الأحد ١٢ آب (أغسطس) ٢٠١٢
بقلم نور الدين علوش

حوار مع البروفسور الجزائري معيرش موسى

بداية من هو الدكتور موسى معيرش؟

بسم الله الرحمن الرحيم، بداية أشكركم على هذه الفرصة الجميلة التى أتحتموها لي في موقعكم الجاد والمتميز بمجهوداته،وبضيوفه أيضا، أما سؤالكم المتعلق بالتعريف بشخصي، فاسمحوا لي أن أقدم لمحة عني ،فأنا أكاديمي جزائري، مسكون بهم البحث الفلسفي، وبقضاياه،من مواليد 05/05/1966م ـ بتقلعيت بالجزائر. حامل للماجستير في الفلسفة السياسية بدرجة مشرف جدا في 1995م،ودكتوراه دولة في الفلسفة بدرجة مشرف جدا من جامعة منتوري قسنطينة، وأخيرا درجة بروفيسور سنة2009م.

اشتغلت بداية أستاذا للفلسفة بالتعليم الثانوي، وبعد حصولي على شهادة الماجستير، إلتحقت بجامعة منتوري قسنطينة كأستاذ مساعد، وفيما بعد التحقت بجامعة عباس لغرور كأستاذ محاضر، وفيما بعد كأستاذ التعليم العالي، كما قدمت دروسا في جامعتى الأمير عبد القادر بقسنطينة وجامعة الحاج لخضر بباتنة.

أشرفت على تأطير قرابة عشرين رسالة ماجستير في الفلسفة، الإنثربولوجيا، علم الاجتماع الثقافي، في العديد من الجامعات منها: خنشلة، منتوري قسنطينة، عنابة، باتنة، علاوة على أربع رسائل دكتوراه في جامعة الجزائر، وجامعة منتوري.

شغلت عدة مرات رئاسة المجلس العلمي لمعهد العلوم الإنسانية والاجتماعية (ثلاث عهدات)، حاليا رئيس ميدان التكوين للعلوم الانسانية والاجتماعية.

لي العديد من الاعمال العلمية المنشورة داخل الجزائر وخارجها، منها:

جدل الديني والسياسي، الفكر الاسلامي في المغرب العربي: دراسات وابحاث في العقل الجزائري، المعرفة والبحث العلمي، النظام السياسي في اليهودية والاسلام، الانثربولوجيا العامة، قضايا الفلسفة العامة.

اعتباركم من الباحثين والمهتمين بالفكر الفلسفي والإسلامي ما هو رأيكم في المشاريع الفلسفية والفكرية العربية المطروحة ( الجابري ومالك بن نبي وأبو القاسم الحاج حمد .....)؟

من الأهمية بمكان الحديث عن مشاريع فلسفية تهتم بالفكر الفلسفي والاسلامي، إذ أنّ التطور الذى عرفته أوربا في هذا المجال في العصور الحديثة كان نتيجة للمشاريع الفلسفية المتكاملة، التى لم تكتف بنقد الفكر الديني اللاهوتى الكنسي، وإنما تعدت ذلك إلى تقديم بناء جديد، في مختلف ميادين العلوم والمعارف، وفي هذا المجال، يمكننا الحديث عن مشاريع كبرى في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، بل إنّ أهمية هذه المشاريع ماتزال لحد الساعة.

وقد شهد عالمنا العربي، محاولات لتقديم مشاريع فلسفية متكاملة، في المشرق والمغرب على حد سواء، إلا أنّ ما يعيب العديد من هذه المشاريع هو افتقارها للأصالة، إذ قامت أغلبها على ترجمة الافكار وليس تكوين الافكار، مما جعل منها صورا مشوهة لمشاريع فلسفية غربية.
هذا لايعني أنّ أصول هذه المشاريع فاشلة، ولم تقدم ماهو مطلوب منها، على العكس من ذلك، فهي صالحها لزمانها ولمن جاءت لهم، صحيح أنه لاحدود للفكر والعقل، ولكن لكل مجتمع من المجتمعات خصوصيته، مما يجعل الأفكار كالسمك لاتصلح إلا في بيئتها الطبيعية.

وأذكر في هذا المجال ما طرحه المفكر الجزائري مالك بن نبي في كتابه المسلم في عالم القتصاد ، عندما تحدث عن نجاح خطة الدكتور شاخت في الارتقاء بألمانيا المدمرة والمنهكة اقتصاديا إلى مصاف الاقتصادات الكبرى، في حين أنّ هذه الخطة فشلت فشلا ذريعا في أندونسيا.

إلا أنّ هذا لايعني غياب محاولات جادة، كما هو الحال مع مشروع مالك بن نبي، مشروع محمد عابد الجابري، وغيرهما، فهما مشروعان جديران بالتقدير والمتابعة، وتكيفهما بما يتوافق وكل جديد.

وفي هذا المجال نستطيع القول أنه رغم التناقض الظاهر مثلا بين المشروعين، إلا أنّ هدفهما واحد، فالجابري عندما يدعو إلى عقلانية على طريقة ابن رشد، إنما يدعو إلى إحياء العقل العربي الذى استقال من التفكير، وسلم زمام أمره للخرافة والشعوذة، والأمر لم يختلف مع مالك بن بي الذى كان يدعو إلى العودة إلى الاهتمام بالتغير من الذات، وليس من الخارج متخذا من قوله تعالى :" إنّ الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وفي الوقت نفسه يدعو إلى التخلص من عقل القابلية للاستعمار، واستبداله بعقل جديد، يقوم على معادلته الشهيرة : الحضارة : الإنسان + تراب= زمن.

هل تتفقون مع الذين يقولون بأننا نعاني من أزمة منهج وليس أزمة مشاريع فلسفية؟
سؤالك في غاية الأهمية والخطورة، إلا أنه ينبغي التنبيه إلى أنّ ما تعانيه مجتمعاتنا، لا يرتبط بالكيف فقط، وإنما بالكم، فغياب إستراتيجية معرفية شاملة، تهتم بتطوير البحث العلمي في الوطن العربي، جعلت من الباحثين القلائل الجادين، غير قادرين على التكيف مع هموم المرحلة، ولقد كشف ماعرف بالربيع العربي أننا مازلنا تحت الوصاية، وأننا غير قادرين على إنتاج ما نحتاجه، فليس هناك تغير مثلا تمّ من الداخل، وإنما كل التغيرات التى حدثت، إنما تمت بمباركة من الآخرين، بل وبتوجيه مباشر من هؤلاء.

وبهذا فنحن نعيش أزمة في المفاهيم، وفي العقول،لا تقتصر على غياب المشاريع الفلسفية الكبرى، وإنما إلى غياب مناهج يمكن أن تسند هذه المشاريع أيضا.

سيدي الكريم هل هذا الفكر قادر على تقديم أجوبة للتحديات التي تعيشها الأمة العربية الإسلامية؟

الأمة الإسلامية، ابتليت بالتخلف، وهو ليس قدرا لا يمكن الخروج منه، وإنما هو حالة عارضة، رغم أنها طالت، صحيح أنّ المسؤولية مشتركة، بمعنى أننا نتحمل جزءا من المسؤولية ، بل إنّ أهم جزء نتحمله نحن في ذلك، لكن الغرب يتحمل معنا بعضا من هذه المسؤولية، وهو لا يريد إلا أن يتحمل هذه المسؤلية، والفكر في الحقيقة في زماننا لا يمكنه أن يكون كل شيء ، صحيح أنه قادر على المساهمة، في تقديم الكثير من الإجابات للتحديات التى تعيشها أمتنا، إلا أنّ غياب كثير من المعطيات عن المثقف العربي المسلم، بسبب بعده عن صناعة القرار، تجعل مما يقدمه لا يمكن أن يكون كافيا.

الكثير من الباحثين يعتبرون أننا بعيدون عن الإنتاج الفلسفي الحقيقي وما ننتجه لا يمكن اعتباره فكرا فلسفيا هل أنت متفق معهم؟

بالنسبة لما ننتجه، سواء أكان إنتاجا فلسفيا، أو غيره، في حقيقة الأمر ينطبق عليه ما ينطبق على غيره، إذ لا يمكن أن نظلم، ثلة من الفلاسفة العرب، يتصدون لمعالجة إشكاليات فلسفية ومعرفية هامة، في ظروف صعبة وبإمكانيات خاصة، فالمشكلة أخطر مما نتصور، والمهمة شاقة، وما يقدمه هؤلاء بمختلف تياراتهم الفكرية ومشاربهم الإديولوجية ، لا يعد كافيا، فمن الكم يأتي الكيف،هذا من جهة، من جهة أخرى نلاحظ عدم اهتمام المؤسسات الرسمية المختلفة بالعقول العربية، بل إننا نجدها في كثير من البلدان تعاديها، وتضيق عليها، وبالتالي لاتمنحها الإمكانيات التى تسمح لها بالقيام بدورها.

ومع هذا نجد بعض المحاولات الجادة في الوطن العربي سواء في مشرقه أم مغربه، تعمل بجهود خاصة وإمكانيات فردية على تجاوز كل المعوقات.

ثانيا:

سيدي المحترم باعتبارك من الباحثين المغاربيين ما هو رأيك في العلاقة الثقافية بين المشرق والمغرب؟

بالنسبة لعلاقة المثقفين والباحثين العرب في شطري الوطن العربي، نجد هذه العلاقة لم ترتق بعد، لما يجب أن تكون عليه، فالسياسي مايزال مهيمنا على الثقافي، ودعني أذكرك بما حدث من أزمة بين الجزائر ومصر ، بسبب مقابلة في كرة القدم، تسبب فيها مجموعة من الصبية، إلا أن ردود الأفعال والمقاطعات، أحدثت هزة ثقافية كبرى ، حتى إننا وجدنا من يدعو إلى مقاطعة الكتاب القادم سواء من مصر أو من الجزائر.

وما ينطبق على العلاقة بين المشرق والمغرب، ينطبق أيضا على العلاقة بين بلدان المشرق والمشرق، وبلدان المغرب والمغرب،غياب التواصل والنقاش، والانكفاء وراء االدولة القطرية، بدلا من أن تجعل من الثقافة عنصرا يصعب على السياسي تجاوزه عندما يفكر تفكيره الأعوج، صار الثقافي في خدمة السياسي. ولكم أن تتصوروا النتيجة.

هذا لايعني غياب محاولات خاصة لجمع ماتفرق، والتعاون فيما أمكن، وإنما على العكس من ذلك، هناك محاولات جادة لربط الصلة مرة أخرى بين المثقفين العرب، سواء عن طريق الملتقيات العلمية، أو المجلات الأكاديمية، ودون شك ما فشل فيه وزراء الثقافة العرب، سينجح فيه الفيس بوك، إذا سهل على هؤلاء وأولئك الاتصال والتواصل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى