الأحد ١٧ حزيران (يونيو) ٢٠١٢
بقلم تركي بني خالد

الجامعات وحق المواطن في المعرفة!

من حق المواطن العربي أن يتعلم وان يبدع وان يستمتع بعلوم نافعة، ومن حقه أن يحلم بمؤسسات تعليم عالي تنسجم مع أهداف الوطن والمواطن. ومن حقه أن لا تخيب آماله في جامعات انفق عليها الوطن ودفع تكاليفها من جيبه على شكل ضرائب ورسوم من كل صنف.

ومن حقوق الإنسان العربي أن تتاح له فرص التعلم في مدارس وجامعات يمكن تسميتها بأنها محترمة. ومن واجب الدول والحكومات أن توفر فرصا تعلمية لجميع مواطنيها بدون استثناء أو تحيز أو تمييز، وجميعنا يعلم بان حق التعلم هو من أساسيات حقوق الإنسان العالمية التي نصت عليها جميع مبادئ الأمم المتحدة.

إن من أهم حقوق المواطن على مؤسسات التعليم العالي هو حق المعرفة. ومن واجبات الجامعات التي تدعي الكثير وتتبجح بانجاز المعجزات والانجازات أن توفر المعلومات الصحيحة الموثقة والمدعمة بالتقارير والأرقام القابلة للتحقق من جهات محايدة.

من حقوق المواطن الذي يرسل أولاده وبناته إلى الجامعات أن يعرف ماذا يجري في الحرم الجامعي وبكل شفافية. ومن واجب أي جامعة وطنية تحترم نفسها وتحترم أفراد المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني أن تنشر تقاريرها السنوية وبكل وسائل الإعلام المتاحة لكي يتبين المواطن الغث من السمين في وجبات التعليم العالي الذي تدعيه الجامعات.

إن إخفاء المعلومات والاكتفاء بنشر الدعايات والادعاءات دون بينات وأدلة لممارسة توحي بعدم الثقة بالنفس وربما بخداع من تدعي الجامعات إنها وجدت لتخدمهم. وعلى الجامعات أن تعترف بان المواطن العربي لم يعد ساذجا ليرضى بحفنة كلام من هذا المسئول أو ذاك. كما أن تجاهل حقوق المواطنين لا يعني إلا حقيقة واحدة هي أن بعض الجامعات تتصرف بطريقة النعامة التي تدفن رأسها في الرمل ظنا منها أن أحدا لا يراها.

من حقوق المواطن العربي أن يشارك في بناء الجامعات بداية من رؤيتها ورسالتها وصياغة أهدافها. ومن واجب أي جامعة أن تشرك كل من يهمهم الأمر وكل من له علاقة بالتعليم العالي في إبداء الرأي وبوسائل مؤسسية عند مراجعة تلك الرؤى والرسالات والأهداف.

لا بد للمواطن العربي أن يعرف من الذين قاموا بإعداد أهداف الجامعات ولا بد له من المشاركة لان الجامعات أولا وأخيرا وجدت للوطن وللمواطنين وليست لأهداف أخرى. ومن حق المواطن العربي أن يتأكد من أن كانت الجامعات تتمكن من تحقيق أهدافها التي يتم إعلانها من خلال خطط إستراتيجية واقعية يتم تبنيها من خلال إجراءات مؤسسية شفافة. وعلى الجامعات أن تقدم مؤشرات لقياس الأداء كما تفعل جامعات العالم المتقدم. إن عبارات التزلف والمجاملة والكذب والتبجح بالانجاز تبقى في سياق البلاغة والخطابة إن لم تدعمها مؤشرات علمية قالبة للتحقق.

ومن حق المواطن العربي أن يعرف إن كان لدى جامعاته الوطنية سياسات تحديد الموارد وضبطها وإنفاقها.
وعلى الجامعات العاجزة ماليا أن تفصح للمواطنين عن أسباب عجزها. فمن حق المواطن أن يعرف أين ذهبت رسوم الطلبة التي تجبى بكل وسيلة حتى صارت خدمة مراكز القبض هي الخدمة رقم واحد التي توفرها تلك الجامعات. من حق المواطن أن يعرف ماذا يعني الموازي والدولي والدفع بالدولار للجامعات الرسمية، ومن حق المواطن أن يطمئن أن فلوسه لا يتم استغلالها بأي شكل من الأشكال لغايات منفعة شخصية.

وعلى الجامعات الخاصة التي تعمل بأسس تجارية أن تقول للمواطن أن تلك الأرباح التي تجنيها الجامعات بالملايين تعود بالنفع على المجتمع والطلبة وان الشهادات التي تمنحها هذه الجامعات لا تخدع طلبتها بعلم لا ينفع. فماذا يصنع المواطن بكرتونه يعلقها على الحائط في غرفة الضيوف؟

ليس هناك عصر مر على البشرية أكثر من هذا العصر في مجال تفجر المعلومات وانتشار المعرفة، فإلى متى تبقى جامعات العرب تخدع نفسها وتستغفل المواطنين من خلال حجب المعلومات الشفافة الخاصة بالأداء التي قد تعيد الثقة المفقودة بينها وبين المواطنين الذين يحلمون منذ بداية الاستقلال بجامعات محترمة!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى