الاثنين ٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بدون مؤاخذة
بقلم جميل السلحوت

صناعة الكتب

قال أحمد بن الحسين الملقب بالمتنبي قبل أحد عشر قرنا «وخير جليس في الزمان كتاب» وفي زمنه كان العرب عربا، وسادوا العالم في كل شيء، وامتدت امبراطوريتهم من اسبانيا غربا، الى سور الصين شرقا، ولما تنازع العربان وذهبت ريحهم، حاصروا أنفسهم في أشباه دول، لكل منها همومها ومشاكلها، لكنهم بالاجماع خرجوا من التاريخ مفعولا بهم لا فاعلين، فلا علم ولا علماء إلا من رحم ربي، ولم تقتصر الشبهية على الدول ففقط، بل تعدتها الى كل مناحي الحياة، فعندما اعتبر المتنبي الكتاب خير جليس، كان الكتاب في زمنه سيّد الموقف لما يحويه من علم وأدب، وتقديرا من ذلك الجيل للكتاب، فقد خطّوه على ورق يليق بعظمة الكتاب ودوره، بل إنهم جمّلوا أوراقه وحلّوها بالذهب، وهذا ما نشاهده في المكتبات والمتاحف التي تحتوي كتبا من ذلك العصر، ومن هنا جاءت حكمة المتنبي، فالكتاب كنز المعرفة وغذاء العقل، وفي صحبته راحة للنفس، أما في عصرنا هذا، عصر أشباه الدول، فان الشبهية طالت الكتب التي تصدر في عدد من بلدان العربان فبعض الكتب ليس لها شكل مريح ولا مضمون، حتى كتب الأطفال نجدها على ورق غير مناسب، ورسوماتها منفرة للكبار وللأطفال، وألوانها باهتة، على عكس الكتب التي تصدر في بلدان العجم، فعند العجم تجد كتاب الأطفال مطبوعا على ورق صقيل، رسوماته جميلة معبرة مفروزة الألوان، وغلافه مقوى، فيجذب الطفل ويجبره على قراءته، أما كتب الكبار فالوضع عندنا لا يختلف كثيرا عن كتب الأطفال، وهناك عبثية منفرة في المونتاج، وفي لوحة الغلاف، وفي الطباعة، وفي شكل الورق والصفحات، وكثرة الأخطاء اللغوية والمطبعية....الخ، بحيث أن صحبة الكتاب أصبحت عبئا، ولو بُعث المتنبي نفسه حيّا هذه الأيام لعاد الى قبره منتحرا لسوء صناعة الكتب التي يحب صحبتها.

وما الفرق بين العناية بصناعة الكتاب وإتقانها، وبين تقبيح الكتاب والتنفير منه إلا قليل من الانتباه، وقليل من التكلفة، فهل ستعطي المؤسسات الرسمية-على الأقل- عناية للكتب التي تصدر عنها، لتكون قدوة لغيرها؟


مشاركة منتدى

  • صناعة الكتاب في العالم العربي مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتعليم بمراحله كافه وبالمستوي المادي والاقتصادي للفرد فالتعليم الجيد لاشك أن مخرجاته جيدة أما التعليم المتدني فمخرجاته متدنية فكيف نطلب من خريج جامعي أن يقرأ كتابا وهو لا يجيد كتابة جملة نحوا وإعرابا ؟ كيف نطلب من طالب جامعي اقتناء كتاب ثقافي وهو مجبر علي قراءة كتابه التعليمي ؟ كيف نطلب من مواطن قراءة كتاب وهو يلهث وراء قوته وقوت أبناءه ؟ فالمنظومة الاجتماعية والسياسية في العالم العربي لا تشجع علي القراءة ولا يوجد هناك أمل علي تشجيع الناس علي القراءة ومستوي الأمية في بعض الدول العربية وصل إلي 40 % ولا أنسي مقولة موشي ديان وزير الدفاع الاسرائيلي السابق إن العرب أمة لا تقرأ وإذا قرأت لا تفهم وإذا فهمت لا تعمل وصدق من قال أمة إقرأ لا تقرأ .

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى