الجمعة ٣١ آب (أغسطس) ٢٠١٢
بقلم إيمان أحمد

إلى الذي لا تصله الرسائل

قُلْتُ: حدِّثْنِي عن الحُزْن والحُرْقَة، عن الحِداد والحُبّ وعَن الأحبَّة؛ عن الحدود التي رسمناها والأخرى التي رُسِمْنا فيها فمحت ما رسمناه، وحدثني عن الحرائق المشتعلة، وعن حواسِّنا النائمة وأحلامِنَا المتأهّبة، حدّثني عنك، هل لك حبيبة؟ حدّثني عنها، وعن الحدائق التي تعطّرتَ من زهراتها، حدّثني، ولا تتوقَّف، وإنْ غفوتُ خذني بين ذراعيك وأكْمِلِ القَصَصَ واغمرني بصوتِك واروِني، وانتظرني حتى أستيقظ.

فإذا استيقظتُ حدّثني عن الانتظار، كيف تعرفُ متى تتوقف عنه؟ كيف عرفتَ أنّني سأصحو؟ وأنني سأصحو مشتاقة إليك كما كنت؟ حدثني عن الانتظار لماذا تتوقّف عنه؟ وعن الانتظار، هل تولّيه ظهرك؟

قُلْتُ: حدّثني عن اليأس، عندي منه الكثير، وعن الأمْن ليس لي منه نصيب، وعن الحُبِّ يأتي مُقَنَّعًا فيسقط على وجهه. وعنك، من أنت؟

قُلْتُ: حدّثْنِي عن الغياب اللذيذ، والحضور اللاذع؛ عَنِ أشجار الليمون الطيِّبَة وثمراتِ الفراولة العذبة؛ وحدّثني عنك، أيّ الفواكه أنت؟

قُلْتُ: حدّثني عَنِ الرّجال الذين لا يشبهونك، والآخرين الذي لا تشبههم، أو دعني أحدّثك أنا عنهم؛ وعن النّساء اللواتي مررن بِكَ وسَكَنَّ ذاكِرَتَكَ، احْكِ عنهنَّ كُلَّ التفاصيل حتى تنساها، وانساها! وافتح لي نافذةً في قلبك، وأسْكِنِّي فيها ودَعْنِي هناك؛ وعُدْ بَعْدَ لأي، وعِدْنِي بأنَّ القصر الذي سأبنيه فيك سيبقى لي.
ولا تفْلِتْني.

قُلْتُ: قبّلْنِي خمس مرَّاتٍ في اليوم، وزّعها على دقّاتِ خوفي ولَهْفي، ولا تسألني أبدًا عن ساعتي؛ واعلم أنّني سأخدعك كثيرًا فلا تنخدع، سأقول أنّني أحبّك لكي أكتشف حقيقة ما أحمل لك، وسأقول أنّني لا أحبّك لأعرف حقيق ما تحمل لي، سأدعوك لقلبي المفتوح، وسأدعو عليك كالثكالى. فاحذر منّي عندما أكون أنا، واحذر عندما لا أكون؛ واطمئنّ في الحالَيْنِ.

قلتُ: حدّثني عنّي، ما أحبّ وما أكره، ما أريد وما أحتاج، يقولون هناك فرقٌ بين الأمرين، وأنت تعرف كلّ شيء، حدّثني عن الفرق حتى أقاطعك بضحكة ساخرة مجلجلة وأخبرك أنني لا أستطيع أنْ أتفهم الذين يتحدثون بجديَّة شديدة فيما يتعلّق بما يتغيّر بشدّة جادّة. لا أتحدث عن النسبية، بل عن المطلق المفقود؛ حدّثني عن المطلق ولا تتقيَّد بأيَّة قيود. حدّثني بالكلام والتصوير والتجسيد، بالتحريف والنفي والإثبات، بما تريد وما تستطيع وما لا تريد وما لا تستطيع.

حدّثني كثيرًا؛ حتى تنقطع أنْفاسِي من الإنصاتِ فيك.
ولا تَفْلِتْنِي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى