الثلاثاء ٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

الرحيل

مر عام 2012 م بحلوه ومره... وهاهو عام 2013 قد بدأ وأتمنى من الله تعالى أن يكون عام الاستقرار وإنطلاقة مصر لتحقيق الأهداف التي قامت من أجلها ثورة الشعب في 25 يناير 2011 م.

قبل أن ينقضي عام 2012 بسويعات جلست مع نفسي وحلقت ذاكرتي مع الأيام والسنوات الماضية... تذكرت أيام الطفولة التي عشتها في في قريتنا السدس مركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية والشيخ عطية البيومي أحد كبار العائلة.

كان الشيخ عطية البيومي يحرص على قراءة جريدة الأهرام كل يوم وذات مرة كنت مع أصدقائي فطلب من كل واحد أن يشغل الغرفة التي نجلس فيها بما في مخيلته فشغل أحدناً الغرفة بقش.. فقال له الشيخ عطية البيومي: سوف تسلك في حياتك أسهل السبل وأيسرها ولم تكلف نفسك عناء أى شئ.. وملأ الثاني الغرفة بزهور جميلة.. وهنا قال له: الحياة ليست كلها جمالاً إن فيها جوانب غاية في الدمامة والبشاعة... وملأ الثالث الغرفة بكتب.. فقال له: إن العلم مفيد حقاً ولكنه ليس كل شئ في الحياة... وعندما جاء دوري أحضرت شمعة وأضأتها ووضعتها في وسط الغرفة.. وهنا قال لي الشيخ عطية البيومي: أحسنت يا ولدي.. إنك تدري مهمة الإنسان.. فعلى الإنسان أن يعطي نوراً للجميع.
رحل الشيخ عطية البيومي ورحلت السنوات الجميلة وهاأنذا أحرص كل الحرص على إسعاد من حولي وعندما كتب أكثر من ناقد دراسات أدبية عن كتاباتي لمسوا أهتمامي بالإنسان وهذا ما يعرف بأنسنة الأدب وقالوا أن إبداعك وكتاباتك كما الأضواء التي تعطى النور للإنسانية.. فدمعت عيني بدمعات تحمل الفرحة والحزن معا.. الفرحة على الملمح العظيم والحزن على الماضي ورحيل السنوات الزاخرة بالجمال برغم قلة الإمكانيات والتكنولوجيا وعدم المقارنة بآليات زماننا هذا.

أيضا في التاسع من شهر ديسمبر 2012 كان الحزن والألم على رحيل أحد الأبطال الذين كتبت عنهم وسجلت بطولاته في كتابي (بطل من بلادي) أنه بطلنا السيد محمد محمد على داود الشهير بالسيد داود.. رحل عن دنيانا بعد معاناة مع المرض ومعايشته لثورة 25 يناير وماتبعها من أحداث.

بطلنا السيد داود من مواليد العاشر من شهر سبتمبر عام 1946 بقرية صافور مركز ديرب نجم شرقية وفي طفولته تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن في كتاب القرية وواصل تعليمه وحصل على شهادة دبلوم المدارس الصناعية الفنية من المنصورة التي عاش فيها مع أسرته وكانت المستقر.

ألتحق البطل السيد داود مجندا بالقوات المسلحة وحضر معارك الاستنزاف التي بدأت بعد أقل من شهر لنكسة يونيو عام 1967 وكان ضمن أبطال قوات الصاعقة وشارك في تنفيذ العديد من العمليات ضد قوات إسرائيل القابعة في سيناء الحبيبة وقتئذ ومن العمليات التي شارك فيها عملية أطلقت عليها إسرائيل في ذلك الوقت (السبت الحزين) لأنها جرت يوم 30 مايو عام 1970 ووافق يوم سبت حيث شارك بطلنا في تدمير دورية إسرائيلية في المنطقة الواقعة مابين القنطرة والتينة.

أيضا شارك البطل السيد داود في معارك أكتوبر 1973 م / رمضان 1393 هـ وقاتل بشرف وبسالة وواصل تقدمه داخل عمق سيناء حتى أنقطعت أخباره فعاش مع البدو ومن ثم إعتبر في عداد المفقودين.

بعد قرار مجلس الأمن رقم 338 الصادر يوم الاثنين 22 أكتوبر 1973 بين إسرائيل والدول العربية ثم مفاوضات فض الاشتباك بين القوات المصرية والإسرائيلية وتوقيع اتفاق الكيلو 101 في 11 نوفمبر 1973 تم التوصل إلى مكان البطل وعاد لحضن وطنه... مصر.

تم تكريم البطل وخرج للحياة المدنية وعمل في التدريبس وترقى حتى وصل لدرجة مدير إدارة وفي العاشر من شهر سبتمبر عام 2006 خرج للمعاش وفقا للسن القانونية.
رحمة الله على روح البطل السيد داود الذي كان نموذجا طيبا في الوطنية والحياة العملية والنواحي الإنسانية.. ورحمة الله على السنوات الخوالي التي حفلت بالجمال والأصالة ولابد من وقفات مع النفس حتى نصلح ماتم إفساده وتعود الشخصية المصرية لمعدنها الذي أبهر العالم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى