الأحد ١١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم إبراهيم جوهر

مطر ونشاط وموسيقى

على وقع الرياح وصوت القطرات سرت صباحا جيئة وذهابا بمتعة وأحلام ومشهد عامر كوّنته في خيالي. الجو يدعو للتفكر والتدبر.

على صوت الديك المتواصل أفقت. عند الثالثة فجرا كان الليل يستعد للرحيل والهواء يواصل حركته الباردة . الهواء ينعش.

أصابع الخريف تعزف على موجات الهواء هذا الفجر. حركة رياح بموسيقاها الخاصة؛ الموسيقى (الرياحية) تعيد صفحة الذاكرة المختزنة إلى بداية النهار.

حضر الصوت، والمكامن والجو النفسي الذي كان وما زال عالقا في الذاكرة المحفورة هنا قريبا من العقل والوجدان، والألم.

(في لسعات البرد والقرّ أتذكّر مدينة الرملة! في العام 1988 بالتحديد حين رمتني المرارة للعمل هناك ؛ في محطتها المركزية للحافلات! أيام بطعم العلقم ولون السواد...)

ديكة الحي أبدت نشاطا ملحوظا هذا الفجر؛ بدأت بالمناداة بلا انقطاع. نشطة كانت وهي تدأب بلا ملل.

هل كانت تنتظر مثل هذا الطقس لتغادر كسلها المقيت؟!

قطرات متقطعة من مطر خفيف قرعت سطح المكان. وصوت الرياح يواصل عزفه وإعلانه عن حضوره القوي؛ وصل المنخفض إذا.

اليوم السبت فلا حركة سيارات مبكرة في الصباح سوى حافلات نقل الطلبة إلى مدارسهم.
المدارس الرسمية في حينا لم تعد تستوعب الأعداد المتزايدة من الطلبة، ولم تعد ترضي طموح أولياء الأمور الذين بحثوا عن مدارس خاصة بعيدة في الأحياء القريبة من مدينة القدس؛ الأحياء الشمالية للمدينة تشهد حركة بناء وتأسيس لمدارس خاصة بأسلوب خاص فيه ما فيه من الخصوصية والروح (الرسمية) السائدة في المؤسسات العامة. لم تعد المدارس الخاصة تعني ما كانت عليه من جدية وأساليب تعليم وتنوير. لم يعد الفرق واضحا سوى في الأقساط المدرسية المرتفعة!

سيارات عبرت الطريق بصعوبة. عند كل تواجد للمطر تتعطل حركة السير الطبيعية على الطرقات في الأحياء العربية! الطرق ضيقة، وتعبيدها لا يلائم الأجواء الماطرة ...

صباح الشتاء بأجوائه الخاصة أليف قريب من النفس وهو يخاطب الروح بلغة خاصة.

....إنه المطر. (مطر ناعم في خريف بعيد) كتب (محمود درويش). المطر هذا الخريف حل مبكرا.

للمطر ذاكرة (ذاكرة شمّية)؛ قلت لطلبتي هذا الظهر: عودوا بذاكرتكم إلى ليلة ما من ليالي الشتاء حين دخلتم المطبخ ، وحاولوا شمّ الرائحة! هل شممتموها؟

اكتبوا عن المطر والدفء والذاكرة والشم...

الآن أتأكد من دور الماضي في تثبيت الحاضر وتجميل المستقبل.

لا حاضر لمن لا ماضي له ، ولا مستقبل لمن لا يستحضر ماضيه.

قادنا الحديث السريع هذا النهار مرة أخرى وأخرى إلى (الهوية) . لا هوية بلا وطن ، لا وطن بلا هوية. (وطني الحقيقي هو لغتي ؛ فيها أمارس حريتي ، وفيها أعيش)

غدا تحل الذكرى الثامنة لقتل (ياسر عرفات)؛ هل سيسمح للجنة التحقيق بالعمل وفق أصول البحث الموضوعي؟! (لماذا منع طبيب الرئيس الخاص من الوصول إليه؟ من منعه؟)
من قتل ياسر عرفات؟ ولماذا؟ ماذا يقول المطر للرئيس المقتول غدرا وخيانة؟

لماذا قتلتم الرجل؟

لماذا تركتم الاقحوان وحيدا؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى