الأحد ١٨ آذار (مارس) ٢٠١٢
بقلم عـادل عطية

في قلوبنا قداستك!

كثيرون بكوا في الكتاب المقدس: بكى نحميا، بكى ارميا، بكى بطرس.. بل، وبكت العذراء مريم، وبكى يسوع!

ونحن في هذه الايام نبكي، على وقع أجراس الكنائس، وهي تنقل دويّها الحزين إلى قلب كل قبطي، في توديع البابا إلى أبديته، بعد أن قال كلمته الأخيرة: "قد أكمل"، قالها وهو ينال شهادة المرض!

يالها من أوقات صعبة.. ما من كلام قادر على وصف هذا الشعور، الذي لا يمكن ادراكه إلا بعد اختباره. وحتى لو تعلمنا كيفية التعايش معه، لكن لا يمكن أبداً تجاوزه!

ومع اننا نؤمن بأن للسماء حق علينا، أن نعود لها دائماً، وإلى الأبد.. إلا اننا نحزن الحزن المقدس الذي يليق بهذه القامة. وحزننا هذا، ليس كأي حزن، بل هو احساس بأن أحد أبعاد حياتنا قد سُلب منا، سُلب ولن يعود!

نحن هنا لا نحاول اثبات عظمة البابا شنودة الثالث؛ لكي نؤمن بها، ولكننا نؤمن بها، ولذلك نحاول اثباتها، حتى لانفقد كل شعور واحساس بها!

فمع أن الكنيسة مليئة بالزهور، ولكن زهرة واحدة كانت تلفت الانتباه، هي قداسته، وكان عطره الخاص يختلف عن اريج السابقين، كان معاصراً وأصيلاً في نفس الوقت!

لقد كان البابا شنودة الثالث، ولا يزال في غيابه الحاضر، ايقونة على جيد كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، ايقونة تشجعنا على البحث عن الروعة في كل ما هو عادي؛ لنمتليء من التعجب عينه الذي ميّز الاعجوبة الالهية في تكوينه: "ورأى الله جميع ما صنعه، فإذا هو حسن جداً"!

عندما تلتقي به، تشعر بأنه جزء من اسرتك، ومن عائلتك!
وعندما تصافحه، تشعر بمحبة تغمرك.. محبة لم تشعر بمثلها من قبل، فهي دائماً: الأكثر جمالاً، وسلاماً، وبهجة!

وعندما تتحدث معه، تشعر بأنك أمام موسوعة نابضة، وتجد عظمة ثقافته تسطع من كتبه!
كان رمزاً للوجه المضيء للسامري الصالح، وهو يمد يده مسانداً للقضايا العربية، الملقاة على الأرض، ومجروحة؛ حتى اطلقوا عليه: "بابا العرب"!

وكان متمتعاً باحترام دولي؛ لالتزامه غير المتزعزع بالسلام، وبالمحبة التى نادى بها بصورة ثابتة، ومطردة!

لقد جعل المزارات والكنائس والأديرة، ينابيع غنية، وأماكن بهية، وعلامة جمال الله!

وفي تعاليمه ومحاضراته الروحية والإنسانية، كان يتكلم نوراً في الظلمة!

فأعطى القبطي احساساً بالسماء، وهوية وطنية تمتد إلى ما هو أبعد من الذات، والعائلة!
أقول لكل أخ في الحداد، ان البابا شنودة أصبح "عنوان فخرنا"، وأن عظمته لا تدعنا نفارق وجهه بمجرد انتقاله من عالمنا الأرضي!

ان تجربته الاستثنائية، بلقائه مع القائم من بين الموت، والحاضر دوماً في كنيسته، تمنحنا الاتكال على شفاعته أكثر، فأكثر!

وعزاؤنا أن: بعض الحقائق لا يخلدها التاريخ، ولكن اسطورة البابا شنودة، ستخلد للابد، وسيهمس بها الناس بكل أرجاء المعمورة!...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى