الاثنين ١٣ آذار (مارس) ٢٠٠٦
بقلم فاروق مواسي

عشر قصص قصيرة جدا

هل نجا الذين صلوا؟

كان الواعظ ينص وقد انتفخت أوداجه، والمستمعون يهزون رؤوسهم وهم يحركون شفاههم:

"وهكذا سلط الله عليهم تسونامي لتبيدهم عن بكرة أبيهم، ولتقوّض ديارهم جزاء بما ظلموا، فحق عقاب...

تصوروا! هدمت البنيات كلها.... وبقيت المساجد شامخة تسبح الله عز وجل، أفليس في ذلك عبرة لمن اعتبر؟؟؟!!!"

استغرق السامعون في التسبيح والتهليل.....

وإذا بطفل يسأل:

هل نجا الذين صلوا يا سيدي الشيخ؟

هل أدعها لك ؟

قال لصاحبه وهو يكلفه بأن يجدّ له في البحث عن عروس بنت حلال، ومن مواصفاتها أنها: جميلة ساحرة، متعلمة، بنت عائلة، لطيفة العشرة..... إذا سارت تلفتت لها الطيور والأشجار والأزهار، وتوقف الرجال عن كل حركة، وهم يرمقونها أو "يأكلونها" بأعينهم...

قال صاحبه له: وهل أنا مجنون حتى أدعها لك.... إنها لي، ولن أدعها تخرج، ستكون لي وحدي.

أصر كل منهما على حقه في الزواج من هذه العروس، وتخاصما، وانقطعت العلاقة بينهما.

جنيّ علاء الدين

عندما فرك علاء الدين المصباح حضر الجني شاحب الوجه، وأخذ يبكي بصوت عال.

أخذ الجني يتوسل لعلاء الدين أن يساعده في زواجه من جنية "جنَّنته"، وأن يكون سعده المبين، بين يدي علاء الدين.

لم يدر علاء الدين ماذا يقول وماذا يفعل.

ولما يئس الجني جمّع نفسه في دخان، وعاد من حيث أتى.

بيني وبين لوركـــا

يقول لنا لوركا:

عرفت أنني قتيل

فتشوا المقاهي والمقابر والكنائس

فتحوا البراميل والخزائن

سرقوا ثلاثة هياكل عظمية لينتزعوا أسنانها الذهبية

فلم يعثروا علي!

ألم يعثروا علي؟؟

نعم، لم يعثروا علي.

قلت للوركا:

" فكرة الأسنان الذهبية عرفها بعدك الدكتور بوشي وزيطة من أهل زقاق المدق، ولكن، بيني وبينك، لماذا تنكر أن المعتدين عثروا عليك؟

حقًا، لقد عثروا عليك......

ومع ذلك، خسئوا، فلم يكن في فيك أسنان ذهبية، بل كلمات من ذهب."

أفقت

طائر لا أعرف اسمه... لما وصفته قالوا لي إنه أبو زريق...

يأتي كل صباح مع إطلالة الشمس ليزقزق على نافذتي، وأسمع في صوته: "أفق أفق" – مع تخفيف حرف القاف.

عندما أنظر إليه أرى الندى من عينيه يمطر، وأشعة الشمس تتراقص فوق ريشه.

أفيق... أتحسس كل جسمي.... فأطمئن.

أسرع إلى المرآة فأتأكد أن وجهي كما هو.......

أعود للطائر لأطمئنه.

الساعة والعــقارب

حين نلتقي أُلقي بالساعة بعيدًا وأنسى العقارب.

وحين نفترق تلاحقني العقارب سريعة وخطيرة....

وهكذا يا سادة يا كرام أعيش أنا والساعة والعقارب.....

ديوان الشعر

قرأتْ ديوان شعر انتقته في مكتبتي.

أعادته مشكورة.

شعرت دواوين الشعر الأخرى بعودته، فاجتمعت إليه لتسأل عن جمال هذه القارئة، وعن رحلته بين عينيها.

أخذ الديوان يحدث بزهو وسائر الدواوين تنصت......

لما دخلت إلى مكتبتي في ساعات الفجر الأولى ألفيت حروفًا ترقص وأوراقًا تغني.....

لا تغيير

ثمة أشياء تتغير: الطقس، الأسعار، المناظر... هنا وهناك...

حتى في جسده سكن جسد آخر، وأخذ يتشكل له في صور متباينة....

كلما قرب اللقمة إلى فمه أحس أن المرارة لم تتغير.

يقول له الشخص الساكن فيه دائمًا وبإلحاح:

قل الحمد له !!!!!!

تغيّر حتى اسمك

تغيرت يا حمادي، كيف حالك؟ والله اشتقنا لك يا أحمد! لكم تغيرت، وعيناك أصبحتا حزينتين، ووجهك.... وشكلك...... ما هذا؟ ما سبب التغيير؟

  ولكني لست أحمد يا سيدي، فأنا عبد الحليم.

  لم تتغير كليًا..... دعابتك بقيت كما هي يا أحمد.

  أنا عبد الحليم.

  عجيب، حتى اسمك قد تغير!!!!

رحلة امرأة

تزوجت في الثلاثين.

عذبها زوجها حتى طلقته وهي في الأربعين .

قالوا لها في الخمسين: كان عليك أن تحتملي الضيم، فهذا أفضل من العزف على وتر منفرد.

في الستين التقاها زوجها ذاك، وأبدى لها الندامة. فقالت له:
لقد عشت وحدي طليقة، طليقة.......!!.

إن في ظلالك أصداء هواي!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى