الجمعة ١٦ آب (أغسطس) ٢٠١٣
بقلم فيصل سليم التلاوي

البُصطار

بُصطارٌ ... بصطارٌ ... بصطارْ
يترنم عبد اللهِ
يعيد اللحن، يُرَجِّعُهُ
و يغني منتشيًا... بُصطار
تنساب على شفتيه الكلماتُ
يُنَغِّمُ ينفخُ في مزمار
يتغزل طربا، ينظم ما رقَّ من الأشعار:
يا حبي الأوحد و الأبديّ
و إرثًا عَطِرًا، يعبقُ بالأَرَجِ و بالطيب
يتنسم من تربة جدي و أبي
و نُورِّثُهُ محفوظًا للأبناء و للأحفاد
جيلاً يحمل هذا العشق العذري
الخالص للبصطار
بعيدًا عن كل متاع الدنيا
و غوايات الشيطان
و يورثه كنزا أبديًا للأجيال
ليكون لها في الشدة عُدتها
في الظلمة نورًا يكشف عنها كربتها
في يوم الزحف شعارًا أوحدَ
يتمدد مفترشًا رايتها
 
بُصطار العَسكرِ ما أحلاهْ
نجمًا يتلألأ ما أبهاهُ
يُزيِّنُ من أمتكم جبهتها
و يصون لها دوما وحدتها
 
فأنا مسكونٌ بالبصطار
و أنا أتوسده، أحضنه ليل نهار
لا أدري منذ متى ابتدأ العشقُ
أم أن الجيناتْ
حملته إليَّ على رغمٍ مني، ما كان خيار
فأنا أعلم أن البصطار
كان هوى جدي حتى و هو الفرّار
من جبَهاتِ (القرم) و جبْهاتِ (البلقان)
و كل حروب (العصملي) في كل مكان
(فراريَّا) كان، و لكن طعم البصطار ما فارقهُ
فقفاه اعتادت أن يركلها (بوز) البصطار
و اعتاد البطن على أن يرفشه البصطار
 
و أبي واصل هذا الإرث التاريخيَّ
بهمة جنديٍّ مغوار
ما فرّط في حمل أمانته
و تخلى عن حلم البصطار
إنجليزيَّا و فرنسيًّا صار البصطار
و ظللنا في شغفٍ نرمقه
تُبهجنا طلَّتُهُ
نسترق النظر إليهِ إذا لاحت عن بعدٍ طلعتُهُ
لا ضيرَ إذا مزّق أوصال الأمة هذا البصطار
قطّعها أسباطًا ثِنتين و عشرين
و يَسِنُّ لها في كل صباحٍ حد السكين
لا يكفي أن جَزَّرَ جثتها و احتز فلسطين
و هاتاي و كانت أنطاكيةً من قبلُ و من بعدُ
و تبقى حتى يوم االدين
و احتز الأحواز و أهداها طعمًا للشاة
و نحن مساكين
 
و فرحنا، و طنيًا صار البصطار أخيرا
عربيا من ينتعل البصطار
حتى لو قالوا:(مصنوع في بلد الكفار)
حتى لو صارت كل بطون الأهل له مضمار
و اعتدنا مثل الآباء و مثل الأجداد
على تقبيل البصطار
و صنعنا نُصُبًا للقادة ركَّزناها في كل الأمصار
تبدأ بالتركيز على فضل البصطار
هيئتهُ، هيبتهُ، روعتهُ
لمعتهُ تخطف ضوءَ الأبصار
 
سنواتٍ لا عدَّ لها
ما زلنا ننشد للبصطار
نلمِّعهُ، لا نعلم من صاحبه هذا البصطار
و نُصَفِّقُ تبهرنا إذ تصطف على الصدر نياشين
سبَّحنا و حمدنا بركات البصطار
مَجَّدنا صاحب قدمين انتعلا هذا البصطار
و نعمنا رزقا غَدَقًا يتقاطر كالسيل المدرار
 
سنواتٍ حتى حلَّ بساحتنا موتورٌ مهذار
يزعم أن الأرض بَوار
و أن زمان العسكر و البصطارمضى
والريح تهب، تُغيِّرُ، تقلع ما تلقى في قوة إعصار
و يقول: الشعب العاري الجائعُ صار هو المختار
من يتولى الأمر، يُصوِّتُ مقترعًا، يختار
يتبادل سلميًّا سلطته... يا للعار!
سلميَّا كيف؟!
كيف يكون الشرف رفيعًا
ما لم تغسلْهُ دماء الأحرار؟
و شيوخ قبائلنا، و وجوه عشائرنا
وكبارًا سادوا بالميراث أبا عن جدٍ
كيف نُضيِّعُ حقًّا موروثًا من عهد ثمود و عاد
و كيف نُفرِّط في ما حمَّلنا إياهُ الأجداد؟!
 
كيف يسير الكون بلا بصطار؟!
بصطارٌ نحضنهُ صبحًا
و نمسِّد جبهته كل مساء
بصطارٌ يجلب خير الدنيا
يُدفع عنا كل بلاء
بصطار نحمله رمزا
و نطوف به كل الأرجاء
و نردُّ على من يسألنا:
من أنتم؟
: - نحن بكل الفخرِ عبيدُ البصطار

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى