الثلاثاء ٩ نيسان (أبريل) ٢٠١٣
بقلم وفاء شهاب الدين

جسور الدماء

قررت فجأة التخللي عن لعبتها المفضلة،سئمت استجداء الليل واقتسام اللوعة مع الشمس عند الغروب، نفضت عن ملامحها غبار دموع ملتها، كشفت غطاء الذات ومنحت لشفتيها الحق في ابتسامة.

احتضنت مرآتها،جدلت شعرها، ارتدت بياض القلب وحمرة الخجل وكلل تاج الأسود رأسها العنيد.

اليوم وعدها بلقاءورغم تاريخه الطويل في نقض مواثيقه وثقت كعادتها به، نزعت عن جيدها القلائد، لفظ معصماها الأساور وتخلت ساقاها عن خلاخيل الذهب.أمل من خلف الأسوار وقفت تتأمل موانع عتيدة لطالما قهرت إرادتها، حاولت مغافلة الحراس والهروب إلى حيث موعد الحب فخيبت أمنياتها نظرات التجهم، انكسرت مهاراتها التفاوضية على صخرة الرفض،ارتمت بفراشها تبكي زينتها وثيابها وعطرلم يجد من يمنحه اطراء يستحقه.

توسدت دموعاً تخيلت أن اليوم موعد وفاتها،تناثر الليل من حولها فاستترت به، نفذت إلى الخارج محطمة كل القواعد والممنوعات ابتسمت حين لفحت شعرها نسمة تحمل معنى حرية مفقودة.

هناك ..حيث الحب لمحته أخيراً ممسكاً بفنجان من الشاي وباليد الأخرى جريدة وسيجارة شنقها قبل قليل وأودعها قلب المطفأة.

تناست كل مواعيد الحب التي كللتها الخيبة، وسيماً بدا يقطر حباً، ملامحة الحادة ترتسم فوقها ابتسامة ناعمة.

اتسعت ابتسامته حين لمحهاوقال:ــ أخيراً جئتِ؟

قالت بخفر:ــ كنت دوماً آتي وأنت من تغيب..

رد:ــ لقد كنت دوماً هنا لكن قلبك لم يكن يراني..

قالت:ــ إن كان قلبي هو السبب سأقتلعه إكراماً لرؤيتك.. قال:ــ إن قلبك هو ما علمني أبجدية حبك فكيف تتخلين عنه حين الحب؟

ابتسمت حين لمحت بعينيه نظرة اهتمام وهي المهملة دوما تقاسي جدب مشاعر سجانيها وتبلد قلوب عاشت من أجلها، سهمت مخيلتها بيده القابضة على فنجان بملامح سمراء عنيدة تذوب رقة وترتقي سماء الشغف وتذبح الشوق على وضم الكبرياء..هجرت الشمس لوحتها المضيئة فتحولت إلى عالم من ظلام، قالت بقهر:ــ يجب أن أذهب..

قال:ــ سنسهر معا أنتِ الليله لي.. ردت:ــ لا أستطيع..

قال:ــ لقد علمني غرامك ألا مستحيل.

انسابت النسمات رغم الليل تداعب شعرها الثائر و تراقصت من حولها موسيقى ظنت أنها الجنة، توج شعرها الأسود بتاج الياسمين فبدت ملكة تفترش عرش القلوب، تمايلت مع الموسيقى رغم الخوف وتناست لبرهة أنها أسيرة. كان يعلمها أهمية التسكع في طرقات الحب حين فرقتهما الجموع الهادرة، بحثت عيناها عنه فلم تجده، ذاب كقطعة سكر صهرتها حرارة الغضب، تاهت بين الخوف والأمل وعلمها غيابه عن ناظريها كيف يكون الفزع حين سقطت بين الأقدام..

امتدت أيدي كثيرة لنجدتها ولا نجدة، احتضنتها عصا غليظة أهداها إليها العسكر فغلبت حمرة الخجل لون الدم وطغى على بياض الثوب طعم الأسود، علمتها الأقدام كيف يكون الضياع وعلمها الأسر القدرة على التحمل، كتمت صرخات خرجت من سواها وأخذت تبحث عن حبيب ما أن يفي حتى يرغمه القدر على الغدر.

من بعيد لمحته يعالج الضياع، يبحث عن حب حياته، حاولت النفاذ إليه متناسية كل قوانين الدلال فلم توفق،حالت بينهما أجساد حرمها الرصاص حق الحياة ومنحها الإباء شرف الموت تحت قدميها.

على الأجساد سار يقطع مسافات الخوف إليها باكياً، صرخت:ــ احذر تحت قدميك يرقد الأمل..لا تأتي إلي على جسر من دماء..أرجوك..

رفعها لتتخذ من كتفه عرشاً وقال:ــ هل سبق أن عبر الفجر إلى أسيرة على جسر من ماء؟


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى