السبت ٣١ آب (أغسطس) ٢٠١٣
بقلم عثمان آيت مهدي

ألا يحقّ لنا أن نحلم بغد جميل؟

في ذكرى مرور خمسين عاما على صيحة مارتن لوثر كينغ (لديّ حلم). وتحقّق جزء من الحلم بانتخاب باراك أوباما على رأس أقوى دولة في العالم، وانتزاع السود للكثير من حقوقهم بقوة القانون، وبقوة الوازع الأخلاقي، وبقوة الوعي السياسي والمدني الذي تحياه الشعوب المشرئبة إلى التمدن والتطور الحضاري. بهذه المناسبة الجليلة لرجل أراد تجسيد حلمه على أرض أمريكا فتحقق حلمه في كلّ أرجاء العالم، ألا يحقّ لنا نحن أن نحلم اليوم بغد جميل تحيا فيه الشعوب العربية الأمان والرخاء، العدل والمساواة، الازدهار والتطور؟

لديّ حلم، أرى فيه الوطن العربي وقد زالت فيه الجملكيات والملكيات، وأصبح الوطن العربي تحكمه الشعوب من خلال ممثليه في البرلمان، تزول فيه القوميات والعصبيات القبلية والدينية، تزول فيه الحدود الوهمية وتمتد فيه الطرقات السيّارة العابرة للأوطان، والسكك الحديدية والخطوط الجوية والبحرية، تنعدم فيه تأشيرات الدخول والخروج، ويصبح فيه الجزائري مصريا، والمصري أردنيا، والأردني مغربيا.. أرض تمتد من الخليج إلى المحيط، لا يستوقفك أحد إلا للاستضافة وتبادل التهاني والأماني بمناسبة سقوط العالم العربي المريض وميلاد الوطن العربي الجديد، بأكراده وأقباطه وأمازيغه وسائر القوميات فيه تعيش جنبا إلى جنب، في تآلف ومودة. الديانات فيه متعانقة الأرواح في صعودها إلى ربّ السماء، وكلّ المذاهب الدينية لا تعلو بصوتها أبدا على صوت الوطن، الكردية للأكراد والقبطية للأقباط والأمازيغية للأمازيغ، والعربية للعرب والإسلام للمسلمين، والمسيحية للمسيحيين والوطن للجميع والأخوة رباط مقدس تمليه المصالح المشتركة.

دستور واحد ينظّم المصالح والشؤون العامة، جيش احترافي واحد يسهر على أمن الحدود والدفاع عنها، رئيس واحد منتخب من طرف غالبية البرلمان، ولا يهمّ إن كان يمنيا أو قطريا أو تونسيا، إن توفرت فيه شروط الكفاءة والنزاهة وحسن الخلق، مسيحيا كان أو مسلما، شيعيا كان أو سنيّا.. يرى الجميع أخا له في الوطن الذي يعلو على الجميع، سلطات مستقلة عن بعضها البعض إلا فيما يمليه القانون ويفرضه.

شعوب العالم من أسيا وأمريكا وأوروبا وأفريقيا مرحب بها بما تمتلكه من كفاءة وعلم وتقنية، تعيش جنبا إلى جنب مع العرب مضمونة الحقوق مصانة الشرف. مؤسسات علمية وفكرية بأرقى اللغات تنتج لنا العلماء والنوابغ في شتى العلوم. مؤسسات اقتصادية ضخمة، متعددة الجنسيات، استثمار ببلايين الدولارات في الداخل وخارج الوطن.

سياسة خارجية فعالة ومؤثرة، تساهم في إحلال السلم في العالم وتوطيد العلاقات الثنائية وتطوير الاقتصاد الوطني والدفاع عن الشعوب المقهورة.

إعلام احترافي وموضوعي، يخاطب الشعوب بلغة العقل والمنطق لا بلغة الخشب والفلين. إعلام حر ونزيه يتواجد حيث المواطن، لا يسيء عنه لحظ بصيرة. يرى المواطن نفسه في مرآة إعلامه فيتشبث به ويفتح له قلبه. يستقطب المشاهدين الأوروبيين والأمريكيين وغيرهما، لصدق المعلومة وجودة التحليل وكفاءة الصحفيين والتقنية العالية في البحث عن الخبر وتقديمه.
مجتمع مدني قويّ يعبر بصدق عن طموحات وأمال الشعب، تهابه السلطات المدنية التي تسوّل لها نفسها الدوس على القانون، وضرب المواطن المقهور.

وطن لا يؤمن بالزعامة ولا بالمرشد للبشرية ولا بآيات الله غير آياته الحقيقية. الشعب مصدر السلطات، يمنح أصواته لمن يشاء ويسحبها ممن يشاء.

ألا يحقّ لنا الحلم في هذا الزمن الرديء، زمن جنرالات الانقلاب والفساد، وجملكيات الخالدة على الكرسي، وملكيات الأرض والأنفاس، والنفاق السياسي وانهيار الأخلاق والتبعية في كلّ شيء للأجنبي؟

ألا يحقّ لنا أن نحلم يا فاروق جويدة؟
هل من طبيب يداوي جرح أمته
هل من إمام لدرب الحق يهدينا
كان الحنين إلى الماضي يؤرقنا
واليوم نبكي على الماضي ويبكينا

من "مرثية حلم"

لفاروق جويدة


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى