الأحد ٢٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٢

علي جمعة الكعـود ينذر شعــره للعشق

هدى سلمان

نـُـذُر العاشــق ديوانٌ جديدٌ يزخر بقصائد استثنائية تشكل منعطفاً في تجربة الشاعر علي جمعة الكعـود..

فالقصائد تتسم بحداثوية متفردة تحلق بالقارئ إلى عوالم غير مألوفة في دواوينه السابقة حيث العناوين المطوِّعة للّغة والسائرة على طريق الإنزياحات مثل:

تيممت بالشوق
توْسعني حباً
النفس أمّارة بالفراق-وغيرها..

وعند الغوص في ثنايا (نذر العاشق) تتحفنا اللفظة الشعرية وتتملكنا الدهشة التي يقوم عليها هذا المنجز الإبداعي فيقول الشاعر الكعــود في قصيدته محاولتان للعشق:

حين لقائي..سألقّنها الحبّ..أعبّد طرق الروح لتأتي.. حاملةً إكسير بقائي ..

حيث الحبيبة حاضرة في قصائد الديوان برمتها فهي التي تواري جثمانه بالقصائد لا بالتراب وتقرأ شعراً على روحه في قصيدة تفاحة آدم بعد أن تمثــّـل في جثة روحه وتعمده بطهارتها وتعصره بكؤوس يديها في قصيدة توْسعني حباً..أما في قصيدته عُصي الهجر فيقول:

كسرتْ قواعد مهجتي.. خرجتْ على القاموس وارتكبتْ لغاتٍ لستُ أفهمها..رمتـْـني في غياهب حسرتي. وتوهّمتْني زيرَ عشقٍ لا يُشقُّ لهُ قصيدٌ...

فالحب أحد الظواهر المندثرة التي يبكيها شاعرنا في عصر مادي لاوجود فيه للعشاق لدرجة بيعه في مزاد علني.. يقول في (مزاد هواك):

أنا لم أؤمـّـنْ على خافقي..فاحجزيهِ وبيعي دمي قطرةً.. قطرةً في مزاد هواكِ..ضعي كلّ شوقي (بقاصةِ )حبّكِ برهان عشقٍ وخطّـي بعينيكِ صكّ امتلاكيْ .

فالمرأة الحبيبة عند الشاعر علي جمعة الكعـود هي نفسها الأم في موقع آخر وتحديداً في قصيدته «ثكلتْـني أمي» حيث يصب جام غضبه على هذا الكائن الذي كرّمته الأديان ويشير إليه ببنان شعره راثياً نفسه المعذبة:

ولدتُ قتيلاً وأمي هي القاتلةْ..وحين الولادة عمداً بصقتُ على القابلة..ورحتُ ألومُ نطاف أبي وسلالة جدّي وكلّ الذين توالوا على دفتر العائلة..

كما لا يخلو الديوان من الإنسانية المفرطة كما في رثائه لأخيه سلمان الذي قضى شاباً بمناسبة مرور ثلاثة أعوام على رحيله وكذلك في رثائه لمحمود درويش..ولكن القصيدة الفارقة في الديوان حسب رأيي الشخصي هي القصيدة الأخيرة والمسماة (رثاء القصيدة) حيث لا مكان للشعر في هذا الزمن الرافض لكل ما هو جميل..يقول فيها:

وما عاد القريضُ يجودُ فاصفرّتْ براعمُ فكرةٍ كانتْ تزيّنُ غصن ذاكرتي..تثاءبتِ الحروفُ وغطّ في خجلٍ عميقٍ صمتُ شعري..حبرُ أحلامي تجمّدَ في عروق قصيدةٍ تأبى الولادةَ والبحورُ تبخـّرتْ..ما عادتِ الأوزانُ قادرةً على عبء الكلام...

وأخيراً فالشاعر علي جمعة الكعـود في هذا الديوان يرسّخ ذاته في مسيرة الشعر السوري الحديث لأنه شاعر استثنائي.....

هدى سلمان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى