الأحد ٢٦ آذار (مارس) ٢٠٠٦
قصص قصيرة جدا
بقلم مصطفى لغتيري

انقراض وقصص أخرى

انقراض

كانا متقابلين .. بينهما تفصل كراس متعددة .. وحيدة- مثله- تجلس في ركن قصي.. بين لحظة و أخرى يختلس النظر إليها.. ساهمة كانت، تعبث بخلصة من شعرها .. في لحظة ما، التقت نظراتهما..
ابتسم.. ابتسمت..
حرك رأسه.. حركت رأسها..
رفع يده.. رفعت يدها..
حينذاك أيقن أن البشرية أبعد ما تكون عن خطر الانقراض.

سعــــادة

مثقلا بالهم دخل الحانة.. شرب كأسا.. كأسين.. ثلاثة.. تدريجيا انحلت عقدة ما داخل صدره.. تيار الفرح تسلل إلى قلبه..
ما فتئ مع مرور الزمن- أن أصبح جارفا.. قهقهات الانتشاء فكت من عقالها.. متوهجة انطلقت، تطيح بما تبقى في قلبه من هم.. لحظتها أدرك الدروة، فتردد في أعماقه:
»الله .. كم هو بخس ثمن الفرح! « .

خبــــــرة

حل فصل الخريف.. تباعا جفت الأوراق وتساقطت.. وحدها ورقة تمسكت بالبقاء.. هادنت الرياح.. قاومت أمطار الشتاء القوية.. حين أزاف فصل الربيع .. من جديد ظهرت الأوراق.. مبتهجة تطلعت إليها الورقة المخضرمة .. وهي الآن، تفكر- جديا- في نقل خبرتها إليها.

ادخـــــــار

تملكته الرغبة في شراء سيارة.. من أجل تحقيق ذلك قرر ادخار قدر من المال كل شهر.. في الشهر الأول ادخر ألف درهم.. في الشهر الثاني ادخر ألفا أخرى.. ثم ما لبث أن ضاعف المبلغ.. بعد سنة عد مدخراته.. داهمه انتشاء عظيم، و هو يقلب الأوراق النقدية بين يديه.. حينذاك صرف النظر –نهائيا عن شراء السيارة.. قرر أن يستمر- إلى ما لا نهاية – في لعبة الادخار..

الغــرفــــة

في العمارة المقابلة لبيته.. انبلج الضوء فجأة.. لاح خيال امرأة.. جانب أرضية الغرفة فترة، ثم اختفت .. انطفأ الضوء.. ثم ما لبث أن اشتعل من جديد.. هذه المرة لمح ظل رجل يتسكع داخل الغرفة.. لم يمض زمن طويل حتى اختفى الضوء.. حين عزم على النوم، أضيئت الغرفة من جديد.. بفضول تطلع إليها.. رأى ضل الرجل يحمل شيئا، ويغادر الغرفة .. ثم انطفأ الضوء.

احتمــــــالات

أخذ الكتاب بين يديه.. متلهفا طفق يقلب صفحاته.. فجأة تملكته بلا رحمة- فكرة أن يتسبب الكتاب في موته..
احتمال أول:
 انه يقرأ حكاية الملك يونان و الحكيم دويان من كتاب ألف ليلة و ليلة.
احتمال ثان:
 انه يقرأ كتاب» اسم الوردة« لإمبراطور ايكو.
احتمال ثالث:
 إذا تعرفت على هذا الاحتمال .. فانك – بلا جدال- تستحق صفة مثقف.

مبـــــــــدأ

اعتدل القاضي في جلسته .. تأمل مليا المتهم.. من جديد نظر في أوراقه.. لرابع مرة يمثل هذا الشخص أمامه، بنفس التهمة.
أمام استغراب الجميع، غادر القاضي مقعده.. توجه نحو المتهم.. صافحه بحرارة.. ثم عاد إلى مقعده.
لحظتها مال نحوه المدعي العام.. سأله هامسا.
 لم فعلت ذلك سعادة القاضي؟
دون تردد أجابه
 صافحت فيه الثبات على المبدأ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى