الاثنين ١٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٤
بقلم عادل عامر

تاريخ الإرهاب في مصر

إن المحنة تكمن في المؤامرة الدولية، والتي - غالباً - ما تستخدم أشخاصاً من البلد المستهدف لإظهار أن ما يحدث فيه هو توتر داخلي وحسب، فمثلاً كانت الدعاية الشيوعية، خلال الحرب الباردة، تستهدف الشباب في الدول المختلفة، وكان يتم دفع أولئك الشباب لتشكيل الخلايا الإرهابية تحت مسمى "إقامة المجتمع الشيوعي" مثل منظمة "بادر ماينهوف" بألمانيا الغربية، و"الجيش الأحمر" في اليابان، و"الألوية الحمراء" في إيطاليا. وما إن انتهى الاتحاد السوفييتي حتى زالت تلك المنظمات وذابت كما يذوب الملح بالماء. وفي مصر، فإن من يقوم بتلك الأعمال الإرهابية هم مصريون غُسلت عقولهم، وتم توجيههم نحو أهداف لا تخدم وطنهم أبداً، بل تخدم أجندات الدول التي تقف خلفهم، رغم أنهم يتظاهرون بأنهم أصحاب قضية، فإقامة ما يسمى "المجتمع الإسلامي المحتكم إلى الشريعة الإسلامية" هو قضية تستهوي أفئدة الكثير من المتحمسين، وخاصة العوام. ]لم يكد عام 1990 يشرف علي الانتهاء حتي بدأت مرحلة جديدة من الصراع بين أجهزة الأمن والجماعات الإرهابية وعلي الأخص تنظيما الجماعة الإسلامية والجهاد. وقبل الحديث عن هذه المرحلة نود أن نضع أمام القارئ عدة حقائق مهمة، لم تكن غائبة عن أجهزة الأمن في تلك الفترة. أولا: كانت خطة تنظيمي الجماعة الإسلامية والجهاد طوال سنوات الثمانينيات وعقب خروج كوادرهم من السجون عام 1984 تتضمن البناء التنظيمي والتمكين والتدريب كلٍ حسب رؤيته، وقد تم لهما ما أرادا بمساعدة أمنية قل أن يجداها في أي مكان في العالم، وفي ظل قانون الطوارئ الذي صنع خصيصا من أجلهم.. الجهاد كان يري ضرورة التوغل داخل الجيش والشرطة تمهيدا لإجراء انقلاب عسكري علي السلطة؛ فسافرت معظم كوادره إلي أفغانستان للتدريب علي فنون القتال وسبل التجنيد الاستخباراتية حتي يقوموا بتنفيذ خطتهم علي أكمل وجه.

الجماعة الإسلامية كانت تري ضرورة العمل في مجال الدعوة والتواجد وسط الجماهير واكتساب ثقتها والانتشار الذي يمكن من خلاله تجنيد أكبر عدد ممكن من الكوادر، بالإضافة إلي إرسال بعثات من قادة وأعضاء الجناح العسكري للتدريب في أفغانستان والتمهيد لقيام ثورة شعبية مسلحة.

ثانيا : استطاع تنظيم الجماعة الإسلامية أن يتواجد بقوة ويجند الآلاف من الشباب في محافظات المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا وأسوان، بينما استطاع تنظيم الجهاد أن يستولي علي بني سويف جماعة أحمد يوسف وبعض أحياء الجيزة كالهرم بينما كانت بعض أحياء القاهرة كعين شمس حكرا علي الجماعة الإسلامية.

ضعف في المعلومات

كانت خلايا العائدون من أفغانستان تتدفق علي مصر، وكان الجزء الأكبر من هؤلاء ينتمون للجماعة الإسلامية. عادت هذه الكوادر وهي مدربة علي أعلي مستوي عسكريا وبدنيا ؛ خاصة ما يتعلق بعمليات حرب العصابات والاغتيالات والتفجيرات عن بعد، وخطط الهروب من مسرح العمليات إلي آخر هذه الدروس التي أتقنوها جيدا في أفغانستان.. وكانت أولي عملياتها الانتقام لمقتل متحدثها الرسمي د. علاء محيي الدين؛ حيث قامت مجموعة من كوادرها العسكرية تضم: صفوت أحمد عبدالغني وممدوح علي يوسف وضياء الدين فاروق؛ برصد ومهاجمة ركب الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب ظنا منهم أنه اللواء عبدالحليم موسي وزير الداخلية وقد كانت نتيجة الهجوم أن قتل الدكتور المحجوب ومعه حارسه الخاص.

شكلت هذه الحادثة علامة مهمة من علامات المواجهة مع أجهزة الأمن، فقد أكدت علي أن هذه التنظيمات عادت من أفغانستان، علي عكس ما أراد لها من ساهموا في إخراجها، فقد أصبحت من القوة وحسن التدريب بحيث تستطيع أن تنال من أي مسئول حتي ولو كان الرجل الثاني في الدولة وفي وضح النهار، كانت المعلومات غائبة تماما لدي جهاز الأمن الذي راح يتكئ علي مواد قانون الطوارئ دون بذل مجهود يذكر في إعادة التأهيل للتعامل مع المرحلة الجديدة.

خطة الإرهابيين بعد عودتهم من أفغانستان :

بعد حادث اغتيال المحجوب وضعت الجماعة الإسلامية خطة تستهدف ثلاثة أهداف رئيسية:

أولا: اغتيال ضباط النشاط الديني بجهاز مباحث أمن الدولة.
ثانيا: الهجوم علي المنشآت السياحية لضرب اقتصاد النظام.
ثالثا: الضغط بورقة الأقباط لإحراج النظام عالميا.
فهل نجحت الجماعة طوال عقد التسعينيات في تحقيق أهدافها، أم منعها قانون الطوارئ من ذلك؟

أولا: اغتيال ضباط الشرطة :

وضع الجناح العسكري للجماعة الإسلامية كشفا بأسماء 36 ضابطا من ضباط جهاز مباحث أمن الدولة العاملين في مجال النشاط الديني، جاء في مقدمتهم المسئول الأول عن هذا النشاط علي مستوي الجمهورية اللواء رءوف خيرت.
وبدأت خلايا الجناح العسكري خطتها عام 92 باغتيال المقدم أحمد علاء مسئول النشاط الديني في الفيوم ثم المقدم مهران عبدالرحيم مسئول النشاط الديني في أسيوط وبصحبته نجله محمد الذي يبلغ من العمر ثماني سنوات، كما قامت بحرق سيارة العقيد محمد البدوي مسئول النشاط الديني بالمنيا وخططت لقتله لكن المحاولة فشلت. كذلك فشلت محاولة اغتيال اثنين من ضباط مباحث أمن الدولة بالإسكندرية بينهم مسئول النشاط الديني الذي كان له دور ملحوظ في قضية العائدون من أفغانستان الأولي، ولكنها نجحت في اغتيال مفتش أمن الدولة في أسيوط العميد ممدوح عثمان وحاولت اغتيال مفتش أمن الدولة في أسوان. وبدأت سلسلة من عمليات تنظيم الجماعة الإسلامية ضد ضباط الشرطة في محافظات الصعيد، بدأتها بأسيوط ثم المنيا فسوهاج فأسوان؛ قتل علي إثرها مجموعة كبيرة من قادة الأجهزة الأمنية منهم اللواءات: محمد الشيمي وعبدالحميد غبارة ورءوف خيرت ورفعت أنور وجمال فائق، وكذا العمداء: ممدوح عثمان وشيرين فهمي وعصام الزمزمي، والعقيد مجدي فائق والعقيد أحمد شعلان، بالإضاقة إلي عدد كبير من الضباط من ذوي الرتب الصغيرة.

ثانيا: الهجوم علي السياحة

00 محافظة قنا بالتحديد والتي تحوي معظم أشهر المعابد والمقابر الفرعونية. وفي اليوم التالي مباشرة الأول من أكتوبر أطلقت مجموعة من الإرهابيين النار علي باخرة سياحية تقل 140 سائحا ألمانيا بالقرب من أسيوط مما أسفر عن إصابة ثلاثة من طاقم الباخرة المصرية. وتستمر العمليات الإرهابية ضد السائحين وتصل إلي ثلاث عمليات في شهر واحد من العام 1992 م، ففي 21 أكتوبر نصبت مجموعة إرهابية كمينا لأتوبيس سياحي. أسفر الكمين عن مقتل سيدة بريطانية وإصابة اثنين آخرين، وكانت السيدة أول امرأة أجنبية تلقي مصرعها في إحدي عمليات الإرهاب ضد السائحين الأجانب. وفي 12 نوفمبر من العام نفسه أطلقت مجموعة إرهابية النار علي فوج سياحي ألماني؛ مما أدي إلي إصابة خمسة سائحين واثنين من المصريين وذلك بمدينة الأقصر.

وتصاعدت العمليات ضد السائحين الأجانب لتصل في عام 1993 إلي 8 حوادث راح ضحيتها 6 سائحين بينهم اثنان من الأمريكيين، بالإضافة إلي مقتل ثلاثة من المصريين وإصابة 33 سائحا أجنبيا و 25 مصريا.
هنا القاهرة :تميز هجوم الإرهابيين في هذه الفترة بعدم الدقة والتخطيط مما فسره البعض علي أنه نوع من ترويع وتخويف السائحين لمنعهم من القدوم الي مصر، وضرب السياحة.. ففي 7/1/93 ألقي إرهابي قنبلة بالقرب من أتوبيس سياحي بالقاهرة وكان هذا أول هجوم إرهابي يحدث بالعاصمة ولم تنتج عنه أية إصابات.

وفي فبراير من العام نفسه وبالتحديد في 26/2 حدث انفجار مقهي وادي النيل بميدان التحرير وأسفر عن مصرع تركي وسويدي ومصري وإصابة 20 سائحا من جنسيات مختلفة، وتتصاعد الأحداث.. ففي 16 مارس تم إلقاء قنبلة علي مجموعة من الأتوبيسات السياحية أمام المتحف المصري بميدان التحرير، أسفرت عن تدمير خمسة أتوبيسات بينما لم تحدث أية خسائر في الأرواح.

وفي يونية من العام نفسه انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من أتوبيس سياحي في طريق الأهرام مما أسفر عن مصرع 2 من المصريين وإصابة 22 آخرين بينهم خمسة سائحين من بريطانيا.

وفي 16/ 8 أطلق خمسة إرهابيين النار علي مركب سياحي.. بالقرب من المنيا ولم تحدث إصابات.
وفي 15/9 أطلق مجموعة من الإرهابيين النار علي باخرتين سياحيتين.. الأولي بالقرب من القوصية والثانية بالقرب من أبوتيج ولم يسفر الهجومان عن أية إصابات.

وفي 27/10 قام صابر فرحات الذي فجّر في سبتمبر 1997 أتوبيس ميدان التحرير بإطلاق النار علي اثنين من رجال الأعمال الأمريكيين؛ فلقيا مصرعهما بالإضافة إلي قاضٍ فرنسي وآخر إيطالي، كما أصاب ثلاثة أشخاص.
وفي 27/12 قامت مجموعة إرهابية بالهجوم علي أتوبيس سياحي بمنطقة جامع عمرو بمصر القديمة؛ مما أسفر عنه إصابة 8 سائحين نمساويين و8 مصريين بإصابات خطيرة توفي منهم خمسة.. ثلاثة من الأجانب واثنان من المصريين.
وفي عام 94 وصل عدد العمليات الموجهة ضد السائحين إلي اثني عشر اعتداء راح ضحيتها خمسة قتلي من الأجانب واثنان من المصريين، بينما أصيب أربعة عشر أجنبيا واثنا عشر مصريا.
ففي 14 فبراير أطلق إرهابيون النار علي أتوبيس يحمل سائحين رومانيين بمحافظة أسيوط ولم يسفر الحادث عن أية إصابات.

وفي 17 فبراير أطلقت مجموعة من الإرهابيين وابلا من النيران علي باخرة نيلية بأسيوط ولم يسفر الحادث عن أية إصابات.

وفي 28 فبراير هاجم مسلحون قطارا سياحيا مارا بأسيوط؛ مما أسفر عن إصابة سائحين بولنديين وآخرين تايوانيين.
وفي 23 فبراير أيضا وهو الحادث الرابع في شهر واحد فجَّر إرهابيون قنبلة بقطار سياحي مار بأسيوط؛ مما أسفر عن إصابة ستة سائحين أجانب: استراليين وألمانيين ونيوزيلانديين.

وفي مارس 1994 قام الإرهابيون بثلاث عمليات ضد السياح؛ حيث قاموا في 4 مارس بهجوم علي باخرة نيلية بأسيوط أسفر عن إصابة سيدة ألمانية توفيت عقب وصولها إلي المنيا.

وفي 13 مارس أطلقت مجموعة من الإرهابيين النار علي باخرة سياحية بمنطقة بين أسيوط وسوهاج ولم يسفر الهجوم عن أية إصابات.

ومنذ مارس 1994 وحتى أغسطس من العام ذاته وطوال خمسة أشهر لم تشهد السياحة أي هجوم عليها إلا في نهاية أغسطس حيث قتل إرهابيون صبيا ألمانيا في هجوم علي أتوبيس سياحي كان متجها إلي الأقصر وأصيب والده في الهجوم.
وفي سبتمبر من العام نفسه أطلقت مجموعة إرهابية النار علي فوج سياحي بمدينة الغردقة بالبحر الأحمر مما أدي إلي مقتل اثنين من السائحين الألمان ومصريين.
وفي أكتوبر قامت الجماعات الإرهابية بقتل سائح بريطاني و إصابة ثلاثة آخرين وسائق الأتوبيس في هجوم بالأسلحة الآلية علي أتوبيس كان متجها أيضا إلي الأقصر.

تراجع في 1995

وعلي الرغم من تراجع العمليات ضد السياح في عام 1995 وانخفاض عدد الحوادث إلي ست حوادث، انعدم فيها سقوط اية قتلي في أوساط ضيوف مصر من الأجانب.

إلا أن عام 96 شهد رغم قلة عدد الحوادث خلاله مقتل 17 يونانيا واثنين من المصريين وإصابة 15 آخرين.

الذروة في 1997

وفي عام 97 بلغت الخسارة ذروتها علي الرغم من قلة عدد الحوادث أيضا وتركزها في شهرين متتالين في آخر العام؛ فقد بلغ حجم الضحايا في مذبحتي أتوبيس ميدان التحرير والدير البحري 78 قتيلا من السائحين الأجانب وإصابة 35 سائحا، بالإضافة إلي مقتل أربعة مصريين 3 من قوات الشرطة. والراصد لكل هذه الحوادث لابد وأن يلحظ أنه وعلي الرغم من كثرة عدد الحوادث الموجهة ضد السائحين في أعوام (91 ثماني عمليات و 94 اثنتي عشرة عملية) إلا أن الضحايا لا يقارنون بالمذبحة الأخيرة بالدير البحري، ولا بما حدث في طابا بعد ذلك برغم سريان العمل بقانون الطوارئ.

ثالثا: الأقباط

كانت خطة الجماعة الإسلامية المسلحة تهدف الي إعتبار الأقباط رهائن لإجبار النظام علي الرضوخ لطلباتها، وبعيدا عن الإضطهاد الذي رأيناه بأم أعيننا للأقباط في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات في المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا، والذي وصل حد تطبيق الحدود عليهم في مسجد الرحمن بأرض المولد بالمنيا علي مرأي ومسمع من أجهزة الأمن، وكذا تعليق الرؤوس علي أعمدة الإنارة بعد عمليات القتل، كما حدث بين عامي 1992 و1994 في أبوقرقاص بالمنيا، فإن الإعتداءات علي الأقباط بلغت ذروة لم تبلغها من قبل في تلك المرحلة التي شهدت مقتل أكثر من مائة قبطي في حوادث متفرقة وظل الأمن كعادته يصف هذه الحوادث المنظمة بأنها حوادث فردية يقوم بها بعض الموتورين غير صحيحي العقيدة، ووصل الأمر بمدير أمن أسيوط اللواء مجدي البسيوني أن وصف مذبحة عزبة الأقباط بأسيوط في فبراير عام 1996 - والذي راح ضحيتها ثمانية من الأقباط - بحادث عشوائي! ولم يستخدم النظام سيف الطوارئ الذي سلطه علي رقاب السياسيين والصحفيين والكتاب والمفكرين مرة واحدة ضد أحد من مرتكبي تلك الجرائم البشعة ضد الأقباط. وأكتفي بحفلات التقبيل بين الشيوخ والقساوسة عقب كل حادثة، خاصة عندما تكون عنيفة كحادثة اقتحام كنيسة ماري جرجس بأبي قرقاص في فبراير عام 1997 وإطلاق النار علي المصلين من الخلف، وهي الحادثة التي خلفت ثلاثة عشر قتيلا.

سياسة أمنية لم تتغير :

تلك كانت أهداف الجماعة الإسلامية التي سعت إلي تحقيقها دون كلل أو ملل، فماذا كانت تفعل أجهزة الأمن في المقابل، خاصة وهي مسلحة بقانون يسمح لها أن تفعل العجب العجاب. سأعطي مثالا واحدا لتلك السياسة خاصة أنها كانت سياسة ثابتة ومكررة في كل الأماكن وفي كل الأوقات.

حدث في أسيوط

ينتقل مسرح الأحداث إلي أسيوط حيث يدور خلاف حول بيع منزل بقرية صنبو بين أحد أقارب أمير الجناح العسكري للجماعة الإسلامية جمال فرغلي هريدي وأحد الأقباط وتحدث مشاجرة تنتهي بمقتل اثنين من الأقباط وأحد المسلمين.. وبنفس منطق الأمن وسياسته في رد الفعل، ترك الأحداث تتطور حتي حدثت مذبحة صنبو والتي راح ضحيتها أربعة عشر قبطيا ونفذها جمال فرغلي هريدي ومجموعته وأثناء متابعتنا لتلك الأحداث اكتشفنا عدة مفاجآت مذهلة:
الأولي: أن النيابة العامة كانت قد أصدرت أوامر بضبط وإحضار ستة متهمين في أحداث صنبو الأولي في 12 /4 /92 علي رأسهم جمال فرغلي هريدي ولم تقم الشرطة بتنفيذ هذه القرارات حتي تتفادي غضب الجماعة الإسلامية وقتها وبالتالي تتفادي أحداث شغب قالت إنها كانت محتملة.

الثانية: أن مجموعة من الأقباط علي رأسهم د. صبحي نجيب الذي قتل في الأحداث كانوا قد سلموا أجهزة الأمن خطابات تهديد بدفع إتاوة أو القتل وكان تعليق أجهزة الأمن علي هذه الخطابات: إنها كلام فارغ.

الثالثة : أن جمال فرغلي هريدي حصل علي إجازة مرضية من القومسيون الطبي بمستشفي ديروط العام بعد تنفيذه حادث اغتيال المواطن عبدالله مسعود وأثناء سريان الأذن بضبطه في جريمة قتل من النيابة العامة.

الرابعة : وقائع ما جري في منزل النائب حسام الكيلاني والذي رواه لنا بنفسه، مؤكدا أن هذا الإجتماع تم بموافقة وزير الداخلية آنذاك اللواء عبد الحليم موسي، وحضره عدد من قادة جهاز أمن الدولة بالمحافظة ممثلين عن الوزير، وحضره من الجانب الآخر قادة الجماعة الإسلامية بأسيوط وفي مقدمتهم جمال زكي أمير ديروط وجمال فرغلي أمير صنبو، والمتهم الأول في الأحداث.. والمفاجأة أن الاجتماع الذي تم بناء علي توجيهات من وزير الداخلية عبدالحليم موسي (الذي طلب من النائب صاحب العصبية القبلية التدخل لإنهاء الأزمة مؤكدا أن الشرطة ستقبل كل شروط ممثلي الجماعة الإسلامية) انتهي الي لا شئ عندما رفض قادة الجماعة التنازل عن أي شرط من شروطهم.

المواطنون وقانون الطوارئ :

هذا كان جانبا من سياسة أجهزة الأمن في محافظات الصعيد في تعاملها مع ظاهرة الإرهاب، الذي من أجله قامت بتمديد حالة الطوارئ لربع قرن من الزمان.

أما الجانب الآخر فكان يخص المواطنين العاديين (الطرف الثالث في معادلة الإرهاب) بالإضافة إلي عائلات وأقارب أعضاء جماعات العنف؛ فأول وأسرع وأسهل قرار كان يتم اتخاذه من قبل أجهزة الأمن (عندما تعجز بسبب من نقص في المعلومات وعدم قدرة علي وضع خطط للمواجهة) أن تقوم بإغلاق الأسواق وحظر التجوال والاعتقال العشوائي واحتجاز الرهائن، وهو ما فعله بالضبط اللواء عبدالوهاب الهلالي فور وصوله إلي أسيوط قادما من الفيوم لتولي منصب مدير الأمن في يوليو 92 ؛ حيث أصدر قراره بحظر التجوال في ديروط وإلغاء السوق الأسبوعي وقام باحتجاز خمسين مواطنا من عائلات المطلوبين رهائن لحين تسليم ذويهم.

وعندما تولي الألفي منصب وزير الداخلية تم توسيع ظاهرة حظر التجوال في نوفمبر 1993 لتشمل أبوتيج والقوصية وديروط ولتتوقف الحياة نهائيا في محافظة أسيوط، وهو عكس ما صرح به فور توليه المسئولية من أنه سينهي حالة حظر التجوال المفروضة علي ديروط.والسيناريو نفسه تكرر في المنيا حيث تم فرض حظر التجوال في ملوي وأبوقرقاص واستمر لأربع سنوات كاملة في بعض القري والمداهمات اللاإنسانية التي شملت كل المواطنين بلا استثناء ؛ الأمر الذي استخدمته أجهزة الرصد والتجنيد الخاصة بالجماعات الإرهابية حيث بدأت في إرسال خطابات لكل من تمت مداهمة منازلهم واعتقال بعض من ذويهم للانضمام للجماعة والثأر من أجهزة الأمن. وأصبح المواطن في صعيد مصر - في ظل الطوارئ - هو وقود المعركة الدائرة رحاها بين أجهزة الأمن وجماعات العنف...

ملاحظات مهمة :

ومن الملاحظات الجديرة بالذكر في هذه المناسبة :

أولا : ما ردده بعض المتابعين قريبي الصلة من جماعات العنف وقتها حول القتل خارج إطار القانون والذي دفع إلي موجة من الثأر أدت إلي سعار دموي داخل فرق الموت المنتمية لجماعات العنف؛ فراحت تقتل علي الهوية، وقد راح ضحية لهذا الأسلوب 61 ضابط شرطة وجنديا علي رأسهم اللواء رءوف خيرت واللواء رفعت أنور والعميد شيرين فهمي، كذلك تم قتل ما يقرب من تسعين مواطنا في المواجهات.
00 مجموعات من المواطنين دون أدني ذنب لهم في أتون الصراع مع الجماعات المسلحة؛ مما أدي إلي مقتل تسعين مواطنا تحت دعوي التعاون مع أجهزة الأمن؛ فإذا علمنا أن حصاد القتلي من المدنيين مصريين وأجانب في المواجهات طوال عشر سنوات بلغ 319 مواطنا وباستثناء ضحايا حوادث فندق أوربا وأتوبيس ميدان التحرير والأقصر باعتبارها حوادث تخص السياح الأجانب. والذين بلغوا حوالي خمسة وتسعين سائحا ليبلغ عدد الضحايا من المدنيين خلال عشر سنوات حوالي 224 شخصا أي أن نسبة المدنيين الذين قتلوا نتيجة لاستخدام السلطة لهم في المواجهات بلغت في عامين فقط حوالي 40 % من مجمل ضحايا العنف من المدنيين.

ثالثا : توسيع دائرة الاشتباه واستخدام العنف أثناء المداهمات... وتلك كانت ممارسات معتادة في تلك الفترة؛ الأمر الذي أدي إلي إمداد كوادر جماعات العنف المسلح بأجيال جديدة كل يوم؛ يخرجون من ديارهم للانتقام مما حدث لذويهم من اعتقال أو مهانة، فلا يجدون سوي حضن الكوادر المسلحة ليرتموا داخله.. وأزعم أن نسبة كبيرة ممن قتلوا في الصعيد ووصفتهم أجهزة الأمن بأنهم إرهابيون كانوا من هذا النوع من الشباب، أما الإرهابيون الحقيقيون فكانوا غالبا ما يهربون سالمين نتيجة لخبرتهم الطويلة في هذا المجال بالإضافة للتدريب والاستعداد الجيد. وذاكرة قانون الطوارئ تتناسي من هؤلاء خمس مجموعات إرهابية نسبت إليها أجهزة الأمن المصرية المسئولية عن مائة وسبعين حادثا إرهابيا ولم يتم القبض عليهم حتي الآن، رغم مرور أكثر من عشر سنوات وهم علي الترتيب :

مجموعة محمد عبدالرحمن سلام.
مجموعة أنور حامد.
مجموعة محمود الفرشوطي.
مجموعة رفعت زيدان.
مجموعة عبدالحميد أبو عقرب.

والسؤال الملح: أين هذه المجموعات؟ ولماذا تناساها جهاز الأمن طوال هذه المدة التي وصلت الي أكثر من عشر سنوات؟ وهل يمكن أن يفعل ذلك مع الكتاب والمفكرين والقضاة أم أن قانون الطوارئ شرع من اجل الأخيرين فقط؟
وبعد.. إن ما حدث في العامين الأخيرين من تفجيرات في قلب القاهرة ( خان الخليلي )، وفي طابا وشرم الشيخ ودهب وراح ضحيته أكثر من خمسمائة قتيل وجريح، لدليل قاطع علي أن هذا القانون نمر من ورق، شرع من أجل إعاقة نمو الحياة السياسية في مصر ومنح الإرهاب فرصة ذهبية للنمو والإنطلاق والتدمير. ولذلك تجري المؤامرة الخارجية نحو غايتها بكل سهولة ويسر، بهدف رسم خريطة تلك الإيديولوجية السياسية التي تحركها أطراف ومنظمات دولية استكمالاً لمشروع ما يعرف بالربيع العربي (الخراب العربي)، ولكن بأدوات ووسائل ومعطيات مختلفة يحملها أشخاص من خلال التقية السياسية، وذلك من أجل تفجير المجتمعات العربية وتدميرها، ليبقى المشهد مشوشاً وحاضراً للتدخل في أي وقت مادام الإرهاب ذريعته الكبرى الحقيقة إنني من الصباح وإنا أفكر كيف استطاع الإرهاب أن ينفذ جريمته ويحقق الغرض منها واجب على تساؤلاتي بأنه البغباء التخطيطي لأمن الدولة لماذا المعروف إن هناك احتقان قبطي إسلامي في مصر والإرهاب يبحث عن التناقضات ويصب عليها الإرهاب والنار وليلة رأس السنة ليلة الإرهاب فلماذا لم يكن هناك قوات تحمي وتحرس الكنائس وأماكن تجمع المسيحيين ولا تسمح لأي نملة تمر من أمامها ولا سيارة تقف بجانبها أو أمامها فلو شاهد الإرهاب الاستعدادات الأمنية المشددة ما استطاع أن يحقق ضربته يجب أن يكون قسم خاص في الداخلية للتعامل مع الإرهاب بتدريب عالي ومن الضباط الشباب وليس من العسكر الذي لا يعرف أسمة بدله عسكرية وبدون فكر بوليسي وتتكون منهم حراسات دائمة للكنائس للمساجد للوزارات للفنادق للجامعات للمصانع للمطارات للسفارات للمؤسسات للجامعة العربية للمدارس للمعسكرات للمتاحف لاماكن السياح الشواطئ وأين يفكر الإرهاب إن يضرب ممنوع السيارات إن تقف إمام هذه المؤسسات حتى لو كان الوزير مراقبة الداخل والخارج تفتيش الشنط الكشف والتأكد إن كان رجلا في عباءة امراءة مراقبة ظاهرة وخفية والبارحة واشنطن تدعو الجيش المصري محاربة الإرهابرلطخ الإرهاب ثوب الوطن بدماء الأبرياء، فهو لم يُفرق بين طفل أو عجوز أو عين ساهرة على حماية أرضها وعرضها، يبدو المشهد ككابوس تتمنى أن يوقظك أحد منه، صوت انفجار شديد وكأنه يوم الفزع، صراخ وأصوات تستغيث، أقدام تتخبط من شدة الخوف، نظرات الجميع تتجه إلى وسائل الإعلام، وقلوب الأمهات يعتصرها الألم قلقا على أبنائهن المجندين الذين خرجوا لخدمة وطنهم لا يعلمون مصيرهم. جو من السواد يُخيم على الجميع، كعادته الموت الأسود “الإرهاب” يأتى دون سابق إنذار ليطعن الوطن فى ظهره طعنة غدر، فيقطر قطرات من الحسرة والألم.

◄فضيحة لافون 1954:

هى عملية إسرائيلية تم تخطيطها على أن تتم داخل مصر من خلال تدمير وتفجير أهداف عسكرية مصرية وأمريكية وبريطانية، ولعبت المخابرات العسكرية المصرية دورا هاما فى كشفها فى الوقت المناسب، وتعتبر تلك العملية الفاشلة من أهم العمليات الإرهابية التى أوضحت دور إسرائيل التخريبى بالمنطقة.

◄قضية الفنية العسكرية 1974:

عام 1974 اقتحم 100 من أعضاء “منظمة التحرير الإسلامى” مقر الكلية الفنية العسكرية بالقاهرة، واستولوا على أسلحة وسيارات بقيادة صالح سريه، وكان أملهم قتل الرئيس الراحل أنور السادات وغيره من كبار المسئولين المصريين، خلال تواجدهم بأحد المبانى المجاورة وهو مبنى الاتحاد العربى الإشتراكى، أسفرت تلك العملية عن قتل 11 وإصابة 27 من المجندين واعتقل 95 من أعضاء “منظمة التحرير الإسلامى”، وأدين 32، وعُدم اثنان منهم.

◄اغتيال الرئيس السادات:

اُغتيل الرئيس محمد أنور السادات، خلال عرض عسكرى أقيم فى 6 أكتوبر 1981 احتفالاً بانتصارات حرب أكتوبر، نفذ عملية الاغتيال خالد الإسلامبولى الذى حكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص لاحقا فى أبريل 1982.

◄اغتيال رفعت محجوب رئيس مجلس الشعب عام 1990:

فى 12 أكتوبر 1990، حاولت جماعة الجهاد الإسلامى المصرية اغتيال وزير الداخلية المصرى عبد الحليم موسى، لكنهم اغتالوا رئيس مجلس الشعب المصرى رفعت المحجوب، لاختلاط المواكب فى نفس الوقت.

◄اغتيال المفكر فرج فودة:

وفى 8 يونيو 1992 اغتال أعضاء من الجماعة الإسلامية الكاتب والمفكر فرج فودة، بعد أن أصدروا بيانا بتكفيره بسبب تبنيه فكرة فصل الدولة عن الدين، حيث انتهز ثلاثة أشخاص يستقلون دراجة بخارية فرصة نزوله من مكتبه بمدينة نصر وأطلقوا عليه الرصاص، تم نقله إلى المستشفى وفشل الأطباء فى إنقاذه.

◄استهداف الكنائس وفتوى بحل دم المسيحيين:

سنة 1981، وافق الشيخ عمر عبد الرحمن أن يكون مفتى تنظيم الجهاد فى مصر، وأصدر فتوى تُشجع على سرقة وقتل الأقباط من أجل الحصول على تمويل للجماعة، ومن هنا بدأت العمليات الإرهابية ضد الكنائس والمسيحين، ووصلت حوادث الإرهاب ضد الكنائس بأنواعه المختلفة إلى أكثر من 48 حادثة استهدفت الكنائس والمنشآت التابعة لها ولعل أبرزها:

◄أحداث كنيسة القديسين عام 2011:

هو تفجير استهدف كنيسة القديسين مار مرقص والبابا بطرس خاتم الشهداء، بمنطقة سيدى بشر بالإسكندرية، فى تمام الساعة الثانية عشر وعشرين دقيقة من صباح أول أيام يناير من عام 2011، تم التفجير وراح ضحيته العشرات من الضحايا.

◄كنيسة السيدة العذراء والأنبا إبرام:

فى أغسطس 2013 عمد عدد من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى إلى حرق عدد من الكنائس بالصعيد، ومن بينها كنيسة السيدة العذراء والأنبا إبرام بالمنيا، حيث تم نهب وسرقة الكنيسة وحرقها بالكامل بالرغم من مكانتها باعتبارها أحد الكنائس القديمة والأثرية بالمنطقة، كما تم تهجير عدد من العائلات وصل عددهم إلى 45 عائلة، وحرق 30 منزلا بقرى الصعيد.

◄كنيسة الوراق:

فى أكتوبر 2013 أطلق مجموعة من الملثمين يستقلون دراجة بخارية الرصاص على كنيسة السيدة العذراء بمنطقة الوراق، مما أدى إلى استشهاد 3 أشخاص وإصابة 9 أخرين، ولم تتمكن السلطات من القبض على الجناة.

◄إطلاق نار على كنيسة السيدة العذراء بأكتوبر:

أطلق إرهابيون الرصاص على كنيسة العذراء بالحى العاشر، بمدينة السادس من أكتوبر، والذى أسفر عن استشهاد رقيب الشرطة “محمد طه سيد أبوحامد” والمعين بخدمة تأمين الكنيسة، واستطاعت قوات الشرطة القبض على الجناة، وهم من سكان أكتوبر وينتمون إلى جماعة الإخوان الإرهابية.

◄مذبحة رفح الأولى:

بدأت شدة الهجمات المسلحة ضد العسكريين والجنود فى سيناء من بداية الثورة مع استشهاد 16 جنديا أثناء تناولهم الإفطار، والتى أحدثت ضجيجا فى الشارع المصرى واستنكارا شعبيا واسعا لبشاعة الحدث، حيث استهدفت جماعات مسلحة الجنود بالمقر الأمنى على الحدود. واستولى المسلحون على مدرعتين ودخلوا بإحداها إلى الأراضى الإسرائيلية قبل أن يتصدى لهم سلاح الجو الإسرائيلى، وذلك فى 5 أغسطس عام 2012.

◄مذبحة رفح الثانية:

فى مذبحة جديدة راح ضحيتها 25 جندى أمن مركزى وهبوا حياتهم من أجل الوطن، تاركين خلفهم آبائهم وأهاليهم، حيث استهدفهم مسلحون مجهولون وقاموا بفتح النيران عليهم، والمعروفة إعلاميا بمذبحة رفح الثانية، والمتهم فيها عادل محمد إبراهيم الشهير بــــ “حبارة “، حدث ذلك فى 19 أغسطس 2013.

◄اختطاف الـ7 جنود فى سيناء:

اختطفت جماعات جهادية 7 جنود مصريين من بينهم جندى بقوات حرس الحدود تحت تهديد السلاح، أثناء مرورهم خلال ذهابهم إلى إجازاتهم وتم إطلاق سراحهم بالتعاون مع المخابرات الحربية والشيوخ والقبائل السينوية، وذلك فى شهر مارس عام 2013 فى عهد حكم مرسى.

◄استهداف الضابط أبو شقرة:

استشهاد الرائد جمال الدين أشرف بالإدارة العامة لشرطة السياحة بعد هجوم مسلحيين مجهولين على سيارته، حيث أمطروه بـ 40 طلقة بجوار طريق العاشر من رمضان- الإسماعيلية، وذلك فى شهر يوليو 2013

◄استهداف مديرية أمن شمال سيناء بقذائف أر بى جى:

الاستهداف الأول:
تم استهداف مديرية أمن شمال سيناء بصاروخ من طراز أى جى أم 114 “هيا فير”، مما أدى لإصابة 3 أفراد من الشرطة، وهم النقيب أشرف محمود، والنقيب محمد مجدى، والملازم أول أحمد القصاص، وتم القبض على ثلاثة متورطين بينهم شخص فلسطينى الجنسية، وذلك فى 30 يوليو عام 2013. وعقب أحد الجنرالات الأمريكيين المتقاعدين على ماحدث قائلا: “إن الصاروخ يتم إطلاقة عادة من طائرة هليكوبتر”.
الاستهداف الثانى:

تم إطلاق قذائف “أر بى جى” على مبنى مديرية أمن سيناء وقوات الأمن بالقرب من مقر الدفاع المدنى فى العريش، واشتعال النيران فى بعض الأجزاء منه دون وقوع إصابات، وذلك فى 17 أغسطس 2013.

◄استهداف موكب وزير الداخلية:

استهدفت عناصر إرهابية موكب وزير الداخلية، وذلك فى 5 سبتمبر 2013، وقاد الانتحاري وليد بدر العملية، وأعلن بعد ذلك تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابى مسئوليته عن الحادث. والانتحاري وليد بدر كان يعمل ضابطا سابقا بالقوات المسلحة وتحول إلى إرهابى بعد فصله من الخدمة.

◄تفجير مبنى المخابرات الحربية برفح:

استهدفت عناصر مسلحة مبنى المخابرات الحربية برفح، وذلك بحى الإمام على فى مدينة رفح الحدودية، ما أدى إلى تدمير المبنى بالكامل وسقوط 6 شهداء، وإصابة 17 شخصا من المدنيين والعسكريين، وفقا لتصريحات المتحدث العسكري للقوات المسلحة، وذلك فى 11 سبتمبر عام 2013

◄استشهاد اللواء نبيل فرج فى كرداسة:

استشهاد اللواء نبيل فراج بطلق نارى بالجانب الأيمن من بطنه، أثناء مشاركته فى عملية اقتحام وتطهير منطقة كرداسة بالجيزة، لضبط المتهمين فى اقتحام قسم كرداسة وقتل الضباط والتمثيل بجثثهم وتطهير المنطقة من العناصر الإجرامية.

◄تفجير مبنى مديرية أمن جنوب سيناء:

استهدفت عناصر مسلحة من خلال عنصر انتحارى فجر نفسه أمام مبنى مديرية أمن جنوب سيناء، وأسفر عن مقتل 4 جنود وإصابة 50 آخرين من بينهم اللواء حاتم أمين مساعد مدير الأمن، وقد أعلنت أنصار بيت المقدس عن تبنيها للواقعة. وقد كشفت تحقيقات النيابة العامة مدى التطابق بين طريقة تنفيذ الهجوم من قبل انتحارى فجر نفسه أمام المبنى، وذلك من خلال الأدلة الفنية والجنائية، وحدث ذلك فى 7 أكتوبر عام 2013.

◄تفجير مبنى المخابرات الحربية بالإسماعيلية:

أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس تبنيها لتفجير مبنى المخابرات الحربية بالإسماعيلية عن طريق إلقاء قنبلة، وأسفر عن وقوع 4 مصابين وتضرر 4 مبان داخل مقر مبنى المخابرات العسكرية، وذلك فى 15 أكتوبر عام 2013.

◄اغتيال محمد مبروك “مسئول ملف التطرف بالأمن الوطنى”

تعرض الضابط المقدم محمد مبروك مسئول ملف التطرف بجهاز الأمن الوطنى، لوابل من النيران من قبل مسلحين ترقبوا نزوله من منزلة أثناء ذهابه إلى عمله، مساء يوم الأحد، وأنصار بيت المقدس تعلن عن استهدافه، وذلك فى 17 نوفمبر عام 2013 وتم القبض على الخلية التى نفذت الجريمة وعدد أفرادها أحد عشر إرهابيا

◄استهداف حافلة أمن بسيارة مفخخة:

تم استهداف حافلة لجنود جيش بسيناء بالقرب من الشيخ زويد، خلفت 11 شهيدا و37 مصابا من العسكريين، وذلك عن طريق سيارة مفخخة كانت ترصد مرورهم بالطريق فى 20 نوفمبر عام 2013.

وفى هجوم آخر على حافلة أمن بسيناء، أدى ذلك لاستشهاد 4 جنود وإصابة 14 آخرين من الجيش الثالث الميدانى، بعد استهدافهم من قبل مجموعة إرهابية فى 26 يناير عام 2014.

◄استهداف مديرية أمن الدقهلية:

استهدفت عناصر مسلحة إجرامية مبنى مديرية أمن الدقهلية، الأمر الذى أدى لاستشهاد 12 من الجنود وإصابة 130 آخرين وتضرر المبنى، ويذكر أن من بين المصابين اللواء سامى الميهى، وذلك فى 24 ديسمبر عام 2013

◄استهداف مبنى المخابرات الحربية بالعريش:

استهداف مبنى المخابرات الحربية بالعريش بصاروخ باليستى دون وقع إصابات، وذلك بعد عدة انفجارات بجوار المقر ونقاط التفتيش الأمنية، وذلك فى 28 ديسمبر عام 2013.

◄استهداف مديرية أمن القاهرة بسيارة مفخخة:

تم استهداف مديرية أمن القاهرة بواسطة سيارة مفخخة واستشهد 4 مجندين وأصيب 54 آخرين، وذلك فى 24 يناير عام 2014.

◄استشهاد 5 عسكريين فى إسقاط مروحية بسيناء:

استشهد 5 ضباط جيش إثر استهداف مروحيتهم العسكرية التى كانوا يحلقون بها فى منطقة جنوب الشيخ زويد، وسقطت الطائرة فى منطقة الرميلة بين العريش والشيخ زويد بسيناء، وذلك فى 26 يناير عام 2014.
وقد تبنت جماعة أنصار بيت المقدس، وقامت على إثرها القوات المسلحة بشن حملة عسكرية موسعة لمطاردة التكفيريين فى قصف جوى دام 6 ساعات، وتم تمشيط المنطقة فى الشيخ زويد ورفح.

◄مجزرة الشرطة العسكرية “مسطرد”:

بدأت الواقعة فى فجر يوم السبت 15 مارس، حيث استهدف مجموعة من المسلحين داخل سيارة عددا من الجنود بكمين الشرطة العسكرية بمسطر، مما أسفر عن مقتل 6 من المجندين ولم يتم العثور على الجناة. وتم القبض على ثمانية إرهابيين ممن نفذوا العملية وإبادة 6 منهم.
عرفنا من قبل شيئا عن تنظيم “سالم الرحال” الأردني الذى سعى “عبود الزمر” لضمه الى تنظيم “الجهاد” في صيف 1980 لدعم صفوفه، ثم بعد سجنهم في قضية اغتيال الرئيس “السادات” انقسم الجهاديون الى ثلاثة فصائل داخل السجن ومنهم مجموعه “سالم الرحال” وهى التي تدين بفكرة قلب نظام الحكم عن طريق انقلاب عسكري، ومن هذه المجموعة ثلاثة “عصام القمري”، “محمد الأسواني”، “خميس مسلم” استطاعوا الهرب من السجن يوم 17يوليو 1988.
عصام القمري: مواليد القاهرة 1952، كان رائدا سابقا بسلاح المدرعات بالجيش ثم مدرسًا بكلية القادة والأركان وظل في عمله حتى مارس 1981 حين تأكدت معلومة المخابرات بوجود تنظيم ديني داخل القوات المسلحة فهرب من الخدمة العسكرية في 2 إبريل1981 ثم ألقى القبض علية في 25 اكتوبر1981 بعد اغتيال تنظيم الجهاد “السادات” وحكم عليه في القضية رقم191 بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة مع أعضاء آخرين من تنظيم “سالم الرحال”. “محمد الاسواني” و”خميس مسلم”: الأول كان طالبا في كلية الحقوق جامعه عين شمس، وتم القبض عليهما بعد اغتيال السادات في نوفمبر 1982
التخطيط للهرب: انفصل “القمري” بمجموعته داخل السجن عن تنظيم الجهاد فكريًا وعمليًا. وضع الخطة الأولى للهرب من سجن طرة إلا أن خطته اكتشفتها سلطات الأمن وظنوا أنها كانت خطة معدة لتهريب أعضاء تنظيم “الجهاد” وعلى رأسهم “عبود الزمر” المحكوم عليه بالأشغال الشاقة لمدة 40 سنة. أقام الثلاثة “عصام القمري” وزميليه في زنزانة واحدة وبدأوا التخطيط مرة ثانية للهرب وساعدهم “طارق الأسواني” بإعداد بطاقات شخصية مزورة من اجل تزوير جوازات سفر لهم وأعد لهم الاماكن التي من الممكن ان يلجأوا اليها بعد الهرب وتدبير المال اللازم لتمويل العملية.

تمويل عملية الهرب:

كان التمويل عن طريق “طارق الاسوانى” شقيق “محمد الاسوانى” الذى زور بطاقات شخصية ومحررات بنكية له ولصديقة بأسماء مزورة تفيد استحقاقه مبالغ تجاوزت مليون جنية من بنك الجيزة الوطني وبنك التنمية الوطنية بكفر الشيخ وبنك مصر الدولي فرع الألفي ولكن افتضح امرة وتمكّن من الهرب.

خطة الهرب:

وضع “القمري” خطته للهرب وتتلخص في “الهرب من السجن اولا ثم الشروع في اغتيال عدد من الشخصيات العامة والسياسية والقيام بعدد من التفجيرات في اماكن هامة بالقاهرة ليثبتوا للنظام الحاكم أن تنظيم الجهاد لازال فاعلا مؤثرًا”
يوم 17 يوليو 1988 الزنزانة رقم 20 في سجن ليمان طرة:

تسلق “القمري” كتفى زميليه ووصل الى فتحة التهوية وقام بنشر القضيب المعدني للشباك وقفز “خميس مسلم” المتوسط الحجم منها إلى أرضية العنبر وكسر قفل الزنزانة وأخرج زميليه وتغلبوا على الحراس وألقوا عليهم عبوات مفرقعه ثم كسروا بعض الابواب والنوافذ باستخدام السلاح والعبوات المفرقعة وهربوا للخارج وكان في انتظارهم سيارة “فيات 131″ أقلتهم الى شقة في منطقة الشرابية.

إلا أن قوات الامن تمكنت من رصد ومحاصرة شقة الشرابية يوم 25 يوليو 1988 وحاصرتها ولكن الهاربين ألقوا على قوات الامن عبوات ناسفة وأسفرت المواجهة الأولى عن مقتل “عصام القمري” وتمكن الاثنان الآخران من الهرب، وفى المواجهة الثانية يوم 9 أغسطس 1988 تم القبض على “محمد الأسوانى” وشقيقه واعترفوا على مكان “خميس مسلم” الذى حاول الهرب للمرة الثالثة أثناء اعتقاله فأردته الشرطة قتيلا.

قدمت النيابة في هذه القضية 21 متهما في 28 أكتوبر 1988.

أحرجت محاولة الهرب نظام الرئيس “مبارك” و وضعته في تحد أمام الجماعات الإرهابية إلا أن الأمن استطاع إنهاء المسألة في أقل من شهرين، وهو ما يثبت نجاح الجهاز الأمني المصري في التصدي للإرهاب وجماعاته بصورة كبيرة وهو ما سيتضح تفصيلا في اجزاء قادمة.

نسف محكمة الاستئناف:

في هذه العملية قام عدد من كوادر الجهاز الخاص بمحاولة لنسف محكمة استئناف القاهرة والتي كان يحفظ فيها أوراق ما عرف بقضية "السيارة الجيب" التي كان على رأس المتهمين فيها "مصطفى مشهور" (أحد قادة النظام الخاص، ومرشد الجماعة الخامس فيما بين عام 1996 وعام 2002)، وحكاية السيارة الجيب معروفة، حيث تم ضبط مصطفى مشهور يقود سيارة محملة بأسلحة وقنابل كان النظام الخاص يستخدمها في التدريبات، بالإضافة إلى بعض الأوراق التي تحتوي على خطط واستراتيجيات الجماعة، وقد أنكر البنا - في بيان وزع على الصحفيين آنذاك - أن يقوم أحد الإخوان بهذه الفعلة الشنيعة، ولكن السنوات تأتي بما لم يكن يشتهي البنا، يقول محمود الصباغ حول هذا الحادث: "وبعد نجاح السرية في هذا العمل الفدائي، نظر السيد فايز في كل ما تنسبه الحكومة إلى الإخوان من جرائم باطلة، مدعية أنها تستند في كل ما تدعيه إلى حقائق صارخة في المستندات والوثائق المضبوطة في السيارة الجيب، وكان يعلم يقيناً بكذب هذه الافتراءات، ودليل ذلك ما ذكره عبد المجيد أحمد حسن بعد أن قرر الاعتراف على زملائه، واستندت إليه المحكمة في براءة النظام الخاص مما وجه إليه من اتهامات – ولم يساوره شك في أن الحكومة قد زورت وثائق وقدمتها للنيابة لتدين الإخوان بما ليس فيهم من جرائم واتهامات باطلة، فقرر حرق هذه الأوراق وكون سرية لهذا الغرض بقيادة الأخ شفيق أنس، وقد رسمت الخطة على النحو الذي ظهر في تحقيقات القضية المسماة زوراً وبهتاناً قضية محاولة نسف المحكمة، وحقيقتها أنها كانت محاولة حرق أوراق قضية السيارة الجيب، وتمكن شفيق أنس من أن يضع حقيبة مملوءة بالمواد الحارقة معدة للانفجار الزمني بجوار دولاب حفظ أوراق قضية السيارة الجيب، إلا أن قدر الله قد مكن أحد المخبرين من ملاحظة شفيق وهو يترك الحقيبة ثم ينصرف نازلاً على درج المحكمة، فجرى مسرعاً وحمل الحقيبة وجرى بها خلف شفيق، الذي أسرع في الجري حتى لا تنفجر الحقيبة على سلم المحكمة أو وسط حشود الداخلين في بهوها، ولما خرج إلى الميدان حذر المخبر من الحقيبة، فتركها فانفجرت في ساحة الميدان دون إحداث خسائر تذكر، وقبض على شفيق".في 24 فبراير 1945 كان أحمد ماهر باشا متوجها لمجلس النواب لإلقاء بيان من هناك وأثناء مروره بالبهو الفرعوني قام شاب يدعى محمود العيسوي بإطلاق الرصاص عليه وقتله في الحال، بعد الحادث ألقي القبض على حسن البنا وأحمد السكري وعبد الحكيم عابدين وآخرين من جماعة الإخوان، والتي كان العيسوي عضواً فيها، ولكن بعدها بأيام تم الإفراج عنهم بسبب اعتراف العيسوي بانتمائه للحزب الوطني، ولكن هناك من يؤكد أن محمود العيسوي من غلاة الإخوان المسلمين وتستّر تحت عباءة الحزب الوطني ليحمي جماعته من الضرر، وبعد الإفراج عن قيادات الجماعة لم يذكر أي أحد منهم علاقته بـ"العيسوي" ولكن في سنوات لاحقة ثبتت علاقة الجماعة بالعيسوي، ويسوق الدكتور عبد العظيم رمضان الأدلة على ذلك بما رواه محمد علي أبو طالب من أنه سمع من الأستاذ خالد محمد خالد أن الشيخ سيد سابق – وهو من زعماء الإخوان والذي أفتى بمشروعية اغتيال النقراشي باشا – قد أخبره بعد مقتل أحمد ماهر باشا بأن محمود العيسوي كان من صميم الإخوان المسلمين، ولم يكذب خالد محمد خالد أو الشيخ سيد سابق هذا الكلام، ويستدل أبو طالب على صحة رأيه بوجود وزيرين من زعماء الحزب الوطني، وهما: حافظ رمضان باشا رئيس الحزب، وزكي علي باشا - وهو من زعمائه منذ نشأته - في وزارة أحمد ماهر، ولم يحاسبا على اشتراكهما في قرار إعلان الحرب، بل قرر حافظ رمضان بأنه لا يرى ضرراً في ذلك، ويميل عبد العظيم رمضان إلى احتساب محمود العيسوي من الإخوان – وهذا ما أرجحه على أساس أن كثيرا من المصريين كانوا يجمعون بين انتماءين: الانتماء إلى حزبهم والانتماء للإخوان المسلمين، وأن انتماء محمود العيسوي إلى الحزب الوطني لا يحول دون انتمائه للإخوان المسلمين. "، ويأتي بعد ذلك الصباغ والذي كان واحداً من رجال التنظيم الخاص ليذكر أن أحمد ماهر خائن ولا يختلف على ذلك اثنان - على حد تعبيره - ولكن الإخوان لم يجيزوا قتله ولم يمنعهم هذا من دراسة وتحضير خطة لاغتياله حتى يقوموا بها إذا تطورت الأمور، وذكر الصباغ أنه هو شخصياً كان القائم بهذه الدراسة.

اعتراضا على قرار حل الجماعة قام الجهاز الخاص بوضع خطة لاغتيال رئيس الحكومة – آنذاك – محمود فهمي النقراشي باشا، وكان يشغل وقتها إلى جانب رئاسته للحكومة منصب وزير الداخلية، ففي يوم 28/12/1948 تنكر الإخواني عبد المجيد أحمد حسن في زي ضابط بوليس، واقترب من رئيس الوزراء ووزير الداخلية - أثناء دخوله لمبنى الوزارة - مطلقاً عليه ثلاث رصاصات أدت إلى وفاته على الفور، ولم تمر ساعات قليلة إلا وكان مرشد الجماعة حسن البنا قد خط بياناً بعنوان: "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين"، زعم مقربون منه أن البيان كتب قبل يومين من الحادث، قال فيه: "لقد وقعت أحداث نسبت إلى بعض من دخلوا هذه الجماعة دون أن يتشرّبوا روحها، وتلا أمر حلّ الإخوان ذلك الحادث المروع، حادث اغتيال دولة رئيس الحكومة المصرية محمود فهمي النقراشي باشا، الذي أسفت البلاد لوفاته وخسرت بفقده علماً من أعلام نهضتها وقائداً من قادة حركتها ومثلاً طيباً للنزاهة والوطنية والعفة من أفضل أبنائها، ولسنا أقل من غيرنا أسفاً من أجله وتقديراً لجهاده وخلقه".

الغريب أن المتهم - بعد أن أنكر صلته بالإخوان وأصر على أنه قام بتنفيذ العملية من تلقاء نفسه - عاد واعترف بدور الجماعة في العملية فور سماعه لبيان المرشد العام، وبعيداً عن اعتراف الشاب بمسؤولية الإخوان الذي قد يدفع البعض بأنه جاء تحت وقع التعذيب أو التهديد، يعترف محمود الصباغ بعد أربعين عاماً على الحادث - في كتابه السابق الإشارة إليه، وفي معرض حديثه عن مقتل النقراشي باشا - بأن العملية جاءت من باب حماية الدعوة، في إشارة إلى قرار النقراشي بحل الجماعة ويواصل: "وبدأ السيد فايز - مسؤول الجهاز الخاص آنذاك - المعركة برأس الخيانة محمود فهمي النقراشي، وقد كوّن فايز خلية من: محمد مالك وشفيق أنس وعاطف عطية حلمي والضابط أحمد فؤاد وعبد المجيد أحمد حسن ومحمود كامل، لهذا الغرض، وبفخر يقول الصباغ: ونجح عبد المجيد أحمد حسن في قتل النقراشي في مركز سلطانه ووسط ضباطه وجنوده وهو يدخل مصعد وزارة الداخلية.

ولم يتوقف الإخوان بعد اغتيال النقراشي ورأوا أن إبراهيم باشا عبد الهادي امتداد للنقراشي ومن ثم قرر الإخوان الفدائيون - هكذا يصفهم الصباغ – اغتيال إبراهيم باشا، وبالفعل كمنوا له في يوم 5 مايو 1949 في الطريق إلى رئاسة مجلس الوزراء وأطلقوا عليه وابلاً من الطلقات أصابت بعض المارة وكذلك الموكب الذي اعتقدوا أنه خاص بإبراهيم باشا، ولكنه كان موكب حامد جودة رئيس مجلس النواب، الذي لم يصب بأي أذى، وبعد القبض على منفّذي العملية بدأت محاكمتهم التي استمرت حتى قيام ثورة يوليو، واعتبر بعدها المتهمون أبطال تحرير وصدر عنهم جميعا عفو شامل.

جرت هذه الحادثة العجيبة وفق منطق "النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله"، فعندما قام البنا بتعيين سيد فايز مسؤولاً عن الجهاز الخاص بدلاً من عبد الرحمن السندي، قرر الأخير اغتيال أخيه في الدعوة الذي جاء ليزيحه عن مكانه، فأرسل إليه بعلبة من الحلوى في ذكرى المولد النبوي الشريف، وعندما حاول سيد فايز فتحها انفجرت في وجهه ومعه شقيقه فأردته قتيلاً في الحال، وأسقطت جدار الشقة، وعندما علم البنا بهذا الحادث المفجع أنكر في تصريحات حادة للصحافة أن يكون مرتكب الحادث من الإخوان المسلمين، واتهم أعداء الجماعة – كالعادة – بتدبير هذا الحادث، ومرة أخرى يأتي الزمان بما لا يشتهي البنا ولا جماعته، وهذه المرة على لسان محمود عبد الحليم - أحد قادة الجماعة ومؤرخها ورفيق درب البنا - يقول عبد الحليم: "كان السندي يعلم أن المهندس سيد فايز – وهو من كبار المسؤولين في النظام الخاص – من أشد الناقمين على تصرفاته، وأنه وضع نفسه تحت إمرة المرشد العام لتحرير هذا النظام في القاهرة على الأقل من سلطته، وأنه قطع في ذلك شوطاً بعيداً باتصاله بأعضاء النظام بالقاهرة وإقناعهم بذلك، وإذن فالخطوة الأولى في إعلان الحرب، وكذلك سولت له نفسه أن يتخلص من سيد فايز، فكيف تخلص منه؟، تخلص منه بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته وعقله، انتهز فرصة حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، وأرسل إليه في منزله هدية، علبة مغلقة عن طريق أحد عملائه، ولم يكن الأخ سيد في ذلك الوقت موجوداً بالمنزل، فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته وقتلت معه شقيقاً له، وجرحت بقية الأسرة وهدمت جانباً من جدار الحجرة، وقد ثبت ثبوتاً قاطعاً أن هذه الجريمة الأثيمة الغادرة، كانت بتدبير هذا الرئيس، وقد قامت مجموعة من كبار المسؤولين في هذا النظام بتقصّي الأمور في شأن هذه الجريمة وأخذوا في تضييق الخناق حول هذا الرئيس حتى صدر منه اعتراف ضمني، أرأيتم ماذا تفعل التربية الإخوانية للأعضاء أنفسهم، حتى لتنطبق عليهم قولة الرسول الكريم: "أخشى أن تعودوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"، وهذا ما فعله الإخوان بالضبط.
المثير للدهشة، وبينما كان يردد الإخوان أن جهازهم الخاص أنشئ من أجل محاربة الصهيونية ومواجهة الإنجليز، وبعد خروج الإنجليز من مصر وقيام حكومة تحارب الصهيونية (1954)، كان الجهاز السري يعزز وجوده بل ويلقي بظلاله على الجماعة كلها، فقد كوّن المرشد قبيل سفره إلى الأقطار العربية في أوائل يوليو 1954 لجنة قيادية مهمتها مواجهة موقف الحكومة من الإخوان بما يلزم مما تهيّئه قدراتهم على ضوء الأحداث، وهذا طبيعي، لكن المثير للدهشة هو تكوين اللجنة، فاللجنة مكونة من يوسف طلعت (قائد الجهاز السري)، صلاح شادي (المشرف على الجهاز السري وقائد قسم الوحدات وهو جهاز سري أيضاً)، والشيخ فرغلي (صاحب مخزن السلاح الشهير بالإسماعيلية)، ومحمود عبده (وكان من المنغمسين في شؤون الجهاز السري القديم). ماذا كان يريد المرشد العام الثاني إذن، وإلى ماذا كان يخطّط، خاصة أن الجهاز السري الذي زعم حسن البنا - وما زال الإخوان يزعمون – أنه أسس لمحاربة الاستعمار، قد تغيّب تماماً عن معارك الكفاح المسلح في القنال (1954)، وقد تنصل المرشد العام المستشار الهضيبي من أية مشاركة فيه، وقال: "كثر تساؤل الناس عن موقف الإخوان المسلمين في الظروف الحاضرة، كأن شباب مصر كله قد نفر إلى محاربة الإنجليز في القنال، ولم يتخلف إلا الإخوان، ولم يجد هؤلاء للإخوان عذراً واحداً يجيز لهم الاستبطاء بعض الشيء، إن الإخوان لا يريدون أن يقولوا ما قال واحد منهم – ليس له حق التعبير عنهم – إنهم قد أدوا واجبهم في معركة القنال، فإن ذلك غلو لا جدوى منه ولا خير فيه، ولا يزال بين ما فرضه الله علينا من الكفاح وبين الواقع أمد بعيد والأمور إلى أوقاتها"، هذا الكلام نرجو أن يتمعن الدكتور "محمد بديع" فيه جيداً قبل أن يخرج علينا ليصدعنا بأن النظام الخاص أنشئ من أجل قتال الإنجليز على ضفاف القناة.

المنشية عام 1954:

كان الإخوان قد وصلوا مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى طريق مسدود، وكانوا قد أعادوا تنظيم النظام الخاص - كما سبق أن أشرنا - وفي اللحظة الحاسمة قرروا التخلص من عبد الناصر، ففي يوم 26/2/1954 وبمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء وقف الرئيس عبد الناصر يلقي خطاباً بميدان المنشية بالإسكندرية، وبينما هو في منتصف خطابه أطلق محمود عبد اللطيف - أحد كواد النظار الخاص لجماعة الإخوان - ثماني طلقات نارية من مسدس بعيد المدى باتجاه الرئيس ليصاب شخصان وينجو عبد الناصر، وحتى هذه اللحظة يصر الإخوان على أن هذا الحادث لا يخرج عن كونه تمثيلية قام بها رجال الثورة للتخلص من الجماعة، ولكن المتهمين في المحكمة العلنية - "محكمة الشعب" التي كانت تذاع وقائعها على الهواء مباشرة عبر الإذاعة المصرية - قدموا اعترافات تفصيلية حول دور كل منهم ومسؤولية الجماعة عن العملية، (تم جمع هذه المحاكمات ونشرها بعد ذلك في جزأين بعنوان محكمة الشعب) وقد شكك الإخوان كثيراً في حيادية هذه المحكمة، لكنهم لم يعلقوا على ما ورد على لسان أبطال الحادث في برنامج الجريمة السياسية الذي أذاعته فضائية الجزيرة عبر حلقتين في الثاني والعشرين والتاسع والعشرين من ديسمبر عام 2006، والذي تفاخروا – من خلاله - بالمسؤولية عن الحادث، وأنه تم بتخطيط شامل وإشراف دقيق لقيادات الجماعة.

قضية سيد قطب:

في 30 أكتوبر 1965 أخطرت نيابة أمن الدولة العليا أن جماعة الإخوان المسلمين المنحلة قامت بإعادة تنظيم نفسها تنظيماً مسلحاً بغرض القيام بعمليات اغتيال للمسؤولين تعقبها عمليات نسف وتدمير للمنشآت الحيوية بالبلاد، هادفة من وراء ذلك الاستيلاء على الحكم بالقوة، وأن التنظيم يشمل جميع مناطق الجمهورية ويتزعمه سيد قطب، كان قطب قد تم الإفراج عنه – وقتها - بعد وساطة قام بها الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم أثناء زيارته للقاهرة عام 1965، إلا أنه كان قد وصل إلى قناعة بأن الحكومة التي تقوم بمثل هذه الأعمال من التعذيب في سجونها، لا بدّ أن تكون كافرة، ومن هذا المنطلق خطط قطب لمواجهة معها تشمل رؤوس الحكم، تمهيدا لخلخلة النظام والثورة عليه، وقد تم كشف القضية بالصدفة عبر إبلاغ الشرطة العسكرية والمباحث الجنائية العسكرية أنها ألقت القبض على مجند وهو يتفاوض لشراء أسلحة من أحد زملائه بالإسكندرية، وعلى الفور تم القبض عليهما واعترفا بأن هذه الأسلحة لصالح عدد من قادة جماعة الإخوان، ثم توالت الاعترافات وقدم المتهمون إلى المحاكمة التي قضت بإعدام سيد قطب وستة من زملائه، وسجن ستة وثلاثين آخرين بينهم المرشد العام الثامن للجماعة، الدكتور محمد بديع، ونائبه الدكتور محمود عزت، اللذان يقومان الآن بالترويج لأفكار قطب، في محاولة لبعث "القطبية" من جديد، بعدما تبرأ منها الإخوان، عبر كتاب مرشدهم الثاني المستشار حسن الهضيبي، "دعاة لا قضاة".

الفنية العسكرية وسبعينيات القرن الماضي:

بعد مجيء الرئيس الراحل أنور السادات إلى الحكم، قام بإطلاق سراح قادة الإخوان من السجون وأبرم معهم اتفاقا يقضي بعدم العمل في السياسة، فاتحاً صفحة جديدة مع الجماعة، وسرعان ما سعى كوادرها إلى ضم عدد من الشباب الذين اعتنقوا فكر سيد قطب الجهادي ليستخدموهم في محاولة جديدة لقلب نظام حكم الرئيس الراحل، وهو ما عرف في حينها بقضية الفنية العسكرية، لقد كشف طلال الأنصاري أحد قادة التنظيم الذي حكم عليه بالإعدام ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد في مذكراته المعنونة "صفحات مجهولة من تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة.. من النكسة إلى المشنقة"، أنهم كانوا قد شكلوا تنظيماً سرياً بمدينة الإسكندرية عام 1968، وظل هذا التنظيم قائماً إلى أن خرج الإخوان من السجون، حيث قادته الصدفة عن طريق أحد كوادر جماعة الإخوان بالإسكندرية ويدعى (الشيخ علي) إلى التعرف على زينب الغزالي، التي قدّمته بدورها إلى الإخواني العراقي صالح سرية، حيث فاتحه الأخير في الانضمام هو وتنظيمه إلى جماعة الإخوان ليكونوا نواة الجناح العسكري الجديد للجماعة، ويضيف الأنصاري أنه بعد موافقته على هذا الطرح رتبت زينب الغزالي للقاء يجمعه بالمرشد العام آنذاك أواخر عام (1972)، المستشار حسن الهضيبي، وذلك بمنزله بحي منيل الروضة، ويروي الأنصاري قصة بيعته للإخوان كاملة فيقول: "وحين سلم الأنصاري على المرشد كان أشبه بمن أصابه مسّ من الذهول من هذا المشهد الذي لم يره قبلا ولم يتعوّده، وبعدها جلس المرشد - الذي لم ينطق بكلمة واحدة - وكان الأقرب إليه مقعداً هو الشيخ "علي" الذي راح يلتقط أنفاسه، ثم انطلق يشرح للمرشد ما فوجئ به في الإسكندرية من حركة الشباب المتعلق بالإخوان، وقدم إليه الأنصاري كونه على رأس هؤلاء الشباب، واسترسل يشرح حب هؤلاء الشباب للإخوان وولاءهم لهم وقراءاتهم لأدبياتهم، وانتظارهم لعودة الإخوان إلى الحياة العامة، سكت الشيخ علي فجأة - حيث ساد الصمت برهة - وانتبه الأنصاري إلى همس آت من ناحية الشيخ علي، لم يفهم منه سوى أمره له: امدد يدك، فتصور أنه يأمره بالمصافحة والسلام، فمد يده للمرشد فإذا بالمرشد ينتفض واقفاً، ثم يقبض يده بقوة على يد الأنصاري الذي وجد نفسه يردّد وراء الشيخ علي عبارات البيعة الإخوانية المعروفة: "أبايعك على السمع والطاعة في اليسر والعسر، وفي المنشط والمكره، والله على ما أقول وكيل (أو شهيد فالله أعلم حيث تباعدت السنون)، وكانت دموع المرشد تنهمر في صمت نبيل وقد احتضن الأنصاري بقوة، في حين كان الشيخ علي يقف متأثراً ودموعه ما تزال تسيل، لم يدم اللقاء طويلاً ثم حيث خرج الشيخ علي ووراءه الأنصاري.

صالح سرية يصبح همزة الوصل

كان اللقاء الذي تم في رعاية وترتيب زينب الغزالي بداية مرحلة جديدة من تاريخ الجماعة، وكانت أول تعليمات صالح سرية للشباب – وفق الأنصاري – أنه هو وحده حلقة الوصل بالإخوان، وأنه اعتباراً من هذا التاريخ لا بدّ أن يتوارى أي دور ظاهر للإخوان، كما ينبغي عدم الإعلان عن أيّة صلة بهم، وتنفيذاً لذلك أعد صالح سرية سيناريو درب عليه الأنصاري لتنفيذه عند ظروف التحقيق الأمني بهدف إبعاد الإخوان عن أيّة صلة بالأحداث المقبلة، كان السيناريو يهدف إلى إظهار أن معرفة صالح بالأنصاري تمّت عن طريق آخر غير طريق الإخوان وزينب الغزالي، كان البديل الذي رتّبه صالح ينص على أن الأنصاري قرأ حديثاً صحفياً أجرته مجلة مصرية مع صالح أثناء حضوره جلسات المؤتمر الوطني الفلسطيني في القاهرة عام 68، وأنه أعجب به وسعى للقائه في فندق "سكاربيه" بالقاهرة، حيث بدأت الصلة بينهما".
الهضيبي يوافق على خطة الفنية العسكرية:

ووفق الأنصاري: "عرض صالح مجمل أفكاره بكل صدق ووضوح على قيادات الإخوان وعلى رأسهم المرشد، وكما حكى صالح لرجاله فقد كتب مذكرة من خمسين صفحة للمرشد عرض فيها خطته لإدخال تجديد على فكر الإخوان ليكون الوصول للسلطة بالقوة العسكرية خياراً أساسياً، وذكر صالح لرجاله أن المرشد وافق على مضمون المذكرة". ويمضي الأنصاري في مذكراته ليذكر: "ليس منطقياً القول إن تاريخ صالح سرية ونزوعه إلى الانقلاب والثورة كان خافياً على الإخوان المسلمين في مصر، لقد احتضنته الإخوان في مصر ورحبوا به، والأهم من ذلك أن قام الإخوان - وفي بيت من أقرب بيوتاتهم، بيت زينب الغزالي – بتقديم تنظيمهم الشبابي الوحيد في حينها إلى صالح سرية!!، هذه نقاط لم يسبق أن طرحت من قبل لأن أحداً لم يطرح هذه الوقائع الجديدة؛ ولذا يتعامل الإخوان مع هذه القصة الغريبة بحذر شديد حتى الآن، وقد أخفاها تماماً مؤرخوهم وكتابهم، بل قل إنهم قد تحاشوا جميعاً التعرض لهذه المسألة رغم مرور ثلث قرن عليها!!، لكن الحقيقة أنه قد دارت العجلة، وتولى الدكتور صالح عبد الله سرية قيادة أول جهاز سري بايع الهضيبي شخصياً بعد محنة 65 - 66!!".

نصيحة الإخوان للشباب "الإنكار التام":

كانت خطة الإخوان المسلمين – كما يروي طلال الأنصاري – أن ينكر المتهمون كل ما نسب إليهم وأن يخفوا تماماً أية علاقة لهم بجماعة الإخوان المسلمين على أن تقوم الجماعة بحملة قانونية وإعلامية كبرى للدفاع عنهم، وفي شهادته التي عرضنا لجزء منها سابقاً يروي طلال الأنصاري - بعد انقضاء خمسة وعشرين عاماً على الحادث قضاها كاملة خلف الأسوار - تقييمه الشامل لما حدث، يقول الأنصاري: "مع اقتراب موعد المحاكمات أبلغ الأنصاري ابنه أنه قد اختار للدفاع عنه محامياً قديراً وشهيراً هو الأستاذ الكبير إبراهيم طلعت، الذي حضر إلى السجن وقابل "طلال" بالفعل، كانت جماعة الإخوان المسلمين قد دخلت بهمّة في الأمر وتولى رجالها إدارة عملية الدفاع وعبء المحامين، ووضعت جماعة الإخوان خطة الدفاع وتولاها المحامون منهم ومن غيرهم، فمن الإخوان كان أشهر محاميهم آنذاك الدكتور عبد الله رشوان، الذي ألزم بقية طاقم الدفاع بخطة الدفاع التي تعتمد على محورين: الأول في الوقائع والموضوع، والثاني: سياسي، ففي الوقائع كانت الخطة تعتمد على إنكار التهمة ونفي محاولة الانقلاب وتصوير المسألة باعتبارها مؤامرة داخل عملية الصراع على السلطة في مصر، وأن القصة هي أن مجموعة من طلبة الكلية الفنية العسكرية كانت تقيم ندوات دينية داخل مسجد الكلية ويحضرها زوار من خارج الكلية مدنيون، وأن المتآمرين استغلوا هذا للإيقاع بهم، وعندما حضر إبراهيم طلعت لمقابلة طلال واستفسر منه عن الحقيقة أكد له هذا التصور الذي قرره دفاع الإخوان، لكن الآن وبعد كل هذه السنوات واشتغال الأنصاري بالمحاماة فإنه يرى أن خطة الدفاع هذه لم تكن موفقة من الناحية القانونية، وأنها حملت استخفافاً بالمحكمة لا يجوز، وكان الأولى البحث عن طريق آخر، لقد اعتمد الدفاع على أن تاريخ العشرين سنة السابقة من خلال محاكمات الإخوان وغيرهم قد حفل بتلفيق القضايا من الأجهزة المتعددة، وبذلك يسهل إقناع المحكمة بأن مسلسل التلفيق مستمر، إلا أن الأمر في هذه القضية كان مختلفاً كل الاختلاف، حيث كان واضحاً لمن يطالع الأوراق أو يتابع الأحداث أن هناك تنظيماً، وأنه تحرك بالفعل ولم تكن هناك أية مؤامرة".

تشكيل ودعم الأفغان العرب:

تعاظم دور الإخوان في تشكيل ظاهرة "الأفغان العرب"، والتي كانت النواة الأساسية لما يعرف اليوم بتنظيم القاعدة بعد عام 1982، حيث جرى الاتفاق الشهير بين الهارب آنذاك مهدي عاكف، مسؤول لجنة الاتصال بالعالم الخارجي، وبين الأمريكان، على أن يقوم الإخوان بمساعدة الولايات المتحدة في تنفيذ أهدافها في أفغانستان بالمساهمة في إخراج السوفييت، على أن يقوم الأمريكان برد الجميل عن طريق تسهيل إنشاء مراكز للجماعة في أوروبا، ولكن ليس تحت اسم الإخوان مباشرة، وبالرغم من إدانة الإخوان – العلنية – للعمليات التي قام بها العائدون من أفغانستان إلا أن الجميع كان يعلم أن تلك الإدانة ما هي إلى تغطية مفضوحة لدورهم المشبوه في التأسيس لهذه الظاهرة، يقول الدكتور عبد الله عزام، عضو التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين والأب الروحي والمؤسس الفعلي لتنظيم القاعدة في مذكراته المنشورة على موقعه على شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت": "إن الأخ كمال السنانيري - (أحد قادة النظام الخاص الذي توفي في السجن عام 1981 والذي اتهمت جماعة الإخوان أجهزة الأمن بقتله) - قد جاء إليه عام 1980 حيث كان يعمل في جامعة الملك عبد العزيز بالسعودية، واجتمع به في الحرم، وأخبره تعليمات مكتب إرشاد الجماعة التي تقضي بالذهاب إلى أفغانستان لتكوين ما أطلقوا عليه "وحدة انتشار سريعة مسلحة" من الشباب العرب والمسلمين الوافدين للقتال في أفغانستان، ويضيف عزام أنه أنهى أعماله في جامعة الملك عبد العزيز - وفق هذه المشورة - وذهب إلى أفغانستان، حيث أسس هناك مكتب خدمات المجاهدين، والذي كان النواة الرئيسية التي تشكل منها تنظيم القاعدة فيما بعد، لم يقف الأمر عند عبد الله عزام فها هو مصطفى الستّ مريم، فقيه تنظيم القاعدة المعروف باسم أبو مصعب السوري، يؤكد في مذكراته - التي قام بنشرها عبر أحد المواقع الأصولية على شبكة الإنترنت - أنه قدم إلى مصر بصحبة مجموعة من إخوان سوريا، حيث قام إخوانهم في مصر بتدريبهم على حرب العصابات بإحدى المناطق بجبل المقطم، وذلك قبل اغتيال الرئيس السادات بثلاثة أشهر، بالطبع لم نسمع رداً في حينه على كل من طلال الأنصاري وعبد الله عزام وأبو مصعب السوري، ولن نتوقع سماع أي ردود من جماعة الإخوان، عفواً.. "جماعة المراوغين"، فقد جعلت كوادر الجماعة دائماً نصب أعينها مقولة البنا الشهيرة: "ومن خدع الحرب أن يضلّل المسلم عدو الله بالكلام حتى يتمكن منه فيقتله".

التنظيم الدولي وإستراتيجية استخدام العنف:

بعد اغتيال الرئيس الراحل السادات جاء الرئيس إلى السلطة ليفتح صفحة جديدة مع الإخوان، وطوال أكثر من عشر سنوات راحت الجماعة تتوغّل داخل المجتمع المدني في مصر، بأحزابه وبرلمانه ونقاباته ومجالس إدارات أعضاء هيئات التدريس بالجامعات، بالإضافة إلى الاتحادات الطلابية، حتى لم تبق مؤسسة مدنية واحدة في مصر لم يخترقها الإخوان.
وفي عام 1991 - وبالتحديد في شهر سبتمبر منه - اجتمع قادة التنظيم الدولي بمدينة استانبول بتركيا، وكان أن تقدم الحاج مصطفى مشهور المعروف حركياً آنذاك باسم "أبو هاني" باقتراح إلى هيئة المكتب حمل عنوان "إعادة تقييم المرحلة الماضية من عمر التنظيم العالمي"، والتي كانت قد وصلت إلى ما يقرب من عشر سنوات، انقسمت الورقة إلى خمسة أقسام رئيسية هي: فكرة التنظيم العالمي، أهدافه، وسائله، سلبيات العمل في الفترة الماضية، الاقتراحات والتوصيات، وجاء في البند الثالث – الوسائل - ما يلي: "ويرى بعض الإخوة أنه وبعد مرور ما يزيد على عشر سنوات من عمر التنظيم العالمي ومغالاة الأنظمة في حرب الجماعة والوقوف بشكل عام أمام أي توجه إسلامي صحيح، فإن هناك وجها آخر لوسائل التغيير لا بدّ من إعادة النظر فيه وتجليته للوصول إلى رؤية شرعية محددة لوسيلة من أهم وسائل التغيير داخل مجتمعنا انطلاقا من ثوابت فكر الإمام الشهيد رحمه الله، وقد بلور بعض الإخوة وجهة نظرهم بالصورة التالية:

نستطيع أن نلحظ أن الإمام البنا قد اختار وسيلة بعينها في الأجواء الليبرالية التي كانت تحيط به، وهي النضال الدستوري، ولكنه لم يغلق باب الخيارات الأخرى التي قد تحتاجها الحركة للتغيير النهائي، ومن أجل ذلك نستطيع أن نقول إن المعالم النظرية للمشروع الحركي الإخواني قد تبلورت في صورة أقرب إلى النضج، ولكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أن أيّة نظرية في العلوم الإنسانية يمكن أن تصل إلى صيغتها النهائية، بل يظل الباب مفتوحا للمراجعة والتقويم، وتلخيصاً نقول إن الإمام البنا قد قام بما يلي:

1 - دراسة الواقع المحيط وتحديد المشكلة المطلوب علاجها.
2 - تحديد الأهداف الاستراتيجية للحركة.
3 - تحديد وسائل التغيير:
أ – المباشرة: النضال الدستوري – الانقلاب العسكري – الثورة.
ب - غير المباشرة: العمل الجماهيري ونشر الفكرة

4 - بناء أجهزة الحركة المناسبة للتغيير: التنظيم الخاص، التنظيم العسكري، الشعب، الجهاز التربوي، الجهاز الإعلامي، المؤسسات الاقتصادية".

(خطة التمكين..1992) الشاطر يخطط للهيمنة على مصر
ولم يمض على اقتراح مشهور عام واحد حتى اكتشفت أجهزة الأمن المصرية خطة أطلق عليها الإخوان آنذاك "خطة التمكين" والتي عرفت إعلامياً بقضية "سلسبيل" التي تحمل رقم 87 لسنة 1992، وخطة التمكين التي تقع في ثلاث عشرة ورقة فلوسكاب، ضبطت في منزل قيادي الجماعة المهندس خيرت الشاطر عام 1991، وتعتبر الوثيقة "هي أخطر وثائق جماعة الإخوان المسلمين السرية على الإطلاق، وهي – كما يشير عنوانها – تتعلق بخطة الجماعة من أجل الاستيلاء على الحكم؛ لأن معنى "التمكين" كما تقول الوثيقة بالحرف الواحد: هو الاستعداد لتحمل مهام المستقبل وامتلاك القدرة على إدارة أمور الدولة، وذلك لن يتأتّى - كما تؤكد الوثيقة - بغير خطة شاملة تضع في حساباتها ضرورة تغلغل الجماعة في طبقات المجتمع الحيوية، وفي مؤسساته الفاعلة مع الالتزام باستراتيجية محددة في مواجهة قوى المجتمع الأخرى والتعامل مع قوى العالم الخارجي".

وتضع الوثيقة - المكونة من 13 ورقة فلوسكاب - مهمة التغلغل في قطاعات الطلاب والعمال والمهنيين وقطاع رجال الأعمال والفئات الشعبية الأقل قدرة، باعتبارها حجر الزاوية في خطة التمكين؛ لأن من شأن انتشار جماعة الإخوان في هذه القطاعات – كما تقول الوثيقة – أن يجعل قرار المواجهة مع الجماعة أكثر صعوبة ويفرض على الدولة حسابات أكثر تعقيداً، كما أنه يزيد من فرص الجماعة وقدرتها على تغيير الموقف وتحقيق "التمكين".
وتشير الوثيقة بوضوح بالغ إلى أهمية تغلغل جماعة الإخوان في المؤسسات الفاعلة في المجتمع، وهنا مكمن الخطورة؛ لأن المؤسسات الفاعلة في عرف الجماعة ليست فقط النقابات المهنية والمؤسسات الإعلامية والقضائية ومجلس الشعب، لكنها أيضاً "المؤسسات الأخرى" التي تتميّز بالفاعلية والقدرة على إحداث التغيير، والتي قد تستخدمها الدولة في مواجهة الحركة وتحجيمها.

إن وثيقة "التمكين" لا تقول صراحة ما هي "المؤسسات الأخرى" التي يجري تجهيلها عمداً، لكن الوصف يشير بوضوح بالغ إلى مؤسستي الجيش والشرطة، على أن أخطر ما تطرحه الوثيقة هو رؤية جماعة الإخوان لكيفية التعامل مع قوى العالم الخارجي، خاصة الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتكشف الوجه الحقيقي للجماعة؛ لأن الوثيقة تؤكد على أهمية إشعار الغرب - وأمريكا على وجه الخصوص - بأن الإخوان لا يمثلون خطراً على مصالحهم، وأن من صالح الغرب أن يتعامل مع الإخوان عند "التمكين"؛ لأن الإخوان يمثلون قوة تتميز بالاستقرار والانضباط.

"ثلاث عشرة صفحة فلوسكاب من الحجم الكبير معنونة بكلمة "التمكين"، موضوعة في شكل تقرير يؤكد على أن المرحلة الجديدة من عمر التنظيم تتطلب المواجهة ولا تحتمل عمومية الأهداف السابقة في الانتشار والتغلغل، وتحذر الوثيقة من التضارب في القرارات بالنسبة للمواقف التي تتعرض لها الجماعة، فضلاً عن التحدي والتهديد الخارجي والمواجهة السافرة بين الأنظمة الموجودة وحركات الإسلام السياسي العاملة على الساحة، وتتساءل الوثيقة: ما هي الأوضاع التي ينبغي أن تكون عليها الحال؟، والنتائج الموجودة على المدى القريب والقصير من حيث: - تحقيق الرسالة. - توافر الاستمرارية. - الاستعداد للمهام المستقبلية. - رفع الكفاءة.

والرسالة في عرف الجماعة - وحسب نص الوثيقة - تستهدف التهيؤ لتحمل مهام المستقبل وامتلاك القدرة على إدارة الدولة وإعداد البناء الداخلي لمهام مرحلة "الكفاءة"، والأخيرة تقصد بها الوثيقة وضع سياسة مواجهة لذلك التهديد الخارجي، يقصدون به محاولات إجهاض مخططات الجماعة للسيطرة والتغلغل، وذلك عن طريق:

 الانتشار في طبقات المجتمع الحيوية والقدرة على تحريكها.
 الانتشار في المؤسسات الفاعلة ويقصدون بها الجيش والشرطة.
 التعامل مع القوى الأخرى.
 وأخيراً.. الاستفادة من البعد الخارجي".

إدارة الـدولـة:

إن المحافظة على الحالة من التمكين التي يصل إليها المجتمع يتطلب ضرورة امتلاك القدرة على إدارة الدولة لمواجهة احتمال اضطرارنا لإدارة الدولة بأنفسنا

لعل أخطر ما في هذه الوثيقة أنها توضح الشكل الانقلابي الذي يعده الإخوان للسيطرة على نظام الحكم والوصول إلى مرحلة إدارة الدولة، أو ما اصطلح على تسميته في تلك الوثيقة الخطيرة بالاستعداد للمهام المستقبلية، وتقول الوثيقة: "إن المحافظة على الحالة من التمكين التي يصل إليها المجتمع يتطلب ضرورة امتلاك القدرة على إدارة الدولة لمواجهة احتمال اضطرارنا لإدارة الدولة بأنفسنا، وفي الوقت ذاته ستؤدّي حالة التمكين إلى تكالب القوى المعادية الخارجية؛ لذا كان لا بدّ من الاستعداد لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية من خلال أن يكون لدينا – الإخوان – رؤية لمواجهة التحديات، سواء من حيث امتلاك الإمكانيات اللازمة لتحقيق هذه الرؤية والقدرة على تطويرها، وهذا يتطلب إعداد البناء الداخلي بما يتواكب مع متطلبات المرحلة ويحقق الاستخدام الأمثل للموارد الذي اصطلحت الوثيقة على تسميته "بالكفاءة"، وتضيف الوثيقة: "إن هذا يمثل التحدي العملي في تحقيق الخطة بأهدافها المختلفة؛ مما يستوجب التعامل مع جزئيات البناء الداخلي لتطويرها كي تتوافق مع طبيعة المرحلة القادمة - سواء من حيث الرؤية أو التكوين للأفراد أو البناء الهيكلي - على النحو التالي: فعلى صعيد الرؤية، وهي أحد أهم أضلاع مثلث مرحلة الكفاءة، فإن هذا يتطلب توحيد توجهات الصف في اتجاه البناء والتغيير؛ لذا لا بدّ من استيعاب كامل من قبل الصف - "العناصر الإخوانية" - لقضية التغيير ووضوح كامل للتوجهات حتى لا تواجه الخطة بالمقاومة السلبية من الداخل، وضرورة البدء بطرح قضية التغيير للحوار على جميع المستويات من أجل أن يتفاعل ويكون عامل المشاركة دافعاً لإثارة كوامن الفكر والمبادرة وتجسيد القضية.
في جانب تكوين الأفراد فإنه – وحسب ما تصرح به الوثيقة – إضافة إلى البرنامج التكويني القائم حالياً، فلا بدّ أن يشمل في المرحلة المقبلة انعكاسات الجزئيات المختلفة للخطة عليها، فالانتشار في طبقات المجتمع وهو صلب خطة التمكين، يتطلب رفع قدرة الأفراد على التأثير في قطاع عريض من المجتمع، عبر رفع إمكانات الحوار والقدرة على الإقناع والتدريب وذلك عن طريق:

 إحداث التوازن بين الدعوة الفردية، من أجل الضم للصف والدعوة العامة.
 تنمية حلقات القيادة والقدرة على تحريك المجموعات.
أما بالنسبة للانتشار في المؤسسات الفاعلة فهذا يتطلب:
 رفع قدرة الأفراد على اختراق المؤسسات دون فقدان الهوية.
 رفع قدرة الأفراد على التعامل مع المعلومات".
وبالنسبة للتعامل مع القوى الأخرى، لا بدّ من تربية الأفراد على إقامة جسور فكرية أو عملية معها، وبالنسبة لمهمة إدارة الدولة ومهام المستقبل فإن هذا يتطلب:

1 - الاهتمام بمجموعة مختارة تنمَّى فيها القدرة على إدارة المؤسسات العامة.
2 - القدرة على استيعاب المتميزين في القطاعات المختلفة والاستفادة منهم.

وإلى جانب البناء الهيكلي، فإن المنهج العملي للإدارة يتطلب:

 توفير المعلومات اللازمة لأداء المهام المختلفة.
 إرساء مبدأ التفويض واللامركزية في الأعمال ما أمكن.
 إرساء مبدأ التفرغ لشغل المناصب ذات الأهمية.
 مرونة الهيكل بحيث تسمح بإضافة كيانات جديدة استجابة للخطة "جهاز معلومات – علاقات سياسية".
 استكمال الهياكل بناء على أهمية العمل في الخطة وأولويته".

ضربت خطة التمكين مع ضرب مجموعة شركة سلسبيل في القضية رقم 87 لسنة 1992، وظلت أوراق القضية تتداول أحد عشر شهراً، كانت الدولة خلالها تصارع جماعات العنف في أقصى صعيد مصر وفي قلب القاهرة، وكانت الفكرة هي الاكتفاء بكشف كل عناصر التنظيم ومخططاته والعمل بنظام الخطوة خطوة في تتبع هذه العناصر والمخططات، مع وضع كل شيء تحت السيطرة التامة عبر مراقبة جميع التحركات، قرار المواجهة الشامل لم يكن قد حان اتخاذه بعد، الأمر الذي دفع به تجاه الإفراج عن كل المقبوض عليهم على ذمة القضية في حينه، على أن يتم التعامل معهم في الوقت المناسب، وهو إجراء قانوني وسياسي في نفس الوقت؛ إذ لا يعقل أن يتم فتح جبهتين في آن واحد، خاصة أن الجبهة الأولى كانت غامضة تماماً وغير معروف حجمها الحقيقي، وأن الجبهة الثانية تمّت تعريتها تماماً وأصبحت تحت السيطرة، وهو ما تم الكشف عنه فيما بعد عام 1995 في أول قضية عسكرية للإخوان التي كانت برقم 8/1995، 11/1995، والتي تم فيها رصد أول اجتماع كامل لمجلس شورى الجماعة بالصوت والصورة، وحصل فيه 85 متهما على أحكام تتراوح من 5 إلى 7 سنوات كان بينهم نجوم الصف الأول بالجماعة.

التسعينيات ومباركة العنف:

رغم اتسام الخطاب العلني للجماعة في تسعينيات القرن الماضي، بالبعد عن تأييد عمليات العنف، التي كانت مشتعلة بين الأمن والجماعات المتطرفة – آنذاك - إلا أنها أبدا لم تُدِن العنف بأيّة وسيلة كانت، واكتفت بإدانة ما أسمته بالعنف والعنف المضاد من قبل الدولة، وكأننا أمام فريقين على قدم المساواة في الحقوق يتصارعان، وليس أمام شباب فهم دينه بشكل خاطئ، كما أعلنوا فيما بعد فيما عرف بتصحيح المفاهيم، ورجال منوط بهم الدفاع عن وطن تنتهك حرمته.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى