الجمعة ٨ حزيران (يونيو) ٢٠١٢
بقلم تركي بني خالد

ما أكثر الجامعات حين تعدها!!

ليس أكثر من الجامعات في بلاد العالم الثالث، ولكنها غثاء كغثاء السيل. لا اعرف بالضبط ولا على سبيل التقدير كم بلغ عدد الجامعات والكليات في بلادنا، لكني اعرف أنها كثيرة وكثيرة جدا لدرجة إنها صارت تعيق حركة المرور، وتمنع المجتمع من التقدم إلى الأمام!

رغم تناسخ الجامعات وتناسلها بشكل ملفت للنظر، إلا إننا نلاحظ إنها في واد والعلم في واد آخر. كما إنها في مكان والمجتمع في مكان آخر. ورغم تبجحها بأنها تخدم المجتمع فهي لم تنجح إلا في رفد المجتمع بآلاف العاطلين عن العمل، ومئات الأميين الباحثين عن أمل في الحياة.

فهل استطاعت الجامعات حقا تلبية حاجات الوطن من المؤهلين المدربين؟ وكيف لنا أن نعرف سوية هذا التأهيل أو التدريب؟ تعالوا نسال بصراحة إن كانت الجامعات تمكنت من بناء علاقة قوية مع مؤسسات القطاع الخاص في بلادنا؟ أم أن معظم الخريجين ينتظرون في طوابير ديوان الخدمة المدنية ليحصلوا على وظائف سقيمة بعد أن يبلغ بهم العمر عتيا؟

وتعالوا نسال عن مدى استفادة قطاعات المجتمع العامة والخاصة من إمكانات الجامعات وطاقاتها الكامنة. تعالوا نسال عن حجم المشكلات التي استطاعت الجامعات حلها في المجتمع، وهل أقنعت مؤسسات المجتمع بالاستغناء عن شراء الحلول من دول سبقتنا شرقا وغربا، بينما ننام نحن في سبات علمي وبحثي عميق ومزمن.

تعالوا نسال أين النواة العلمية القادرة على البحث الأكاديمي الحقيقي الذي لا يهدف إلى الترقية الشكلية ثم الضياع في غياهب التدريس عديم الطعم، وعديم الجودة. وتعالوا نسال عن البحث التطبيقي لنعرف أين وصل إن وجد أصلا.

أين تستنزف طاقات الجامعات في بلادنا؟ وما الذي يشغل بال غالبية مفكرينا وهم من خيرة خريجي جامعات الغرب؟ أين إنتاج المعرفة الأصيلة، وأين توليد التكنولوجيا وتوطينها في بلادنا بعد كل هذه السنوات الطويلة من عمر جامعاتنا الرشيدة؟

لو يقول لي احد أين تشجيع البحث الأكاديمي وخاصة التطبيقي؟ وكيف لنا بذلك ونحن نلهث لهاثا وراء بعض القروش تدريسا إضافيا ثم لا يدفع لنا إلا بالقطارة وقد يحجب عنا فنفيض غضبا وإحباطا! ألا ويل للمطففين!

هل تمكنت كليات الجامعات وأقسامها المتعددة من حل مشكلة واحدة من مشاكل المجتمع؟ هل استطاعت كليات التربية الارتقاء بالنظام التربوي العربي المتهالك؟ وهل يدلنا احد على كيف قامت الجامعات بحل مشكلات المرور أو مشكلات الصحة أو الصناعة وغيرها؟ وهل هناك أي شراكة حقيقية وجادة بين الجامعات وبين مؤسسات المجتمع؟

ثم ماذا صنعت جامعات العرب بخصوص تعميم اللغة العربية الفصيحة؟ فهل بعد كل هذه السنين العجاف لدينا بحوثا باللغة العربية تأليفا وترجمة وإبداعا؟ وهل يتقن علماء هذه الجامعات لغتهم الأم وهل فعلا يتم التدريس بها؟ اشك في ذلك.

أين هو الاهتمام بالتراث القومي والوطني، وهل استغنت الجامعات عن ذلك بتقديم وجبات عديمة الدسم في مواد التربية الوطنية؟ لقد استطاعت الجامعات تحويل غايات نبيلة في التربية الوطنية إلى وسائل هزيلة تتمثل في كتب ميتة وأساليب تدريس عقيمة واختبارات سقيمة تعتمد على حفظ المعلومات التي بات الطلبة يمقتونها بد ل أن يتذوقونها!

وأخيرا أين هي البيئة الأكاديمية والنفسية الداعمة للإبداع والتميز في جامعاتنا المحترمة؟ وأين هو النهج الديمقراطي الذي تعززه جامعات الوطن؟ وأين العمل بروح الفريق، وأين هي العدالة والمؤسسية في ممارساتنا اليومية؟

باختصار، لدينا جامعات أكثر من الهم على القلب، لكنها بعيدة كل البعد عن أهداف الوطن في الرفعة والتقدم! تعالوا ننشد بحسرة: ما أكثر الجامعات حين تعدها ولكنها في المنجزات قليل!


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى