الاثنين ١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٢

ديوان نوافذ، للشّاعر رفعت زيتون

نزهة أبو غوش

يطلّ علينا الشّاعر المقدسي هذا العام -2012- بديوانه الثّاني، من نوافذه المفتوحة على الحبّ والأمل والحكمة والفلسفة وحبّ المرأة والوطن، فكتب ثلاث عشرة قصيدة تسترعي الانتباه واّلتأمّل، وتجذب القاريء بإِيقاعها الموسيقيّ العذب. قصيدة واحدة عاموديّة والأُخرى من شعر التّفعيلة.

رأيت أن أتناول القصيدة العاموديّة " غيث الفؤاد" بالتحليل

غيث الفؤاد: قصيدة عاموديّة تتألّف من تسعة وعشرين بيتًا من بحر مجزوء الرّمل، وقافيتها الدال السّاكنة، وهي القافية المقيّدة.

عنوان القصيدة " غيث الفؤاد" يوحي لنا مايودّ الشّاعر قوله قبل أن نقرأها. يقول لنا العنوان بأنّ فؤاده مملوء بالغيث، وقد آن الأوان بأن ينهمر هذا الغيث على صفحات ديوانه أبياتًا شعريّة تروي القاريء الظّمآن.

يبدأُ الشّاعر رفعت قصيدته ب (سوف) الدّالة على الزّمن القادم، غير معروف زمانه، إِنّما هو مستقبل لا بدّ قادم.

( سوف نخبو ذات يوم سوف نغدو كالرّماد)

هذا هو مصير الإِنسان بعد موته، رماد مهما كانت قدرته وعظمته وجبروته فمصيره الرّماد. هكذا يستمرّ الشّاعر في قوله بأنّ الإِنسان فانِ مهما طال به الزّمان، وإِنّ هذه الدّنيا حطام لم تدم لأحد حتّى لعاد. بعد هذه الأبيات الّتي تؤكّد مصيرنا، ومصير ما يبقى خلفنا في هذه الدّنيا من دمار، ينتقل الشّاعر بحركة فجائيّة ذكيّة، أضفت على القصيدة جماليّة الحوار،ودلّت على أنّ الشّاعر عمد إِلى ترتيب الأحداث ترتيبًا منطقيًّا، فهو يُعرض ثمّ يسأل. حيث وجّه سؤاله لصدى الصّوت السّريع مستخدمًا أداة النّداء – يا-:

(يا صدى صوت سريع
وانتهى في سفح واد
سل جميع الغابرين
في اللقا يوم التّناد
هل أتى منهم بريدٌ
من مضى منهم وعاد؟)

نرى هنا كيف جسّد الشّاعر صدى الصّوت، وحاوره كإِنسان عليه أن يفهم ويجيب، وهذا نوع من أنواع الجماليّات البلاغيّة في اللغة. والصّدى رمز لإِنعكاس أَصوات البشر على مرّالعصور. كذلك سؤال الغابرين من البشر الّذين فنوا منذ دهور، فكان السّؤال لهم استنكاريّا "فمن منهم يرسل بريدًا، ومن منهم يعود؟"

بعد العرض والأسئلة الاستنكاريّة ينتقل الشّاعر للمرحلة الأخيرة، ألا وهي مرحلة اسداء النّصائح للمتلقّي والّتي بدت برونق خاص بسيط لا تعقيد فيه.
.
نصح الإِنسان بأن يسمع النّصح، ويسعى للخير، ويزرع الحُبّ والمعروف، والإِبتعاد عن الفساد وصحبة السّوء. وتوخّي الصّدق والتّقرب من لله سبحانه وتعالى.
تذكّرنا هذه القصيدة بما تحتويه من حكم ونصائح بالشّاعر الجاهليّ، زهير بن أبي سلمى وعن الحياة والموت الّتي قالها وهو في سنّ الشّيخوخة، وشاعرنا رفعت ما زال بعيدًا عن الشيخوخة. قال زهير:

" ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
وإِن يرق أسباب السّماء بسلّم"

اللغة في القصيدة: استخدم الشّاعر في المرحلة الأولى ضمير المتكلّم – نحن- حيث يتناسب وفكرة التّعبير عن الحياة والموت بشكل عامّ. أمّا المرحلة الثّانية، مرحلة النّصح، فقد استخدم بها الشّاعر ضمير المخاطب بما يتناسب ومخاطبة الآخرين؛ من أجل نصحهم.
لغة الشّاعر سهلة مستساغة كثرت بها المحسّنات البلاغيّة من استعارات وتشبيهات وأغلبها كان مباشرًا:

"وازرع الحُبّ صباحًا
في المسا تجنٍ الوداد
فغدًاحتمًا سنمسي
بعدها خلف السّواد
مثل فرسان بحرب
غادرت ظهر الجياد"

استخدم الشّاعر في قصيدته التّضمين:

"عجبًا للرّاغبين
من حطامِ بازدياد"

في هذه القصيدة بدا تأثّر الشّاعر رفعت زيتون بالشعراء القدماء واضحًا، ونعتبر قصيدته هذه نوعًا من أنواع المحافظة على تراثنا الشّعري الّذي يبتعد عنه الكثير من الشّعراء متوجّهين لشعر التّفعيلة.

نزهة أبو غوش

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى