الجمعة ١ شباط (فبراير) ٢٠١٣
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

بورسعيد والتظاهرات وطاقات الشباب

بور سعيد المحافظة الباسلة جزء عزيز من مصرنا الحبيبة وتعد من محافظات خط القناة التي واجهت ودحضدت قوى الاستعمار وسطرت في سجلات التاريخ أخلد وأشرف الصفحات ومن الأيام الخالدة يوم 23 ديسمبر الذي جعل العيد القومي لمحافظة بور سعيد وللاسف عانت هذه المحافظة العزيزة من إهمال حكم الرئيس المتنحي مبارك وبعد ثورة 25 يناير مر يوم 23 ديسمبر دون تذكره مما وضع الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام والتعجب ؟؟ !! بل غضب الشعب البورسعيدى بصفة خاصة والمصري بصفة عامة من ذلك التجاهل وللتاريخ نذكر أن الرئيس جمال عبد الناصر (رحمه الله) أعلن في الخطاب الذي ألقاه في محافظة الإسكندرية مساء يوم الخميس الموافق للسادس والعشرين من شهر يوليو عام 1956 بمناسبة الاحتفال بأعياد الثورة قرار الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية وأطلق كتاب التاريخ على ذلك تأميم قناة السويس ولكن هذا خطأ في الفهم والتأويل لأن قناة السويس مصرية وتخضع للسيادة المصرية هذا القرار أغضب الدول الأجنبية أصحاب المصالح والأطماع ولذا قامت إنجلترا وفرنسا وإسرائيل بالتخطيط للعدوان على مصر وبالفعل كان العدوان الثلاثي على مصر يوم 29 من شهر أكتوبر عام 1956 وتمكنت القوات الإنجليزية والفرنسية من احتلال بور سعيد وحاولت التقدم إلى الإسماعيلية ولكنها عجزت نظرا للمقاومة المصرية الباسلة وقد قررت القيادة السياسية في مصر سحب القوات الموجودة في سيناء لدحض العدوان الغاشم ومن ثم استغلت إسرائيل ذلك وتوغلت داخل سيناء ويوم الاثنين الموافق الخامس من شهر نوفمبر قامت القوات البريطانية بإحراق حي المناخ بالنابالم وتدمير حي العرب ومنطقة الجمرك القديمة والكثير من العمارات السكنية وفي اليوم التالي كان الانزال المظلي المزدوج (البريطاني والفرنسي) فالبريطاني كان في مطار الجميل والفرنسي في منطقتي الرسوة والكارانتينا هذا بالإضافة إلى الإنزال البرمائي البحري والرأسي بالهليوكوبتر البريطاني ولكن كل ذلك لم يرهب شعب بور سعيد حيث هبت جموع الشعب رجال وسيدات.. أطفال وشباب وطلاب المدارس والجامعات بل كانت السيدات البورسعيديات المصريات تشاركن الرجالات في التصدي وكن يحاربن بأغطية أواني الطبخ والحلل النحاسية كما نطلق عليها هذا بالإضافة إلى أبطال المقاومة الشعبية .. قاتلوا وواجهوا العدوان ببسالة وعزة وكرامة وكان النصر للإرادة المصرية وهزيمة قوات العدوان الثلاثي (إنجلترا وفرنسا وإسرائيل)

كان الشعب البورسعيدي المصري يردد :

في بور سعيد الوطنية
قامت مقاومة شعبية
إيدون وجوريون ومولييه
جايين يحاربونا على إيه
طارت عقولهم ولا إيه
وإحنا أممنا القنال
مبروك ياجمال.

كان 23 ديسمبر 1956 يوما مشهودا في تاريخ مصر ونقطة بداية لتحولات جذرية محليا وعربيا ودوليا ففي ذلك اليوم أتم الانجليز والفرنسيون انسحابهم من مدينة بورسعيد الباسلة.

لقد فشل العدوان الثلاثي الذي قامت به إنجلترا وفرنسا وإسرائيل على مصر بسبب المقاومة المصرية العظيمة والتحام الجيش مع الشعب ووقوف الشعوب العربية إلى جانب مصر وأيضا فشل العدوان الثلاثي بسبب معارضة الولايات المتحدة الأمريكية للعدوان الثلاثي مع تأييد الاتحاد السوڤيتي لمصر وتهديده بالتدخل العسكري لوقف العدوان وتنديد الأمم المتحدة بالعدوان الثلاثي ومطالبتها بانسحاب القوات المعتدية أما نتائج العدوان الثلاثي فتتمثل في انسحاب القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد يوم 23 ديسمبر 1956م ولذلك تحتفل محافظة بورسعيد في ذلك اليوم من كل عام بعيد جلاء قوات العدوان ومن النتائج أيضا انسحاب إسرائيل من سيناء في أوائل عام 1957م ثم انسحابها من قطاع غزة ووضع قوات طوارئ دولية على الحدود المشتركة بين مصر وإسرائيل وقد كنت في بور سعيد مشاركا مسيرة اتحاد كتاب مصر يوم الجمعة 17 فبراير 2012 لدحض المؤامرة التي تعرضت لها المدينة الباسلة في مجزرة مباراة كرة القدم التي جرت بين النادي الأهلي والنادي المصري وبعد الجلوس مع نخبة من الأصدقاء والصديقات أعضاء الاتحاد منهم أحمد سويلم ود. صلاح الراوي ومحمود بطوش وسمية الألفي وأحمد السلاموني ومحمود عبد الحليم وهشام محمود ومحمد أسامة البهائي ومحمود مغربي ومحمود الديداموني ذهبت إلى مجموعة من كبار السن ببور سعيد وتحدثت معهم حول بسالة شعب بور سعيد قال أحدهم : كان سبب العدوان الثلاثي الذي قامت به إنجلترا وفرنسا وإسرائيل علي بورسعيد هو قرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس لأن خيرها كان يذهب للدول الغربية ولا تأخذ مصر إلا القليل وقد فوجئنا بالطيران يضرب كل مكان وعلى مدار 7 أيام لم يتمكنوا من دخول بورسعيد سواء عن طريق البر أو البحر نظرا لصلابة وقوة المقاومة الشعبية مما دفع رئيس الوزراء البريطاني إلى إشعال النيران في عزبتي فاروق والنحاس ومنطقة الكباين على البحر ليقنع العالم باحتلال بورسعيد وقام حسن رشدي مدير الأمن وقتئذ بحيلة حيث خرج من بور سعيد على انه من المصابين ثم قابل الرئيس جمال عبد الناصر وعرض عليه الأمر وتم ترتيب المقاومة الشعبية بمساعدة من جنود وضباط الصاعقة المصرية وقد نشرت محافظة بورسعيد في لائحة أسماء الذين استشهدوا أثناء أيام العدوان الثلاثي بداية من يوم الخامس من شهر نوفمبر عام 1956 ولكن ومن وجهة نظري تعد هذه اللائحة غير مكتملة ومن الاسماء أذكر الشهداء: محمود عبد الرحيم وشهرته أبو عوف ودهشور نور الدين عثمان ومحمود عبد المقصود غنبم وذكيه أحمد عبد الرحمن ومحمود على أحمد وربيع حامد الرفاعى ومحمود على الديب وربيع عبد المبدى إسماعيل ومحمود على حسن الحبال ورتيبه إبراهيم القصاص ومحمود عوض الطرابيلى أحمد المراكبى وساميه نور الدين أحمد ومصطفى إسماعيل إبراهيم وسعاد عبد المجيد عثمان وسعد غالى جرجس ومصطفى محمد عبد الرحمن وسعد محمد العمرى وسعديه إسماعيل عبد الغنى ومنير فهيم اقلاديولس وسعديه سليم جرجس ومنيرة السيد إبراهيم ونجاة ابراهيم خليل وسلوى عبد اللطيف محمد ونجيب السيد عبده وسليم أحمد على ونفيسه عثمان ونور الهدى إسماعيل عبد الغنى وسميرة أحمد عبده ونور محمد عطوه وهانم أحمد مصطفى حسن وسهير أحمد عبد الموجود.

قال شخص أخر من كبار السن ببور سعيد: كان تمركز اليهود في بور فؤاد أما الانجليز والفرنسيين فكانوا في بورسعيد وكانت المقاومة الشعبية في قمة العظمة والوطنية والبسالة حتى أيقن العدوان انه أمام قوة بشرية عظيمة وعندما قامت القوات الانجليزية باحتلال قسم شرطة الشرق قام البطل محمد عسران بوضع قنبلة يدوية في رغيف عيش وأثناء خروج احد قادة الانجليز مع حراسه تظاهر البطل انه يأكل ونزع الفتيل وألقى القنبلة على الضابط الانجليزي فسقط ميتا كما قام أبطال المقاومة الشعبية بخطف الضابط مورهاوس ابن عم الملكة وقيدوه ببيت مجاو لنادي الشبان المسلمين والمعروف بفندق مور هاوس الآن مما دفع الانجليز إلى تمشيط المنطقة بحثا عن مورهاوس وعندما علمت الملكة عرضت الملكة على الرئيس جمال عبد الناصر تسليم مورهاوس حيا أو ميتا بأي مقابل وتم تسليم جثة الضابط مقابل الإفراج عن جميع الأسرى من المقاومة وكانت وسيلة ضغط جيدة لعبد الناصر للتفاوض وقابلت أيضا سيدة مسنة وقصت لي: في عام 1956 كانت الجثث تملأ شوارع محافظة بور سعيد وكان الشعب العظيم يحملونها على عربات الكارو إلى المقابر بدون غسل أو كفن فالشهيد لا يغسل ولا يكفن وأيضا قام خائن بإخبار الانجليز على بعض الفدائيين وأماكن السلاح ولذلك قام بعض الأبطال بحرقه حتى مات فالخائن لا مكان له بيننا وفي المحافظة قائمة تضم أسماء الشهداء منها : أحمد السيد النواسانى وصلاح الدين مصطفى وإبراهيم الناغى وصلاح عبد الحميد عبده وإبراهيم عيد وصلاح عبد المنعم عبد السلام وإبراهيم احمد على وطارق فؤاد الحديدى وإبراهيم العيسوى الشربينى وطه محمد توفيق جوهر وإبراهيم أبو الوفا وعايده ابو الوفا محمد وإبراهيم حسن أبو العنين شتيوى إن التاريخ المصري المشرف لايمكن تجاهله أو نسيانه ومن يقدم على ذلك ينساه التاريخ وتلفظه القلوب والعقول فمحكمة التاريخ والعقول الرشيدة لاتعرف إلا الحق والصدق وتقدر من يعمل لصالح مصر وشعبها.

في الآونة الأخيرة تابعنا الأحداث التي بدأت يوم الخميس 24 يناير 2013 وماتبعها من تظاهرات وتعديات على العديد من المنشآت العامة والحيوية في القاهرة والإسكندرية والسويس والمحافظات الأخرى ثم ماحدث في بور سعيد بعد حكم المحكمة يوم السبت 26 يناير 2013 في قضية مباراة كرة القدم التي جرت بين الأهلى والمصري وراح ضحيتها 72 من المشجعين ولذا أطالب بوجود قانون ينظم التظاهرات وأماكنها كما تفعل الدول المحتضرة وتطبيق القانون بشفافية وعدالة مطلقة على كل المصريين دونما تفرقة بين فصيل وأخر وذلك حقناً للدماء والحفاظ على منشآت ومرافق الدولة وضبط السلوك الإنساني وأيضا لابد من إحتواء شباب مصر وتوجيه طاقاته الكبيرة للعمل والإنتاج مع عقد لقاءات دورية معهم والاستماع لأفكارهم وهمومهم ومشاكلهم فالشباب هم القوة الدافعة نحو التقدم والبناء وعلى القيادات السياسية إعلام الشعب المصري بالحقائق والخطط وماتم على تنفيذه أرض الواقع وماهو في الحسبان لأن التجاهل يؤدي إلى مالا يحمد عقباه .. وليتنا نتذكر أن الدعوة المحمدية والهجرة النبوية قامت على أكتاف الشباب ودعم وخبرات الكبار فالاتحاد قوة والفرقة ضعف ويد الله مع الجماعة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى