الثلاثاء ٣ تموز (يوليو) ٢٠١٢
بقلم عادل عامر

السلام الجمهوري والتحريم السلفي

عندما انطلق السلام الجمهوري باجتماع اللجنة التأسيسية، ليقف الأعضاء احتراما له، باستثناء 6 فضلوا الجلوس غير مكترثين. إنهم أعضاء حزب النور الذين رفضوا الوقوف للسلام الجمهوري. لأعضاء الحزب مواقف متعددة في مخالفة البروتوكولات والعرف، فقد رفضوا الوقوف دقيقة حداد على روح البابا شنودة بمجلس الشعب، وبعضهم امتنع عن دخول الجلسة من الأساس، ويلاحظ في اجتماعات ومؤتمرات الحزب الامتناع التام عن التصفيق. مشايخ السلفية في مصر يقدمون تبريرات دينية، فقيمة الوقوف ترتبط بالاحترام ولكن أن نتجاهل ذلك تحت أي مسمي فهذا يدعو للتساؤل عن الحكمة أو الهدف الذي يجعلنا ننسي سلامنا الوطني ولا نقف له احتراما كما حدث أخيرا من بعض أعضاء حزب النور السلفي أثناء اجتماع الجمعية التأسيسية أخيرا في مجلس الشوري.

فالشيخ ياسر برهامي،نائب رئيس الدعوى السلفية بالأسكندرية، أفتى بأن الوقوف احتراما للعلم والوقوف دقيقة حداد بدعتين محدثة لا يصح للمسلم اتباعهما، أما التصفيق فقد اعتبره الشيخ "تشبها بالنساء".مشايخ السلفية في الدول العربية يتشابهون في آرائهم، فالشيخ عبد البر الأثري، من السعودية، يحرم الوقوف للعلم لأنها من تقاليد "الدول الأوروبية الكافرة"، رغم أن السعودية لها علم ونشيد وطني. خبير بروتوكول ومراسم في وزارة الخارجية، رفض ذكر اسمه، قال إنه لا يوجد فى مصر نص مكتوب يحدد شكل التعامل مع النشيد الوطنى، وأن وقوف الناس أثناء العزف هو مجرد عرف مجتمعى متعارف عليه. أن هذا العرف ملزم للجميع فى حالة النشيد الوطنى، حتى فى حالة وجود شخص من جنسية مختلفة فى وقت بدء عزف النشيد المصرى عليه الوقوف، ونفس الحال عند وجود شخص مصرى فى دولة أخرى عليه الوقوف أثناء النشيد الوطنى الخاص بالبلد التى يوجد بها. أنه لا يوجد فى مصر كتاب بروتوكول يتضمن نصوص واضحة، وإنما كل الكتب الموجودة المتعلقة بالبروتوكول هى اجتهادات شخصية مؤلفة من أشخاص دبلوماسين، ومأخوذة من العالم كله. "إحنا في عهد جديد، كل واحد له أسبابه الخاصة"، بتلك الكلمات المقتضبة، وبانفعال شديد، رد النائب السلفي طلعت مرزوق، واحد من الأعضاء الذين رفضوا الوقوف احتراما للنشيد الجمهوري، "ما فيش فتوى بتقول إننا منقفش أثناء عزف السلام الجمهوري، لا يوجد شي يتعارض مع العقيدة الإسلامية طالما انك تؤمن بالله وبملائكته وكتبه ورسله وباليوم الأخر وبالقدر خيره وشره وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم :"إنما الاعمال بالنيات وانما لكل إمرءٍ مانوى ..." يعني على حسب نيتك واعتقادك حيكون عملك وجزائك يعني انت لمن توقف للنشيد الوطني إحترام وليس (ألوهيه وربوبيه) للوطن هذا هو الإسلام يعـتني بالقلب الذي لايعلم مابـــــــه سوى الله ورغم أن الفعل لا يرقى لمستوى حدث يثير كل هذه الضجة، إلا أن الطالب وصفه بـ"التصرف الطائش" الذي يسيء إلى الوطن والإمامة، لأن العامة يقرأونه على أنه عدم احترام لرموز الثورة، معتبرا أن "الإمام والداعية يوازن بين المصالح والمفاسد، ويسعى لجلب المنفعة ولو كان فيها تغاض عن بعض الأمور ويترك المفسدة التي تفتح باب الفتنة".كما أكد أن هناك فتاوى مشهورة لعملاء دين معروفين أفتوا بجواز الاستماع للنشيد الوطني، ومنهم "العالم السعودي عبد الله العبيكان الذي لم يعتبر النشيد الوطني من الغناء والموسيقى التي يحرم سماعها"، وذكر الطالب أمثلة كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما تغاضى عن أمور خشية تفشي الفتنة في الأمة. المنتمين للسلفية العلمية (التقليدية) و ما يعرف بالجامية وهم فريق من السلفية يقول مخالفوهم أنهم يبالغون في السمع والطاعة لولاة الأمر، والموقف الذي اتخذه سلفيو مصر متمثلا في جماعة أنصار السنة المحمدية ودعاتها من الدعوة لتحريم التظاهر والخروج على الحاكم وحث المتظاهرين على العودة لمنازلهم هو الموقف التقليدي لاتباع الفكر السلفي الذين يرون وجوب السمع والطاعة ويحرمون الخروج على الحاكم درءا للمفاسد. وهو منهج السلفيين عموما في التعامل مع الحكام وقد عبر عنه مفتي عام المملكة العربية السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، عندما شن هجوماً على مثيري المظاهرات والمسيرات في مصر وغيرها من الدول العربية.

وقال آل الشيخ في إحدى خطبه أثناء المظاهرات المصرية إن الهدف من تلك المظاهرات هو ضرب الأمة الإسلامية في صميمها، وتشتيت شملها واقتصادها وتحويلها من دول كبيرة قوية إلى دول صغيرة "متخلفة"، داعياً إلى الوقوف موقف الاعتدال. ووصف مفتي السعودية مخططات مثيري المظاهرات بـ"الإجرامية الكاذبة" لضرب الأمة والقضاء على دينها وقيمها وأخلاقها. أيضا انتقد الدكتور محمد السعيدي رئيس قسم الدراسات الاسلامية بجامعة أم القرى موقف الشيخ يوسف القرضاوي "رئيس اتحاد علماء المسلمين" مما يجري في مصر الآن من أحداث الآن مبدياً ي تعجبه من استبشار الناس بما يحدث الآن في مصر من خروج الناس إلى الشوارع ومطالبتهم برحيل رئيسها كما استبشروا من قبل بما حدث في تونس مشيرا إلى أن ما فعله التونسيون وإن كان نتج عنه زوال طاغيتها فإن الذي حدث بعد ذلك ليس مما يستبشر به المسلمون فقد تولى مقاليد السلطة جماعة من ذوي التوجهات اليسارية الماركسية وليس هؤلاء بأحسن حالا في ود التدين وأهله من الليبراليين الذين كان يمثلهم زين العابدين بن علي وحزبه . إذن لم يكن مفاجأ أن يخرج الشيخ مصطفى العدوي لحث المتظاهرين على العودة إلى بيوتهم عبر شاشة التلفزيون المصري ولا أن تصدر جماعة أنصار السنة المحمدية بيانا في ذلك، لكن المفاجأة الكبرى تمثلت في موقف الشيخ صالح اللحيدان عضو هيئة كبار العلماء السعودية والذي دعا مبارك للتنحي كونه المطلب الوحيد لآلاف المتظاهرين الذين يغص بهم ميدان التحرير في القاهرة وطرقات المدن المصرية.

أما المفاجأة الأخرى فتمثلت في موقف الشيخ محمد حسان أشهر دعاة السلفية في مصر وأحد أكبر دعاة جماعة أنصار السنة المحمدية والذي شكل صدمة كبيرة لبعض أتباعه وأقرانه من السلفيين بمدحه الشباب الثائر وتأييده لمطالبه واصفا ما يحدث بالملحمة والعمل العظيم مناشدا الشباب بالحذر من المندسين بينهم لقطف ثمرة هذا العمل الذي وصفه بـ"المبارك"، سيما أنه موقفه هذا يتعارض مع مواقف سابقة منها خطبة جمعة بثتها قناة (الرحمة) الفضائية التي يشرف عليها قال فيها: لن تخرج أمتنا هذه من أزمة الرزق بالفهلوة ولا بالإضرابات المخربة التي تسفك فيها الدماء والتي تتحطم فيها المحال والسيارات، وأضاف: "أعداؤنا يريدون لبلدنا أن تتحول إلى فوضى، ووالله لو تحولت مصر إلى فوضى لن يأمن واحد منا على نفسه أو على ولده أو على ابنته، ولتتعلم الأمة مما يدور حولها من واقع مر أليم في العراق ..". وبخلاف هذه المواقف المعلنة آثر آخرون الصمت ولم يظهر لهم موقف معلن بالإيجاب أو السلب وعلى رأسهم الشيخ أبو إسحاق الحويني أحد أبرز دعاة السلفية في مصر


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى