الأحد ٧ نيسان (أبريل) ٢٠١٣
بقلم محمود سلامة الهايشة

علبة كبريت!

كان بخيلاً جدًّا، يضع القِرْش على القرش، لكي يجمِّد الجنيه، فلا يُنفق ما جمَّدَه إلاَّ لضرورة قُصوى، في الصباح يعمل محاسبًا في شركة خاصَّة، يذهب إلى محلِّه لِتَصليح الساعات في المساء، فكان يهوَى تلك المهنة جدًّا، ليس في المحلِّ إلا لمبة واحدة للإنارة، ذات ضوء خافت، خوفًا على فاتورة الكهرباء، يُشْعل الكشاف المركزيَّ حين يَشْرع في صيانة وإصلاح إحدى السَّاعات.

يخاف أن يَضع في جيبه مبلغًا كبيرًا، ليقع في يدِ زوجته أو في يد نشَّال يسرقه، صاحب طرُق غير تقليديَّة في إخفاء الأموال.

في ليلة ممطرة، الشارع خالٍ تمامًا من المارَّة، شعر بالقُشَعريرة، لم يدخل عليه زبون واحد، فقرَّر الإغلاق، والنومَ مبكرًا، توفيرًا للكهرباء والوقت، همَّ بالخروج من المحل، تذكَّر أن في محفظة النقود ورقةً فئة مائتي جنيه، أخرجها وأخفاها كعادته، بمجرَّد أن أغلق الأقفال، انقطع التيَّار الكهربي من شدة المطر، ففَرِح بقرار الغلق، قبل أن يصل إلى بيته، كانت الأقفال مفسوخة بيد أحد اللُّصوص المتربِّصين بالمحل منذ فترة طويلة، دخل وأغلق على نفسه الباب، أخرج من جيبه تليفونه الجوال، وحاول أن يجرِّب تشغيل الكشَّاف الكهربائي به، ولكنْ باءت كلُّ محاولاته بالفشل، فبدأ يتحسَّس المكان بيده حتَّى وقعت على طبق به شمعة، فقال لنفسه:

- ها هي الشمعة، فلا بد وأن يكون هناك كبريت أو ولاعة.

وقبل أن يَنتهي من كلماته حتى تمسك يدُه الأخرى بعلبة الكبريت، ففتحها، فوجد فيها ورقةً مع أعواد الكبريت، فلما أشعل الشمعة، تأمَّل في الورقة فوجدها المائتي جنيه التي خبِّأها هذا البخيل!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى