السبت ٢٧ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٤
بقلم سعيد مقدم أبو شروق

مريض أم ماذا؟

وأنا أتمشى مع زوجتي في السوق، صافحني أحد الذين كنت أعرفهم منذ أكثر من عشر سنوات،

ثم حضنني وقبل كتفي أكثر من مرة.

تذكرته جيدًا، كان يحضر أحد المجالس وقد تعرفته إليه هناك.

وجدت ملامحه قد تغيرت كثيرًا، وأنه ليس ذاك الشاب العربي ذا الوقار والاحترام.

وأول ما تبادر في ذهني أنه قد يكون ابتلي بمرض خبيث سبب له هذه النحافة التي تكاد أن تفتك به في أقرب مقبرة.
سألني أن أسلفه خمسين ألف ريال على أن يسددها لي يوم غد، والخمسون ألفا مبلغ زهيد جدا. (لا تضاه الريال الإيراني بالريال السعودي).

أخرجت محفظتي في الحال وقدمت له المبلغ، بل ومسكت محفظتي مفتوحة أمامه وقلت له: خذ ما تشاء.
لكنه اكتفى بالخمسين ألفا وودعني بسرعة وذهب.

خاطبتني أم شروق لائمة: يبدو على صديقك أنه مريض، فلماذا لم تعطه أكثر؟

رأيته وبالصدفة بعد أشهر، وقد اشتد به الهزال، خاطبني بلغة الخجول:

لقد بحثت عنك كثيرًا لأرد لك سلفك، لكني لم أجدك؛ والآن لا أحمل معي محفظة نقودي، فخذ هذا القفل وبعه، يحتاج لتصليح بسيط!

وقدم لي قفلا يغطيه الصدأ من كل جانب لا أدري في أية سلة مهملات وجده.
تأوهت مازحًا: وأين مفتاحه؟!

قال جادًا: المصلح سيحل لك مشكلة المفتاح أيضًا.

تبين لي أن الرجل مبتل بمصيبة الإدمان، هذا المرض الخبيث الذي ما أصاب شخصًا إلا وهلكه وشتت شمله وحوّله إلى كذاب مجرم خطير.

غرقت في صمت كئيب، ولاذ هو الثاني بصمت طويل، ثم أطرق ثم نظر إليّ نظرة حزين ما انفك حزنها يتتبع لحظات فرحي ليغتالها.

ولا أدري إلى أية جهة ألقي اللوم وليس بيدي حيلة غيره؟

هل ألوم المدمن نفسه على بساطته وضعف شخصيته وقد دمر حياته وحياة أسرته؟

أو ألوم المسؤولين المتهاونين مع بائعي المخدرات وقد أصبحوا يتاجرون في العلن يعرفهم القاصي والداني؟

أو ألوم المثقف لقلة علاقاته بالمجتمع وأنه لم يؤد واجبه التوعوي تجاه شعبه كما ينبغي؟

ألوم من؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى