الخميس ١٦ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٤

جريمة: إعدام التراث الثقافي بالقصر الكبير

مصطفى العلالي

لدواعي واهية،منها تعرض نخلات البناية التاريخية (مسجد سيدي يعقوب البادسي بالقصر الكبير) إلى أمراض تهدد بسقوطها في أية لحظة وهو ما يعرض صومعة المسجد إلى خطر الانهيار. ولداعي أن هذه النخلات أصبحت تشكل خطرا على الساكنة بشكل عام، وعلى المصلين بشكل خاص.

وتفاديا لتحمل أية مسؤولية،لجأت الجهات الوصية على هذه المعلمة التاريخية (السلطات المحلية،نظارة وزارة الأوقاف والشؤون الآسلامية،المجلس البلدي...) وفي غياب تام لمندوبية وزارة الثقافة وتغيب مقصود للمجتمع المدني المهتم بالتراث الثقافي، إلى استصدار قرار يقضي بقطع نخلات سيدي يعقوب،وتفاديالآي اصطدام مع الساكنة،امتدت أيادي القطع في جنح الظلام يوم الخميس 25 شتنبر 2014، إلى نخلات "سيدي يعقوب" والتي يوازي عمرها عمر الصومعة، ضاربة بذلك عرض الحائط كل الإرث التاريخي والرمزي والجمالي الذي تمثله هذه المعلمة،لتضاف معلمة "سيدي يعقوب" إلى سلسلة المعالم التي ثم الاعتداء عليها،ومحوها من الوجود(مسرح بيرس كالدوس،حديقة السلام، أسوار المدينة العتيقة...)على سبيل المثال لا الحصر.

وتعود جذور المعلمة التاريخية حسب المؤرخ محمد بوخلفة،إلى القرن الثامن الهجري،حيت يقول عنها في كتابه " الطريق لمعرفة القصر الكبير"... ولد بحجر بادس عام 640هـ.وانتقل إليها بعد محاربة الاستعمار إلى مدينة القصر الكبير التي مات بها سنة 724 هـ.وبضريحه مسجد وصومعة ونخلتان يبلغ طولهما20 مترا وهي من معالم المدينة".

وقد شكلت النخلات – موضوع عملية القطع - إلى جانب الصومعة مشهدا فريدا لا نظير له في المغرب، وكانت هذه المعلمة تعد قبل – قبل الاعتداء- رمزا لمدينة القصر الكبير فإذا كان رمز باريس هو "برج ايفيل"ورمز الرباط " صومعة حسان" ورمز مراكش "صومعة الكتبية". فالقصر الكبير اتخذ من مسجد "سيدي يعقوب البادسي" رمز له،والذي اتخذه أول فريق كروي تأسس بالمدينة (النادي الرياضي القصري) شعارا له، وتصدر غلاف مجلة " الصورة" التي كانت تصدر من المدينة، كما اعتمدت هذه المعلمة في الطوابع البريدية إبان الحقبة الاستعمارية سنة1945 .

وهذا،وقد ألهمت المعلمة العديد من الفنانين.وقد كانت حاضرة في أعمالهم،وعلى رأسهم الأسباني (ماريانو برتوشي،مدير مدرسة الفنون الجميلة بتطوان ومؤسسها).والرسامة الاسبانية "أنا ماريا" والرسامين المغربيين حسن البراق وأحمد صابر...

إن الاعتداء على معلمة " سيدي يعقوب" تهدف إلى محو ما تبقى من ذاكرة المدينة،والتي تعرضت منذ الحقبة الاستعمارية إلى مجموعة من الاعتداءات،والمتمثلة في هدم أسوار المدينة العتيقة،التي كانت تلعب دورا مهما في صد هجمات الايبريين .وحصنا للمقاومين والرافضين للتدخل الأجنبي بالمغرب،بالإضافة إلى هدم دار"دار غيلان" وتحويلها إلى إسطبل-الآن- بنايات عشوائية،وسينما المنصور انتقاما من الخضر غيلان وذاكرة المقاومة،على اعتبار أن القصر الكبير كانت مقر إمارة الخضر غيلان إبان نهاية الدولة السعدية،والذي اتخذ من القصر الكبير مركزا لانطلاق حملاته العسكرية على الثغور المحتلة( طنجة،أصيلا،العرائش...)

إذا كان هدف الاستعمار الاسباني تبخيس انجازات ونضالات القصريين ضد الوجود الأجنبي.والمحوالممنهج لتاريخ المقاومة ما يبرره .

إذن،فما هي مبررات المؤسسات والجهات الوصية على التراث الثقافي للمدينة،لتدمير ومحو ما تبقى من معالم ذاكرتها ؟
ألا يعتبر قرار قطع النخلات معاكسا لتوجه الدولة المغربية في الحفاظ على التراث الإنساني بشكل عام( موقف المغرب من هدم الأضرحة بمالي) والتراث الحضاري للمغرب بشكل خاص( تسجيل مجموعة من المدن تراثا إنسانيا،أخرها مدينة الرباط).

أم أن مدينة القصر الكبير استثناء لا تدخل في إطار توجهات وبرامج السياسات العمومية؟

مصطفى العلالي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى