الاثنين ٢٠ شباط (فبراير) ٢٠١٢
بقلم تركي بني خالد

من يضمن جودة الإدارة الجامعية..؟؟

كل من يحمل درجة الدكتوراه بغض النظر من أين، وحقق شروط "الأستاذية" بغض النظر كيف، وعمل لبعض الوقت في منصب إداري جامعي يستطيع من حيث المبدأ أن يصل رأس الهرم الجامعي في إحدى الجامعات العربية بشرط أن تتوفر له أو لها وسائل الدعم السياسي والاجتماعي من بعض جهات النفوذ، وهناك من يقول أن منصب رئيس الجامعة ومناصب نواب الرئيس وربما العمداء هي مناصب سياسية وليست أكاديمية أو إدارية بحته!!

وحيث أن الممارسات الحالية في الوصول إلى كرسي حكم الجامعات تعتمد على آليات مركزية وخالية من الديمقراطية وأي وسيلة من وسائل الانتخاب وتمثيل رغبات المحكومين في الجامعات من طلبة وهيئات التدريس والإداريين، فان الوقت ما زال مبكرا جدا للقول بان جامعاتنا تتميز بقيادات رشيدة.

إنني اعتقد أن عقدة التعليم العالي في بلادنا هي في مركزية الإدارة. ولان القرارات تأتي من فوق إلى تحت فان من الصعب الاقتناع أن عوامل التميز والجودة ستتوطن في الجامعات مهما قيل ويقال في مدح وتمجيد الأشخاص الذين يحكمونها وتعداد بطولاتهم الإدارية المزعومة.

وحيث أن الأسلوب المركزي في إدارة أي مؤسسة يعني بالضرورة تركز السلطة وصلاحية اتخاذ القرار في أيدي عدد محدود من الأشخاص فان النتيجة الطبيعية ستكون انتشار الروتين والبطء في تنفيذ القرارات وانتشار التعقيد والإحباط لدى من يوكل إليهم أمر التنفيذ والمتابعة.

ومن أخطار المركزية في حكم الجامعات إمكانية اتخاذ قرارات خاطئة وربما مدمرة أحيانا للمسيرة الجامعية. فالقرار السيئ تمتد آثاره لتشمل جميع جوانب الجامعة. كما أن تفرد شخص أو حفنة من الأشخاص في القرار الجامعي وفرضه على كل الهيئات بالإكراه من شأنه الإضرار بمعنويات جميع العاملين في الإدارات الوسطى والدنيا.

وكذلك فان التفرد في حكم الجامعات واحتكار سلطة القرار قد يقودا إلى كوارث في العمل الجامعي لدى مجابهة تحديات تتطلب اتخاذ توجهات وقرارات إستراتيجية. وفي الإدارة المركزية انشغال في جميع الأمور مهما كانت هامشية أو بسيطة مما يعني عدم التفرغ للمهام الأساسية مثل التخطيط الاستراتيجي ووضع السياسات العامة وتدبر التمويل وغيره. لقد كنت شاهد عيان ذات مرة حيث كان نائب الرئيس منشغلا على الهاتف يخاطب ويتوسل إلى الجهات المعنية في المياه لتدبير إرسال تنك إلى إحدى الكليات العطشى ذات صيف!

وفي احتكار السلطة الجامعية تدمير للشعور بالمسؤولية لدى القيادات الدنيا حيث يشعرون أن لا قيمة لهم في إدارة شؤون إداراتهم فلا مبادرات ولا إبداعات لان الجميع ينتظر من يفكر بالنيابة عنهم.

القليل من الناس يعرف كيف يأتي حكام الجامعات إلى مواقعهم ومن هي الجهات التي تختارهم وأحيانا بدون علمهم أو سعي منهم، وحيث لا توجد معايير منشورة واليات اختيار ديمقراطية معتمدة ومؤسسية معروفة للجميع، فان الماراثون الدوري للوصول إلى قمة الهرم في إدارة الجامعة يبقى عملية سرية محوطة بالتكتم والترقب والتمني والتشفي وتقاسم الغنائم على أسس قد لا تكون موضوعية وعادلة.

وحتى مجالس الأمناء التي يأتي أعضاؤها بالتعيين قد لا يكون لها دور رئيس في اختيار حاكم الجامعة. ولا احد يعرف كيف يختار الرئيس نوابه وعمداؤه الكثر أو يتم اختيارهم له ليتعايش معهم. فلا مسابقه معلنه ولا مقابلات ولا انتخاب ولا شفافية فيأتي العمداء كالقدر بعد فترة من الانتظار والتكهن ثم يتقاطر الكل إلى مبنى الرئاسة لتقديم التهاني وكثير من النفاق المعهود.

وحتى تعيين رئيس أو رئيسة القسم الأكاديمي يأتي من فوق بعد فترة من ما يسمى بالمشاورات التي تحدث في غاية من السرية والكتمان وكثير من اللغط حول الانتماءات والولائات.

في ظل الثورة المعرفية التي نعيشها وفي زمن هبت فيه رياح الربيع العربي بات من المناسب أن يتم اختيار القيادات الأكاديمية والتربوية في بلادنا على أسس واضحة ومعايير شفافة وإجراءات عادلة مقبولة للجميع. إن منصب رئيس الجامعة أو العميد أو رئيس القسم ليس مغنما وصيدا يتم اقتناصه ممن أجادوا مهنة القنص واللعب على الحبال!!.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى