الأحد ١٦ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم حسام صبري

وفاة الطبيب (حمدى) أمام وزير الثقافة

(1)

(فجأة اصطدمت احدى الممرضات بالدكتور حمدى.. ومع اصطدامها شعر بوخزة خفيفة فى يده..

ارتبكت الممرضة وحاولت إخفاء شئ خلف ظهرها.. سألها عما تخفيه لتفاجئه بحقنة ذات سن مدبب تحملها فى يدها مكشوفة بعد أن حقنت بها أحد مرضى الحالات الحرجة..

انقبض قلب د/ حمدى وأسرع يطهر جرحه الصغير.. لكنه كطبيب كان يشعر بالقلق والخوف..

وخلال شهور قليلة صدق إحساسه.. إرهاق.. هزال.. شحوب شديد بالوجه.. وبعد التحليل اكتشف ما كان يخشاه فيروس (سى) انتقل إليه وهاجم كبده لتبدأ رحلة العذاب.

حاول الدكتور (حمدى) العلاج.. لكن المرض كان شرسا.. ضرب الأعصاب الطرفية وأصابها بالتهاب حاد وبدأ يؤثر على الحركة.. حاول مقاومة المرض, ومواصلة عمله من أجل أطفاله الأربعة.. لكنه لم يستطع..

فى البداية أغلق عيادته الصغيرة.. واكتفى بالعمل الحكومى.. ولكن بمرور الوقت عجز تماما عن العمل.. ثم عجز أخيرا عن الحركة.

أنفق كل مدخراته على العلاج.. ولكن المرض ظل يحاصره.. حتى بدأ يصيب جزءا من الكبد بالتليف.

أوصى الأطباء ببرنامج علاجى مكثف وسريع قبل أن يقضى المرض علي الكبد تماما.

وهو علاج يضم 12 حقنة سعر الواحدة 1560 ج. وإجمالى العلاج 18720 ج.

لجأ د (حمدى) لنقيب الأطباء, عرض عليه محنته كطبيب ومريض فى نفس الوقت..

شعر النقيب بخطورة الحالة وأهمية التدخل السريع.. فأرسله بخطاب توصية.. إلى رئيس المجالس الطبية المتخصصة.

حمل د. حمدى خطاب التوصية وأسرع به للمجالس الطبية وكله أمل فى العلاج على نفقة الدولة.. ولكن خاب كل أمله.

فرغم خطورة الحالة وتوصية النقيب ورغم أنه أيضا من أبناء المهنة.. رغم كل ذلك صدر قرار وزارة الصحة بعلاجه بمبلغ ألفين وخمسمائة جنيه فقط! وهو مبلغ لا يكفى لشراء حقنتين ولا يتناسب إطلاقا مع تكاليف علاجه الحقيقية.

لم يجد الدكتور حمدى أمامه إلا أن يعود لبلده سوهاج.. ويبيع كل ما يملك أملا فى توفير ثمن العلاج.. ولكن فى النهاية لم يوفر سوى ثمن أربع حقن فقط.

.. قدم أسبوع الشفاء للدكتور حمدى مبلغ عشرة آلاف جنيه لشراء الحقن الباقية..

وكل ما نتمناه أن يعود لأسرته وأبنائه وعمله ومرضاه).

(منقول) عن جريدة الأخبار الصفحة الرابعة بتاريخ 4/4/2006
أسبوع الشفاء بقلم غادة زين العابدين

(2)

فى اليوم التالى 5/4/2006 وبنفس الصفحة:

(عذرا لفاعلى الخير وعزاء.. لأسرة د. حمدى.. اتصل بنا أمس بعض فاعلى الخير يطلبون التبرع لحالة الدكتور حمدى الذى أصيب بفيروس (سى) بسبب غلطة ممرضة والتى نشرت أمس..

ولكن... عذرا لفاعلى الخير فقد علمنا أن د/ حمدى توفى بالأمس فى نفس اليوم الذى نشرنا به قصته.. فشكرا لفاعلى الخير.. وخالص العزاء لأسرته الكريمة).

(3)

أمام خبر وفاة الطبيب وفى الصفحة الثانية بنفس الجريدة كان الخبر التالى:

(يعود وزير الثقافة من باريس بعد غد الجمعة بعد أن أجريت له بعض الفحوصات الطبية تم خلالها الإتفاق على إلغاء فكرة الجراحة فى الأنف والتى كانت مقررة سلفا والاستعاضة عن ذلك بالعلاج.

(تعليق)

ثمن التذكرة لباريس درجة أولى هو 12178 جنيه (اثنا عشر ألف وكسر)، هذا إذا لم يستقل سيادته طائرة خاصة بالطبع.. من أجل أن يطمئن على أنفه.

(انتهى)


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى