الاثنين ٨ تموز (يوليو) ٢٠١٣
بقلم محيي الدين غريب

الفرصة الضائعة

الشعب المصرى الذى خرج بالملايين يوم 30/6/2013 وإطاح بحكم التيار الدينى بعد أربعة أيام، أضاع فرصة هائلة على الإدارة الأمريكية وقوض مخططها الذى يدعم فيه بقوة الإسلام السياسى، المخطط الذى كانو يحلمون به منذ الثمانيات.

وأحتار المحللون فى هذا التقارب المشكوك فيه حيث أن أمريكا لاتزال تعانى وتحارب الأرهاب الذى أفرزه الإسلام السياسى، ولايزال العالم يتذكر ما فعلته أمريكا فى افغانستان والعراق.

ومع ذلك وجدت أمريكا ضالتها في جماعة الإخوان المسلمين فى بلدان الربيع العربى وخاصة فى مصر بعد أن نجحت عنوة في قطف ثمار تلك الثورات. وأعد ملف خاص بهم واسند هذا الملف إلي جون كارسون* لمحاولة إنجاح المخطط هذه المرة.

كان المخطط فى ظاهره ان تعمل الجماعة علي ترويض الشارع المصري والعربي لقبول الدور الامريكي وعدم معاداة اسرائيل للتمهيد لحل القضية الفلسطينية مقابل تمكين الجماعة من حكم مصر، مستغلين فى ذلك التلهف للسلطة لدى هذه الحركات الإسلامية.

أبتلع الأخوان الطعم لكى يعززوا من مسلكهم البرجماتي بمسارية المصالح الأمريكية، وذهب البعض بسذاجة زائدة، فى أن تقارب الإدارة الأمريكية من الأخوان كان بسبب أكتشافهم السلام الذى فى الإسلام.

وقبلها رأينا كيف دعمت الإدارة الأمريكية الحزب الإسلامي العراقي (الإخوان المسلمون) المشاركة في العملية السياسية ضد رغبة عموم الشارع العربي، وأيضا دعمت دخول الإخوان المسلمين السوريين في التحالف المعارض، كما أنها ترتبط بعلاقات وثيقة مع حزب العدالة والتنمية التركي.

المخطط فى باطنه أبعد بكثير فى نتائجه عما قدمه نظام مبارك الذى كلف الإدارة الأمريكية تكاليف مادية باهظة مقابل التوازن العسكرى فى المنطقة، وأيضا مقابل التنازلات التى يقدمها نظام مبارك لصالح امريكا وإسرائيل، والتى وصفت أحيانا بالابتزاز.
ويتلاقي أيضا هذا المخطط مع رؤية التيارات الإسلامية التى تعارض الهوية الوطنية والقومية التى تدفع البلاد نحو دولة إسلامية، أو دولة الخلافة المزعزمة.

هذا المخطط لن يكلف الإدارة الأمريكية كثيرا سوى المراقبة عن بعد لمسرح الأحداث فى المنطقة العربية بعد أن حوصرت فى سلة واحدة برؤية واحدة، مراقبة ما يحدث وما سيحدث عندما تتصارع القوى الإسلامية طائفيا وعقائديا وحزبيا ومذهبيا سعياً وراء مشاريع إسلامية دينية تتجاوز البعد الوطني والقومي، ناهيك عن المعركة النهائية بين المعسكر السني والمعسكر الشيعي، ما سيؤدى إلى تصفية وأستنفاذ القوى فى المنطقة وهو ما يحقق هيمنة أمريكا على المنطقة دون تكلفة مادية ودون عناء.

وليس أوضح وأبين من الكلام لفاعليات هذا المخطط ما رأيناه من تداعيات خطيرة فى العراق وما نراه يجرى الآن فى سوريا.

لذلك نجد التردد واضحا حتى الآن فى قرارات الإدارة الأمريكية بعد مظاهرات 30/6 وبعد أن عزل الشعب الرئيس مرسى بمساعدة الجيش، حتى أنها لاتزال تتحفظ على قرار تسمية ما حدث ، هل هو أنقلاب العسكرى أم أنقلاب شعبى.
الفرصة ضاعت هذه المرة على الإدارة الأمريكية التى تتخوف عواقب تكرار ماحدث فى مصر يوم 30/6 فى باقى بلدان الربيع العربى وربما فى المنطقة بأكملها.

* جون كارسون: بدأ ظهوره بعد الثورة المصرية علي يمين الرئيس اوباما ويعتمد على جمع المعلومات عن طريق المتطوعين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى