاً الذي لم يستوعب الصدمة بعد، والذي ما زال يتخبط في أسئلته تارة، وتارةً يجرب دون الوصول إلى النتائج المرجوّة، ولأنه هادن أبي سالم الذي أُسقط….والذي أوصلنا الى الحضيض الذي نحن فيه الان.

إنّها رواية جديرة بالقراءة، وخاصة للأجيال القادمة علّها توقظهم أو تُنمي وعيهم وقدراتهم الوجدانية، وتشرح لهم ما يرغبون بتشريحه، ولكن باستعمالهم المبضع لبتر الورم السرطاني الذي نعاني منه، ليس في غرف العمليات الجراحية بل في غرف الطوارئ الميدانية.
إنّها رواية مليئة بالصور الحقيقية، وليس من نسج الخيال، إلا أنها مليئة أيضاً بالخيال الذهني والصُوري الجميل، الأمر الذي يشدّ القارئ إلى قراءة الكتاب دفعة واحدة، فعندما يبدأ القارئ بفتح صفحاته، تندلع الحرب، ويندفع القارئ في خوض غِمار القراءة غير عابئ بالنتائج التي يمكن أن تصيبه نتيجة لتواصله في القراءة، كثنيه عن آداء أعماله وشؤونه الحياتية مثلاً وكأنه يشترك في الحرب ذاتها، غير أبه بما يصيبه منها من نتائج خطرة ومدمرة.

إنّها رواية جديرة بالقراءة، فأُسلوبها شيق ولغتها جليةً، وأسلوبها غنيّ بمبناه الفنيّ، بتوفر كل ما يلزم من متطلبات المغزى والمعنى والأفكار التي قصد الكاتب إيصالها للقارئ، حتى يضعه أمام مسؤولياته والأدوار المطلوبة منه، والنتائج المتوخاة منه أيضا، حتى يخرج بنتائج صادقة وسليمة لمجموع الدروس والعبر التي ينبغي أن يستفيد منها، حتى لا يُهزم مرة أُخرى...يتعلم منها ويُفيد الاخرين إلى أبعد الحدود حتى يضع قدمه على أول طريق النصر.

وقالت نسب أديب حسين:

هوان النعيم ومرارة النكسة

يطلّ علينا الكاتب الشيخ جميل السلحوت بإصدار رواية"هوان النعيم" في كانون الثاني 2012، لتكون الجزء الثالث من روايتي "ظلام النهار" و"جنة الجحيم" عن دار الجندي للنشر والتوزيع.
يدور محور هذه الرواية حول حرب 1967، عن وقع الحرب على سكان السواحرة في جبل المكبر جنوب شرق القدس. يتناول الكاتب الأحداث بإسهاب، وبإيراد بعض القصص التي تناقلها الناس حول المعاناة واستشهاد عدد من سكان المنطقة، ويخوض غمار القضايا التي شغلت المقدسيين في تلك المرحلة، الصدمة بحلول الهزيمة، والتغييرات في نمط الحياة في ظل الاحتلال، كالحصول على الهويات والتغيير في مناهج التعليم.

يتطرق الكاتب بوضوح وفي أكثر من موقع الى اللقاء ما بين المقدسيين والفلسطينيين الباقين على أراضيهم عام 1948، والاغلاق الذي تعمدت اسرائيل أن يكون عليهم، فانقطعت أخبارهم عن باقي الأمة العربية وعن باقي الفلسطينيين، فاختلفت الأنباء عنهم، وحاول المقدسيون الابتعاد عنهم ظنًا منهم أنهم عملاء، فتدخل إمام الأقصى محاولا توضيح الأمور، وإزالة سوء الفهم في المواقف وتأكيد وطنية الفلسطينيين الباقين على أراضيهم. ويظهر اللقاء أيضًا في رحلة خليل وجريس وداود وعبد المجيد من جبل المكبر الى الناصرة، حيث يلتقون أقارب جريس ويتحاورون ويتعرفون على الناصرة. ويتطرق الكاتب الى ما آلت اليه أحوال فلسطينيي الداخل وما يلاقون من معاناة جراء الاحتلال، والخوف على القدس من أن تؤول أحوالها الى ما آلت إليه أحوال مدن فلسطينية في الداخل مثل حيفا وعكا وغيرها، فيما نرى الأمل يلوح على شفاه المقدسيين بأن اليهود سينسحبون، وأن الدول العربية لن تصمت على احتلال القدس.

لقد وُفق الكاتب في نقل الحقبة التاريخية، وطرح التيارات الفكرية التي كانت متداولة حينها، لكن هذا أثر كثيرًا على النص الأدبي، وجعل من الرواية رواية تأريخية في طابع سردي، كما وأثر على نمو شخصيات الرواية.

ظهرت شخصية أبو سالم التي استمرت من الجزء السابق الشخصية الأكثر نموًا وحياةً واستمرارًا في نهجها بالمحاباة، إلى أن وصل أبو سالم الى العمالة، ليكون كلبًا للمخابرات الاسرائيلية.

أما خليل الأكتع الشخصية الأبرز في الأجزاء الثلاثة، والتي ظهرت مع بداية رواية ظلام النهار، واستمرت ونمت في جنة الجحيم، وانتهت الرواية بلقاء خليل بأخيه البريطاني، وصديقته ستيفاني والبروفيسورة جاسيكا التي كانت لها مآرب في الحفريات في القدس، لم يتطرق الكاتب الى هذا، وانطلق الجزء الثالث بظهور خليل في مظاهرة، لقد لاحظت أن شخصيّة خليل في بداية الرواية كانت شخصية قائمة من دم ولحم أكثر مما كانت في باقي أقسام الرواية، ففي أحيانٍ كثيرة شعرت أن خليل مجرد اسم ووجود، يستخدمه الكاتب لينقل لنا ما يرى في القدس أو الناصرة، أو ليوصل معلومات يود لنا أن نعرفها، وقلما انطلقت الشخصية بعيدًا عن الخيوط التي يحركها بها الراوي. من النقاط التي لا تصب في مصلحة الرواية، أنه قد وردت أحيانًا بعض القصص من أحداث الحرب بطريقة غير ملائمة مع سير الحدث، مثل ذكر قصة استشهاد محمد عبد، معلم الرياضة صفحة 36 التي لم تكن ملائمة لسياق الحدث حيث أدرجت، الإسهاب في ذكر بعض التفاصيل، أضعف النصّ أحيانًا، كذلك تكرار بعض المعلومات مثل إيراد أن عدد الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم عام 1948 كان 150 ألف ثلاث مرات على ألسنة ثلاث شخصيات في الرواية كان أمرًا مثقلا.

توقف الكاتب في هذا الجزء عن استخدام اللغة العامية المحكية على ألسنة كبار السن، كما عوّدنا في الأجزاء السابقة، وفي رأيي فإن استخدامها في الأماكن المناسبة يلائم بصورة أفضل روح النصّ.

مما أعجبني في الرواية محاولة الكاتب الحفاظ على (ذاكرة المكان) ليصحبنا الى البلدة القديمة، ويخبرنا كيف هُدمت حارة المغاربة، لتتحول الى حارة اليهود اليوم، وأن باب الأقصى الرئيس قد هُدم، وأقيم على مساحة أقدم مقبرة إسلامية في القدس متنزه، وذِكر الجدار الذي كان قائما ليفصل ما بين القدس الغربية والشرقية، سادًا مدخل الباب الجديد مارًا في منطقة المصرارة، وتفاصيل أخرى كثيرة يستفيد منها القارئ الشاب.

أخيرًا نجد أنفسنا أمام عملٍ أدبي قيّم في طرحه، يرسخ ذاكرة وهوية المكا ن، ويقدم فائدة بالغة للقارئ، لتستمر جولة رائعة بمرافقة الكاتب تاريخيًا وجغرافيًا في المدينة المقدسة.

وقال موسى أبو دويح:

صدرت رواية (هوان النّعيم) للشّيخ جميل السّلحوت عن دار الجنديّ للنّشر والتّوزيع في القدس بلا مقدّمة ولا تمهيد ولا إهداء، في 174صفحة من القطع المتوسط.
تناول الكاتب في روايته الفترة بين 13/11/1966م، وهو اليوم الّذي أغارت فيه إسرائيل على قرية السّموع في الخليل بالطّائرات والدّبّابات ونسفوا أكثر من مئتي بيت من بيوت القرية، وعاثوا بها فسادًا، وإلى نهاية العام 1967م؛ أي فترة حرب الأيام السّتّة سنة 1967م، ومقدّماتها ونتائجها وآثارها على أهل فلسطين.

وهو وإن جعل مكان روايته فلسطين بعامّة، إلا أنّه ركّز على جبل المكبر والقدس بخاصّة.
ومن أبرز الأدوار لشخوص الرّواية دور العميل (أبوسالم)، وهو من النّوع الّذي أطلق عليه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم اسم (الرّويبضة). قيل: وما الرّويبضة يا رسول الله؟ فقال: الرّجل التّافه يتحدّث في أمر العامة. وهو الّذي أطلق عليه ضابط مخابرات يهوديّ اسم (كلب). قالها له عندما قال: (أنا يا سيدي لا أخون اليد الّتي تساعدني... بل أقبّلها. فقال له الضّابط نمرود: أنت كلب وفيّ).

ركّز الشّيخ في روايته على ما جرى في أيّام الحرب السّتّة من قتل وتشريد وهروب إلى الضّفّة الشّرقيّة. وركّز كذلك على موضوع المدارس والطّلبة والمعلّمين، وعلى إضراب المعلّمين سنة 1967م، وعدم قبولهم تدريس المناهج الإسرائيليّة في مدارس القدس الشّرقيّة بعد ضمّها للغربيّة.

ووصف المعركة الّتي دارت في جبل المكبر كأنّك تراها، ومعركة القدس، وفريق الأطباء ومن معهم الّذين جمعوا رفات شهداء القدس في حرب حزيران، وأقاموا لهم جنازة تليق بهم، ودفنوهم في أعلى وأحسن موقع في مقبرة باب الأسباط.

وزار الشّيخ في روايته منطقة الخطّ الأخضر أو الدّاخل الفلسطينيّ مع بعض أصحابه وحلّوا ضيوفًا على عائلات هناك وعرّفوهم على وضع الفلسطينيين داخل الخطّ الأخضر وما لاقَوه من الاحتلال بعد نكبة 1948م إلى نكسة 1967م.

لغة الكتاب لغة عربيّة فصيحة، ويكاد يخلو الكتاب من اللّغة العامّيّة بخلاف سابقيه: (ظلام النّهار) و(جنّة النّعيم)، حيث كانت اللّغة العامّيّة أو لهجة أهل جبل المكبر ظاهرة واضحة.
أمّا أخطاء الكتاب فكثيرة، وهي أخطاء من الكاتب والنّاشر. فأمّا الكاتب الشّيخ جميل فهو –كما أعلم_ لا يراجع كتبه بعد كتابته لها، ولا بعد طباعتها. وأمّا النّاشر فهو إمّا لا يقرأ ما ينشر، أو لا يعرف الخطأ من الصّواب. وهذه هي الأخطاء التي لاحظتها، وربما غاب عني كثير غيرها؛لأنّني كتبتها على عجل.

جاء في الصّفحة4:(لأنّّه أطلق سراحة) والصّحيح سراحه بالهاء لا بالتاء المربوطة.
وفي الصّفحة26:(في كافّة محافظات المملكة) والصّحيح في محافظات المملكة كافّة.
وفي الصّفحة27:(حيث الإسرائيليّين) والصّحيح حيث الإسرائيليّون؛ لأنّ حيث لا تضاف إلا إلى الجمل. والتّقدير حيث الإسرائيليّون موجودون، فجملة المبتدأ وخبره (الإسرائيليّون موجودون) هي في محل جرّ مضاف إليه.

وفي الصّفحة29:(وعند باب العامود) والصّحيح العمود بدون ألف.

وفي الصّفحة46:(مت يا حمار، حتى يأتيك العليق) وكان الأولى أن يكتبه بالعامّيّة: موت يا حمار، حتى يجيك العليق، أو أن يحذف القوسين.

وفيها:(اللهمّ اهدِ قومي فإنّهم لا يفقهون) والصّحيح فإنّهم لا يعلمون، وهذا حديث شريف كان يردّده رسول الله كثيرًا طالبًا هداية قومه قريش.

وفيها:(ووطنا وقع الاحتلال) والصّحيح ووطننا وقع تحت الاحتلال.

وفي الصّفحة49:(سأحضر لكما علبتين أخرتين) والصّحيح علبتين أخريين لأنّها مثنى أخرى.
وفيها:(على كلٍّّ من يدرينا ما بداخل هذه المعلبات)، والصّحيح ما يدرينا.

وفي الصّفحة50:(أنا لا أصلح لهكذا أعمال) والأحسن لهذه الأعمال.

وكذلك في صفحة57:(الهروب من الوطن في هكذا زمن هو هروب من معركة) والأحسن في زمن كهذا الزّمن هو هروب من المعركة.

وفي الصّفحة65: (قَصَّ خليل ملءَ شوال) والصّحيح قصّ محمّد ملء شوال لأنّه جاء بعدها فقال له خليل: يا إلهي كم أنت طمّاع.

وفيها:(ولتقرأ الفاتحة عن روحه) والصّحيح على روحه.

وفي الصفحة67:(وتريده أن يأكل وإيّاك منه) والصّحيح أن يأكل هو وأنت منه؛ لأن إيّاك ضمير نصب وهي في الجملة مرفوعة؛ لأنّها معطوفة على مرفوع، فلا يجوز استعمال إيّاك.

وفيها:(لأمر هامّ)، والصّحيح لأمر مهمّ، وجاء مثل هذا الخطأ في صفحات أخر.
وفي الصّفحة68:(أردف محمّد خلفه) والصّحيح أردف محمّدًا خلفه؛ لأنّ محمّدًا مردوف وليس برادف.

وفيها (الحمد بألف خير) والصّحيح الحمد لله بألف خير.

وفي الصفحة84:(وعندما غادر خليل فراشه بهدوء سأله خليل:) والصّحيح وعندما غادر محمّد فراشه بهدوء سأله خليل:

وفيها:(يبدوا أنّه) والصّحيح يبدو بدون ألف بعدها لأنّ هذه الواو أصليّة، من أصل الفعل(بدا،يبدو)، وليست واو جماعة.

وفي الصّفحة86:(ولا نزكّي عند الله أحدًا) والصّحيح ولا نزكّي على الله أحدًا.

وفي الصّفحة95:(فتاتان حسناوتان) والصّحيح حسناوان لأنّها جمع حسناء.

وفي الصّفحة96:(لكنّني سأحتفظ برقم الهاتف... فمن يدريك؟) والصّحيح فما يدريك؟.

وفي الصّفحة102:(ابعث حريصًا ولا توصيه) والصحيح ابعث حريصًا ولا توصه بحذف الياء لأنّها مجزومة بلا النّاهية.

وفي الصّفحة104:(في شارع صلاح الدّين وبابي السّاهرة وباب العامود) والصّحيح وباب السّاهرة وباب العمود. بحذف الياء من(بابي) وحذف الألف من (العامود).

وفي الصّفحة111:(وقال بأنّ بينهم أدباء وشعراء ومفكرون) والصّحيح ومفكرين لأنّها معطوفة على اسم أنّ المنصوب.

وفي الصّفحة112:(بناءا على المقاعد) والصّحيح بناءً بدون ألف.

وفي الصّفحة125:(وخلّف ثلاثة أبناء وبنت) والصّحيح وبنتًا لأنّها معطوفة على ثلاثة المنصوبة.

وفي الصّفحة126:(لا يعرف الإنجليز القرويّين من المدينيّين) والصحيح من المدنيّين لأنّ مفردها مدنيّ وليس مدينيّ.

وفيها:(هل هذا الحجر طريًّا؟) والصّحيح هل هذا الحجر طريّ؟ لأنّها خبر المبتدأ مرفوع.

وفي الصّفحة152:(وقبلها شهدت حروبًا كثير) والصّحيح كثيرة.

وفي الصّفحة154:(فعدا عن أموال اليهود) والصّحيح فعدا أموال يهود بدون عن وبدون لام التّعريف ليهود.

وجاء في الكتاب قرابة أربعين قوسًا معكوسة).....) وكذلك جاء في صفحة107:(وهي تمتدّ إلى شارع الملك

جورج...). وكان الصّحيح أن يكتب الكلام على السّطر نفسه. تمتد إلى شارع الملك جورج...).
وأخيرًا وبعد هذا يستطيع الشّيخ جميل أن يتعرّف على الأخطاء الّتي وقع فيها، والأخطاء الّتي وقع فيها النّاشر. وكذلك النّاشر يستطيع أن يعرف أخطاءه من أخطاء الشّيخ. وكان بالإمكان تجنّب كلّ هذه الأخطاء لو دقّق الشّيخ كتابه.

وقال محمد موسى سويلم:

أطلّ علينا الأديب جميل السلحوت بروايته هوان النعيم، ولم يكتف بأن صوّر لنا في روايته ظلام النهار واقعا من وقائع الجهل والتخلف والمحاكاة، صورّ الحياة الاجتماعية في ذلك الزمن كأنك تراها، أو تعيشها، وها هو يضع أمامنا رواية تصور فترة زمنية تعتبر مرحلية مفصلية، زمن هزيمة خراب البلد وتهجير من لم يهجر بداية لتهويد فلسطين وليس القدس وحدها.

روى بقلم حزين قويّ كيف ضاعت البلاد والعباد، سلسلة المتآمرين الذين ارتموا في احضان الخيانة والدمار وعن أفظع الأساليب النفسية والجنسية في الإسقاط والتبعية، ولكنه أيضا بقلم المتفائل روى كيف وقف الناس ضدّ فرض المناهج الاسرائيلية في المدارس الرسمية في القدس، وكأن التاريخ يعيد نفسه، فالهجمة الشرسة على المدارس الآن، ووقوع الكثير منها تحت طائلة المادّة، والمكاسب القليلة ولا زال الصراع قائما.

أتحفنا جميل السلحوت بظلام النهار وجنة الجحيم وهوان النعيم، ولعل هناك بقية لهذا المسلسل الروائي، رسمت بكل صدق وعدم التكلف وبلغة سهلة بسيطة مقروءة ومفهومة، رسمت واقع الحياة الاجتماعية بكل أطيافها الغنى والفقر...الجهل والعلم... البخل والكرم... المواجهة والاستسلام، وكأنك تكتب في مجال علم الاجتماع أو السياسة وما لهما من مدلولات.

يا كاتبنا أرجو أن تنتظر قليلا قبل أن تحدثنا عن الحرب الأهلية في لبنان، و أثرها على الفلسطيني أو حصار بيروت أو الانتفاضة الفلسطينية، أو اكتب ما شئت فليحمك الرب ويوفقك .

وقال طارق السيد:

....السلحوت يسدل الستار على ثلاثيته تحت إمضاء بعنوان (هوان النعيم)

رواية جديدة للكاتب المقدسي (جميل السلحوت) تسبح في أروقة الزمن الجريح للمدينة الأسطورية (القدس)، يعود ليستكمل مسيرة ،بدأها في هذه الرواية بأحداث النكسة وهي الضربة المكملة لنكبة عام 1948....

نفس الأبطال يستكملون رحلة المعاناة، وهم يلبسون نفس الثياب من وطنية أو تضحية أو حتى استغلال ...

محمد وخليل يحاربون الجهل وترجمتهم في الرواية هي طريق البحث عن الحقيقة في حوار المثقفين، والبحث عن سبب النكسة وما تلاها من ويلات وخراب، وأبو سالم صاحب الشخصية المقيتة المتسلطة، والتي تعيش على ظروف الحرب والخراب ، فالخراب هو البيئة الخصبة التي ينمو أبو سالم فيها ويترعرع، إلى أن وصل إلى قمة السوء في عمالته وفي نباحه الذي أغلقت فيه الرواية بابها.

الكاتب من جديد استغل الرواية في جزئها الثالث في التوثيق التاريخي والتقليدي الذي كان يغلف مدينة القدس، وعمل جاهدا على ذكر أسماء القرى والأماكن التي سار فيها أبطال الرواية بالإضافة إلى أصناف الطعام مثل (السلق) الذي اشتهرت سلوان بزراعته في أراضيها، والعادات الكريمة التي كانت سائدة في ذلك العصر على الرغم من ضيق الظروف وقسوتها .
لذلك فمن الجيد أن تنضم هذه الرواية إلى زواية الرواية التوثيقية والتي اعتمدت في أسلوبها الأساسي على ميزة التقرير والإحداث المصفوفة والمرتبة تباعا...وكانت الأحداث متلاحقة بسرعة وبقوة لتعطي القارئ لوحة عن أحداث جرت في القدس، من جثث للشهداء اختلطت بالدماء المتسربة للتربة المقدسية، والتي تخرج في كل ربيع مع شقائق النعمان .

الرواية اكتنزت بالمعلومات التي كان من الأجدى تقسيمها على أكثر من عمل أدبيّ، كما أن صفّ الكلام في الرواية كان يحمل شكل المقالة، وحبّذا لو كانت النصوص مرتبة بشكل أفضل حتى لا تفقد من قيمة النصوص الأدبية.

أمّا بالنسبة للغلاف فقد حوى بعض الأخطاء أذكر منها:

صورة تعبر عن النكبة الفلسطينية، وليس النكسة وصورة كبيرة للقمر الذي يظهر في وضح النهار، وتتوسط الصورة طائرة كبيرة من الطراز الحديث، هي أشبه إلى صاروخ فضائي منها إلى طائرة والأرض هي جزء من صورة لبيت ريفي أوربي، والسور الخشبي المبنيّ على الطراز الغربي.

وقال رفعت زيتون:

في هذه الرواية يضعنا الكاتب أمام واقع هذا الشعب ومأساته منذ بدايتها وصفحتهاالأولى، مظاهرات وحربٌ وقمع وعسكر، وكأنّ هذا البلد قُدّر له أن يعيش ويموت في غياهبِ القيد والسجن والجرح.حتى أن الكاتب أبى إلا أن يكمل رسم كلّ ألوان هذا الواقع وبكافة أبعاده
في هذه الصفحة الأولى ، فعرّج على الكذبات الكبرى كتلك الانتصارات الوهمية التي كانت تنطلق من أبواق إذاعات "العروبة والقومية" آنذاك، وكأنّ هذه الكذبات أيضا وتماما كما الخيبات هي جزء لا يتجزّأ من اللوحة العامة.

وبذلك يكمل كاتبنا رسم لوحة روايته وحكاية هذا الشعب في صفحة واحدة، والتي كانت أولى صفحات الرواية وطبعا لم يجهد الكاتب ريشته كثيرا؛ لأنّ اللوحة كانت بلون واحد فقط يمكنكم أن تتخيّلوه. وليزيد الغصّة بالقصّة جعل من الشّاب الأكثر اندفاعا وحماسة للتدرّب، لتحرير الوطن أكتعا، وكأنه يبترُ يدَ الأمل في غدٍ أفضل وهذه صورة حقيقية صاغها الكاتب بذكاء.

عادت بنا القصة إلى أحداث حرب حزيران 1967 بكل تفاصيلها العامة، على مستوى الشارع والحكومات والجيوش، حيث الخيانات الكبيرة،وعدم الاستعداد وتكالب الأمم على هذا الشعب بما في ذلك بعض الحكومات العربية. عادت بنا الرواية إلى ذلك الجهل الذي عشّش في عقول الكثيرين إلى درجة تصديق ما لا يصدق، حتى عندما رأوا الحرب تنتهي دون حرب، وعندما رأوا الجيش الأردني ينسحب من القدس بأمر من القيادات العليا الى خط الدفاع الثاني – المرسوم مسبقا – يتساءل عبد الودود: إلى أين ينسحبون؟

فيجيب أبو علي- وما زال يعيش الكذبات الكبرى التي عشّشت في رأسه ورؤوس الكثيرين- أن الجيش سيصعد على جبل الطور؛ لأنه مكان مرتفع وسيسهل من هناك تدمير القوات المعادية.
هذه الكذبات التي ما زلنا نصدق شبيهاتها إلى يومنا هذا، ولكنها اليوم كذبات ألكترونية، وذات طابع علمي، وتأخذ بعدا إنسانيا، وطبعا أصبحت مرتبطة بالمصالح أكثر من أي شيء آخر.
هذا الجهل المقيت التي جعل الحاجة فاطمة تصدق أن الطائرة التي سقطت يومها كان بسبب "جراح" أصيبت بها من طلقات أطلقها مسدس أخيها قبل سقوطها بيوم.

أعجبني هذا التركيز في الرواية على هذا الجانب المهم والحقيقي، وهو المستوى الفكري للشعوب، والذي لو لم يكن كذلك لما استطاعت تلك الحكومات أن تمرّر على شعوبها ما تريد.
وكأنّ الكاتب يريدنا أن تكون الثورة الأولى للربيع الجديد على جهلنا قبل حكوماتنا.

وعودة الى الرواية والتي أعتبرها أفضل روايات كاتبنا، ربما لأنها لامست الجرح الأكبر والقضية الكبرى، فأقتبس كلام داود في القصة ص45 ( ليس مطلوبا من السوفييت أن يحاربوا
نيابة عنا، فلا ينقصنا الرجال، لكن تنقصنا القيادات الحكيمة والقادرة على بناء جيوش كفؤة ومتعلمة، والذي يحارب اليوم هو العلم والتكنولوجيا) وأقول أن هذه هي خلاصة التجربة والحكمة والمعركة والتاريخ، وأظنها بدأت في هذه الثورات التي نشاهدها اليوم إذا أخلص من كان وراءها، ولم تلعب بها أيادٍ لا يعلمها الا الله.

إنها بضع كلمات لو فهمت بشكل صحيح لكانت أساسا متينا لبناء بنيان الدولة الحديثة القوية القادرة على خوض حرب التحرير.

نقاط كثيرة أخرى تناولتها الرواية، وأهمها قضية العمالة والتي تمثلت، بتعاون أبي سالم وغيره مع سلطات الاحتلال، وكيف ساهموا في ترسيخ وتدعيم وبقاء دولة الاحتلال، وقد تناولها أديبنا الاستاذ ابراهيم جوهر بشكل موسع .

بعض الملاحظات التي لا بد منها وأختلف مع الكاتب عليها والاختلاف قطعا لا يفسد للودّ قضية. فقد ورد في الصفحة 32 أن الطيران العسكري يطير على ارتفاعات منخفضة، ويصطاد كل من يلبس الزيّ العسكريّ، وهذا ليس وصفا دقيقا لأن الكثير من المجاهدين والشهداء لم يلبسوا الزيّ العسكريّ، وكذلك أن الطيران لم يكن بهذه الرحمة، ولم يستثنِ أحدا، ولذا سقط الطفل والشيخ والرجل والمرأة. وسقطة أخرى كانت في قضية الجنود الذين وزعوا السردين والشوكلاته على الراعي والشاب – وربما أن هذه الحادثة كانت حقيقية – ولكنها تعطي
تعميما لا يستحقه جيش الاحتلال، بأنه جيش رحيم وحضاري، وبمجرد أن انتهت المعركة أصبح كالحمل الوديع، وأذكر ما ذكره لي والدي- رحمه الله- من ترويع للناس، وكيف ألقوه ورفاقه أرضا، وجمعوا الناس في باحات الحرم الشريف، وكيف أنهم سلبوه ساعة كانت في يده وإن شاء الله نعيدها يوما ككل شيء سلبوه، فهم لم يكونوا كراما، وإنما سلبوا الناس أمنهم وأشياءهم، ولكن لعلّي ألتمس العذر للكاتب الذي أراد توضيح فكرة ألحقها بهذه القصة وخلاصتها أّنّ هذا الجيش لديه الفائض من الطعام، فكان يوزعه حتى على أعدائه، بينما الجيش العربي يكاد لا يجد ما يسدّ به رمقه أفراده. ولكني أعتقد أن الحادثة لم تخدم الفكرة بقدر ما خدمت هؤلاء الجنود، وقطعا الكاتب معه كل الحقّ في ذكر هذه القضية ككل التفاصيل الضرورية الأخرى وكلها حقيقية، وقد حدثني والدي أيضا أن النوتردام الذي ورد ذكره

في الرواية قد استعاده الجيش العربي والثوار أكثر من مرة بالهجمات على

الإسرائليين، وأن ذلك كلفهم الكثير، ولكنهم كانوا يتركون هذا الموقع الحسّاس

عندما يجوعون، ولا يجدون من يدعمهم بالعتاد والغذاء.

هذه الرواية لكاتبنا جميل السلحوت ناجحة بامتياز فقد نجحت بِسرد الكثير من التفاصيل والأحداث على المستوى العربي والفلسطيني، وكذلك أنها تطرقت للعديد من أسباب النكبات والخيبات، وطرحت بعض الحلول كذلك.....هذه الرواية ارتقت في مستوى الحوار النفسي وتحليل الذات.

وبعد ذلك جرى نقاش شارك فيه الأديب محمود شقير، الروائية ديمة السمان، ميساء أبو رميلة، ميرفت مسك، وميسون التميمي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى