السبت ٢٧ نيسان (أبريل) ٢٠١٣
بقلم عثمان آيت مهدي

السلطة الرابعة

قرأ عمر مقالا طويلا بجريدة «أوهام» حول تحويل أموال الدولة إلى بنوك أجنبية. أعجب عمر بشجاعة الصحفي أيّما إعجاب، وكان المقال بإمضاء «س، م». وفي الحين اتصل بزميل له يعمل بنفس الجريدة وطالب منه أن يعرفه بصاحب المقال. ردّ عليه زميله: خريج معهد الصحافة هذه السنة استقدمه أحد المتنفذين في السلطة ليصبح لسانه بالجريدة.

تناطح صحفيان كبيران يدافعان بشراسة عن الحرية واستقلالية السلطة الرابعة. الأول يعمل بجريدة «أوهام» والثاني يعمل بجريدته هو. كان محور التناطح حول أجنحة السلطة، بمعنى، هل للسلطة أجنحة تطير بها أم ليس لها أجنحة، وبالتالي هي كالطيور التي لا تستطيع الطيران. وبعد أن فض النزاع وزالت الشحناء التقيا بفندق من خمسة نجوم ليحتسيا نبيذ المسرحية مكافأة لهما.

يروى، والعهدة على الراوي، أنّ بلدا ديموقراطيا إلى النخاع، يملك مئتي عنوان من الجرائد اليومية والأسبوعية. هذه الجرائد تقتات من فتات الإشهار الذي تمنحه لها السلطة. يستنسخ منها الملايين يوميا، تملأ الأكشاك وأرصفة الشوارع، وبعد شهر من صدورها يعاد بيعها بالكيلوغرام لباعة السردين والخضار.

من نوادر السلطة الرابعة التي يعود تاريخها إلى أيام الاستقلال، أنّ شابا اشترى كيلوغراما من السردين، وضعه له البائع في جريدة. أثناء العودة إلى البيت بدأت الجريدة في الذوبان ولم تستطع حمل السردين المبلل بمياه البحر. غضب المشتري غضبا قويا، وخاطب الجريدة بقوله: كلّ هذا الكذب بالجريدة استطعت حمله وإيصاله للقارئ على بعد ألاف الكليمترات، ولم تستطع حمل كيلوغرام من السردين وإيصاله إلى البيت على بعد مئة متر!

تساءل أحد الصحفيين النزهاء عن سبب موت بعض الصحفيين قبل أن يتجاوزا سن الأربعين أو الخمسين على أكثر تقدير، وحياة الآخرين إلى ما يزيد عن الثمانين أو التسعين. ولم يجد جوابا شافيا سوى السر والاحترافية في المهنة.

أيام الاستقلال كانت هنالك جريدتان هما: "الغاشي" و"المحارب". وبعد أن استهلكهما النظام وأصبحتا جريدتين مبتذلتين ركيكتين، تمّ تعويضها بجريدة "أوهام" وجريدة "غروب" وجريدة "ليل". الأولى، هي الأولى عربيا، والثانية، هي الثانية عربيا، والثالثة، هي الثالثة عربيا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى