الجمعة ٨ شباط (فبراير) ٢٠١٣
بقلم أحمد توفيق أنوس

غربة قلب

في الجامعة

مقتطع من رواية غربة، وهي رواية واقعية جرت أحداثها بين الكويت ومصر، تعالج في أحداثها الغربة التي يصتلي بها الباحثون عن لقمة العيش خارج الوطن، وغربة النفس في الوطن، الرواية لم ترى النور بعد وهي من تأليف أحمد توفيق أنوس

رأيتكُ قادماً من بعيد وعلى وجهكَ إرتسمت علآمات السرور، أخرجت مرآتي مسرعةً لأرى هندامي، هل سيُعجبك فستاني الجديد؟، تسريحتي التي أمضيت صباحي كله في أعدادها هل ستلآحظها؟، ألقيتَ تحيتكَ علينا وعندما تلآمستْ يدانا أحسستُ بقشعريرةٍ تسري إلى جسدي، تسافر بي نحو المجهول.

ضحكتَ وقتها فأعتراني الخجلُ أخشى أن تعلمَ ما أعتراني وما يدور بنفسي.

اليوم، سأخْطُبْ.

ألقيتَ كلمتكَ تلك دون مقدماتٍ وأنتَ تنظرُ في عينيّ اللتين أخفيتهما سريعاً وراء نظارتي، وجلستُ على مقعدي وعيونكُ تُلاحق خطواتي، كأنكَ تُريدُ معرفة رأيّ، شعرتُ بالسعادة ممزوجة بالحياء تختلط بدمي الذي نقلها الى وجهي فأصطبغ بألوان الخجل والحياء، أحسست بأن العالم لا يتسع لفرحتي، تسارعت دقات قلبي، أسمعها كالمطارق تدوي، أخشى أن تسمعها آذانهم، أخشى أن ترى أعينهم تبدل أحوالي.

إلتفَ الجميع حولك وأنت تضحك ملؤ شدقيك، يطالبونك بإسمها، ماذا سيظنون عندما يسمعون اسمي ينساب من فيك؟، أسيظنون أننا كنا نتلاقى بعيداً عن أعينهم، صديقاتي لن يصدقنني عندما أخبرهن بأنني فوجئتُ مثلهن، هل سيصدقنني؟، هن اللواتي لم تبخل إحداهنّ عليّ، وكُنّ تخبرنني بكل ما يدور معهن، سيتهموني بالخبث والدهاء، أخيراً يا حبيبي!، كنتُ أعلم أنك تحبني من خلآل كلماتك، تعليقاتك، نظراتك، ومن خلال خدماتك التي كنتَ توفرها لي، ولكن خجلك، حياؤك، كان يمنعك أن تصارحني بحقيقة حبك، لا أظن أن هناك من هي أسعد مني اليوم.

حلّقت عينايّ فوق الصديقات؛ تستنطقُ الحروف من فمك، تستجلي حروف اسمي، ماذا سيكون الوقع على أذنيَّ، وهذا القلب هل سيتحمّل المزيد من السعادة؟، أنفاسي المتلآحقة، اللآهثة تعلن عن شدة إضطرابي، قلبي يبحث عن فجوة يخرج بها من صدري الذي ما عاد يتسع له، كل ما بي يفضحُ خجلي وإضطرابي، حتى قدماي ما عادتا تقوى على حملي لأهرب من هذا الموقف الذي وضعتني به، آهـ يا حبيبي، لو أنك أعلمتني قبلها ولو بدقائق لكنت أعددت نفسي لذلك، ولكنك تحب المفاجآت ويا لها من مفاجئة سعيدة.

نادية، إسمها نادية، نَطقتها مرتين، وأكملت: لا تعرفوها هي ليست معنا بالجامعة، جميلة خجولـ..ة..خـفـ..

لم تَعُدْ أذني تسمعُ المزيد أحسستُ بالدوار يعتري رأسي، ما بال الأرض تَميدُ بي، ما هذه الدموع التي تذرفها عيوني، صرخة حاولتُ وءدها لكنها مزقت صدري، شقت الفضاء الرحيب والطنين، الطنين بأذني يدوي، رباه ما الذي أسمعه، رباه ما الذي أراه، ألجحيم فتح أبوابه لي؟، أرى الجميع يحلقون حولك، يهنؤك، يسلمون عليك، وكأنهم يأخذون بعزاء حبي ومباركة حبك،
ماذا أقول وماذا أفعل؟ أنا ما عدت أستطيع الحراك، ما عدت أقوى على النهوض، ما عادت أذناي تسمع غير الطنين المتلاحق يدوي برأسي، ودموعي تلك التي إنهمرت كيف أخفيها كيف أبررها وشحوب وجهي وأصفراره علام يدلّ؟، ماذا أقول وما عاد اللسان يحسن نطق الحروف؟.

في الجامعة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى