الأربعاء ٢٩ شباط (فبراير) ٢٠١٢
بقلم بوعزة التايك

هرمنا، مرضنا، صبرنا

أوقفوا المجازر في دواوين الوزارات والسفارات ومجلس النواب والمستشارين الذين لا نعرف من يمثلون ومع من يستشيرون. أوقفوا المجازر في المدارس والمستشفيات والإدارات العمومية وصندوق الإيداع والتدبير والتبذير. أوقفوا المجازر في مقالع الرمال وأعالي البحار والغابات.

أوقفوا المجازر في التوظيف والمناصب والتعيينات. أوقفوا المجازر في برامج التلفزة والندوات والمؤتمرات. أوقفوا المجازر في حق المعلمين والمتقاعدين والموظفين الصغار والأرامل. أوقفوا مسيرات خنازيركم في حقولنا. أبعدوا كلابكم عن قوافلنا . كفوا عن إيذائنا فقد هرمنا ولم نعد قادرين على التحمل.

هرمنا وهرمت أحلامنا وساعات زماننا . هرم أطفالنا وهرمت طيورنا وأشجارنا وقصص حبنا. هرمنا وهرمت حيطاننا وشوارعنا. هرمنا ولم تهرموا أنتم. لم يهرم ناهبو المال العام ولا تجار المخدرات ولا البرلمانيون. لم يهرم لا كتاب الدواوين الوزارية ولا رؤساء الأحزاب والنقابات. لم يهرم لا قائد المقاطعة ولا منشطي السهرات.

هرمنا نحن ولم يهرم المرتشون ومزورو الانتخابات. لم تهرم قنواتنا التلفزية ولا برامج تعليمنا. هرمنا وتقوست ظهورنا وشاب شعرنا ولا زلتم أنتم ترددون نفس الخطاب ونفس أسطوانة التغيير والمسار الديمقراطي بدون كلل وبنفس اليقينية .

هرمنا نحن و لن تهرموا أنتم أبدا لأن قلوبكم تدق على إيقاع خيرات وطننا العربي الحبيب..لأن أفواهكم مفتوحة لأكل ما لذ و طاب من سنابلنا الذهبية من الصباح إلى الصباح ومن المساء إلى المساء..لأن معدكم في أتم الاستعداد لهضم حتى حجر و تراب وجبال الوطن العربي.

مرضنا نحن ولم تمرضوا أنتم ولن تمرضوا لأن ثروات البلاد تطوقكم بالليل والنهار. وكيف لكم أن تمرضوا والأطباء أنتم بل والآلهة أنتم؟ نحن نمرض من كثرة الهم والغم وأنتم تمرضون من كثرة الأكل والشرب والشراب والجلوس على جبال من الذهب والغنى الفاحش. نحن نصاب بأمراض لا نعرف حتى أسماءها لأنها مكتوبة بلغتكم وأنتم تختارون أمراضكم لجعلها موضوعا للنقاش خلال سهراتكم السعيدة.

هرمنا ومرضنا وكم صبرنا على وقاحتكم وسرقتكم لأرزاقنا . كم صبرنا ونحن ندفن أحلامنا وأغانينا وعنادلنا التي كانت تغني لكم رغما عنها في أقفاصكم ساعة استراحتكم من عملكم اليومي الشاق: ظلمنا وتعذيبنا واستغلالنا والضحك على ذقوننا.

نحن المرضى وأنتم الصابرون. نحن المرضى قابعون في غرفنا المظلمة ننتظر رحمة السماء وأنتم الصابرون تنتظرون آخر الشهر للانقضاض على أجرتنا ومعاشنا لبناء إقامة للسعادة الدائمة اسمها البرلمان لمناقشة هموم ومشاكل الشعب والتعديل الدستوري وقيم الحداثة والديمقراطية وفلسفة الصبر الذي يتحلى بها هذا الشعب العربي الصبور.

شعب لن يهرم أبدا لأن تربة وطنه مصنوعة من حرير التاريخ وموسيقى الأبدية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى