السبت ١٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٣
اثر الأوضاع السياسية
بقلم عادل عامر

الجارية علي الاقتصاد المصري

إن الوضع الاقتصادي في مصر مرتبط جوهرياً بالحالة السياسية ولايمكن تحقيق الاستقرار الاقتصادي وسط الاضطراب وعدم اليقين الذي لون المشهد السياسي في مصر علي مدي أشهر طويلة. فالارتفاع المزمن لمعدلات الفقر والبطالة، وتدهور الخدمات العامة والبنية التحتية، والعجز المتزايد في ميزانية الدولة، والديون الخارجية المرتفعة، وكذلك الفوارق المتزايدة بين الأغنياء والفقراء.. هي مجرد عدد قليل من القضايا التي فشل نظام مبارك في حلها علي مدي ثلاثة عقود في السلطة.وهذا راجع إلي "سوء الإدارة والفساد" كجزء من أسباب هذه المشاكل. فخلال هذه الفترة انخفضت قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، بينما هبطت احتياطيات مصر من العملات الأجنبية إلى حد كبير.

وارتفع الدين المحلي أيضا إلى ما يقرب من 187 بليون دولاراً أمريكياً ، واضطرت العديد من الشركات المحلية لتصفية أعمالها، مما أدى لتزايد أعداد العاطلين عن العمل. وفي الوقت نفسه، لا يزال قطاع السياحة في مصر -الذي أعتبر لفترة طويلة أحد المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية في البلاد- يعاني من الآثار التراكمية لعدم الاستقرار السياسي الذي طال أمده. فمنذ مايو 2011، ومصر تفاوض صندوق النقد الدولي بشأن قرض قيمته 4.8 مليار دولاراً.

ومع ذلك، فالقرض المقترح سوف يكون مشروطاً بمجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الصعبة، بما في ذلك خفض كبير للدعم الحكومي وزيادة الضرائب. أن الفشل في حل المأزق السياسي الحالي سيؤدي في نهاية المطاف إلى تدمير صناعة السياحة في مصر".للان عدد السياح -الذي يتراجع باطراد منذ عام 2011- سوف يدفع شركات السياحة المحلية إلى الإفلاس. ثم شرحت أنه بدون درجة من الاستقرار السياسي على المدى الطويل.. لن تعود أعداد السياح أبداً إلى مستويات ما قبل الثورة. أما القطاع السياحي فشهد خروج عدد كبير من السياح بلغ نحو مليون سائح، إلى جانب إلغاء الرحلات وانخفاض إشغالات الفنادق والقرى السياحية. وهو ما دفع القطاع لفقدان مايزيد على 1,5 مليار جنيه.

كما أن قطاع الطيران المدني مني أيضا بالخسائر بعد إلغاء العديد من الرحلات بسبب حظر التجوال المفروض. أما المشهد السياحي فحزين، حيث ترى أهرامات الجيزة خالية من روادها، وعشرات الخيول تصطف إلى جوار أحد الجدران تأكل التبن بهدوء واسترخاء، والجمال الصغيرة تتمرغ في التراب دون اكتراث بما يحيط بها للان حصيلة خسائر قطاعات النقل المصرية ارتفعت إلى 15 مليون جنيه يومياً، وان الخسائر اليومية لمترو الأنفاق تبلغ مليون جنيه، أما خسائر السكك الحديدية المصرية فتبلغ 4 ملايين جنيه يوميا، فيما تبلغ خسائر الموانئ المصرية 10 ملايين جنيه يوميا.

أن البورصة تعتبر أهم الأدوات والمؤشرات التي تعكس تأثير أي قرار سياسي على الاقتصاد والتوقع لما قد يحدث في المستقبل وقد استجابت البورصة المصرية للإعلان الدستوري بخسائر وصلت إلى 30 مليار جنيه في جلسة واحدة وهو ما يذكرنا بخسائر البورصة المصرية يوم 26 يناير 2011 التي وصلت إلى 40 مليار جنيه كاستجابة للثورة المصرية. إن هناك آثارا سلبية مدمرة على الاقتصاد المحلى نتيجة الإحداث الجارية، نتيجة للأوضاع السياسية السيئة

إن الاقتصاد المصري وصل إلى مرحلة من الصعب أن يتحمل خلالها اى خسائر أو إضرار إضافية . للان الحالة الاقتصاد العامة في مصر سواء على مستوى الاستثمارات المختلفة أو حتى على مستوى المواطن العادي أصبحت متدهورة للغاية إن نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر الذي كان من المتوقع أن يصل إلى6 في المائة هذا العام سيتضرر بسب الأزمة السياسية، وإن تدفق الأموال إلى الخارج قد يصل إلى 8 مليارات دولار، ولكن البلاد قد تعالج ذلك لأنها تعاملت مع تدفقات أكبر إلى الخارج في الماضي. وقدر خبراء اقتصاديون حجم الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها مصر خلال فترة الاحتجاجات ما بين 55 و 100 مليار جنيه (9,24 مليارات- 16,8 مليار دولار).

كما توقعوا انخفاض عائدات قناة السويس خلال الفترة المقبلة خصوصاً مع تراجع أعداد الرحلات العابرة, أما الخسائر الناجمة عن أعمال العنف والشغب والتخريب، فقدرت بنحو 100 مليار جنيه في أسبوع واحد. للان تلك الخسائر قد تتضاعف، خصوصاً مع توقف العديد من القطاعات الحيوية ،السياحية منها والخدمات والمالية، للأنة التحدي الأكبر حالياً هو استعادة الثقة في الاقتصاد المصري من جديد ومع احتمال خروج بعض الاستثمارات الأجنبية من السوق. قد نُحي القانون جانبا في حياة المصريين خلال العقود الماضية، ووجدت الآلاف من الأحكام القضائية التي لا يستطيع أصحابها تنفيذها للحصول على حقوقهم، مما أوجد نوعا من فقدان الثقة في النشاط الاقتصادي ومجتمع الأعمال. فالجهاز المصرفي الذي يضم ودائع تبلغ أكثر من 900 مليار جنيه، ويبحث عن مصادر لتوظيف نحو 48 في المائة منها ولا يجد، عليه أن يتجه لتمويل مشروعات إنتاجية مدروسة بشكل صحيح، وأن يقلل من سياسته الحالية المعتمدة على التجزئة المصرفية. وكذلك الابتعاد عن الائتمان السياسي واسترداد قروض رجال الأعمال الذين حرصوا على عدم السداد، أو السداد من خلال تدوير القروض، وتهريب أموالهم للخارج.

لا شك إن أي تحول ديمقراطي في مصر يساهم في الإسراع في تعويض التداعيات الاقتصادية السلبية لهذه الانتفاضة فيعزز أداء الاقتصاد الكلي للدولة ويجذب الاستثمارات. أما الأهم فيتمثل في إمكانية أن يؤدي إرساء دعائم فجر ديمقراطي جديد في مصر إلى تأسيس منظومة اقتصادية اجتماعية أكثر عدلاً على الأرجح بدلا من المنظومة الراهنة التي كرست وفق كثيرين أوضاعا شبيهة بما كانت عليه البلاد أيام عهد إقطاع ما قبل ثورة يوليو عندما كان يستحوذ نصف الواحد في المائة من السكان على حوالي 50 في المائة من ثروات البلاد.

كما نأمل أن تنخفض مستويات البطالة فيه وكذلك الفساد، وطبعاً الفقر الذي يعتبر العامل الأقوى وراء تفجر هذه الثورة ، فأكثر من 50 في المائة من المصريين يعيشون بدولار أو دولارين في اليوم، وهذا يعني نصف الشعب المصري ليس لديه القدرة على الوفاء بالاحتياجات الأساسية الممثلة في المأكل والمشرب والمسكن. في الحقيقة لا توجد عصا سحرية في الاقتصاد تجعل المواطن يشعر بسرعة بمكتسبات هذه الثورة, ولكن على المدى البعيد يمكن أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية بصورة كبيرة، ويمكن أن يتحقق ذلك خلال السنوات الخمس القادمة.فقد تراجع نمو الاقتصاد في مصر من 5,3٪ إلى 3,7٪ في 2013 حيث واجه الاقتصاد المصري ضربة كبيرة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى