الأحد ٢٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
بقلم راضي صدوق

توفيق زيّاد

(1348 هـ - 1415 هـ) (1929م – 5/7/1994م)

ولد توفيق أمين زيّاد في مدينة "الناصرة" بفلسطين وأنهى دراسته الثانوية فيها، وخرج الى الحياة العملية وانخرط في الحركات الوطنية والحزبية في وقت مبكّر، وانتهى به الأمر الى الانتساب للحزب الشيوعي في فلسطين المحتلة، وتفرغ للعمل في الحزب. (*) اشتغل في الصحافة، انتخب رئيساً لبلدية الناصرة (1978م) وظلّ يشغل هذا المنصب حتى وفاته في حادث سير قرب مدينة "أريحا".

كان شاعراً مُقلاً في الخمسينيات ثم تدفقت شاعريته مع تزايد جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني الصامد، فصوّر بشعره معاناة هذا الشعب وكفاحه ومواجهته للتعسّف والاضطهاد في ظل الاحتلال.

يعتبره النقاد والدارسون في عداد الجيل الأول من شعراء المقاومة الروّاد في الوطن المحتل مع حنّا أبو حنّا وسالم جبران.

كتب – الى جانب الشعر – المقالة والدراسة والقصة، وله عناية خاصة بالأدب الشعبي الفلسطيني.

شعره مُحدث، حماسي، قوي العاطفة متميز في الأسلوب والنزعة، ويتركز حول النضال الفلسطيني والتحدي والصمود في مواجهة الاحتلال الصهيوني. تُرجم كثير من شعره الى مختلف اللغات في العالم، وتناوله عديد من الدارسين العرب والأجانب بالبحث والدرس.

آثاره:

1- أشدّ على أياديكم / شعر (مطبعة الاتحاد، حيفا، 1966م).

2- أدفنوا موتاكم وانهضوا / شعر (دار العودة، بيروت، 1969م).

3- أغنيات الثورة والغضب / شعر (بيروت، 1969م).

4- أم درمان المنجل والسيف والنغم / شعر (دار العودة، بيروت، 1970م).

5- شيوعيون / شعر (دار العودة، بيروت، 1970م).

6- كلمات مقاتلة / شعر (دار الجليل للطباعة والنشر، عكا، 1970م).

7- عمان في أيلول / شعر (ط1: مطبعة الاتحاد، حيفا، 1971م. ط2: دار الفارابي، بيروت، د.ت.).

8- تهليلة الموت والشهادة / شعر (دار العودة، بيروت، 1972م).

9- سجناء الحرية وقصائد ممنوعة / شعر (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1973م).

10- الأعمال الشعرية الكاملة (مجلّد واحد، دار العودة،
بيروت، 1971م). وهذا يشمل ثلاث دواوين:

  أشدّ على أياديكم.

  ادفنوا موتاكم وانهضوا.

  أغنيات الثورة والغضب.

11- عن الأدب الشعبي الفلسطيني / دراسة (دار العودة، بيروت، 1970
م).
12- نصراوي في الساحة الحمراء / يوميات (مطبعة النهضة، الناصرة، 1973م).

13- صور من الأدب الشعبي الفلسطيني / دراسة (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيورت، 1974م).

14- حال الدنيا / حكايات فولكلورية (دار الحرية، الناصرة، 1975م).

نماذج من شعره:

هنا باقون

كأننا عشرون مستحيل
في اللد، والرملة، والجليل
هنا. . على صدوركم باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج، كالصبّار
وفي عيونكم
زوبعةً من نار
 
هنا . . على صدوركم باقون كالجدار
ننظِّفُ الصحون في الحانات
ونملأ الكؤوس للسادات
ونمسح البلاط في المطابخ السوداء
حتى نَسُلّ لقمة الصغار
من بين أنيابكم الزرقاء
 
هنا . .على صدوركم باقون كالجدار
نجوع نعْرى، نتحدى، نُنْشد الأشعار
ونملأ السجون كبرياء
ونصنع الأطفال جيلاً ثائراً وراء جيل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد، والرملة، والجليل
 
إنا هنا باقون. .
فلتشربوا البحرا
نحرس ظل التين والزيتون
ونزرع الأفكار كالخمير في العجين
برودة الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنم حمرا
إذا عطشنا نعصر الصخرا
ونأكل التراب إن جعنا ولا نرحل
وبالدم الزكي لا نبخل، لا نبخل
هنا لنا ماض وحاضر ومستقبل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد والرملة والجليل
يا جذرنا الحي تشبّث
واضربي في القاع يا أصول
 

حادث ليلي

 
"فتح الباب علينا فجأة وانهار أرضاً كالجدار
كان في عينيه رعب، وعلى الجبهة فرْخا جلّنار
وعلى الكتف اليسار
ثوبه القطني معجون . . مع الكتف اليسار
 
لم يقل شيئاً، قفزنا نحوه . .
مزقت الصمت امرأة
"أيْنَهُ . . . ؟؟؟"صاحت "أب
أولادي الصغار"
لم يقل شيئاً . . ولكن
(طال) من جيبه منديلاً معرّق
كان منديلاً عرفناه جميعاً
كان مخضوباً مُخرّق
صاحت المرأة "أواه" وراحت تتمزق
- "آه. . كم موت علينا هذه الأيام
أن نهرب منه!"
زفر المنهار أرضاً كالجدار
وعلى أسنانه شد كمن يبلع سكيننة نار
كنت أمشي خلفه لما سمعت المدفع
الرشاش . . . أمشي كنت خل. . . كانت
الليلة قمراء، وكان النهر مرآة وكنا
نقطع الجسر حفاة صامتين .. . .
مثل رتل من لصوص حذرين
كانت الليلة قمراء وكنا عشرة / عشرين . . خمسين
أنا لا أذكركم . .
لك يا أرض العذاب
يا بيوت الطين . . يا رائحة الأهل . .
ويا حفنة عشب وتراب
مثل رتل من لصوص الليل كنا عائدين
نقطع الجسر حفاة حذرين
عندما انقضوا علينا فجأة مثل الذئاب
فتحوا أقواه رشاشاتهم. . .
متران كانا بيننا. .
آه كم موت علينا، /هذه الأيام،
أن نهرب منه !!
لم نكن نحمل حتى خنجراً / وتساقطنا
على بعض .. تساقطنا
- وهو . . ؟؟" صحْنا كلنا صيحةَ
شك وارتياب
وهو . . ؟؟ "صمت، ونشيج،
وسكاكين عذاب. .
 
"جمعونا كلنا في حفرتين / ورموا
بعض التراب
وعلى الأرض أمامي / كان منديله
مُلقىً فعرفته / وحملته . .
 
جلست في قُرْنةِ الغرفة تبكي امرأة
حبلى / وبنت . . وصبي
لم أكن ميتاً . . ولما تركونا
قمت . . كان النهر مرآة وكانت
ليلة قمراء غرقى في الضباب
وأنا أزحف في صمت وذعر وعذاب
أنت . . . يا مُحمرةَ العينين . . .
ما نفع البكاء؟
عندما نفس الدماء / لا تساوي
اليوم شيء!!
آه يا رائحة الأهل /
ويا بيتاً من الطين
ويا حفنة عشب وتراب
كم علينا اليوم، من أجلكمو،
أن نجرع الموت وألوان العذاب !!. . "

المراجع:

  موسوعة كتّاب فلسطين في القرن العشرين.
  أعلام من أرض السلام، عرفان سعيد الهواري، مطبعة الشرق، شفا عمرو (فلسطين المحتلة) 1979م.
  الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال (1948 – 1968م)، غسان كنفاني، مؤسسة الدراسات العربية، بيروت، 1968م.
  الأعمال الشعرية الكاملة، توفيق زيّاد، دار العودة، بيروت، 1971م.

- معلومات من إرشييف المؤلف.

(*) انضم كثيرون من شعراء فلسطين المحتلة وأدابئها ومثقفيها للحزب الشيوعي في (إسرائيل) ليس عن إيمان بالشيوعية ولكن لأنه الحزب الوحيد الذي يسمح بانضمام العرب الى صفوفه وممارسة نضالهم السياسي، فكانوا يدافعون عن قضيتهم الوطنية تحت مظلة هذا الحزب. (المؤلف)

عن كتاب شعراء فلسطين في القرن العشرين للكاتب الفلسطيني راضي صدوق


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى