الخميس ٥ تموز (يوليو) ٢٠١٢
بقلم عادل عامر

طلاق الصبيان

كثير من الأسر أصبح كيانها مهددًا من الداخل وكأن مشكلات الفقر والمعيشة والحياة الصعبة لا تكفي فتراكمت مشكلاتٌ أخرى عميقة؛ بسبب استهتار الأزواج والزوجات بحدود الله وخاصةً فيما يتعلق بالطلاق. فكثيرًا ما يلجأ شخص إلى الاتفاق مع زوجته على تطلقيها ثم يعيدها إليه بهدف الحصول على المعاش أو لمنع أحد أبنائه من التجنيد وغير ذلك من الأسباب الواهية التي تدل على الجهل التام بأحكام الإسلام والحقيقة أن نماذج هذا الاستهتار كثيرة، وأصبحت أحاديث معتادة على صفحات الصحف وتذاع في التلفاز أيضا ومن ذلك ما أذيع في أحد البرامج لمشكلة امرأة متزوجة تُوفي والدها الذي كان يُسهِم براتبه في متطلبات الحياة المادية القاسية التي نحتاجها وأصبح راتب زوجها لا يصمد أمام مسئوليات ألأبناء وبعد محاولات فاشلة لحل هذه الأزمة المادية وجد أن الحل هو الطلاق حتى تستطيع المرأة الحصول على معاش آبيها وفي نفس الوقت يستمران في علاقتهما الزوجية؛ حيث أقنعها زوجها بأنهما زوجان أمام ألله

م. ع التقى بفتاة في الخامسة والعشرين من عمرها، جميلة الصورة، فتعلق بها من النظرة الأولي ولم يسأل عنها ليتأكد أنها مناسبة له أو لا فقرر الزواج منها، وكانت هذه غلطنه إذ إن الجمال ليس كل شيء فهناك الطباع.. وما أدراك ما هي لقد اكتشف بعد زواجه أنها عنيدة، تصر على رأيها مهما كان تافهًا، والأدهى والأمرُّ أنه كانت لها صديقة، تُحضرها إلى منزلهما كل يوم لتصحبها معها لزيارة فلانة وعلانة، وشراء حاجات ليست في حاجة إليها، فطلب منها أن تقطع علاقتها بها بعد أن ضاق صدره بها تمامًا. لكن الزوجة ركبت رأسها؛ فثار يومًا وقال لها: أنت طالق بالثلاثة لو خرجت مع هذه السيدة مرةً أخري وكرر هذا القسم عدة مرات حتى تقطع علاقتها بصديقتهما وكان واثقًا أنها لن تعرفها بعد ذلك والمذهل أنها خالفت أمرة فطردها من المنزل فتدخل الأهل والأصدقاء للإصلاح بينهما، ورجعت مرةً أخرى إلى منزل الزوجية، ولكنه يسأل هل أصبحت زوجته محرمةً عليه؟!وتروي سحر إبراهيم مشكلتها قائله أستاء جدًّا عندما أتحدث عن هذا الموضوع فلقد اعتاد زوجي القسم بالطلاق لأتفه ألأشياء وهذا يجعلني دائمًا أتنازل تحت هذا الضغط لأنفذ ما أقسم به، وإن كان به ضرر علي أو كان تصرفًا غير صحيح لكن هذا لا يجعلني أشعر بالأمان؛ فدائمًا يسيطر عليَّ القلق، بل أشعر أن حياتي الزوجية- برغم ما يسيطر عليها من حب لن تستمر بل أشعر أني مطلقة بالفعل من كثرة ترديده لهذا القسم. وتعاني هول هذه الكارثة فاطمة عبد الحميد (ربة بيت) التي نقول في ظل ظروف معينة أحيانًا يستمر الإنسان في المحظور لأنه إن لم يستمر قد يتحول الأمر إلى فجيعة، وهذا ما حدث مع آبي فكلما تشاجر مع أمي أو حتى مع غيرها في الصغيرة والكبيرة يقسم بالطلاق، الذي نفد عدد مرآته، لكن لأن عددنا كبير ونحن أسرة فقيرة، كان يصعب الانفصال بل إنه سيكون كارثة، واستمرَّ والداي في حياتهما الطبيعية، وبرغم تحذيراتي إلا أن أمي تتنازل لأحلنا وأبي لا يزال يقسم بالطلاق!! طلاق الصبيان إن الله تعالى يقول: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ الطلاق من الآية 2) حتى لو ضاقت الظروف، فالله يجعل لهم من الضيق مخرجًا؛ ففي الحالة التي طلق فيها الزوج زوجته لضمان المعاش فهي لا بأس من الناحية الشرعية؛ لأن المفروض أن يتكافل بيت المسلمين بمثل هذه الحالات؛ فإذا عجز عن التكافل بها فيمكن في هذه الحالة أن نقول إن الضرورات تبيح المحظورات. أما بخلاف هذه الحالة فهم أهل جرأة على الله وحدوده، ويطلق عليهم "المطلقان" أي كثيرو الحلف بالطلاق، ويطلق على طلاقهم أيضًا "طلاق الصبيان"؛ لأنه يحدث على كل تافهة، أي غير رشيد شرعًا، والطلاق حدٌّ من حدود ألله لا يتعداه إلا كل تافه حقير أو جاهل متخلف، وهؤلاء يصدق فيهم قول الله تعالي ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنْ الْجِنِّ والأنس الأعراق من الآية 179). أما ما يحدث من بعض الشيوخ في أخذ المال من المطلِّق لكي يرد زوجته أو يُفتي بفتوى على غير ما يوافق الشرع فليتبوأ مقعده من النار ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (النحل: من الآية 43)، وكثير من الناس لا يؤدَّب إلا بالمال من باب الفراق؛ فإذا كان هذا هو الباب فهو جائز. غياب الوعي أن ما يحدث من هذه الانفلاتات يرجع إلى عدم وجود وعي فنحن نحتاج إلى حلقات توعية في هذا الشأن حتى لا نأخذ الأمر ببساطة أو نلجأ إلى تحكيم النية، أو يقال إننا قلنا ذلك أمام بعضنا ولم يعلم بذلك أحد؛ فهناك (عملية جهنمية)؛ فنحن نحتاج إلى معرفة الحلال من الحرام والتوسع في الثقافة الدينية ومراجعة هذه الأمور. وتشير إلى أن الأحياء الشعبية متهمة بالعصبية والسرعة والتهور، ولكن لطول العشرة قد يتم ذلك ونبدأ في التساؤل هل يجوز الاستمرار أو لا فالعادات والتقاليد السيئة قد تنتشر في الأحياء الشعبية، وقد يحدث ذلك بسبب شعور الرجل بالسيطرة، وأنه أقوى من اليمين وأن كل شيء في يده؛ فالمرأة أو الزوجة تحتاج دائمًا إلى الرجل وهي مضطرةٌ، فتقبل على نفسها ذلك وتستمر في هذه الكارثة اضطرار حتى تعيش وتجعل أبناءها يعيشون حياةً كريمة والمرأة دائمًا في احتياج لأن تظل في كنف الرجل حتى لا تكون عرضةً لرجال مجانين. ويضيف عز الدين عطا السيد رئيس مجلس إدارة جمعية المأذونين الشرعيين أن الرجل عادة يقسم بـ"عليَّ الطلاق وهذا القسم لا يعمل به إلا بالنية، فقد يكون الرجل قاصدًا تطليق زوجته فعلاً، أو ربما يكون القسم لمجرد التهديد أما إذا قال "أنت طالق أو "روحي وأنت طالق فهو واقع حتى لو كان سخريه والمفروض أن يلجأ لدار الإفتاء أو لعالم متخصص في مثل هذه ألأمور فهي المسئولة عن تحديد نوعي الإيمان وهي التي ستحدد هل الزوجة محرمة أو غير محرمه

مثل هذا الزواج وتأثيره السلبي على ابنته القاصر، ومدى ما سوف تعانيه ابنته من مثل هذا الزواج الجائر، وغير المتكافيء، والذي في حقيقته، هو عبارة عن متجارة بجسد ابنته، حتى ولو كان زواجا شرعيا وموثق، في فهم البعض له، ومهما كتب من عقود وخلافه. ويعتبر مثل هذا الزواج في حقيقته استغلال جنسي فاضح، لجسد فتاة قاصر، ولمضمون وروح الزواج الحقيقي المعروف والمعهود، وابعاده الموضوعية، فالزواج من فتاة قاصر، لا يبني اسرة كريمة، خاصة، اذا كانت هذه القاصر جاهلة، ولم تستكمل تعليمها، كما انها لا تستطيع فهم ابعاد مثل هذا الزواج، وفهم الهدف منه، وسوف تكون لعبة بيد من يتزوجها، ويستغلها بدون اية عواطف انسانية متبادلة تذكر، بغض النظر عن الآثار السلبية التي ستعاني منه الزوجة القاصر من آثار سلبية، فهي قد تكون غير مهيأة، لا نفسيا ولا جسميا ولا فسيولوجيا ولا عقليا ولا ثقافيا، لمثل هذا الزواج،وابعادة الدينية والاجتماعية ومطتلباتة الاسرية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى