الأحد ٢٢ نيسان (أبريل) ٢٠١٢
الأدب العربي الحديث بالفارسية

شؤونه وشجونه

بقلم موسى بيدج- ايران

لا يخفى على أحد أن العرب والإيرانيين يشتركون في جغرافيا الزمان والمكان وفي الثقافة والدين.

و في لغتنا الفارسية، قلما نجد جملة تخلو من مفردة عربية، إن كانت على مستوى الحوارات اليومية أو الكتابات الصُحُفية و النصوص الأدبية. و بهذا المعنى، تكون اللغة العربية في الفارسية ليست لغة دخيلة انما لغة ضليعة في بنيانها و مكوناتها، تساعدها لصياغة معانيها و تتواصل معها في شؤونها و شجونها.

هذا التمازج اللغوي بين لغتي عالم الإسلام الأولى و الثانية(العربية و الفارسية) يحثنا و يلزمنا أن نكون على اتصال دائم و تواصل حثيث يساعدنا على تنمية اواصر الأخوة و الصداقة واستثمار مساعيها في مواجهة المستجدات التي من الممكن أن تعيق تطلعاتنا وأمانينا و طروحاتنا المستقبلية. ومن هذا المنطلق سأتكلم لكم عن واحدة من أهم القنوات التي كانت و مازالت تتحاور بين اللغتين والثقافتين الا و هي النتاجات الأدبية التي عبرت الحدود بين الأمتين من دون الحاجة الى تأشيرة و من دون الحصول على موافقة الدوائر المتعددة. و ما أسهل ما كان العبور سابقا. مثلا عندما نفتح ديوان الشاعر الكبير حافظ الشيرازي نجد على صفحته الأولى قصيدة غزلية فارسية تبدأ و تنتهي بمصراعين باللغة العربية فنقرأ في البيت الأخير من هذه القصيدة:

حضوري گر همی خواهی از او غايب مشو حافظ

متى ما تلق من تهوى دع الدنيا و أهملها

أي: اذا كنت تطلب منه حضورا فلا تغب عنه يا حافظ

و قبل زمن حافظ بأربعة قرون، كتب المتنبي شاعر العرب الأكبر يتغنى ببساتين شيراز و الى يومنا هذا.

في الحقيقة لا أريد أن أغوص في التاريخ و الأدب العربي و الفارسي قديما فقد كتب عنه و خاض غماره الكثيرون و ترجم منه و اليه كبار الشخصيات الأدبية مثل عبدالوهاب العزام و الشواربي و احمد رامي و الدسوقي شتا في مصر و الفراتي و التونجي و العاكوب في سوريا و فكتور الكك في لبنان و محمداللوزي في المغرب العربي و غيرهم في الأقطار الاخرى. كما لا يسمح لنا الوقت كي نتكلم عن الترجمة في المجالات الأخرى كترجمة الكتب الفكرية و الفلسفية و الدينية و كمعلومة فقط سأقول لكم أن معاني المصحف الكريم قد ترجمت في العقود الثلاثة الأخيرة الى الفارسية أكثر من ثلاثين مرة. كما وجد علماء فقه اللغة أكثر من أربعين مفردة فارسية الاصل في القرآن الكريم و لأننا نعيش زمن العولمة و عالم المعلوماتية و الرقمية سآتي بكم للعصر الحاضر لأتكلم باختصار بلغة الأرقام عن ترجمة الادب العربي الحديث في إيران.

عقد الستينيات:

زمن التعرف على الأدب العربي الحديث

عقد الستينيات من القرن الميلادي المنصرم هو العقد الذي بدأت فيه حركة الترجمة من الأدب العربي الحديث الى الفارسية. قبل تلك الحقبة كان أغلب الذين يجيدون اللغة العربية ليترجموا عنها من خريجي المدارس الدينية. و تباعا لتطلعاتهم الدينية كانوا يميلون إلى نصوص لا تبتعد كثيرا عن نشر التعاليم الأخلاقية و النصائح الدينية. و على هذا الأساس نرى الروايات التاريخية لجورجي زيدان التي تعالج مثل هذه الأمور، تترجم إلى الفارسية واحدة تلو أخرى إلى أن أصبح رصيد هذا الكاتب العربي خمسة و عشرين كتابا مترجما.

كما نعلم أن عقد الستينيات المذكور، كان زمنا للتغيير في منطق القصة و القصيدة. و إن كانت هذه التحولات قد بدأت قبل هذا التاريخ بعقد أو أكثر و لكن المعروف أن الشعر العربي الحديث إرتقى قمة نضوجه في الستينيات و في هذا العقد بدأت الشعوب العربية تتحرك نحو المقاومة بشكل أكثر علانية و خاصة في مجال دعم الثورة الفلسطينية التي شكلت مفهوما جديدا في الأدب العربي يراد منه التحرر ليس من براثن الإحتلال فحسب و إنما لتحفيز الشعوب العربية و نهوضها للحصول على حقوقها المشروعة.

عقد السبعينيات:

زمن الأدب الثوري

عندما يكتب الشاعر عن فلسطين أو يمدح فيها روح المقاومة جل ما يتمناه هو أن يتسرب شيئا من أفكار المقاومة الى رؤوس أبناء بلده لكي يقاوموا الظلم و الجور الذي يمارسه حكامهم . و هكذا عندما يتغنى الشاعر و يشيد بالحراك الثوري عند الشعوب الأخرى. مثلا عندما كتب عبدالوهاب البياتي قصيدة يقول فيها على أبواب طهران رأيناه أو عندما كتب بلند الحيدري إلى زنجي من آلاباما. أو حين كتب نزار قباني هوامش على دفتر النكسة و كتب أمل دنقل لاتصالح. أو حين كتب آخرون عن حركات النضال في العالم، لا شك أنهم كان يهيئون الأرضية لشعوبهم للانضمام الى حركات التحرر العالمية. على غرار ذلك نرى المترجمين حين يترجمون مثل هذه القصائد فهم يطمحون الى تحويل أنظار أبناء مجتمعاتهم إلى مثل هذه التطلعات. وفي ايران منذ نهاية الستينيات الى انتصار الثورة في نهاية السبعينيات كانت الترجمة من الشعر العربي تتحرك و تجري في خباياها و نواياها في هذا النهر. فقد ترجمت قصائد كثيرة لمحمود درويش طبعت في خمسة مجموعات على الأقل و ثلاثة كتب للبياتي و كتب لنزار قباني و الفيتوري و معين بسيسو. كما ظهرت ترجمات لقصائد ملتهبة تحث على المقاومة في الجرائد اليومية و المجلات الأسبوعية و الشهرية. و الى جانب ذلك تم نقل بعض قصص غسان كنفاني عن المقاومة. هذه النتاجات و ان كانت تحاكي الثورة الفلسطينية لكنها لا تمانع من تحويل أنظار القارئ الإيراني الى اوضاع بلده .

و طبعا كان التوجه العام آنذاك لا يصب في دائرة الترجمة من الأدب العربي و إنّما كانت و لاتزال الترجمات من الآداب الغربية هي المهيمنة على الساحة الأدبية.

عقد الثمانينيات:

زمن الحرب و قصائد المقاومة

بعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران عادت اللغة العربية لتستعيد مكانتها في سلم الأولويات بين لغات العالم. و مع أنه انقضى العقد الثمانيني بالحرب العراقية الإيرانية، الا أن وتيرة الترجمة من الأدب العربي أخذت بالتصاعد. لأن الإيرانيين لم يكونوا يفكروا كما كان يروج له النظام العراقي السابق بأن الحرب هي حرب العرب و الفرس. انما كانوا على يقين بأنها حرب شنها حزب البعث -و ليس شعب العراق- على إيران.

و من هذا المنطلق، جاءت الترجمات من الشعر العربي الحديث في عقد الثمانينيات في الغالب من شعر المقاومة الفلسطينية. فقد صدرت كتب تحتوي قصائد مترجمة لمحمود درويش و سميح القاسم و معين بسيسو و فدوى طوقان و عزالدين المناصرة و أحمد دحبور و محمد القيسي و قصائد كثيرة لشعراء آخرين. كما استمرت ترجمات لشعراء من الأقطار العربية الأخرى مثل البياتي و نزار قباني في قصائد ذات الطابع السياسي. و على سبيل المثال فقد ترجمت قصيدة أنشودة المطر للسياب التي تعتبر قصيدة مقاومة ذات منحى إجتماعي من قبل ستة مترجمين و جاءت احدى الترجمات عبر لغة وسيطة أي من الانكليزية كما ترجمت قصص غسان كنفاني لتقف الى جانب قصص المقاومة الإيرانية.

و عند هذه النقطة أود أن أشير الى أن ترجمة شعر المقاومة العربي قد أثر على جيل الشعراء الشباب الإيرانيين الذين لم يكن لهم أية خلفية في شعر المقاومة فصاروا يستلهمون صورا و رموزا و معان يوظفونها في قصائدهم الملحمية و خاصة في قالب قصيدة النثر التي تقترب في شكلها و اسلوبها من قصائد الترجمة. هذا التأثير الجلي يحتاج الى فرصة أوسع لدراستة بعمق و دقّة.

و طبعا عندما تخوض البلاد حربا، لا شك أن القصائد ذات المنحى العاطفي الشخصي تتراجع لتحل محلها قصائد حب الوطن و الاعتزاز بالأرض و التربة و الناس و الإشادة بالبطولات و غيرها من المثل العليا في مضمار المقاومة.

في أواخر عقد الثمانينيات، حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب. قبل هذا التاريخ لم يكن محفوظ مترجما إلى الفارسية الا برواية واحدة و هي اللص و الكلاب. بعد فوز هذا الكاتب، بدأت ترجمة رواياته تظهر في السوق الثقافية الإيرانية واحدة تلو الأخرى.

عقد التسعينيات:

زمن الأدب الاجتماعي والقصائد العاطفية

قبل الدخول إلى عقد التسعينيات، وضعت الحرب أوزارها و عاد المقاتلون إلى ديارهم مثقلين بذكريات أليمة. فالحرب كيفما جرت، لاتخرج نتائجها الا بالأنقاض و الركام و السقوف المحطمة و المدن الخراب. و هناك بدأت حركة واسعة وجهتها البناء و إعادة الإعمار و كانت النفوس المنهكة تحتاج إلى هدوء و استقرار. الا أن حربا أخرى بدأت تلوح في الأفق الا و هي حرب الفوارق الطبقية و حرب الفقر و الغنى و المطالبة بالحقوق من قبل المكونات الاجتماعية و منها المرأة فظهرت عشرات القصص و الروايات و مئات القصائد للشاعرات اللاتي دخلن معترك الحياة الثقافية. بعد أن أخذت كفة الفعاليات النسائية تتزايد بسرعة فائقة بحيث وصلت النسبة المئوية للطلبة الجامعيين خمسة و ثلاثين بالمئة للذكور، مقابل خمسة و ستين بالمئة للإناث.

في ساحة الترجمة الشعرية بدأت القصائد ذات المنحى الاجتماعي تتسرب الى الصحف و المكتبات و كذلك القصائد ذات المنحى المطالب بالحقوق الشرعية و القانونية للمرأة. فإلى جانب نزار قباني و قصائده المنشغلة بشؤون المرأة، برزت كتب تحمل بين طياتها قصائد للشاعرة الكويتية الدكتورة سعاد الصباح و السورية غادة السمان. و بما أن المقاتل، يحتاج إلى استراحة، إنتشرت في الميادين الثقافية انواع من الكتابات الناعمة و بنكهة صوفية لتحاكي الروح العصية في الشوارع الصاخبة، لتخفف عنها أعباء الحياة، فظهرت على الساحة آثار من اللغات الأخرى أمثال تعليمات كاستاندا، و أوشو، و كوئيلو و من العالم العربي، انهالت كتابات جبران خليل جبران على المكتبات. فقد ترجم عنها ما لم يترجم و أعيد طباعة ما كان مترجما من قبل، و بصريح العبارة نستطيع القول أن كل كتابات جبران قد إنتقلت من اللغتين الإنكليزية و العربية الى الفارسية و من قبل الكثير من المترجمين و بطبعات متعددة.

الألفية الثالثة:

إتساع مساحة الأدب العربي

مع بداية الألفية الجديدة، ظهرت بعض الأقلام الشابة التي بدأت تترجم من الادب العربي الحديث، وازداد رصيد الكتب المترجمة، وإتسعت مساحة التعرف على هذا الأدب شعرا و نثرا. فقد صدرت بعض الانطولوجيات الشعرية تحمل في طياتها بانوراما عن الشعر العربي الحديث موزعا على أقطاره، و مجاميع شعرية لشعراء لم يترجموا من قبل، كما ظهرت روايات و مجموعات قصصية من العربية لأسماء خارج نطاق الأسماء الأربعة الذي استولت على ساحة الرواية العربية المترجمة و هي جورجي زيدان، غسان كنفاني، جبران خليل جبران، و نجيب محفوظ. فظهرت كتب لتوفيق الحكيم، و الطيب صالح، و عبدالرحمن منيف، و الياس خوري، و نوال السعداوي، و اميل حبيبي، و احسان عبدالقدوس و أحلام مستغانمي و من الشعراء لأدونيس و محمد الماغوط و أنسي الحاج و أحمد مطر و نوري الجراح، و محمد علي شمس الدين. كما ظهرت قصائد للكثيرين و من الأجيال الشعرية المتتابعة التي يتعذر علينا إحصاءها ضمن هذه الدقائق القليلة.

و في مجال الأدب المسرحي ظهرت في العقدين الأخيرين كتب أدبية لا تتعدى العشر مسرحيات أهمها أصحاب الكهف لتوفيق الحكيم و مأساة الحلاج لصلاح عبدالصبور.

و من ناحية الدراسات النقدية، أضيفت بعض الكتب الى المكتبة الايرانية مترجمة. لايزيد عدد هذه الكتب البحثية على خمسة عشر كتابا و من بينها نشير الى تاريخ الأدب العربي لحنا الفاخوري و النقد الأدبي لشوقي ضيف، و اتجاهات الشعر العربي الحديث لإحسان عباس و الصوفية و السريالية لأدونيس.

من جهة أخرى، ترجمت بعض النتاجات النثرية لشعراء و كتاب آخرين مثل الأيام لطه حسين و قصتي مع الشعر لنزار قباني و يوميات الحزن العادي لمحمود درويش.

ملاحظات

إذا أردنا أن نحصي الكتب المترجمة من الأدب العربي الحديث الى الفارسية في غضون العقود الأربعة الماضية، سنحصل على أكثر من ثلاثمائة كتاب مترجم شعرا و نثرا. هذا العدد الفقير لا يشغل حيزا كبيرا من حصة الترجمة الأدبية عن الآداب العالمية الحديثة. مع هذا، اشتهرت بعض الأسماء و صارت علما في مجتمعنا الثقافي يعرفها القارئ المحب للأدب العالمي و هم:

أولا: جبران خليل جبران

ترجمت أعمال هذا الشاعر و الكاتب اللبناني الى الفارسية كاملة و طبعت مرارا و حظيت باستقبال الجمهور على أوسع نطاق. السبب الرئيسي في شهرة جبران هو أنه يخاطب في كتاباته الروح المعذبة للإنسان و خاصة في الشرق بكلام ناعم ليس فيه سطوة و استعلاء. يريد بذلك التقليل من أوزار المعاناة التي تثقل كاهله. كتب جبران في حياته حوالي عشرين كتابا، لكن ما أحصيناه من عناوين سجلت رسميا في المكتبة الوطنية وصلت الى أضعاف هذا العدد. و إن هذا المعني إن دل على شيء فهو يدل على طباعة أعمال هذا الشاعر تكرارا في العناوين و النسخ من جهة، و على الطلب المتزايد عليه من جهة أخرى. و ظاهرة جبران لم تتكرر مع أي من كتاب العالم في بلدنا.

و من بين كتب جبران، كتابه النبي، ترجم الى الفارسية حوالي عشرين مرة على الأقل، و من اللغات العربية و الانكليزية، و الفرنسية و وصلت بعض طبعاته الى الاربعين طبعة و مازال جبران الى يومنا هذا هو الاسم الأول من بين الأدباء العرب المعاصرين في ايران.

ثانيا:نزار قباني

بدأت ترجمة أعمال نزار قباني قبل انتصار الثورة في ايران. كانت الترجمة آنذاك من قصائده السياسية. لكنها تحولت الآن الى الطلب على قصائده العاطفية. ترجم لهذا الشاعر ثمانية و عشرين كتابا، شعرا و نثرا، تكررت طباعة البعض منها. كما أسس بعض الشباب مواقع مختصة بأعماله على الانترنت نشروا فيها قصائده المترجمة الى الفارسية و صاروا يكتبون عنها. و الطريف ذكره أن كتابي الذي يحتوي مختارات من شعره و عنوانه بلقيس و قصائد حب أخرى و الذي اعيد طبعه مرات عديدة ، قد ترجم الى لغة البريل الخاصة بالمكفوفين ليتسنى لأولئك المحرومين من حاسة البصر قراءته.

قصائد نزار قباني تحتاج الى بعض الرتوش بالفارسية، لأن التقاليد السائدة في مجتمعنا لاتسمح بالتغزل بتضاريس الجسد التي تدل على فعل الحب أكثر مما تدل على التغني بالروح و الضائقة الانسانية.

ثالثا: نجيب محفوظ

روايات و قصص نجيب محفوظ تتحدث عن وقائع مجتمع يشبه كثيرا المجتمع الإيراني من حيث النسيج الإجتماعي، و التقارب الثقافي بين آلام و أحلام الشعبين. على هذا الأساس، بعد أن تعرف القارئ على هذا الكاتب الكبير، بعد فوزه بجائزة نوبل للآداب، أخذ الطلب على أعماله يزداد يوما بعد يوم. بحيث بلغت الكتب المترجمة منه خمسة و عشرين عنوانا تكررت طباعة بعض العناوين نذكر منها ميرامار، اللص و الكلاب، زقاق المدق، ثرثرة فوق النيل، الشحاذ، يوم قتل الرئيس و غيرها.

رابعا: محمود درويش

محمود درويش هو شاعر فلسطين الأول. ترجم الكثير من أعمال هذا الشاعر على امتداد العقود المختلفة و لأن درويش يكتب شعر المقاومة ترجمت قصائده و لاقت رواجا في حقبة النضال ضد النظام السابق في ايران كما استمرت في زمن الحرب العراقية الايرانية و لان قصائده تحكي الى جانب المقاومة عن الحب و العواطف الانسانية، لاتزال أعماله متداولة في مكتباتنا و نرى له بين فينة و أخرى أعمالا جديدة بحيث بلغت أعماله المترجمة، ثمانية عشر عنوانا نذكر منها آخر الليل، أوراق الزيتون، العصافير تموت في الجليل، الحصار، الجدارية، و آخر ما صدر له كتاب أثر الفراشة بترجمة الشاعرة الشابة مريم حيدري. و يبقى الفضل في ترجمة الكثير من أعمال هذا الشاعر للمترجم الأديب موسى أسوار.

خامسا: سعاد الصباح

الشاعرة سعاد الصباح، معروفة على مستوى المجتمع الثقافي الإيراني و خاصة بين الشاعرات اللاتي لا يكُفَّن إطراء بجرأتها في الحديث عن الحب و العاطفة و مطالبتها بحقوق المرأة من منظار إمرأة شرقية تراعي جغرافية مجتمعها بكلامها الجريء و المحتشم بنفس الوقت. ترجم لسعاد الصباح خمسة من مجاميعها الشعرية تحت إثنتي عشر عنوانا. يتضح لنا من خلال صفحاتها أن بعض المجاميع الشعرية لها ترجمت بعناوين مختلفة. مثلا مجموعتها فتافيت إمرأة، ترجمت بعنوانين لا يقتربان من العنوان الأصلي بشيء و هما: أسرار إمرأة و شظايا إمرأة. و مجموعتها في البدء كانت الأنثى ترجمت بقلم ثلاثة مترجمين و إمرأة بلا سواحل أيضا نقلها الى الفارسية ثلاثة مترجمين. اما كتابها قصائد حب فقد ترجم مرتين.

سادسا: غادة السمان

ترجم للكاتبة و الشاعرة السورية غادة السمان، في إيران اثنتي عشر كتابا. تكررت ترجمة بعضها كالرقص مع البوم و الحبيب الإفتراضي و كما ذكرنا عن الشاعرة سعاد الصباح، فالمجتمع الثقافي الإيراني رحب بقصائد السمان لإحتواءها على موضوعات تخص المرأة في مجالات حياتها المختلفة. لكن الفرق الذي يبدو لي كقارئ متابع للقصائد التي تكتبها السمان مقارنة بقصائد سعاد الصباح، فإن الأخيرة من ناحية البنية الفكرية و الثقافية أقرب الينا من الأولى أيّ السمان. و لعل الجوار الجغرافي هو أحد أسباب هذا التقارب.

سابعا: أدونيس

يعتبر الشاعر و الباحث السوري أدونيس، من أهم من تبقى من جيل الرواد في القصيدة العربية. زار أدونيس إيران قبل حوالي خمسة أعوام و استقبلته الأوساط الثقافية و خاصة العلمانية منها بحفاوة بالغة. و أقامت له ثلاث أمسيات شعرية على الأقل سافر خلالها الى مدينتي أصفهان و شيراز و كتب عن مشاهداته في هذه الرحلة. صدرت لأدونيس في إيران سبعة مجاميع شعرية مترجمة و ثلاثة كتب نثرية و كتابا عن رحلته الى إيران و يعتبر إسما مقروءا. و الجدير ذكره أن قصائد هذا الشاعر لم تترجم من العربية فحسب بل من اللغتين الانكليزية و الفرنسية أيضا.

هذه النقطة تحثنا على أن نأتي على ذكر بعض السلبيات في ترجمة الأدب العربي في إيران و التي نعتبرها شجونا يجب الاحتراز عنها و هي:

أولا: ترجمة الأدب العربي شعرا و نثرا عبر لغة وسيطة، مثل الانكليزية و الفرنسية، قد تؤثر على النقل الأمين للنص و تخرجه عن طوره. مثلا: أعمال نجيب محفوظ و أدونيس و محمود درويش و نزار قباني و غيرهم نقلت عبر هذه اللغات أكثر من مرة.

ثانيا: عدم وجود مركز لتسجيل الأعمال قيد الترجمة و ذلك لتجنب التكرار و تفويت الفرصة على أعمال تستحق الترجمة.

ثالثا: دخول شباب غير متمرسين الى ساحة الترجمة من شأنه أن يشوه صورة النصوص المترجمة و بالتالي التقليل من جودة الإبداع.

رابعا: عدم إهتمام المراكز الثقافية العربية و عدم اكتراث الحريصين على نشر الأدب العربي في العالم بالترجمة الى اللغة الفارسية تقلل من عزم المترجمين على الاستمرار.

و أخيرا فان الترجمة الأدبية هي الطريقة المثلى للتفاعل المستمر بين الحضارات و في اطار المنظومة الإنسانية و التعرف على شؤونها و شجونها، سيساعدنا في تنشيط حركتها و ترشيد أداءها.

و عليه فإن ما ذكرناه عن ترجمة الأدب العربي في إيران يلزمنا أن نعترف بأن ما ترجم لا يواكب حدثا كبيرا يسمى الأدب العربي الحديث، و لكن يبقى أن نضيف أن ما ترجم من أدبنا الايراني الحديث الى العربية لا يشكل عشرة بالمئة من هذا المقدار و هو ما يستوجب الأسف.

ولا شك بأن التئام هذا الملتقى يعتبر خطوة جريئة في سبيل جسر الهوة و تحقيق الحوار الحضاري الذي حملت مجلة العربي رسالتة طوال نصف القرن الماضي من عطائها .

نحن في ايران نتطلع الى مثل هذه الملتقيات ان تسهم في رفد و اسناد الحراك الثقافي و الادبي الناشط في ايران باللغة العربية لان مثل هذه الجسور سوف تخدم الثقافة العربية و الفارسية على حد سواء .

بقلم موسى بيدج- ايران

ورقة شارك بها الكاتب في ملتقى مجلة (العربي) الحادي عشر

الثقافة العربية في المهجر


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى