الأربعاء ٦ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم مصطفى أدمين

أصغواْ رجاءً

أطفئوا الأضواء ـ رجاءً ـ أريد أن أرى السماء. أنا لستُ مريضا، ولكن المصابيحَ تمنعني من مناجاة النجوم، وتحجب عنـّي رؤية ما لا يُرى: الحبَّ المتناثرَ في سُدُم الكون؛ المجرّاتِ اللامتناهية في البعيد.
أطفئوا الأنوارَ لعلّني أبصرُ ما بداخلي؛ الحبَّ المنسيَّ في كثافة اللامتناهي في القريب.
أطفئوها لساعة لا غير؛ أو لدقيقة، لكي أعرُجَ في ظلام الوجود إلى نور الوجود.

أنا لستُ مجنوناً؛ أريدُ ـ فقط ـ استعادةَ براءتي في تأمُّل «المَشبوح»؛ تلك النجوم الثلاثة المصففة على يمين السماء: أمّي، أبي، وأنا... الحنان، الحماية، والطفولة... الحياة، العفو، والخطيئة... وتلك النجمة الملازمة للقمر: الزهرة؛ أطفئوا المصابيح حتى أسترسل في التحدّث معها بعد فصال دام خمسين سنة:[... وبالأمس، رجوتُ الله أن يجعل أبي يشتري لي ساعة ً يدوية من نوع «دوغما»...].

ثم أطفئوا كلَّ مذياع وبوق ومُزعّـِق ومِدفع... كلَّ شيءٍ قد يصدر عنه صوتٌ. أريدُ أن أرى الصمت حتى أقدر على سماع هدهدة أمّي لي وأنا في حجرها خائفٌ من قنبلة، وأحّةِ أبي لي في ظلام ليل أتخيله... تقول أحّة أبي:«لا تخف يا ولدي، أنا هنا ولا أحد هنا إلا أنا وأنا حاميك من كلِّ مكروه والله». أطفئواْ كلَّ الأصوات والذبذبات لعلّني أتسمّعُ نبض قلب المرأة التي ما تحمّلتْ نبض َ القلب للقلب، وهجرتي في اللامتناهي من الجفاء؛ تلك المرأة التي اختلطتْ تذبذبات التكنولوجيا بتذبذبات قلبها، فلم تقدر على التمييز بين قانون الحب الإلهي والقانون الجنائي.

أنا لستُ عالم فيزياء ولا فيزيولوجيا، ولكنّني أشعرـ بمهاتفات الناس لبعضهم عبر الهواتف المحمولة تخترقني وتجعلني أخاطبُكِ بما لا أحب (!). أتذكرين عندما قلتُ لكِ:«أنتِ أمّية في الحبّ» بالله لم أكن أنا قائل هذا القول الكريه؛ إنّما هو من قمر اصطناعي ليست لي به أيّة صلة. ولعلّك تذكرين عندما قلتُ لك ـ ونحن على الطريق ـ :«شعرك أسلاك، وعيناك فِلٍزّ ٌ، وفمُك تُراب، ونهداك حجر، وسُرَّتُك خشبٌ، وساقاك لا يلتقيان» والله ما أنا قائلُ هذا القول المريع؛ إنما هو قولُ فـُلان لِفـُلانة عبر الأثير. فهل تجافيني بما يقول الأثير الحقير؟

رجاءً يا ناس؛ أطفئوا كلّ ما يمكن إطفاءه وأصغوا إلى قول الصمت...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى