الثلاثاء ١٠ نيسان (أبريل) ٢٠١٢
بقلم ياسر الششتاوي

دماء المصريين

كان نظام مبارك أهون ما يهون عليه دماء المصريين، فكم سالت هذه الدماء في العبارات، والقطارات، وعلى الطرقات غير الممهدة، وعلى يد بوليسه وقبضته الأمنية، وقضية خالد سعيد كانت أوضح ما دل على ذلك، كما سالت على الحدود مع العدو، ولو عدّدنا سيعينا الحصر، ولم نجد من الأفعال ما يثبت أن هذه الدماء لم تذهب هدرا !!

كان الدم المصري في عهده أرخص من زجاجة مياه معدنية، وكان الشعب يتحمل ويصبر في انتظار اللحظة الفاصلة.

عندما جاءت تلك اللحظة الفاصلة، وكان النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة، كان له أيضاً موعد مع الدم بما سال من دماء الشهداء في ميدان التحرير في ثورة يناير التي كانت نتيجة طبيعية لمساوئ عصر مبارك.

أشرق عهد جديد بدماء الشهداء التى لولاها ما نجحت تلك الثورة، فقدر الجميع تلك الدماء، وأكبرَ ما بذلت من أجل الوطن، لأنها بذلت دماءها من أجل دماء الآخرين، وأثبتت تلك الدماء أن الشعب المصري ليس خانعاً كما كان يروج المروجون لذلك،واستبشرنا، وقلنا سيصبح لدماء المصري كرامة أي كرامة وحرمة وأي حرمة، وتوالت الأحداث التي تثبت عكس ذلك فما زالت دماء المصريين تسيل وما زالت لا تعامل بما ينبغي أن تعامل به، وما يليق بما أنجزت!!

أصبح غياب الأمن هو السفاح الذي سيطر على أحداث العديد من المآسي التي روعت المواطنين في جميع أنحاء الجمهورية، وأصبح اللصوص والبلطجية يمتلكون اليد الطولى في امتصاص دماء الأمن خاصة عندما يأتي الليل كأنهم خفافيش الترويع والأذى، وما زال الكثير منا يذكر ما وقع له، أو سمع عنه من قطاع الطرق وما فعلوه بالأبرياء، وها هي دماء المصريين تسال على يد الخارجين على القانون الذي يكون أسهل شيء عليهم قتل الآخرين، فمن يحمي دماء المصريين؟!! أإن كان أمن كما في السابق ندفع ضريبته قمع وبطش وتنكيل؟! وإن كانت حرية كما في الوقت الحالي ندفع ضريبتها فوضى ودمار وتخريب؟!

جاء المجلس العسكري لحكم البلاد بقلة خبرته السياسية، مما أوقعه في العديد من الأخطاء التي أدت أيضاً سقوط جرحى ودماء !!

دماء مرة أخرى وفي العهد الجديد، وكأننا لا نتعلم من أخطائنا، علاوة على أن هناك من يخطط لمصر ألا تستقر سواء في الداخل أو الخارج، ولا ينكر هذا إلا قصير الفكر أو حسن النية إلى درجة البلاهة !

خسر الكثير من رجال الأعمال نفوذهم ومصالحهم بعد الثورة، فلقد كان النظام السابق المأوى الآمن لفسادهم، وأكبر معين على تضخم ثروتهم، وما تزال حسرتهم على هذا النظام، وحقدهم على الثورة تدفعهم إلى أن ينفقوا، وينفقوا من الأموال التي أخذوها بالباطل في سبيل إشاعة الفوضي، وإسالة دماء المصريين، وهناك الآلاف من المجرمين وجوعى وعاطلي النظام السابق الذين ينفذون خططهم بنجاح مقابل ما يلقى إليهم من مال، ولكن أي مال يساوي قطرة دم مصري أو مصرية؟!! إن أي فرد يسعى لسفك الدم المصري في هذا الوقت الحساس، يجب أن يحاسب بتهمة الخيانة العظمى، لأن في هذه الفترة قطرة دم يمكن أن تجر وراءها بحار من الدم، وعواقب لا يعلم مداها إلا الله.

من ينقذ دماء المصريين؟ قد يلقي البعض باللوم على المجلس العسكري أو يحمله مسؤولية ما يحدث.

ها هي أحداث ماسبيرو ثم أحداث محمد محمود ثم جاءت أحدث بورسعيد المفجعة التي تدل بوضوح، وتثبت ما نقول من أن هناك من يدبر ويخطط ويدفع من أجل ضياع مصر وإغراقها في الدم.

دماء المصريين أصبح هناك من يتاجر بها، ويجعلها رهانه الأخير في إسقاط الدولة، فمن ينقذ دماء المصريين؟ مع العلم أن مخططات هؤلاء لن تنتهي، وواهم من يظن أن خطط هؤلاء ستنتهي في القريب، حتى لو تم نقل السلطة إلى سلطة مدنية !!

من ينقذ دماء المصريين؟؟ لا بد من خطة في سبيل ذلك، ينفذها الشعب كله معاً، ولا أمل في النجاة سوى أن نكون متحدين في هذه الفترة خاصة، فالتجارب والشواهد أثبتت أن المصريين يمكن أن يصنعوا المعجزات لو اتحدوا،

فلن تفلح السلطة وحدها مهما كانت عسكرية أو مدنية أن تفعل كل شيء وحدها، لا بد أن نعرف جميعاً قيمة الدماء المصرية وحرمتها، وأن نجعل حمايتها غاية مقدسة، فلقد جعل الله حرمة النفس أكبر من حرمة الكعبة نفسها، فلن يصبح لأي شيء قيمة في الوطن، ما دامت دماء أصحابه ليس لها قيمة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى