الأربعاء ١١ نيسان (أبريل) ٢٠١٢

عن حيفا وأم كلثوم

علي بدوان

قد يفاجىء البعض بسيل المعلومات المتدفقة عن حال مدينة حيفا قبل النكبة، ونهوضها وتميزها كمدينة عامرة ثقافياً واقتصادياً، وكمركز استقطاب في عموم فلسطين.

وفي جلسة طويلة، انتعشت بها ذاكرة عدد من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا من أبناء مدينة حيفا، حيث يذكر كبار السن ان مدينة حيفا كانت مشروع مدينة متطورة جداً، في جوانب مختلف منها. فبعضهم (من حضر على مسارحها) تحدث عن عميد المسرح العربي يوسف وهبي الذي عرض على مسارحها مع فرقة "رمسيس" على خشبة مسرح "عين دو"..
وبعضهم تحدث عن احتضان المدينة حفلات غنائية لفريد الأطرش وأسمهان وصباح حضرها آلاف المعجبين الفلسطينيين. كما تحدث أخرون عن أم كلثوم، التي نالت لقب " كوكب الشرق" من فلسطين وفي مدينة حيفا بالذات عندما غنَّت على خشبة مسرح "الانشراح" المشهور في حيفا، ويقال وفق تأكيدات قاطعة بأن المرحومة ام داهود (ام داوود) الحيفاوية وزوجها من عائلة غنام من طيرة حيفا، والتي لجأت الى سوريا وأقامت في مخيم اليرموك، وتوفيت ودفنت في مقبرة باب الصغير هي التي أطلقت عليها لقب كوكب الشرق وذلك بعد حضورها حفل لأم كلثوم في حيفا عام 1946..

أم دهود، الفلسطينية، التي كانت تدخن بشراهة، عاشت نحو ستة سنوات أثر اللجوء الي سوريا في جامع الصابونية في حي الشاغور الدمشقي الى جانب عشرات العائلات الفلسطينية اللاجئة الى سوريا، وانتقلت الى مخيم اليرموك بعد انشائه عام 1954، وتوفيت عام 1966. أذكرها وأنا طفل صغير، وأذكر حديثها وحديث الحيفاويين عن أعراس حيفا وسهرات العائلات الحيفاوية التي لم تكن لتحلو الا بوجودها.

ويؤكد الفلسطيني المسن محمود الداورجي بأن الناس كانت تفد إلى الصالات من مختلف قرى ومدن فلسطين لمشاهدة أفلام محمد عبد الوهاب وليلى مراد ونجيب الريحاني وغيرهم. واستضافت حيفا شعراء وكتاباً بارزين من العالم العربي: خليل مطران، محمد مهدي الجواهري، واستقبلت شخصيات عربية وأجنبية متميزة.

حيفا اليوم، لم تعد كما كانت، لكن في قلبها وقلب أبناءها من الصامدين على أرضها ومن أبناءها في الشتات ملامح لم يستطع التاريخ أن يمحوها فهم " محكومون بالأمل " على حد تعبير سعد الله ونوس.

كانت محطة الذكريات الحيفاوية في مخيم اليرموك في التوقف عند حي وادي النسناس. الحي العربي الأكبر.ملامح التاريخ قليلة فيه، لكن لا حاجة للحجارة، لا يزال البشر يعيشون هناك منغرسين على أرض فلسطين ينتظرون عودة الأحبة من دياسبورا المنافي والشتات من مخيم اليرموك وغيره.

لقد بلغ عدد سكان المدينة في نيسان 1948 مايقارب (170) ألف نسمة، منهم (60) ألف نسمة من لبنان وسوريا، (20) ألف من اليهود الفلسطينيين ومن المهاجرين من يهود أوربا، و (90) ألف فلسطيني بقي منهم بحدود (10) آلاف نسمه في الحي القديم المسمى وادي النسناس وفي جواره المحيط، في العالم اليوم 900 ألف حيفاوي يمتدون من مخيم اليرموك الى عمان وبيروت وصيدا وصولاً الى كندا والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي وأستراليا.
ودخل الى سوريا عام النكبة قرابة (7) آلاف نسمة مواطن حيفاوي من ابناء المدينة، بينما استقر باقي أبناء المدينة في الأردن ولبنان والضفة الغربية وباقي دياسبورا الشتات والاغتراب، بينما لجأ الى قطاع غزة قسم من عائلة الأسود. وفي الواقع الحالي فان أعداد أبناء مدينة حيفا في سوريا يتجاوز (40) ألف نسمه، أما أبناء قضاء حيفا، فينوف على (160) ألف نسمة من نحو (650) الف لاجيء فلسطيني في سورية مع نهاية العام 2011.

علي بدوان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى